تحليلات أسبوعية

ملف الأسبــــــوع |”سيارات الأجرة الطائرة”.. هكذا يحلق الأثرياء في سماء المملكة

     الساعة تشير إلى الثامنة صباحا، حيث ينتظر أن يجتمع الأمين العام لحزب العدالة والتنمية مع مناضلي حزبه في إقليم وجدة، على الساعة الواحدة زوالا، وفي اليوم ذاته ينتظر أن يجتمع نفس الشخص بصفته رئيسا للحكومة مع ممثلين عن أحزاب الأغلبية في إطار التنسيق الحكومي، عند الساعة السابعة مساء(..) قد تبدو المهمة مستحيلة إذا ما افترضنا أن عبد الإله بن كيران يسافر على متن السيارة الحكومية، ولكنها تبدو سهلة إذا عرفنا أن الطاقم المرافق لرئيس الحكومة عمل على اكتراء طائرة خاصة لهذه الرحلة، تماما كما يحدث عند استعمال سيارة الأجرة.

——————-

لكل قاعدة استثناء

يؤكد نبيل لكحل وهو مدير النقل الجوي بوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والذي يختص في جزء من عمله بتنظيم النقل الجوي الخاص برجال الأعمال في إطار الشركات المخولة بالنقل الجوي، بأن العملية مضبوطة بمقتضى ما تنص عليه مدونة الطيران المدني، وهي نفسها المدونة التي تضبط الاستثمارات في هذا المجال، وهي موزعة حسب قوله بين شركات كبرى تصل سعة طائراتها إلى 20 مقعدا فما فوق، وتعمل في إطار النقل الجوي العالمي أو الجهوي وشركات صغيرة تقوم برحلات جوية حسب الطلب؛ و”هذا هو طيران رجال الأعمال”، يقول نبيل الذي يؤكد أن شراء طائرة خاصة بالنسبة لرجل أعمال معين مثله مثل شراء سيارة مع فارق في إجراءات التسجيل لدى وزارة التجهيز والنقل.

طبقا للقانون يمكن يشتري أن رجال الأعمال والمشاهير طائرات خاصة بهم، لا يستعملونها في خدمة تجارية، ويمكنهم أيضا أن يستأجروا الطائرات، غير أن تحركاتهم يجب أن تكون مضبوطة وأن تتم في نطاق المطارات المعروفة والمرخص لها، وفي جميع الحالات تبقى رحلاتهم مرتبطة بـ”برنامج الطيران” وهو عبارة عن استمارة خاصة بالرحلة، يحصلون من خلالها على الإذن بالتحليق والنزول في مطار معين باتفاق مع إدارته.

هذه القاعدة يمكن الحديث من خلالها عن بعض الاستثناءات حيث يمكن النزول في بعض المطارات الاستثنائية بناء على ترخيص من المديرية العامة للطيران المدني، ويحصل ذلك في المناطق التي لا تتوفر على مدرج، كما هو الشأن بالنسبة لأصحاب بعض المشاريع الفلاحية الذين يستعملون طائرات خفيفة لمعالجة المحاصيل، أو الأثرياء الذين يملكون مساكن معزولة عن العالم(..).

————————–

 الطائرات الخاصة بين المهنيين والوزارة

اللجوء إلى طائرة خاصة أصبحت تفرضه تطورات العصر، إذ لم يعد بإمكان رجال الأعمال تأجيل اقتناص الفرص الاقتصادية في انتظار امتطاء طائرة جماعية خاضعة لبرمجة قبلية، في إطار شركة الخطوط الملكية الجوية أو غيرها من الشركات، فالوقت أصبح من ذهب، وهذه هي القاعدة الذهبية التي شجعت على ظهور بعض الشركات المختصة في تقديم هذا النوع من الخدمات لرجال الأعمال.

يقول خالد حداشي المدير العام لشركة “فيب جيت” في تصريح لـ”الأسبوع”، إن شركته المختصة في المناولة الأرضية تعفي زبناءها المفترضين من أي إجراءات إدارية إذ تتكلف هي بتوفير الطائرة وكل ما يتعلق برخص نزولها في المطار، وكذا التنسيق مع مديرية النقل الجوي والمكتب الوطني للمطارات(..) وهذه الخدمة غير متاحة في الحالات العادية حيث يفترض في الزبون الخضوع لإجراءات إدارية صارمة حسب دوره، كما يفترض فيه ان يكون حاضرا وقت السفر في رحلة مبرمجة في وقت سابق.

ما الذي ينظم عمل مثل هذه الشركات؟ يجيب، هشام قبلي وهو مهني في القطاع بأن العمل في إطار المناولة يخضع لعدة شروط من بينها الحصول على ترخيص من وزارة التجهيز والنقل، كما يفترض الاستجابة لدفتر تحملات معين، من بين شروطه تغطية عدة مطارات وتشغيل يد عاملة جديدة.

رجال الأعمال الذين يركبون الطائرات لا يرون إلا الجزء الصغير من “جبل الثلج” الذي يظهر فوق سطح الماء، لأن توفير طائرة يمر عبر عدة مراحل، تبدأ أولا بإجراء اتصالات بالطائرة التي يمكنها أن تؤمن الرحلة المزمع إنجازها، علما ان هذه الطائرة قد تكون طائرة مسجلة في اسم رجل أعمال آخر تنازل عنها لإحدى الشركات من أجل تشغيلها في أوقات الفراغ، حسب اتفاق محدد.

كما أن شركة المناولة والمثال هنا من شركة “خالد حداشي” هي التي تتولى توفير الفندق للطاقم الذي سيسهر على خدمة الطائرة إذا كانت ظروف الرحلة تفترض الإقامة، كما تتدخل نفس الشركة للحصول على الرخص اللازمة من أجل نزول وإقلاع الطائرة وتوفير التغذية للمسافرين على متنها.

ويدخل في إطار هذه الخدمات توفير طاقم خاص يسهر على راحة الزبناء، وهم في هذه الحالة زبناء من الدرجة الأولى يجب إحاطتهم بعناية خاصة، قد يكون من بينهم أمراء أو مشاهير(..).

يؤكد خالد أن المجال يعرف بعض الفوضى حيث من خلال دخول بعض الوسطاء ووكالات الأسفار على خط “المناولة” رغم عدم توفرهم على الرخص التي تسمح لهم بذلك، وغالبا ما يتسبب ذلك في بعض المشاكل بالنسبة للزبائن(..).

————————

أنواع سيارات الأجرة الطائرة وتسعيراتها  

يؤكد المهنيون أن عدد الشركات المغربية التي تعمل في إطار توفير رحلات لرجال الأعمال، تبقى قليلة جدا ولا يتجاوز عددها بضع شركات، إحداها تتوفر على أسطول متهالك، لا يمكن الاعتماد عليه في تسويق صورة إيجابية عن المغرب، بينما يستعصي اللجوء إلى خدمات بعض الشركات المعروفة التي تتوفر على طائرات كبيرة، “لا يمكن أن نكتري حافلة من أجل تنقل ثلاثة أشخاص”، يقول أحد العاملين في المجال.

يقول خالد حداشي، إن 99 في المئة من الحلول التي توفرها شركته للزبناء تأتي من الخارج، غير أن اللجوء إلى هذه التقنية يفرض تكاليف إضافية باهضة، تكمن في المصاريف التي يتطلبها تنقل الطائرة من الخارج إلى المغرب، ثم من المغرب في اتجاه الوجهة التي يريدها الزبون، بالإضافة إلى رحلة العودة للمطار الأم.

اللجوء إلى خدمات الطائرة الخاصة يفترض الإجابة القبلية على عدة أسئلة من بينها ضرورة تحديد حجم الطائرة ونوعيتها، وعدد المقاعد، “فالطائرات التي يمكن السفر على متنها واقفين ليست هي الطائرات التي لا تسمح بوقوف الركوب، كما أن الثمن يختلف حسب ما إذا كانت الطائرة تتوفر على مرحاض أم لا.

يمكن الحديث في إطار الخدمات عن الطائرات ذات المروحيات من الطائرة التي تتميز بهدوء أكبر، كما يمكن التمييز بين طائرات تحتاج لربان، وطائرات تحتاج لربانين، علما أن ثمن الرحلة على متن طائرة صغيرة قد يصل إلى 3 آلاف أورو للساعة، حسب ما أكده المدير العام لشركة “فيب”.

كمثال على ذلك، تتطلب رحلة من الدار البيضاء إلى باريس 3 ساعات من الطيران أي ما يناهز 96 ألف درهم، باحتساب جميع المصاريف من الألف إلى الياء، أما الطائرات الكبيرة، “وصف كبيرة يطلق أيضا على الطائرات التي تقطع مسافات طويلة دون حاجة للنزول من اجل التزود بالوقود” فتكلف ما بين 6500 إلى 9000 أورو في الساعة الواحدة، علما ان أغلب أصحاب الطلبات يبحثون عن رحلات مباشرة.

—————————

دورة اقتصادية كاملة

لم يصل الإقبال على الطائرات الخاصة لرجال الأعمال إلى مستوى التطلعات في المغرب، كما أن هذا المجال يتميز بغياب تام للخطوط الملكية الجوية، التي تكتفي بالرحلات المنظمة، لكن مع ذلك يمكن القول إن طائرة واحدة بإمكانها تشغيل عشرات اليد العاملة، من مرحلة التزود بالوقود، إلى تغذية الطاقم والركاب، علما أن وجود طائرة في المطار يفترض جرها من قبل “قاطرة” مخصصة لهذا الغرض، بالإضافة إلى خدمات أرضية أخرى في إطار ما يعرف بـ”الهاندلينغ”.

وربما لا يعرف كثير من المواطنين أن ركن طائرة في المطار يحتاج إلى مبلغ مالي كبير، فبقاء طائرة “فالكون 2000” يوما كاملا في المطار يعني أن أصحابها سيؤدون مبالغ تتراوح بين 3500 إلى 4000 درهم، ويبقى مطار محمد الخامس هو الأغلى ثمنا بين جميع المطارات حسب ما يؤكده العاملون في القطاع، ولكن ذلك لا يصل إلى مستوى الأسعار المعمول بها في الخارج.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى