تحقيقات أسبوعية

ربورتاج | ماذا تغير بعد سنة من المصادقة على قانون تقنين زراعة “الحشيش” ؟

مشاكل السكان لا زالت تراوح مكانها

مرت سنة على مصادقة البرلمان على مشروع قانون تقنين استعمال القنب الهندي في الأنشطة الزراعية، خاصة في منطقة “بلاد الكيف” التي تعيش خارج المغرب غير النافع، وتحتاج إلى تنمية شاملة للنهوض بأوضاع الساكنة، لا سيما وأن التوصيات المرافقة للمشروع دعت إلى تحقيق الاهتمام بالمنطقة وتوفير الخدمات الاجتماعية والإدارية للساكنة قبل تنفيذ المشروع، إلا أن الواقع الحالي الذي تعيشه الساكنة يبرز أن الأهداف التي جاء بها المشروع لا زالت غامضة، مما يطرح التساؤل لدى الفاعلين والمهتمين: متى ستقوم الدولة بالشروع في الإجراءات الموازية؟

إن انتظارات الساكنة كثيرة رغم تأخر الجهات المسؤولة في تطبيق أهم مضامين المشروع، وذلك لإنهاء المعاناة والحياة اليومية الصعبة، في ظل الغموض المستمر حول الفترة الزمنية التي سيتم فيها تنزيل النصوص التنظيمية للقانون، وفتح الباب أمام الشباب والفلاحين لتكوين تعاونيات زراعية، والحصول على التمويل والدعم قصد تحقيق بعض النمو الاقتصادي في “بلاد الكيف”، وفتح آفاق جديدة للساكنة.

 

الرباط. الأسبوع

 

ماذا بعد القانون

    بعدما تمت المصادقة على مشروع قانون تقنين زراعة القنب الهندي خلال السنة الماضية، والسماح باستعماله في الأنشطة الصناعية والدوائية وغيرها، الشيء الذي منح للساكنة حلما جديدا سيمكن من تحسين ظروفها المعيشية والاجتماعية، إلا أن الملاحظ حاليا هو وجود “بلوكاج” في تنفيذ المشروع على أرض الواقع، بعد تأخر تأسيس الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي.

محمد أغزال، فاعل جمعوي من أبناء المنطقة، قال: إن مشروع القانون 13.21، خلق ارتياحا لدى الفاعلين الجمعويين وشباب المنطقة عند المصادقة عليه، لكونه يعتبر الخلاص لمعاناة الفلاح البسيط الذي يعد الحلقة الأضعف في مشكل زراعة القنب الهندي في شمال المملكة، بحيث أن المنتظر من هذا المشروع، أن ينعش الفلاح الصغير ويخرجه من الضبابية إلى الميدان القانوني، بعد مقاربات صعبة شهدتها المنطقة على مر السنين خاصة المقاربة الأمنية.

وأكد أن الساكنة فوجئت، بعد تمرير المشروع بالبرلمان وصدوره في الجريدة الرسمية، بوجود تأخير كبير، وعدم تنزيل التقنين على أرض الواقع بالرغم من اللقاءات والاجتماعات التي نظمت، مما يدل أن المشروع كان ورقة سياسية فقط في ظل غياب إرادة حقيقية لتنزيله على أرض الواقع، وإنهاء معاناة الفلاح الذي يعاني اجتماعيا ويعيش وضعية صعبة وخطيرة بسبب تراجع مصدر عيشه، مشيرا إلى أنه في ظل عدم تنزيل المشروع، يجد شباب المنطقة صعوبات كبيرة من أجل العمل في إطار تعاونيات، حيث اصطدموا برفض تأسيس تعاونية فلاحية خاصة بالقنب الهندي بمبرر أن المشروع لم يطبق ولا يمكن تأسيس تعاونية في هذا المجال.

من جانبه، قال إدريس عزوزي، فاعل جمعوي من دائرة كتامة، أن الأمور لا زالت ضبابية، فالناس في المنطقة الخاصة بزراعة القنب الهندي، لا يعرفون ما هو التقنين وما الغاية منه، ومن جهة أخرى، حتى الدولة مقصرة بشكل كبير في هذا الاتجاه ولم تقم بتنزيل ولو واحد في المائة من هذا القرار الذي اعتبره في جميع مراحله بيروقراطيا، مضيفا أن الأوضاع جد مزرية بحكم الحصار الذي تعيشه المنطقة، بحيث كان يجب على الدولة أن تتواصل مع الساكنة وأن تشرح لهم فوائد هذا المشروع والقانون وكيفية تنزيله على أرض الواقع والأهداف المنشودة من ورائه.

معاناة الفلاحين مع مندوبية المياه والغابات

    أوضح محمد أغزال، أن أغلبية الفلاحين والمزارعين لديهم مساحات ضيقة وغير كافية لتنويع النشاط الزراعي، مثل غرس أشجار الزيتون أو مزروعات أخرى، بسبب التضاريس الصعبة، بالإضافة إلى عدم توفرهم على سند الملكية للأراضي الزراعية في ظل اعتبار مندوبية المياه والغابات أن جميع الأراضي في ملكيتها، مما يخلق مشكلة كبيرة وحقيقية للسكان القاطنين في المنطقة وورثوا هذه الزراعة عن أجدادهم، متسائلا: “كيف سيتم إبرام العقود مع الشركة أو أخذ القرض والناس لا تتوفر على ملكية للأراضي؟”، فهذا مشكل حقيقي، لكن لا أحد يريد معالجة هذا المشكل رغم أن الفلاحين يعيشون فوق هذه الأرض قبل الاستعمار، والغريب، أن إدارة المياه والغابات تأتي خلال دورات الجماعة القروية لأخذ موافقة المنتخبين من أجل قطع مئات أشجار الأرز، وهذا اعتراف بأن الأراضي في ملكية الساكنة.

وشدد المتحدث على ضرورة تحقيق التنمية في المنطقة قبل تطبيق هذا المشروع من أجل توفير الطرقات والمدارس ومراكز صحية، وإصلاح الأراضي لخلق أنشطة زراعية وتجارية متنوعة في المنطقة، وإنقاذ الساكنة من الظروف الصعبة التي تعيشها والتي حولت حياة الفلاحين البسطاء إلى جحيم بسبب المتابعات القضائية.

من جانبه، اعتبر العزوزي، أن المسؤولية ملقاة على وزارة الداخلية من أجل الإسراع في تطبيق المشروع، وإنهاء معاناة ساكنة المنطقة، عبر إحداث الوكالة بالمنطقة بالقرب من الساكنة وتنزيل هذا القانون، وتأهيل الساكنة عبر توفير جميع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لها، وتأهيل المنطقة سياحيا والبنيات التحتية، من خلال تشييد المدارس والمستشفيات والمراكز الاجتماعية، ودور الشباب ومراكز التكوين المهني.

التوزيع الترابي وانعدام التنمية

    الشريف أدرداك، عضو تنسيقية أبناء “بلاد الكيف”، صرح أنه “بعد مرور سنة على صدور القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، والمصادق عليه من قبل البرلمان، كانت الساكنة، وخصوصا المزارعين بشمال المغرب، تنتظر أولا أن يتم الترخيص لمنطقة صنهاجة بمنطقة الحسيمة، المعروفة بزراعة الكيف التي تضم دائرة تارجيست وكتامة، وأيضا إقليم شفشاون فقط، لكن للأسف، بعد صدور مرسوم وزير الداخلية المتعلق بالمادة 4 من القانون الذي يحتم على وزير الداخلية أن يصدر مرسوما يحدد فيه المجالات المشمولة بتطبيق القانون 13.21، تم إدراج إقليم تاونات وإقليمي الحسيمة وشفشاون، بحيث أن إقليم شفشاون يزرع الكيف مائة في المائة، لكن إدراج إقليم الحسيمة ككل، غير مفهوم، لأن المجال الذي يزرع الكيف بالإقليم هو المجال الغربي وخاصة منطقة صنهاجة التي تضم كتامة وتارجيست، وبني بوفراح”.

واعتبر أدرداك أن إدراج إقليم الحسيمة بكامله غير مفهوم، ثم إدراج إقليم تاونات في هذا المجال، والذي يعد إقليما فلاحيا يتوفر على سدين كبيرين ومساحات زراعية كبيرة جدا وموارد مائية، أمر يدعو إلى التفكير والتساؤل، لا سيما وأن الفعاليات الجمعوية بالمنطقة سبق أن حذرت من فتح الباب أمام مجالات فلاحية عدة لتمارس هذه الزراعة، خصوصا إذا تبين أنها زراعة مربحة.

 

استغلال السياسيين للساكنة

    قال الشريف أدرداك، أن المنطقة لم تعرف أي تغيير رغم مرور سنة على صدور القانون، إذ يتطلب الأمر إخراج الوكالة للوجود وتعيين أعضاء مجلسها الإداري والمدير العام، ثم الكشف عن النصوص التنظيمية المتعلقة بمشروع القانون والتي تظل من مسؤولية المؤسسة التي ينتظرها الجميع من أجل الخروج من الغموض إلى الواقع، مشيرا إلى أن الساكنة تعيش أوضاعا صعبة وشرعت في زراعة “الكيف” الذي كانت تزرعه، ولا زالت تتعرض للاستغلال من قبل “سماسرة السياسة” و”البزناسة” بالمنطقة والذين دخلوا غمار الانتخابات منذ التسعينيات، مما أفسد العملية الانتخابية والعمل السياسي، وكان له وقع على “بلاد الكيف” التي تعاني الهشاشة وغياب التنمية.

وأضاف أن “البزناس” يستغل الوضعية الاجتماعية الصعبة للناس، للتحكم في مصير المنطقة، عبر الضغط على المزارعين وتوجيههم من أجل التصويت على أحد السياسيين أو المنتخبين، الذي يخدم مصلحته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، إذ أن أغلبية هؤلاء يبحثون عن الحماية لأنهم مهددون بالاعتقال أو بضرب مصالحهم، لذلك يدخلون إلى السياسة من أجل حماية المصالح والتوسع على حساب المجال الغابوي لزراعة القنب الهندي، وأيضا استغلال آليات الجماعات من أجل التستر على عمليات التهريب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى