تحليلات أسبوعية

ملف الأسبوع | أزمة النقل الطرقي للمسافرين لا تدخل القصر؟

عندما يتمسك الصغار بظهير ترفضه الشركات الكبرى

إعداد: عبد الحميد العوني

منذ فبراير 2015، أربك أرباب النقل الطرقي للمسافرين جزئيا، وفي إضرابات ناجحة، خطة وزارة النقل في تحرير القطاع، فتصاعد التوقيف الممنهج للمقاولات الصغرى والمتوسطة العاملة في القطاع الطرقي لنقل الأشخاص، والمتمسكة أساسا بظهير 12 نونبر 1963، قبل أن توافق الوزارة المكلفة على إبعاد كاتب الدولة، بوليف، من الحوار، وتكليف الوزير اعمارة لكاتبه العام خالد الشرقاوي، لمباشرة الملف، ورد المهنيون بتخويل قائد النقابة الوحيدة التي دعت إلى الإضراب الوطني لـ 24 شتنبر الماضي، والتابعة للاتحاد العام للشغالين، رئاسة اتحاد أرباب النقل، وقد بلغ أعضاؤه في أقل من نصف سنة، 550 ناقلا،  بمعدل اشتراك شهري لا يقل عن 90 اشتراكا ومعدل يومي لا يقل عن ثلاث اشتراكات، فتكتل تجمع الناقلين الذاتيين والمقاولات الصغرى والمتوسطة، في مواجهة الشركات الكبرى الراغبة في العمل بكناش التحملات، وليس التراخيص الاستثنائية المتجددة سنويا، بما يجعل وضعيتها أكثر التباسا في ظل وعود الوزارة بالتحرير الشامل لقطاع النقل الطرقي وقع عليه المغرب في الاتفاق التجاري الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية، وطبقا لالتزامات المملكة تجاه الاتحاد الأوروبي، وفي 18 اتفاقا مع دول إفريقية.

وفشل حوار الوزارة مع اتحاد أرباب النقل بزعامة صقوره الثلاثة: عبد الرزاق الذهبي في الدارالبيضاء، وخالد الشاذلي من مراكش، وبرئاسة الجيلالي الرحماني، وهو ناقل بسيط يستغل رخصة بين بركان ووجدة، وعليه إجماع واسع بفعل مواقفه منذ 2009، وقد التف حولها المقاولون الصغار في نقل الأشخاص، وهو ما يهدد بعد اجتماع 17 أبريل الجاري، بإضراب وطني، بعد تراجع الوزارة الوصية عن ترسيم التوقيع على اتفاق التسعة نقط بإمضاء كل من خالد الشرقاوي والجيلالي الرحماني.

انتماء بوليف واعمارة لحزب العدالة والتنمية، وقيادة الاستقلال لجناح الرفض عبر الكتابة الوطنية للاتحاد العام للشغالين في قطاع النقل والاتحاد المستقل عن كل انتماء نقابي أو جمعوي (اتحاد أرباب النقل)، خلق مناورة تسارع الخطوات من أجل تحرير باقي قطاع النقل الطرقي، فيما يراهن المهنيون على نقابة واحدة، لإبلاغ صوت المقاولة الذاتية والصغيرة والمتوسطة في قطاع يعتمد على مأذونيات صادرة بأمر الملك محمد السادس

في بيان جمده بوليف، الذي تراهن أطراف نافذة على عمله لتحرير قطاع النقل، لاحظ المراقبون استجابة كبيرة لمقترحات المهنيين، انطلاقا من:

1) التجديد السباعي التلقائي بالنسبة للرخص في اسم أشخاص ذاتيين أو معنويين، والمستغلة بصفة مباشرة أو غير مباشرة، والتي تستوفي جميع الشروط.

2) إحداث لجنة مشتركة لبلورة مقترحات لمعالجة الملفات المرتبطة بطلبيات استئناف العمل، وتحويل الملكية وحالات التجديد السباعي الذي يعرف بعض الإشكالات، وتقديم مقترحات قبل فاتح يونيو 2019.

3) مجانية التكوين المهني لسائقي النقل الجماعي للأشخاص.

4) الاقتصار على سحب رخص النقل في حادثة السير المميتة أو الخطيرة، إلى حين استكمال البحث الإداري، وفي أجل أقصاه 15 يوما.

5) اتخاذ الإجراءات الضرورية لتبسيط تغيير الحافلات المتقادمة.

6) مراجعة المصفوفة المتعلقة بالعقوبات الإدارية، (والتي صاغها الكاتب العام).

7) الاتفاق على عدم تجاوز سحب الرخصة في 15 يوما باستثناء تغيير المسار.

8) في حال حادثة سير، يتم إخضاع الحافلة لفحص تقني من جهتين مختلفتين للتأكد من سلامة إطارها.

9) الاتفاق على مواصلة الحوار.

واعتبرت الوزارة أن هذا الاتفاق، جرى مع الاتحاد العام للشغالين، ولم تسمح بنقل الاتفاق إلى التزامات مع “اتحاد مستقل” وقوي لا تحكمه البوصلة الحزبية أو السياسية، من جهة، ومن جهة أخرى، فإن دفاع الأحرار عن ثالوث بوليف، اعمارة والرباح، أو ما يسمى بالثالوث الليبرالي وسياساتهم القطاعية، هو انتصار لمصالح الشركات الكبرى التي تتقدمها: “لاسطاس”، “سات”، “ساتيام”، “سوبراتور”، وهي شركات عملاقة كسرت في حرب الصحراء المأذونيات، وشقت طريق حافلاتها نحو العيون أو ما تحت طانطان، وهو ما يريد الناقلون الصغار العودة إليه.

وترفض الوزارة العودة إلى هذا التقسيم الترابي، بل ترغب في توحيد المعايير عبر مسطرة “كناش التحملات”، فبعد ما يسمى تجميد إعطاء مأذونيات جديدة، دخلت الوزارة في مرحلة أخرى، ولا ترغب في التراجع عن أهدافها.

وتفجر الخلاف الأخير، بعد شراء شركة “الغزالة” العاملة على المأذونيات، لشركة “سات” المعتمدة على التراخيص أو الرخص الاستثنائية بـ 13 مليار سنتيم، فأصبحت تضمن الرحلة لمرتفقها من طنجة إلى العيون عبر خطوطها، وتتقدم على منافسيها الصغار الذين نافسوها البارحة.

إن اندماج شركتين معتمدتين على أسلوبي العمل الموجودين في السوق، أثر على أرباب النقل المعتمدين على الكراء الشهري للمأذونيات (أكريمات)، بما يضاعف مشاكلهم، فيما الشركات المرخصة، لا تدفع ولا تكتري مأذونيات لاستغلال الخطوط الطويلة.

ويجد المهنيون صعوبات أربعة:

ـ منافسة الشركات الكبرى غير المعتمدة على تسيير خطوطها على المأذونيات، خصوصا في الخطوط الطويلة، وقد وصلت مع “الغزالة ـ سات” إلى نقل المسافرين عبر خدمتها من طنجة إلى العيون، وإلى جانبها “سوبراتور”، رديف الخطوط السككية في المغرب، و”لاسطاس” التي تسيطر على خطوط الصحراء انطلاقا من مراكش، بما يجعل الخط نحو أكادير طانطان وكلميم، وفي جزء كبير من الجنوب، خارج أداء المقاولة الصغرى والمتوسطة، والقدرات الذاتية لأرباب المأذونيات.

ـ فقدان الخطوط الصغيرة، جراء توسيع شبكات النقل الحضري (الطوبيس) خارج المدارات الحضرية، لالتقاء المدن عمرانيا كما في حالة المحمدية والدار البيضاء، أو جراء التوسع في اتجاه المجال القروي بعد تحوله إلى مجال حضري، أو الترخيص بتقديم خدمة تقررها وزارة الداخلية ولا تستشار فيها وزارة النقل وأصحاب المصلحة، وتوقف عمل 11 مأذونية مثلا بين مكناس ومولاي إدريس زرهون، لوصول الحافلات الحضرية بين المركزين، وعانت خطوط أخرى قصيرة على طول خارطة المملكة من عدم مردودية عشرات الخطوط المثيلة.

ـ النقل المزدوج الذي ترخص له الوزارة على الفور، للربط بين مناطق العالم القروي، لكنه يجد معاملاته على هامش المدن، بما يؤثر على رقم معاملات أرباب نقل المسافرين.

ـ السيارات الكبيرة، لعدم التزامها بشروط المنافسة، فيما يمكن تقنين المنافسة بين الحافلات الطرقية والحافلات الحضرية، وبين كل وسائل النقل خارج المدار الحضري، أو الرابط بين المدن، ويخشى المهنيون مع هذه الضغوط، من الارتفاع الحاد لثمن الغازوال، ووافقت الوزارة المكلفة على دعم هذه المادة، ويتخوف البعض من استخلاص هذه المساعدة من مستحقات الضريبة على الدخل، لأن من مؤشرات استهلاك الغازوال يمكن معرفة عدد الكيلومترات التي قطعتها حافلة أو أكثر من واحدة تابعة لشركة معينة، وبالتالي، يمكن معرفة الأرباح.

ويدافع المهنيون الصغار، إلى جانب تحالفهم الهش مع الشركات الصغيرة والمتوسطة باتحاد مستقل لأرباب النقل، لرفض مسطرة العمل بدفتر التحملات الجديد، لأنه سيسحق المقاولين الذاتيين والصغار، ويؤهل لدخول الاستثمار الأجنبي.

 الوزارة المكلفة تدعم أحادية التمثيل في شخص الجامعة الوطنية لأرباب النقل

يرفض الوزير اعمارة ترسيم توقيع كاتبه العام على اتفاق مع الجامعة الوطنية للنقل التابعة للاستقلاليين، باعتماده اتفاقا جاريا مع تنظيم مستقل (اتحاد أرباب النقل)، لأن الوزارة ترفض:

ـ التمثيل المهني خارج النقابات الحزبية، خوفا من فقدان السيطرة.

ـ التمثيل المستقل لصنف المهنيين بعد اتحاد المطالب بين السائقين وأرباب النقل في البيان المشار إليه.

ـ التمثيل المزدوج للجيلالي الرحماني، لقيادته الاتحاد العام للشغالين للمغرب في قطاع النقل، وقيادة أكبر تكتل إلى الآن في صفوف المهنيين المتوسطين والصغار، فيما تسعى “الغزالة ـ سات” إلى إعادة هيكلة جامعتها الوطنية لتجاوز هذا التكتل مع تصريحات دبلوماسية لمالكها تجعله مع المقاولات الصغرى والمتوسطة، وهو يدافع عن شركته الأم “الغزالة”، ويقبل ببيع “سات” للخروج من الأزمة المتواصلة.

الخلاف حول ظهير 12 نونبر 1963، بين شركات كبرى تدعو لتعديله وتغييره، ومقاولين صغار يتحصنون بمقتضياته

بدأ الخلاف منذ 2014، بعد مراسلة الهيئات الممثلة للقطاع (الجمعية المغربية لاتحاد الناقلين العموميين للأشخاص المسافرين بالمغرب، والنقابة الوطنية لمستثمري المقاولات الصغرى للنقل الطرقي للمسافرين بالمغرب، والنقابة الوطنية لمهنيي حافلات النقل العمومي) للأمين العام للحكومة، بشأن تغيير وتتميم المرسوم بمثابة قانون رقم 2.63.36 الصادر في17 رجب 1383 الموافق لـ 4 دجنبر 1963، والقاضي بقبول مقاولي المصالح العمومية للنقل والترخيص في استعمال العربات المخصصة لهذا النقل.

وأشارت الملاحظات العامة إلى مساهمة قطاع النقل الجماعي للأشخاص بـ 40 في المائة من مجموع تنقلات المواطنين بين المدن، ويشغل 35 ألف أجير بشكل مباشر، و450 ألفا بشكل غير مباشر، وأن المستثمرين في القطاع يخضعون لـ 13 ضريبة، في حين يلتهم ثمن استهلاك الغازوال 70 في المائة من العائدات، فيما لا تتجاوز الشركات الكبرى في القطاع 2 في المائة، إذ تهيمن المقاولات المتوسطة على 15 في المائة، وتعود 83 في المائة للمقاولات الصغيرة، وركزت المذكرة على تخوفها من إفلاس القطاع، لأسباب منها:

ـ التوقف الإرادي أو الاضطراري لـ 25 في المائة من رخص هذا الصنف من النقل، لأن الخطوط المرخص لها لا تكفي لتغطية تكاليف الاستغلال، بسبب عدم مواكبة الجهات الوصية له.

ـ تشجيع رئيس الحكومة السابق بن كيران وبوليف على شراء المهنيين للرخص من غير المهنيين، فيما التطورات الأخيرة لم تعمل على حماية المستثمرين الصغار.

وسحبت الحكومة شرط عدم قابلية الرخص أو المأذونيات للتفويت من شروط العقود كما كان سابقا، وطالبت التمثيليات بتجاوز مدة سنة في الانتقال من نظام إلى آخر، ولا تزال الوزارة متعثرة في تمرير تعديلاتها على القانون من 2014 وإلى الآن.

وفشلت الخطوة الأولى في انتقال نظام النقل في المغرب من نظام سندات القبول والتراخيص بناء على طلب، إلى نظام “طلب العروض”، ولا يختلف أحد حول عدم ملاءمة ظهير 12 نونبر 1963 في شق نقل المسافرين لدستور 2011، لكونه يحيل إلى نص تنظيمي لتحديد سلامة التراخيص وتخويل الامتياز وإبرام عقود تأمين المسؤولية المدنية لمقاولي مصالح النقل والتعويض، وهي مجالات محصورة باختصاص البرلمان عملا بأحكام البنود 1 و19 و21 و23 من الفصل 71 من الدستور.

وطلبت المذكرة الموجهة للأمانة العامة للحكومة، مهلة 7 سنوات لتأهيل القطاع عوض سنة، بما يجعل المهلة سيفا مسلطا على المهنيين لإنهاء هذه الإصلاحات قبل نهاية الولاية الحكومية 2021.

وحسب المناظرة الوطنية حول إصلاح قطاع النقل الطرقي للمسافرين، فإن الإحصاءات الرسمية أكدت على مساهمة النقل الطرقي للمسافرين عبر الحافلات بنسبة 35.4 في المائة، مقابل 44 في المائة للمركبات الخاصة المملوكة للمواطنين، ولأول مرة، تتقدم نسبة مركبات الأفراد بحوالي 10 في المائة عن النقل العمومي للمسافرين، فيما تعود 15.1 في المائة لسيارات الأجرة من الدرجة الأولى.

وتخلص الفقرة الأولى من التقرير الرسمي للوزارة إلى:

ـ أن النقل عبر الحافلات، وسيلة مستعملة من طرف ساكنة الوسط القروي بصفة خاصة، فيما ترخص الوزارة النقل المزدوج لنفس الغاية، بما يمس بمصالح أرباب النقل الطرقي عبر الحافلات.

ـ أن الإحصائيات الرسمية، رفضت إحصاء المهنيين، وأكدت على تشغيل 15 ألف شخص بصفة مباشرة.

ـ أن الإطار القانوني لهذا النقل، محدد في ظهير ومرسومين: الظهير الشريف رقم 163.260 الصادر في 24 جمادى الآخرة 1383 (12 نونبر 1963)، بشأن النقل بواسطة السيارات عبر الطرق، والمرسوم رقم 2.63.364 بتاريخ 17 رجب 1383 (4 دجنبر 1963)، بقبول مقاولي المصالح العمومية للنقل بواسطة السيارات المخصصة لهذا النقل، وأخيرا المرسوم رقم 263.363  بتاريخ 17 رجب 1383 (4 دجنبر 1963)، بشأن التنسيق بين النقل السككي والنقل عبر الطرق.

ويلاحظ المراقب، محاولة الوزارة عدم المساس بالظهير (12 نونبر 1963) لتكون المعركة بعيدة عن تحكيم الملك أو دخول الملف إلى القصر، وذلك بتغيير مرسوم 4 دجنبر 1963 لتجاوز تحفظات المعارضين، والسماح بتعديل مرسوم بمرسوم من جهة، ومن جهة ثانية، تعديل قبول مقاولي المصالح العمومية للنقل.

وتؤكد الوزارة على عدم تماشي النصوص القانونية والسير الفعلي للقطاع، وهي ترى أن ما يجري، هو ترخيص للمزيد من “الفوضى”، لأن استمرار تطبيق الحزمة القانونية لسنة 1963، غير ممكنة للداعين له، لأن كراء الرخص لا يجوز، وأصبحت هذه الممارسة معتادة، وكذا المنافسة غير القانونية لسيارات الأجرة من الصنف الأول.

ويتكون مجموع الرخص، من 3495 رخصة، منها 1202 غير مستغلة، أي بنسبة 34.4 في المائة، وبمضاعفة هذه النسبة إلى 73.4 في المائة بالنسبة للرخص المكتراة من أصل 2293 رخصة، نكون أمام 1862 رخصة مكتراة خارج قانون 1963، فيما سيارات الأجرة من الدرجة الأولى، تمارس الكراء المجزأ خارج مسافة 50 كيلومتر المنصوص عليها في الظهير، وبطاقة قصوى لستة مقاعد وعدد لامحدود للسفريات(1)، ولذلك، فإنها تستغل، خارج الضوابط القانونية وبصفة منتظمة، مسارات أو مقاطع مؤمنة بواسطة الحافلات.

ولذلك، فمطالب إصلاح الحزمة القانونية لـ 1963، ضرورية لإعطاء دفقة أوكسجين للقطاع عبر وقف المنافسة غير الشريفة لسيارات الدرجة الأولى وحافلات النقل الحضري، لأن الخلاف ليس في إصلاح القانون، وإنما حول فرض ميزان قوى يعطي الأولوية لـ 2 في المائة، وهي نسبة الشركات الكبرى في قطاع النقل الطرقي للأشخاص، مقابل 73 في المائة من المقاولين الأفراد، مضافة إليها كثرة المقاولات (1478 مقاولة)، مما يجعل المنافسة الداخلية حادة، وأغلب المقاولات لا تتوفر سوى على حافلة أو حافلتين، وتجد هذه الفئة في الوضع القائم خيرا لها من تغيير القانون، وهي تقبل في النهاية مواصلة المنافسة غير الشريفة من سيارات الأجرة من الدرجة الأولى وحافلات النقل الحضري، فقط خوفا من تغيير قانوني لا يخدم هذه الفئة الواسعة.

ويطالب الناقلون الصغار الوزارة، بتسهيل تجديد حافلاتهم المتقادمة، حيث أن 40 في المائة من حظيرة الحافلات، يتجاوز سنها 15 سنة، و28 في المائة منها يتراوح بين 10 سنوات و15 سنة، بما يعني أن الحافلات التي تقل عن 10 سنوات لا تتجاوز 32 في المائة، أي أن ثلث الحظيرة فقط، قابلة للاستغلال، دون أن ننسى السلبيات الأخرى للقطاع، كما يحددها تقرير رسمي كالتالي:

1) تراجع التنقل عبر الحافلات ما بين المدن بنسبة سنوية تصل إلى واحد في المائة (0.92 في المائة)، نتيجة ما سمته الوزارة “انحرافا” لنظام الرخصة، لينتقل من نظام ضبط القطاع إلى نظام للاستغلال في إطار الكراء والتفويت عن طريق البيع.

2) مساهمة واجبات الكراء في الرفع من كلفة الاستغلال.

3) الولوج للمهنة لا يتم عن طريق الرخصة، بل عن طريق عقد الكراء.

4) عدم استقرار القطاع، بسبب المنازعات بين أصحاب الرخص والمستغلين.

5) الانتقال عن طريق الإرث للرخص، وهو أحد أهم انزلاقات النظام الحالي بما يعقد الوضعية، سواء للإدارة أو المستغلين.

6) التجديد السباعي (لمدة 7 سنوات) تحول إلى انزلاق آخر، حيث أصبحت الرخصة بمثابة ملك، وليس ترخيصا محدودا في الزمن، ولم يتم سحب رخصة واحدة إلى الآن، رغم أحقية الوزارة في دراسة نجاعة الاحتفاظ أو ملاءمة أو سحب الرخصة.

7) اللجن الإقليمية ليست لديها مخططات للنقل.

8) المنافسة حول المسارات أو الخطوط الكبرى.

9) التركيز على الخطوط المريحة، يدفع إلى المزيد من المنافسة، ويركز على الوسطاء.

10) محدودية نظام إسناد مواقيت انطلاق وعبور الحافلات.

ولذلك، لا تجد الوزارة والشركات الكبرى، مناصا من إقرار تحالفهما لتعديل مرسوم 4 دجنبر 1963، حيث فشل العمل الوزاري على تغيير المرسوم قبل الظهير في استراتيجية التدرج، لأن ورقة الوزارة اعتمدت على ما سمته محاربة الريع، تنفيذا للتعليمات الملكية في خطاب العرش بتاريخ 30 يوليوز 2000 وفي خطاب 20 غشت 2008، مما جعل إصلاح النقل، جزءا من معركة سياسية كبرى لم تدخلها المملكة، وهي محاربة الريع، إذ لا يمكن النجاح في إصلاح النقل، حسب الوزارة المكلفة، دون النجاح في محاربة الريع، وهذا التصور غير واقعي.

وثمة انزلاق آخر، هو أن الوزارة تصنع الريع، بفعل رهانها الكبير على شركات أربعة كبرى لا تتجاوز حصتها الـ 2 في المائة، تبعا لوزنها في السوق، لكن بمساعدة الإدارة، تحاول كل الأطراف السير باتجاه تغيير الظهير، لأنه المنفذ الوحيد لتغيير نظام النقل في المملكة.

حكومة اليوسفي أحدثت تعديلا بدون ضجة على قانون 12 نونبر 1963، عبر الظهير الشريف 1.00.23 الصادر في 9 ذي القعدة 1420 (15 فبراير 2000)، والقاضي بتنفيذ القانون رقم 16.99 المغير والمتمم لظهير 1963

جاءت ديباجة قانون 15 فبراير 2000، مؤكدة على وضع نظام نقل شمولي ومنسجم مع حاجيات مستعملي النقل، وبات، حسب القانون، من اللازم وضع إطار تشريعي يدمج مختلف أنواع النقل الطرقي ويضمن لها تطورا منسجما في إطار من التكامل والمنافسة الشريفة، من خلال إقرار مقتضيات تدريجية في القانون المنظم للنقل.

وترى الدولة، من خلال هذا البناء:

1) إطلاق مدونة للنقل من أجل نظام شمولي لجميع مكونات القطاع.

2) الإطار الاندماجي التكاملي للقانون المنظم للنقل.

3) اعتماد المهنية للولوج إلى السوق عبر إدخال معايير نوعية في مزاولة مهنة النقل الطرقي للبضائع في مرحلة أولى، ثم تمديدها لنشاط نقل المسافرين بالطرق، كما تورد الفقرة الثالثة من ديباجة القانون.

والواقع، أن هذه الانتقالة مرتبكة، والدخول إلى مرحلة ثانية كلف هدرا واسعا للحكامة والزمن، من خارج مرجعية قانون 2000، وهو ما يعرقل الإصلاحات التي يدفع ثمنها المهنيون الصغار، فيما إصلاح النقل من منظور شمولي، سيوقف التهديدات القاتلة، من المنافسة غير الشريفة للسيارات من الصنف الأول ومن حافلات النقل الحضري، لأن القانون سيؤطر كل الفاعلين والمتدخلين في حالة قانونية منسجمة.

ويؤهل القانون المذكور لسبعة إجراءات، منها:

1ـ تحرير التعريفة من خلال فتح سوق نقل المسافرين.

2ـ إلغاء الاحتكار، وهذا الإجراء يمنع الشركات الكبرى من الاحتكار، مثلا احتكار الربط الطرقي مع السككي في حالة شركة “سوبراتور”، فالإجراء المعتمد غير قانوني، حسب ظهير 1963 وقانون 16.99.

3ـ نقل صلاحيات الوزارة إلى المكتب الوطني للنقل، لأنها المؤسسة العمومية المكلفة بتأطير وتنمية القطاع، وخلق مهن جديدة لتطويره، وفي الواقع، ورغم ادعاءات الوزارة للإصلاح، فإنها لم ترغب في نقل اختصاصاتها إلى جهة أخرى، ولا نجد مرجعية الوزارة في قانون 16.99 الذي اختصر في ديباجته الخطة المرسومة للنقل.

وجرى تعريف الخدمة العمومية لنقل المسافرين في كل الخدمات المعروضة، دون أن تكون من فئة عمليات نقل المسافرين التي تقوم بها الإدارة والجماعات المحلية لصالحها، وبتحديدات معروفة، جاءت رغبة الدولة متدرجة في إصلاح وتحرير قطاع النقل، بعد شهر من وصول الملك المغربي محمد السادس إلى عرش المملكة، لكن 19 سنة من التأجيل، عرفت خطوات متسلسلة، بدأت بشكل جدي في 2001 بإلغاء رخص النقل الطرقي للبضائع، وإخضاع كل رخصة أو تفويض في قطاع الموانئ لطلبات عروض ودفتر تحملات سنة 2005، وفي 2007، جرى التصويت على قانون 02.15 المتعلق بإصلاح الموانئ وتحرير منح الرخص في النقل البحري تبعا لتحريرالنقل الجوي في 2005، من خلال اتفاقية الأجواء المفتوحة مع الاتحاد الأوروبي، فيما لم تتمكن المملكة من تحرير النقل البري، وإن أخضعت مراكز الفحص التقني لطلب عروض مفتوح دون تمييز بالنسبة لكل مستثمر (قانون 05.52 المتعلق بقانون السير)، لكن هذه الخطوات المؤهلة لم تصل إلى إلغاء الرخص في قطاع نقل المسافرين.

ولا يزال عدم تمرير مدونة شاملة للنقل مسألة فشل لحزب الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، ومن بعدهما حزب العدالة والتنمية، وتزداد الضغوط من أجل تمرير تعديل ولو جزئي لظهير 1963.

ويعيش  القطاع تبادلا للأدوار بين إدارة الاستقلاليين في عهد كريم غلاب ومعارضة حزب العدالة والتنمية، وحاليا، بين إدارة حزب العدالة والتنمية ومعارضة حزب الاستقلال، لكن قدرة الناقلين الصغار تزداد تدهورا، لأن الإدارة وجهت كل ثقلها لخفض هيمنة المقاولات الصغيرة على القطاع.

وحسب جريدة “العلم”(2) في عددها بتاريخ 23 مارس 2012، فإن نظام سندات القبول للنقل العمومي للمسافرين، انحرف، مما أدى إلى خلق نظام ريعي لفائدة أصحاب سندات القبول وهيمنة المقاولات الصغرى.

ويرى الحزب، تفكيك هذا النظام بتدمير هيمنة المقاولات الصغرى في القطاع، ولم يرغب حزب العدالة والتنمية في توقيع اتفاق سبق التوصل إليه مع ذراع حزب الاستقلال في النقل، ليكون مع اتحاد مستقل لأرباب النقل لمجرد رئاسته من طرف استقلالي، وببساطة، فحزب العدالة والتنمية هو من يحدد المنهجية التي يتبعها ثنائي اعمارة ـ بوليف.

وقد رأت نقابة الاستقلاليين في 2012، حذف نظام سندات القبول، وهو النظام الذي يدافع عنه الناقلون الصغار لحماية مكتسباتهم التي اعتبرها الاستقلاليون في عهد عباس الفاسي، “ريعا”، فيما يريد الإسلاميون الوصول إلى نفس الغاية دون عده أو اعتباره من الريع.

وحسب الخطة المتبعة، منذ حكومة عبد الرحمان اليوسفي مرورا بحكومتي عباس الفاسي وبن كيران، هناك ثوابت منها:

ـ توقف منح سندات القبول، وسيتم تفعيل هذا الإجراء عند انطلاق العمل بالإصلاح، وسيترجم بحل لجنة النقل.

ـ إلزامية القيد في السجل الخاص بالمهنة (مهنة الناقل).

ـ تصنيف وتأهيل الناقلين.

ـ إسناد حقوق الاستغلال، مشروط بالتوقيع على عقد اتفاقية ودفتر للتحملات.

ـ إحداث صندوق للمساعدات الاجتماعية، بتمويل من محصول الرسوم في حدود 50 في المائة، و50 في المائة المتبقية، في تدعيم الإجراءات التي ستقوم بها الدولة لمواكبة إجراءاتها.

ـ اعتماد التخطيط في مجال النقل.

إذن، فالخطة قديمة، منذ سنة 2000، لكنها لم تتمكن من تقنين تركيبة وتحديد المفاهيم المرتبطة بها: النقل الحضري والنقل غير الحضري، مدار النقل الحضري، الخدمات العمومية المنتظمة وغير المنتظمة، بما فيها النقل السياحي والخدمات الخاصة بدون مقابل والنقل الطرقي الدولي، وأيضا نقل المستخدمين.

وأوقفت الوزارة بضغوط، الإلغاء التلقائي للحقوق في الترخيص، المخولة بموجب سند القبول لمدة سنة، أو التي توقف استغلاله لمدة أقل من سنة عند دخول النظام الجديد حيز التنفيذ.

ونشرت التعديلات على ظهير 1963، خصوصا في المادة 6، ونصها: ((يعتبر مؤجرا لسيارات نقل الأشخاص، كل شخص طبيعي أو معنوي يضع رهن تصرف المستأجر، مركبة بدون سائق، وفقا لعقد الإيجار المبرم بينهما، وللمكتري وحده صفة ناقل))، وفي المادة 7: ((يراد بشبكة النقل، مجموعة تتركب من خطين على الأقل))، ويجب حسب هذه المادة، أن تصمم الخطوط على الوجه الذي يحقق تكامل الخطوط والموازنة بين الخطوط المربحة والخطوط الأخرى التي ليست لها مردودية أو هما معا.

وفي المادة الثامنة: ((يراد بمحطة طرقية، كل مكان يقع داخل مركز حضري مهيأ خصوصا لتنظيم حركات الحافلات وللقيام بعمليات إركاب المسافرين وإنزالهم، ونقل وإفراغ الأمتعة والإرساليات)).

وانطلاقا من هذا التعريف، قررت شركة “الغزالة ـ سات” مثلا، فتح مكتب لها في قرية أولاد عياد وليس في بني ملال أو مراكش، لربط شمال المملكة بجنوبها، استثمارا لهذا التعريف.

وتدافع الشركات الكبرى عن تعديلات 2012 لظهير 1963، وتعتبرها إصلاحات ضرورية ومستعجلة، ولا تزال الوزارة المكلفة رهينة التعريفات وباقي البنود، وخصوصا الفصل 11 الشديد الحساسية، لأنه وازن بين المغربي والأجنبي، ولذلك، اشترط في فقرته “ألف”، أن يكون الناقل مغربيا أو من رعايا دولة أبرم معها المغرب اتفاقية للتبادل الحر، مصادق عليها قانونا ومنشورة بالجريدة الرسمية.

تعديل المادة 11 من قانون 1963، وفي فقرتها الأولى التي ساوت بين المغربي والأجنبي، لم يكن تعديلا استراتيجيا فقط، بل أخذ أبعادا سياسية تتعلق بالأمن القومي المغربي

مساواة المغربي والأجنبي في قطاع محفوظ ويعمل بالمأذونيات الصادرة عن القصر الملكي، هو تطور يجعل أبعادا أخرى تعيد صياغة الأمن القومي للمملكة في قطاع هو أساس التنمية ووحدة التراب الوطني، كما قالت ديباجة تعديل القانون في عهد اليوسفي.

وتكاد المادة 11 أن تكون عنوان المرحلة بين الشركات الكبرى والصغرى لدعم الاستثمار المحلي في قطاع النقل، وحاولت الوزارة منذ سنة 2000، رفع العقوبات في مسودات تعديل ظهير 1963، ليكون التفاوض حول خفضها بموازاة مواصلتها خطوات تحرير القطاع.

ووصلت الذعيرة إلى 30 ألف درهم، فيما الفصل 21 يحمي الناقل من الوساطة بين ناقل منافس والزبون، ويحدد الفصل الثاني مدار النقل الحضري المكون من النفوذ الترابي لجماعة أو عدة جماعات متجاورة، ويكون تحديده، بقرار مشترك من الهيئتين الحكوميتين المكلفتين بالداخلية وبالتجهيز، ويحاول تعديل ظهير 1963، تحديد الاختصاصات بين السلطتين الحكوميتين اللتين خلقتا الارتباك لعدم التنسيق بينهما، حيث يشير تعديل الظهير إلى السلطة المنظمة، وتعود للجماعات المحلية السلطة في حال عدم تحديدها.

ويكون على ضوء التعديلات، نقل المسافرين، هو النقل بين مدارين أو أكثر للنقل الحضري، والنقل بين مدار نقل حضري ومجال يقع خارج كل مدار للنقل الحضري، والنقل بين مجالين يقعان خارج كل مدار للنقل الحضري، وقد قننت الصياغة في المسودة، وفي الفصل الخامس، السماح للأجنبي بالاستثمار في النقل القروي والنقل المزدوج، وهو تطور غير مسبوق، فالأجنبي الذي تتحفظ المملكة جزئيا من استثماره في الفلاحة، منذ ظهير المغربة، مسموح له حاليا بالاستثمار في القرى، ولذلك، فمسألة الاستثمار الأجنبي، تمس حقل الحافلات والنقل المزدوج والسيارات من الصنف الأول، دون تحديد انعكاسات هذه الخطوة على الناقل الصغير، وهو ما يزيد من تخوف هذه الفئة التي تمارس قوتها الوحيدة في الإضراب، للحفاظ على مكتسباتها في استمرار الوضع القائم.

في مقابل خوصصة قطاع نقل المسافرين، تقرر تأميم المحطات الطرقية الموجودة التابعة للجماعات المحلية بقوله “تحول إلى الدولة هذه المحطات” دون ذكر الجهة التي تمثلها، وهو ما أحدث سوء فهم إضافي، لأن كراء أرباب النقل لهذه المحطات، جزء من مكتسباتهم التي يضيعها القانون

كانت التعاونيات التي يشاركها فيها أرباب النقل لتسيير المحطات، جزءا من مكتسبات المرحلة التي تريد الدولة الإجهاز عليها كليا، بتحويل كل المحطات الطرقية التابعة للجماعات المحلية إلى الدولة في أجل لا يقل عن 3 سنوات، مع وضع تصنيف يبين أهمية وحجم نشاط الناقل، ولذلك، فالشهادة المعول عليها تبعد الناقل الصغير المستغل لحافلة أو حافلتين، وبمجرد الشطب من السجل، تلغى أي اتفاقية منجزة، وهو ما سيخنق المعاملات المالية والعادية التي ألفها الناقلون الصغار، المسيطرون على أكثر من ثلثي نشاطات القطاع إلى حدود اللحظة، ويعارض الناقلون الصغار، رغم تشتتهم التنظيمي، الخطط الرسمية، لاتفاقهم على إنجاح الإضرابات الوطنية، بل دعموا وصول ناقل صغير لإدارة اتحاد أرباب النقل، من أجل إيجاد توافقات من داخل الاتحاد مع المقاولات المتوسطة ضد التحرير الكامل وتسليم القطاع للأجانب والشركات المحظية.

وتحاول الوزارة الوصية على النقل، تطبيق مضامين التعديلات على ظهير 1963 بشكل غير مباشر وعلى الأرض، لتهييء الشروط لقبولها في المستقبل القريب، ولذلك تسمح للشركات العاملة، وإن برخص مؤقتة واستثنائية، بفتح مكاتبها بشكل مستقل خارج المحطات، من بوابة الترخيص لنقل البضائع، دون فصل الخدمتين، تحت طائلة أن الظهير لا يزال واحدا لإقرار قانون 99.16، وأن نشاط نقل المسافرين، مرحلة ثانية بعد تحرير نقل البضائع، ولكون الموارد الخاصة بنشاط نقل المسافرين، ضمن مدونة النقل المعدلة لظهير 1963 والمرسومين المعتمدين لنفس القطاع.

وأنجزت الحكومة مدونة للسير تساير تحرير القطاع إلى جانب التحرير الكامل لنقل البضائع وتحرير مماثل لنقل المسافرين في الجو والبحر، ليبقى تحرير نقلهم برا، معضلة كبيرة أربكت الاتحاديين والاستقلاليين والإسلاميين، ويريد أخنوش تسلم رئاسة الحكومة في 2021 بدون هذا المشكل، فحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود أمينه العام السابق مزوار الاتحاد العام لمقاولات المغرب، لديه ورقة بخصوص عصرنة النقل العمومي لا تتوقف عند تغيير ظهير1963، على أساس الحيثيات والإجراءات المقترحة منذ عام 2000، بل يرغب في تصفية كاملة لعمل المأذونيات بشرائها بعد تحرير السوق وهبوط التداولات التي يعتبرها الجميع “ريعية”، لذلك، فاستثمار الشركات الأجنبية والكبرى على ضوء كناش التحملات، سيعزل كليا الناقل الصغير وصاحب المأذونية، ولم تتمكن الدولة إلى الآن من فصل مصالح الطرفين المذكورين.

وتأسست الفيدرالية الوطنية للنقل الوطني بالمغرب، التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب، في 10 يونيو 1993، وهي برئاسة عبد الإله حفضي، منذ مؤتمرها في 17 يونيو 2008، وبمجلس وطني يصل إلى 100 عضو، وقد وقعت الفيدرالية مع وزارة التجهيز والنقل على عقد البرنامج 2003 ـ 2006، وعلى بروتوكول إطار مع الجمارك لاحترام التزامات المغرب الدولية، ولديها اتفاقيات مع مراكز التكوين ووزارة التشغيل، وتحمل عضوية اللجن الإقليمية للجمارك واللجن الإقليمية للنقل، وتمثل المغرب دوليا، كما في حالة الجمعية الدولية للنقل الطرقي.

ومعروف أن كل الخطط المعدة من الوزارة، بقلم مشترك مع الفيدرالية الوطنية للنقل الطرقي، وهي تركز إلى الآن، على تجميع المقاولات وإحداث مرصد وطني وملاءمة شروط الولوج، مع تقوية ما تسميه “المقاولة النقلية” من خلال أربعة مطالب: تكريس مفهوم الغازوال المهني، وإحداث مؤشر خاص بالغازوال، والتكوين، والعمل مع شركة الخدمات.

فيدرالية النقل التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب، تترك المطالبة بتغيير ظهير 1963 للوزارة، لتتحدث شركة “ستيام” وحدها عن ضرورة هذا التعديل فورا

في إطار استراتيجيتها في تجميع المقاولات، لا تحاول فيدرالية النقل التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب، الاصطدام مع المقاولات المتوسطة في القطاع والمتحالفة إلى الآن مع الناقلين الصغار، ولذلك جعلت معركتها هي “الغازوال المهني” لدفع مقاولات القطاع باتجاه يفيد العمل المشترك.

إن إدراك الوزارة أنها لا تستطيع دفع ثمن مخارج التحرير، يجعل الناقلين الصغار، وفي تحالفات جزئية، وحسب الظرفية، إلى جانب المقاولات المتوسطة، في معارك على رأسها “الغازوال المهني”، وليست هذه التحالفات في صالح إدارة بوليف واعمارة، ولذلك، قالت “أجوردوي لوماروك” في منتصف الشهر الماضي، بأن أزمة النقل بدون مخرج(3)، بسبب الأزمة مع الحافلات والشاحنات (الأقل من 19 طن)، وتتوسع الأزمة لتصبح أزمة النقل البري مع النقل السري (4)، والبحري مع الممنوعات(5)، وأزمة الشاحنات الكبيرة(6).

إنها أزمة متواصلة مع النقل الطرقي للأشخاص منذ 2003، حسب الاتحاد العام لمقاولات المغرب(7)، لأن خارطة الطريق لتحرير قطاع النقل الطرقي للأشخاص، لم يتحقق تطبيقها، بفعل تحويل المهنيين لمليار ونصف مليار درهم سنويا لصالح أصحاب المأذونيات، دون أن يستفيد منها القطاع أو يستثمرها لتحسين جودة خدماته وتأهيل طاقمه.

إنها عملية استنزاف كبيرة وغير شفافة في قطاع النقل تصل في أحيان كثيرة إلى وجوه احتيالية وإجرامية تكسر دورة الاستثمار، كما تدين الفيدرالية، العمل على إصلاحات أحادية الجانب، بعيدة عن العاملين والمهنيين في القطاع، كما حدث في 2003، وتتواصل هذه السياسة إلى الآن.

وأعلن وزير النقل والتجهيز، عن الوصول إلى حل مع أرباب الشاحنات في نفس اليوم الذي يجب التوصل فيه إلى اتفاق مع أرباب نقل المسافرين، من أجل تحقيق ضغط إضافي على أرباب النقل الطرقي للأشخاص، في إطار سياسة تحاول تركيع المقاولات الصغرى في القطاع للقبول بإجراءات التحرير، دون أن تتحمل الدولة مسؤوليتها في التأهيل والمساهمة في شراء المأذونيات لصالح المهنيين، وتجديد حظيرة الحافلات، لأن العصرنة خيار استراتيجي لدى الوزارة دون أن تدفع الحكومة تكلفتها تجاه الناقلين الصغار، أرباب حافلة أو حافلتين، خصوصا بعد التوصل إلى اتفاق مع أرباب الشاحنات(8) أو نقل البضائع في ثلاثة أمور: رفع التعويض عن العربات المتهالكة لتكسيرها، ومجانية الطاقة المهنية والغازوال(9).

ويلاحظ المراقب، أن الاتفاق بين كل المهنيين الصغار والكبار وأرباب نقل البضائع والمسافرين، هو حول موضع “الغازوال المهني”، بعد الارتفاع الصاروخي لثمن الغازوال، وهو السبب الآني لأزمة حقيقية في النقل قد تجمع كل الفرقاء، فالدولة دون أن تحل مشكلة الغازوال، معرضة لسكتة قلبية في الأفق القريب.

هوامش:

  • Rotations.
  • com/alalam/46537-(23/3/2012).
  • Crise de transport: une voie sans issue, aujourd’hui le Maroc, 15/3/2019.
  • Transport en commun, Maroc diplomatique, 31/10/2018.
  • Transport: les poids lourds touchés par la crise, l’économiste, 22/10/2009.
  • Le transport maritime des marchandises au Maroc, finances.gov.ma,(pdf).
  • Transport routier au Maroc: les problèmes perdurent depuis 2003, la vie éco, 3/2/2012.
  • Transport routier: sortie de la crise? le 360, 31/3/2019.
  • Journée d’études sur le secteur du transport des marchandises, Maroc hebdo, 9/12/2018.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى