الرباط – الأسبوع
منذ حوالي 80 سنة، سبقتنا عروس الشمال مدينة طنجة، بتشييد بقعة خاصة لدفن الحيوانات النافقة، الأولى من نوعها في إفريقيا، وبهذه المبادرة الإنسانية الراقية صنفت وزارة الثقافة الشهر الماضي هذه المقبرة “تراثا وطنيا”، مما ارتاح له أصدقاء ومحبو الحيوانات الأليفة من كلاب وقطط في كل بقاع العالم، ونوهت به كبريات الصحف العالمية.
وعندنا في عاصمة الثقافة، جماعة أناط بها المشرع إحداث وصيانة المقابر بصفة عامة في الفصل 83، كما كلفها في مضامين الفصل نفسه بـ: حفظ الصحة، ونقل الأموات والدفن، ويمكن الاجتهاد في هذه المضامين لإيجاد صيغة تمكن من وقاية الرباطيين من آفة نفوق الحيوانات الأليفة والتخلص منها بطرق عشوائية إما في الطرقات أو في أماكن عامة حتى لا نقول القمامات.
فمنذ مدة، انتشر الإقبال وسط الصغار والكبار على امتلاك بعض الحيوانات الأليفة، خصوصا منها الكلاب والقطط، مما يستوجب على الجماعة تفعيل المادة 83 من القانون الجماعي بتحريك المصلحة البيطرية الجماعية لتتبع وضعية هذه الحيوانات لوقايتها من التعرض للأوبئة الفتاكة، والتي يمكن أن تتسرب إلى مربيها، أما المتشردة منها في شوارع العاصمة، فينبغي إيجاد حل لإيوائها وعلاجها ووقايتها من الأمراض بالتلقيحات اللازمة.
وهنيئا لمدينة طنجة باللقب المشرف الذي بوأها مكانة محترمة وطنيا ودوليا لاحترامها حقوق خلق الله من الحيوانات الأليفة، ونتمنى أن تقتدي بمبادرتها عاصمة الثقافة الإفريقية، بتخصيص بقعة أرضية لدفن هذه الحيوانات بعد نفوقها وتسريع مسطرة العناية والمراقبة والتتبع للآلاف منها التي تتجول بيننا وتقتات من ما تجده أمامها، وإصدار قرار جماعي ينظم ويقنن “تربيتها” بضرورة التصريح بها لدى المصلحة البيطرية المختصة وتسجيلها في سجل يوثق كل شيء عنها وعن كفيلها، وهكذا يمكن للعاصمة أن تضيف قيمة إنسانية مضافة لما تقدمت به علينا عروس الشمال وانتزعت لصالحها من وزارة الثقافة شرف الإرث الوطني، نطمع في التفوق عليه بـ”الإرث الوطني والإنساني”.
فعدة مجالات في الموضوع هي من صلب صلاحيات واختصاصات واهتمامات المنتخبين، صحيا واجتماعيا وثقافيا ورياضيا وتربويا… إلخ، متروكة على الهامش بالرغم من الإمكانيات البشرية الموضوعة رهن الإشارة لتنفيذ برامج أو اجتهادات مدروسة ومطابقة للقانون من “وحي” المنتخبين المفتونين بالصراعات الداخلية والتطاحنات على المناصب الأمامية، والتدافع إلى حد التعارك لدخول باب الامتيازات العينية والمادية.
فإذا جدد مجلس الجماعة رئاسته، فينبغي تجديد أساليب عمله ومواضيع قراراته، ونوعية تدخلاته، وذلك باستحضار روح الثقافة التي تتنفس بها العاصمة، وهم ممثلوها ويدافعون عن تطويرها.. فهل ينطلقون بها في شوطهم الثاني من انتدابهم نحو الأفق المرموق لتعويض التأخر البين لهم في الشوط الأول القاحل من أي قرار راقي يثير انتباه صحف العالم والمنظمات الدولية ؟