تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | كواليس انتصار الجيش المغربي على منتحلي صفة “مجتمع مدني” في “الكركرات” 

هدية عيد الاستقلال للمغاربة

يقول المثل المغربي “الله ينجيك من الساكت إيلا دوا”، ويقول المثل العربي “اتق شر الحليم إذا غضب”.. وهذا ما وقع فعلا، فطيلة السنوات الأخيرة، تحلى المغرب بهدوء كبير لمواجهة المناورات، سواء على المستوى الدبلوماسي، أو على المستوى العسكري، حيث تحمل الجنود المغاربة طيلة هذه المدة تصرفات بعض العناصر المشبوهة التي تم تجنيدها وشحنها إلى المناطق القريبة من الحزام الأمني العازل، بغرض استفزاز الجنود، أي أن الهدف من العمل كان دائما هو استمالة هؤلاء كذروع بشرية تحت يافطة “مجتمع مدني” مزعوم(..)، كانوا يكيلون الشتائم لعناصر الجيش.. حتى قبل ظهور أزمة “الكركرات”، حيث أن التظاهر بالاحتجاج أمام معبر “الكركرات”، بعد فشل محاولة السيطرة عليه باستعمال الميليشيات المسلحة، ليس سوى نتيجة لتداريب ميدانية مدعومة بإملاءات أجنبية، بعضها يتم تحت يافطة المجتمع المدني، حيث شرع منذ مدة للترويج بأن مواطنين صحراويين مدنيين اختاروا التظاهر أمام معبر “الكركرات”، بينما الواقع، أن مجموعة من “المجندين” عمدوا إلى إغلاق المعبر(..).

إعداد : سعيد الريحاني

    منظر مجموعة من المتطفلين على المعبر وهم يسبون الجنود ويترامون على ممتلكات المواطنين، وعشرات الشاحنات المحاصرة، صورة لا يقبلها العقل، ولا يمكن تصور حصول ذلك عند أي نقطة حدودية، حيث يمتلك الجنود الحق في حماية الحدود، لذلك كان لا بد من تحرك الجيش كما توقعت “الأسبوع” في عددها الصادر بتاريخ 12 نونبر 2020.

وبتاريخ 13 نونبر 2020، نشرت وكالة المغرب العربي للأنباء بلاغا غير متوقع صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، والمعروف أن الجيش المغربي، يتبع قواعد صارمة ولا يسعى ليكون ظاهرة “فيسبوكية” أو لتحقيق الشهرة على “اليوتيوب” كما تفعل جيوش أخرى(..)، حيث ذكر بلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، يوم الجمعة الماضية، أن ((القوات المسلحة الملكية أقامت حزاما أمنيا من أجل تأمين تدفق السلع والأفراد عبر المنطقة العازلة الكركرات، التي تربط المغرب بموريتانيا)).

وأوضح المصدر ذاته، أنه ((على إثر قيام نحو ستين شخصا مؤطرين من قبل ميليشيات مسلحة للبوليساريو، بعرقلة المحور الطرقي العابر للمنطقة العازلة للكركرات التي تربط بين المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية، ومنع الحق في المرور، أقامت القوات المسلحة الملكية، بتعليمات سامية من جلالة الملك، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، حزاما أمنيا بهدف تأمين تدفق السلع والأفراد عبر هذا المحور)).

هكذا إذن، أشرف الملك محمد السادس، القائد الأعلى للجيش ورئيس أركان الحرب العامة شخصيا على عملية “تأمين الكركرات”، وهو ما أعطاها بعدا إنسانيا، وليس بعدا حربيا، أكده البلاغ الصادر عن مؤسسة الجيش، كما أكد أن ((هذه العملية ليست لها نوايا عدوانية، بل إنها تتم وفق قواعد التزام واضحة، تقوم على تجنب أي احتكاك مع أشخاص مدنيين وعدم اللجوء إلى استعمال السلاح إلا في حالة الدفاع الشرعي)).

وكانت مؤشرات الصرامة المغربية في التعاطي مع أزمة “الكركرات” قد تأكدت من خلال خطاب المسيرة الذي قال فيه الملك محمد السادس: ((نؤكد رفضنا القاطع للممارسات المرفوضة، لمحاولة عرقلة حركة السير الطبيعي بين المغرب وموريتانيا، أو لتغيير الوضع القانوني والتاريخي شرق الجدار الأمني، أو أي استغلال غير مشروع لثروات المنطقة.. وسيبقى المغرب، إن شاء الله، كما كان دائما، متشبثا بالمنطق والحكمة، بقدر ما سيتصدى بكل قوة وحزم، للتجاوزات التي تحاول المس بسلامة واستقرار أقاليمه الجنوبية. وإننا واثقون بأن الأمم المتحدة والمينورسو، سيواصلون القيام بواجبهم في حماية وقف إطلاق النار بالمنطقة)) (المصدر: خطاب الملك محمد السادس في ذكرى المسيرة).

على أرض الواقع، كان الجيش الملكي، ومباشرة بعد الخطاب الملكي، يقوم بالترتيبات الأخيرة للشروع في تأمين المعبر، غير أن كلا من الجزائر والبوليساريو، وميليشياتهما، لم تكونا تتوقعان هذه الخطوة المغربية بهذه الدرجة من الصرامة، حيث تقول مصادر إعلامية، أن عناصر المجموعة التي كانت تنتحل صفة متظاهرين من المجتمع المدني، ويقطعون الطريق في نفس الوقت، هربوا متفرقين إلى وجهات متعددة، نتيجة عدم تلقيهم لأية أوامر أمام تحرك الجيش المغربي، رغم الطابع السلمي للعملية، فتحرك الجيش المغربي تم تنسيقه في سرية تامة ومباغتة، بين قائد الأركان الملك محمد السادس والمكلفين بالتنفيذ على الميدان(..).

حالة الذعر التي دبت في البوليساريو، ووصول المعلومات متأخرة إلى الجيش الجزائري، ساهم في تكريس انتصار هادئ للجيش المغربي، خاصة بعدما سارعت مجموعة من الدول إلى تهنئة المغرب على فتح معبر “الكركرات”، كما عبرت عن مساندتها لكل تحرك مغربي للدفاع عن حدوده، وقد كان لافتا للانتباه، وقوف دول الخليج، رغم الخلاف بين بعضها، في صف واحد خلف المغرب(..).

صورة تؤكد الشروع في تعبيد طريق “الكركرات” عن موقع “الوطن ميديا”

إن تحرك المغرب في “الكركرات” أصبح تحصيل حاصل، وقد باتت اللحظة مواتية لبناء طريق إفريقيا عبر ذات المعبر، وقد نقلت مصادر إعلامية، أن ((المملكة المغربية باشرت رسميا صباح يوم الأربعاء 18 نونبر، تعبيد الطريق الدولية التي تربط المغرب بموريتانيا، وذلك تزامنا مع ذكرى عيد الاستقلال المجيد، وعاينت الصحافة انطلاق الأشغال رسميا بالمنطقة العازلة سابقا (قندهار)، حيث باشرت مصالح التجهيز والنقل والسلطات العمومية لإقليم أوسرد عملية فتح هذه الطريق الدولية الاستراتيجية، وذلك بإشراف مباشر من السيد  سعيد بلعزيري، الكاتب العام لعمالة إقليم أوسرد، وضباط من الجيش، ورئيس قسم الشوؤن الداخلية بإقليم أوسرد، والمقاول المكلف بإنجاز الأشغال)) (المصدر: موقع الوطن ميديا. 18 نونبر 2020).

مثل هذه التحركات الميدانية التي لطالما طالب بها الشعب المغربي، أدت عمليا إلى إصابة الخصوم بالجنون، حيث بدأت جبهة البوليساريو في الدعاية لهجومات وهمية للرد على الجيش المغربي، لكن قمة الجنون هي ما عبر عنه الفريق سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، في شريط بثه التلفزيون الرسمي في الجزائر، الذي قال مخاطبا عناصر من جيشه: ((نعول على كل واحد وهو في منصبه، الدفاع عن الوطن ضد الإرهاب والمهربين، وحتى العدو الكلاسيكي، هي مهمة شريفة))، كما بالغت وزارة الدفاع الوطني الجزائرية من خلال الربورتاج في استعمال عبارات الدعاية وكأن المغرب قام بغزو الجزائر، حيث قالت الوزارة في ذات الربورتاج: ((إن حدودنا الوطنية خط أحمر، وسيادتنا الوطنية مبدأ مقدس)).. فهل حدود الجزائر هي “الكركرات”؟

نفس المصدر، قال: ((إن الجيش الجزائري مستعد وجاهز لضرب ودحر كل طامع، وكل باغ معتد، ودفاعاتنا صخرة حجر عندها كل الأطماع تنكسر)) هكذا تحدثت وزارة الدفاع الجزائرية، لكن الفرق كبير جدا بين الكلام والفعل.

هكذا إذن، انتصر المغرب في “الكركرات” دون أن يضطر لإطلاق النار، ومع ذلك، تبقى الأجواء قابلة لأي تطورات، ولكن الصرامة المغربية خلفت اصطفافا شعبيا كبيرا خلف الجيش الملكي، وخلف الملك محمد السادس، الذي لم يدع الفرصة تمر دون مراسلة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، وتوضيح الأمور على المستوى الدولي، تفاديا لأي تأويل خاطئ، أو أي سوء فهم، وقد تمت إذاعة مضمون الاتصال على مختلف وكالات الأنباء العالمية، حيث أكد الملك محمد السادس، أنه ((بعد فشل كل المحاولات المحمودة للأمين العام، تحملت المملكة المغربية مسؤولياتها في إطار حقها الشرعي، خاصة وأن هذه ليست المرة الأولى التي تنخرط فيها ميليشيات البوليساريو في سلوك غير مقبول.. وأعاد المغرب الوضع إلى ما كان عليه، وحل المشكلة نهائيا وأعاد حركة المرور))، وبنفس الصرامة، قال الملك محمد السادس أن ((المملكة المغربية ستستمر في اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان النظام العام، وضمان حركة آمنة وسلسة للأشخاص والبضائع، في هذه المنطقة الواقعة على الحدود بين المملكة والجمهورية الإسلامية الموريتانية))، قبل أن يختم المكالمة بتأكيده على ((التزام المغرب الدائم بوقف إطلاق النار، وبنفس القوة، حيث تظل المملكة عاقدة العزم على الرد بأقصى شدة في إطار الدفاع عن النفس ضد أي تهديد لأمنها وراحة بال مواطنيها)) يقول الملك محمد السادس، الذي أصدر أوامره شخصيا بتأمين معبر “الكركرات” أمام المواطنين(..).

تعليق واحد

  1. On connait très bien le bla bla du régime faible et ce n’est pas avec les paroles qu’on fait le Monde et surtout leur soit disant général il connait très bien dans le passé la musique marocaine et ses déluges

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى