جهات

الرباط | المقاطعات الوفية لـ”العادات البالية”

الرباط. الأسبوع

    ماضيها أحسن من حاضرها، حيث توقف نضالها، وها هي العاصمة المؤطرة من 5 مقاطعات، أفاض عليها المشروع الملكي تجهيزات الأنوار، وأغدق على أحيائها بالعديد من الإصلاحات حتى قفزت من خانة المدن المهمشة والمتسخة والشقية إلى مصاف العواصم ذات الشهرة العالمية، بنظافتها وأناقة مرافقها وثقافة إنسانها.. فهل من الممكن أن تعطيها مقاطعاتها “قيمة مضافة”؟ الجواب: نعم، فحسب القانون المنظم لصلاحياتها، لخصت المادة 235 ما يجب تقديمه كالتالي: “تقديم كل الأعمال التي من شأنها داخل حدود المقاطعة إنعاش السكن وتحسين مستوى الحياة وحماية البيئة”، فكيف لها أن “تنعش” و”تحسن” وهي نفسها ربما تبحث وتنقب عن منعشين متخصصين في الإنعاش، الذي لا يوصف إلا للمقبلين على الموت، وهي الحالة التي عليها مقاطعاتنا جراء فقدان “شهية” تنظيم التظاهرات المختلفة التي لها سحر خاص على النفوس بما يلائم كل نفس، والله يرحم القائد مصطفى بركاش، أشهر رجل سلطة في العاصمة خلال فترة السبعينات، والذي كان له تواصل دائم مع الساكنة وممثليها وجمعياتها، فكان ينظم كل 3 أشهر نشاطا ثقافيا وموسيقيا وفنيا، ويبدع في الاستعانة بمعهد مولاي رشيد داخل المدينة العتيقة لتمتيع الرباطيين بأنغام الموسيقى والإنشاد على منصة في قلب حديقة حسان، ويتصل بفرقة نحاسية منضوية تحت لواء التعاون الوطني، للقيام بجولات موسيقية تجوب كل تراب المقاطعة، ولمدة 15 يوما من الثقافة والرياضة والموسيقى والمسابقات بين المدارس والثانويات، جعل لها: “مهرجان الربيع” على خشبة الحديقة العمومية بنزهة حسان… إلخ، في ذلك الوقت كانت للقائد اختصاصات رئيس المقاطعة الذي ما إن تحولت لسلطاته حتى عانقها وتركها في الأحضان دافئة إلا في بعض الاستثناءات، منها ما دخل إلى العالمية مثل: “مهرجان الرباط” من ابتكار مجلس العمالة في التسعينات، وإحياء “ليالي رمضان” بمختلف جماعات الرباط في الثمانينات، ومباريات رياضية في الأحياء من طرف بعض المقاطعات، فانتهى عهد الأنشطة مع مجالس وقياد زمان.

وما إن توجت الرباط عاصمة للثقافة بفضل أبنائها ومثقفيها، واعتراف العالمين الإسلامي والإفريقي بثقافتها النيرة التي أضحت عالمية، حتى غابت مبادرات مجالسها، التي على عاتقها وواجبها قيادة حركة التظاهرات حسب ثقافة قاطني كل مقاطعة، فمثلا مقاطعة حسان بمدينتها العتيقة لا توافقها أنماط أنشطة من مقاطعة أخرى، وهذا ينطبق على المقاطعات الخمس.. فبماذا سـ”تنعش المقاطعات سكانها داخل حدودها” كما نصت على ذلك المادة 235؟ وتمعنوا في “داخل حدود المقاطعة”، أما “تحسين مستوى الحياة”، فإننا نعفيها من أوجاعها، وإذا حققت فقط عملية “الإنعاش ولو بالتظاهرات” فهي معفية من الباقي.

فالمقاطعات دورها لا ينحصر في إنجاز الوثائق الذي هو شغل موظفيها، بل في اجتهادات منتخبيها بإجراء عمليات “الإنعاش” و”التحسين”، أما ما نعيشه اليوم فهو “عادات بالية” لم تعد مقبولة في سنة 2022.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى