تحليلات أسبوعية

بين السطور | آش بغا يصنع ماكرون ؟

بقلم: الطيب العلوي

  بدأ كل شيء عشية خميس الأسبوع المنصرم، لما أذاع بيان لحزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، “الجمهورية إلى الأمام”، بمناسبة الذكرى الخامسة لتأسيسه، خبر افتتاح فرعين له بكل من الداخلة وأكادير، وقد جعلت الفقرات الأولى منه، الواحد يذوق طعم “الدلالة المنذرة” التي تذوقها المغاربة عشية “تغريدة ترامب” في دجنبر الماضي، والمؤكدة لاعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء، وبدأنا نحلم.. ونتصور فرنسا، تلك العضو المجسد للمثل المغربي العريق: “الدّار الكبيرة هيّ مولات الخصّة فالوسط”..، لكن سرعان ما فهمنا من بقية ما جاء في البيان، وما جاء من همسات ما بعد البيان(…)، أنه لن تكون “لا خُصَّة ولا مولاي بِّيه”، حيث أن هذا البلاغ الذي وقعه كل من جواد بوسكوران، الناطق الرسمي باسم الحزب المذكور في المغرب العربي وغرب إفريقيا، وعضو البرلمان، “ماري كريستين فيردير جوكلاس”، المتحدثة باسم مجموعة “الجمهورية إلى الأمام” في الجمعية الوطنية ونائبة رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية المغربية، اكتفى بالقول: “نحن سعداء بشكل خاص بإنشاء لجنة للحزب في الداخلة، الواقعة جنوب المغرب، والتي تعزز وجودنا مع الفرنسيين في هذه المنطقة، وسنحضر افتتاح مقر اللجان في الصحراء المغربية حالما تسمح الظروف الصحية بذلك”، مشيراً إلى أنه سيرأس اللجنتين كل من “غي بيكار” عن مدينة أكادير، و”كلود فرايسينت” عن الداخلة.

بيان طرح أكثر من تساؤل، نظرا للغموض الذي جاء به شباب ماكرون(…)، إذ تقاسم كل الخبراء والسياسيين الآراء والترقبات(…)، فيما إذا كان ما أقدم عليه الحزب الفرنسي، هو فعلا خطوة بسيطة لتعزيز وجوده جنوب المغرب، هذا الحزب الذي بعد بحث سريع، اتضح لي أنه ليس لديه مكتب حتى في بعض كبريات العواصم العالمية(…)، والتي تعرف كثافة سكانية للجالية الفرنسية أكثر مما هو عليه الحال في الداخلة وأكادير(…)، أو خطوة “محتشمة ومترددة”، تلمح لرغبة ما(…)، للتمهيد لإمكانية افتتاح قنصلية فرنسية في الجنوب على غرار ما قامت به باقي الدول.

من تم، وكل يوم مضى على ذاك الخميس، إلا وتضاربت الأحداث الناتجة عما جرى(…)، واضعة فرنسا في مكانة تلك التي ينطبق عليها المثل المغربي “زوجوني ولّا نسلم”.. بين الجزائر التي علاقتها مع مستعمرها السابق هشة وتتعثر عند أصغر مطب(…)، وقد ترى في خطوة حزب ماكرون مجرد “عكر على الخنونة”، وبين المغرب، الذي لم يفهم بعد نوايا شريكه الأول(…)، الذي منذ صدور بيان حزبه الحاكم، ما زال يتفانى في التلميح أمام العادي والبادي حول الموضوع، بين الإشارات عن إمكانية التراجع عن القرار المُتَّخَذ، بحجة على حد تعبير الحزب، أن “القرار لم تتم الموافقة عليه بعد من قبل جميع هيئات الحزب”، والطعون الموالية لهذا النوع من التصريحات، ومن داخل نفس الحزب، تجعلنا في مرتبة “متفرج” أكثر من “محتفل”(…)، لأن المغاربة بطبعهم أذكياء رغم كل شيء.. ولا يمكنهم الاحتفال أبداً، ولا حتى التنويه(…) بخطوة افتتاح حزب فرنسي لمكتبه جنوب المغرب، خصوصا من طرف حزب أبان بعد كل ما مضى، ومن خلال سياسته الداخلية، عن قرارات مختلفة جعلت منه مضرب المثل في غياب الخبرة في التسيير، دافعة إياه “قَطْرَة بْقَطْرَة” نحو الهامش(…).

المغرب محتاج في هذه الأوقات بالضبط من سياسته الخارجية، لمساندة واضحة ومباشرة من شركائه، مساندات تحمل في طياتها الشَّجاعة والعدل(…)، أما القرارات المائلة دون الميل(…)، كفتح مكتب لحزب أجنبي في مدن حتى أحزابها الوطنية تتفكك، وتغلق مكاتبها بالجملة، فسبق أن ذكرها أجدادنا بـ: “خاوي بن خاوي، من يجرح ويداوي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى