المنبر الحر

المنبر الحر | من أجل تنافس مثمر بين مجالسنا المحلية

بقلم: عثمان محمود 

    تعد المجالس المحلية بحق النموذج الأوضح للديمقراطية العملية التي يلمس المواطن فعلها ويرى نتائجها ماثلة على أرض الواقع، فداخل هذه المجالس يتجسد التفاني في خدمة الصالح العام، والتضحية بالجهد والوقت قصد تحقيق ما سطر من أهداف وغايات تجني ثمارها في نهاية المطاف الجماعة التي يسهر أفراد من أبنائها على تسيير أمورها طيلة مرحلة انتخابية بعينها.

في هذا الصدد، وحتى لا تبقى الأهداف التي تأخذ شكل وعود عرقوبية لدى الكثير من مجالسنا في الأعوام الأخيرة، وحتى لا يدب الفتور إلى أولئك المسيرين الذين حسنت نواياهم، وكبرت تطلعاتهم، أتساءل لماذا لا يتم اللجوء إلى نوع من التحفيز التنافسي الذي يحرك الهمم، ويضاعف الأعمال، وأعني بذلك إحداث جائزة تقديرية في أعلى المستويات يحظى بنيلها المجلس الذي أبلى البلاء الحسن على مدار دورته الانتخابية، فأحكم التسيير وأحسن التدبير، فعاينته الساكنة وعايشته على أرض الواقع، فعلى اللجنة المشرفة على الجائزة المأمولة – على سبيل المثال – أن تقف على دور المجلس المنتخب داخل المرافق التي يشرف عليها، لتقف على أسلوب تقديم الخدمات إلى المواطنين، وإلى أي درجة يقبل الموظفون والموظفات على أداء تلك الخدمات بدون أدنى تماطل وتسويف، وما هي نسبة التجهيز المتكامل داخل المكاتب، وكيف هي قاعات الانتظار التي  تستقبل الذين ينتظرون أدوارهم، وما مدى اهتمام المشرفين الفعليين على الساحات التي تتوسط أو تقابل الإدارة العامة للمجلس؟ كما على اللجنة الراعية للجائزة المقترحة، أن تضع في الاعتبار أمر نظافة الأحياء والساحات والشوارع إلى درجة يحضر معها الحس البيئي والجمالي على حد سواء، وفي ارتباط مع ذلك، ينبغي الالتفات المركز إلى المجال العقاري، حيث الحرص الشديد على احترام التصاميم العامة والتقيد الصارم بما يأتي في رخص البناء، وإلى جانب هذا وذاك، يلزم اللجنة المعنية بتقويم أداء المجالس المحلية الخائضة غمار ذلك التنافس المثمر، أن تولي الاهتمام بكيفية التعامل مع حرمة الملك العمومي حيث لا إساءة فعلية إلى الحدائق، ولا اعتداء سافرا على الأرصفة والساحات من قبل الباعة المتجولين وأرباب المقاهي والمتاجر، ولا ينبغي أيضا على تلك اللجنة المتابعة لأعمال المجالس المتنافسة، أن تغفل أمر تنسيقها المحكم مع المندوبيات داخل المحيط الذي تدير شأنه العام، وعلى رأسها مندوبيات الشباب والرياضة والثقافة، من أجل الوقوف على درجة الاهتمام بملاعب القرب، والرعاية المتواصلة للمكتبات، وأماكن الترفيه والاستجمام التي تستقطب الساكنة صغارا وكبارا، وقد يتساءل سائل: كيف السبيل لتمويل هذه الجائزة التقديرية؟

تمول بالطبع من مساهمات المجالس المتنافسة كل حسب ميزانيته، حتى تكون للتنافس فعالية، والتطلع إلى نيل الجائزة جدوى وغاية.

فليتم إعداد الظروف المناسبة لدخول مجالسنا المحلية معترك تنافس شريف غايته الرقي والسمو بالتسيير الجماعي، والتدبير المسؤول لشؤون الساكنة التي انتخبت أعضاءها ووضعت ثقتها الكاملة فيهم، فهذا النوع من التنافس من شأنه أن يحدث نوعا من التناغم داخل تلك المجالس بين الموالاة والمعارضة، والرئيس وباقي الأعضاء، فيقبل الجميع على بذل الجهود تلو الجهود لبلوغ أسمى درجات تحمل المسؤولية لنيل شرف تلك الجائزة التقديرية، ولعل التنافس المرجو يبدد الأجواء المشحونة التي تسود داخل العديد من مجالسنا المحلية، والكثير منها تبقى حاضرة طيلة فترة ولايتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى