تحقيقات أسبوعية

ربورتاج | نقمة خرق الدستور تلاحق جواز السفر الصحي

أصدرت الحكومة المغربية وثيقة “جواز اللقاح” لفائدة الأشخاص الذين تلقوا جرعتين من لقاح “كورونا”، حيث قالت أن “جواز التلقيح يعد وثيقة رسمية، آمنة ومعترفا بها من طرف السلطات، تسمح لحاملها، دون الحاجة إلى الحصول على وثيقة إضافية، بالتجوال في جميع أنحاء المغرب دون قيود، والتنقل بعد الحادية عشرة ليلا، وكذا السفر إلى الخارج”.

وأضافت الحكومة أن “جواز التلقيح” يحتوي على رمز الاستجابة السريعة (code QR) يمكن التحقق من صحته عبر تطبيق مخصص لهذا الغرض، في شكل قابل للطباعة أو في صورة إلكترونية يمكن عرضها على هاتف ذكي، ويمكن أيضا سحبه من السلطات التي يقع ضمن اختصاصها مركز التلقيح الخاص بالشخص المعني.

وقد جاء هذا القرار بتوصية من اللجنة العلمية، وذلك لاعتماد شهادة رقمية للسماح للأشخاص الذين استفادوا من الجرعتين بالسفر.

قرار الحكومة هذا، خلق ضجة كبيرة لدى الرأي العام الوطني وانتقادات لها، لكون هذا الجواز يخلق تمييزا بين المواطنين المغاربة، ويحرمهم من حقوقهم المدنية في التنقل بحرية، والعمل، وقضاء الأغراض الإدارية في المحاكم أو المستشفيات أو الإدارات العمومية.

فقد طرح هذا الإجراء تساؤلات لدى المواطنين حول مصير العديد من الفئات العمرية، والذين يعانون من أمراض مزمنة، والذين تم إعفاؤهم من أخذ اللقاح، أو المتخوفين من الأثار الصحية له على المدى البعيد، خاصة وأن جميع التقارير تؤكد أن الملقح بدوره معرض للفيروس مثل بقية الناس.

الرباط. الأسبوع

خرق دستوري

    يقول الحقوقي محمد الزهاري، أن القرار الحكومي الأخير يشكل ضربا للمبدأ الدستوري الضامن لحرية التنقل والذي ورد في الفقرة الأخيرة من الفصل 24 من الدستور الحالي، والتي تنص على أن “حرية التنقل عبر التراب الوطني والاستقرار فيه، والخروج منه، والعودة إليه، مضمونة للجميع وفق القانون”، وكذلك الفقرة الأولى من المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية الصادر في دجنبر 1966، والذي صادق عليه المغرب سنة 1979، والتي تنص على أنه “لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم ما، له حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته”.

وأضاف المتحدث، أن “هذا يندرج طبعا في السياق الدولي الذي يعد لمرحلة ما بعد الجائحة وعودة الحياة إلى طبيعتها، وهو قرار تتسارع الدول في إعلانه لتنظيم عملية العبور منها وإليها، ومن ضمنها المغرب طبعا، وقد يكون ذلك مقبولا بالنسبة للتنقل عبر الدول، لكن يبقى تعسفيا بشكل كبير في حالة تطبيقه على التنقل داخل الوطن، لعدد من الأسباب”.

وأبرز مجموعة من الأسباب: أولا أن عملية التلقيح لم تشمل كل الفئات العمرية لحد الآن، مما يعني أنه عند السفر الاضطراري لحالات إنسانية، أو استعجالية سيواجه العديد من الأفراد داخل الأسرة الواحدة صعوبة كبيرة في السفر، إذا كان البعض منهم يتوفر على الجواز الصحي والآخرون لا يتوفرون عليه بسبب أعمارهم التي لم يشملها التلقيح، متسائلا: “كيف سيسمح إذن، ونحن مقبلون على موسم العطلة والاصطياف، أن يرافق الأبناء آباءهم في السفر وهم لم يلقحوا بعد؟ إلى جانب أن عددا من المواطنين لا يتوفرون على البطاقة الوطنية أو لم يتم تلقيحهم لأسباب صحية.. كيف سيتم التعامل معهم في هذه الحالة؟”

 

تمييز بين المغاربة

    يرى العديد من المواطنين أن تعميم قرار “جواز اللقاح” في سائر المدن المغربية، وفرضه على المواطنين لأجل السماح لهم بالانتقال إلى مدن أخرى والسفر بكل حرية لقضاء العطلة الصيفية، أو زيارة الأهل والعائلة أو لقضاء أمور مهنية أو إدارية، يعد تمييزا واضحا بين المواطنين، وضربا لمبدأ المساواة بين الناس.

يعتبر الحقوقي الزهاري، أن هذا القرار سيكرس تمييزا واضحا بين المواطنين، حيث سيسمح لجزء منهم بالتنقل بين المدن وخلال كل الأوقات حتى بعد الساعة الحادية عشر ليلا، وآخرون ممن ذكرت سابقا، سيبقون مقيدين وخاضعين لمقتضيات قانون الطوارئ الصحية والقرارات التنظيمية المفسرة له والمنتجة لأثاره القانونية.

وأوضح أن مواسم الصيف تتزامن مع عودة المواطنين المغاربة في المهجر للزيارات العائلية، وهو ما سيطرح صعوبات أكبر، وسيزيد من معاناة هؤلاء بعد أن حرموا من الزيارات السنة الماضية بسبب الجائحة، وهو الأمر الذي يتناقض مع ما تضمنته الفقرة الرابعة من التعليق العام رقم 27 المرتبط بالمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية التي نصت على أنه “لا يجوز حرمان أحد تعسفا من حق الدخول إلى بلده”، بمعنى أن العديد من المواطنين المغاربة سيمنعون من دخول وطنهم المغرب.

عبد الخالق، مواطن وإطار بنكي من مدينة العيون، عبر عن رفضه لجواز اللقاح قائلا: “لا لجواز التلقيح، فلقد رفضته العديد من الدول والشعوب، لأنه يعتبر عنصريا وتمييزيا ويحد من حق التجوال والتنقل التي يضمنها الدستور، جميعا من أجل رفض إجبارية جواز التلقيح أثناء السفر”، مضيفا أن “العديد من برلمانات الدول الديمقراطية عرفت نقاشات حادة وانقسامات حول مدى دستورية وشرعية إجبارية حمل الجواز الصحي، لأنه يعتبر تمييزيا وعنصريا ويحرم الإنسان من حقه الطبيعي”.

فاروق، شاب ناشط في مواقع التواصل الاجتماعي، يقول أن “جواز التلقيح خرق للمواثيق الدولية وتقييد للحريات.. لا يمكن منع أي مواطن أو مواطنة من التجوال بعد الحادية عشر ليلا، أو التنقل بين المدن أو مغادرة التراب الوطني بداعي عدم التوفر على جواز التلقيح”، مشيرا إلى أن الحكومة تصر منذ انتشار جائحة “كورونا” ومنذ أول قرار تم اتخاذه، (تصر) على خرق أسمى قانون في البلاد، وتمعن في انتهاك الحقوق والحريات انطلاقا من القانون المنظم لحالة الطوارئ الصحية، وصولا إلى “تخربيقة جواز التلقيح”.

تناقض بين الطوارئ والجواز

    يأتي جواز اللقاح تزامنا مع قانون الطوارئ الذي تم تمديده إلى غاية 10 يوليوز القادم، حيث أن هذا القانون يلزم أصحاب المشاريع والمقاهي والمطاعم بالإغلاق على الساعة الحادية عشر ليلا، مما يجعل الحاملين لجواز اللقاح لا يستطيعون الخروج ليلا لعدم وجود أي مرافق أو منشآت تستقبلهم، لكون ساعات العمل محددة من قبل السلطات.

فقانون الطوارئ أيضا يفرض على المواطنين، سواء الملقحين أو غيرهم، الالتزام بالإجراءات الوقائية وارتداء الكمامة والتباعد، وهذا يطرح تساؤلات حول فعالية اللقاح إذا كان على الأشخاص الملقحين مواصلة الالتزام بالشروط الاحترازية، لكونهم معرضين بدورهم للفيروس، خاصة وأن التقارير والدراسات الأجنبية كشفت عن تعرض الآلاف من الأشخاص الملقحين لـ”كورونا”، أو سلالات متحورة من الفيروس، وهذا يدل على أن الأشخاص الملقحين قد يحملون الفيروس والعدوى إلى مدن أخرى، وينشرون الوباء، في ظل تضارب التقارير حول عدم حصولهم على المناعة المطلوبة.

الجواز يعرقل السياحة الداخلية

    يتساءل العديد من مغاربة العالم المقبلين على دخول المغرب، خلال الشهر الحالي، من أجل قضاء عطلة الصيف مع العائلة، عن الجدوى من وضع جواز اللقاح في فترة العطلة الصيفية، ودخول المهاجرين المغاربة القاطنين في المهجر والذي يريدون التجول والسفر وزيارة العديد من المدن المغربية.

فالآلاف من مغاربة العالم يرغبون في زيارة المغرب والاستجمام خلال الفترة الصيفية، خاصة بعد تراجع مستوى الوباء على الصعيد الوطني، حيث يتمنى العديد من المهنيين والعاملين في قطاع السياحة أن تشكل زيارة مغاربة المهجر فرصة لإنعاش الاقتصاد السياحي، وإعادة الروح للفنادق التي عاشت فترة جفاف وأزمة، بسبب غياب السياح وانعدام السياحة الداخلية.

فالجواز سوف يحرم فئة الشباب والأسر المغربية والأطفال، خلال العطلة المدرسية من السفر إلى مختلف الوجهات لأجل الاستجمام بعد الموسم الدراسي أو العمل خلال السنة، خاصة وأن الغالبية من المواطنين حرموا في السنة الماضية من السفر والخروج بسبب القيود وشروط السفر.

فرنسا لا تعترف بلقاح “سينوفارم”

    أفادت تقارير أن الأشخاص الذين تلقوا لقاح “سينوفارم” الصيني، و”سبوتنيك” الروسي، سيخضعون لشروط من أجل الدخول إلى التراب الفرنسي.

وأكد وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية، كليمان بون، أن فرنسا لن تقبل هذه اللقاحات إلا بعد حصولها على الترخيص من الوكالة الأوروبية، مما يؤكد أن الأشخاص الملقحين بلقاح “سينوفارم” الصيني الذي تعتمده وزارة الصحة، غير معترف بهم، وبالتالي، فإن جواز السفر الصحي الذي سيحملونه غير مقبول، وسيكون على هؤلاء الأشخاص الخضوع لاختبار pcr قبل السماح لهم بدخول التراب الفرنسي، مما يضع المواطنين الراغبين في السفر إلى أوروبا والملقحين بلقاح “سينوفارم”، أمام المجهول.

من جهة أخرى، تتجه الإمارات والبحرين لإعطاء الأشخاص الملقحين بلقاح “سينوفارم” الصيني، جرعة ثالثة من لقاح “فايزر” الأمريكي- الألماني، حيث بدأت أبوظبي في استخدام لقاح “فايزر بيونتيك” كجرعة ثالثة للأشخاص المطعمين بلقاح “سينوفارم” منذ شهر ماي، بعدما تم اكتشاف أن اللقاح الصيني لم يكوّن أجساما مضادة كافية لدى بعض من تلقوا التطعيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى