تحليلات أسبوعية

بين السطور | ما وراء تهنئة الملك لبوتين

بقلم: الطيب العلوي

    بعيداً عن تبادلات “عطيني نعطيك”، التي بدأنا نعتاد عليها كل يوم أحد، بين الأمين العام العائد لحزب العدالة والتنمية، السي بن كيران من جهة، خلال ندواته بمختلف المدن، بعد عقم التدخلات من داخل البيت(…)، وبين باقي الأحزاب والصحفيين و”المؤثرين” الذين لا يأثرون في شيء(…) من جهة أخرى، تراشقات بالحجارة تثلج بعض الصدور، ما دام أنها تُتلِف الأنظار وتغير الوجهات(…)، وفي غمرة الحرب الروسية الأوكرانية التي شكلت ضربة قوية اخترقت بُعد المعاناة والأزمة الإنسانية لتطيح بالاقتصاد العالمي، بين ارتفاع المواد الغذائية والطاقية، وأثار تباطؤ النمو وزيادة سعر التضخم.. عواقب جعلت ديمقراطيات العالم تقف وقفة رجل واحد أمام الموقف الروسي المتصلب، كما جعلت من بعضها، كحال الإدارة الأمريكية، تصل حد وصف بوتين بمجرم حرب.. خطوات جعلت الواحدة تلو الأخرى من المرجح أن تصعّد التوتر الدبلوماسي بين روسيا والغرب لوقت طويل.

في غمرة كل هذا، وفي نفس يوم التراشقات الداخلية(…)، بعث صاحب الجلالة يوم الأحد الماضي، برقية تهنئة لفلاديمير بوتين، بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني، معربا له فيها، باسمه وباسم الشعب المغربي، عن تقديره لما يربط البلدين من علاقات الصداقة المتينة والتعاون البناء والمتبادل.

مبادرة كهاته، تطرح أكثر من علامة استفهام، حيث قد يتساءل كل من له القدرة على قراءة ما وراء الخبر(…)، كيف يمكن لدولة أن ترفع من قدر رئيس دولة في وقت سحب الجميع الكلمة في حقه، خصوصا من لدن دولة تم الحكم على أحد مواطنيها الشباب، وفي نفس الأسبوع، بالإعدام من طرف الرئيس المنعوت بصفة مباشرة أو غير مباشرة(…)، حكم لم يمس بعائلة المتهم المغربية فحسب، وإنما خلق جدلا سياسيا وحقوقيا شديدا قد يسبب أزمة إنسانية دولية.

فما أسباب هذه المبادرة الملكية التي اتخذت بكل عزم الاتجاه المعاكس(…) لباقي السفن؟ مبادرة قد يرى فيها البعض بكل وضوح لأي طرف قد ينحاز المغرب(…)، ما قد يجر على نفسه حفنة من الانتقادات الخارجية، وهناك من ربط الموضوع بالغياب التام لأي مسؤول أو وزير أو ممثل للدولة المغربية، أو أي مدير لمؤسسة عمومية، عن الحفل الرسمي الذي أقامته السفارة الأمريكية بالرباط مساء يوم الأربعاء 15 يونيو، رغم توصلهم بالاستدعاءات(…).

لكن، قد يكون الجواب بعيداً عن هذا الحقل، بل يكمن في سياسة دبلوماسية مبنية على حكمة “خالف تُعرف” – ونتمنى أن يكون الحال كذلك – للملك محمد السادس، والتي بدأنا نعتاد عليها منذ تجربة اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالصحراء المغربية، سياسة “شوف واسكت”، أو كما يسميها الآن صناع محتوى الفيديوهات على الأنترنيت: “تفرّج حتى اللخّر”، وربما كانت فيها أولى ألغاز اللعبة ليست تلك القادمة من المغرب عبر تهنئة محمد السادس، بل كانت قادمة قبل أسبوعين من روسيا، عقب قرار بوتين عزل سفير بلاده بالجزائر إرضاء للملك محمد السادس، قرار جاء بعد أقل من 48 ساعة على تصريحات السفير المُقال، إيغور بيليايف، بخصوص ملف الصحراء المغربية، ودعمه لجبهة البوليساريو.

ربما سيصبح المغرب بمبادراته الجديدة(…)، منقذا للعالم.. على الله آخويا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى