جهات

الرباط | غلاء الأسعار وتداعيات جائحة “كورونا”

امتحان عسير للمنتخبين

الرباط. الأسبوع

    ستجد مجالس العاصمة (مجلس الجماعة ومجلس الجهة ومجلس العمالة، والمقاطعات) نفسها أمام امتحان عسير لتدبير مراحل غير مسبوقة في تاريخ الرباط من حيث تراكمها في آن واحد: شهر رمضان، غلاء الأسعار، بوادر الجفاف، تداعيات جائحة “كورونا”، وانعكاسات الحرب الأوكرانية الروسية.. فلا نعتقد بأنها تدارست كل هذه العوائق وحيثياتها، ولا حتى فكرت فيها.. لماذا؟ لأن السيولة المالية السنوية لتسييرها مضمونة مسبقا من الوزارة الوصية، وقبل استخلاصها من عرق الكادحين، الذين يعانون جراء اقتسام أرزاقهم مع ضرائب ورسوم وجبايات الجماعة في ظروف كارثية لا يحس بها إلا المقهورون وبهذه الاقتطاعات الضرائبية، بينما المستفيدون منها يؤمنون بأريحية امتيازاتهم لرفاهيتهم من جيوب المقهورين الذين يحسبون ألف حساب لنفقات شهر رمضان، وغلاء أثمان المواد الاستهلاكية الأساسية، وتداعيات انتشار فيروس “كوفيد”، وانعكاسات الحرب الأوكرانية الروسية، التي تترتب عنها مخلفات سلبية على اقتصادات الدول التي تجمعها بها اتفاقات تجارية.. فماذا أعدت مجالسنا لمواجهة كل هذه الامتحانات التي تطرق أبوابنا؟

ونكاد “نسقط أرضا” من سطحية مجالسنا وهي تنشر البلاغات تلو البلاغات معلنة انتصارها على نفسها، بإحصاء موظفيها أو بضبط غيابهم، أو توجيه إنذارات لتسوية ملفات إدارية داخلية، أو تفقدات روتينية لمرافق جماعية، أو توزيع اختصاصات وسيارات وتلفونات وتفويضات بين منتخبيها.. وكأن هذه المجالس إدارة مكلفة فقط بتدبير ما بداخل مقراتها وليس بعلاج ما يؤلم ويدمي قلوب 800 ألف رباطي وكل همومهم مع استقبال شهر الصيام وارتفاع الأسعار وشح الأمطار.

فماذا أعدت من برامج واتخذت من إجراءات لكبح ما يؤرق فقراء العاصمة؟ فمعظم الرباطيين – وبكل صراحة – يشكون في قدرة منتخبيهم على حل مشاكلهم، أو على الأقل مساندتهم في هذه المحن، بالتضامن معهم بتبني سياسة التقشف في مصاريف الميزانيات وإلغاء نفقات سيارات “جابها الله” وتعويضات الريع، ومنح وشراكات وأتعاب توزع على المحظوظين… إلخ، لأنه من الواجب تحويلها إلى اعتمادات خاصة لمجابهة الأزمات الاجتماعية.

فنحن استأنسنا ببكاء ممثلينا معنا.. وبدفعنا إلى طريقهم ليصرخوا ويحتجوا مكاننا ويستنكروا باسمنا المصائب التي أصابتنا ويوثقونها ببيانات نارية دون أن يرف لهم جفن أو يخجلوا من أنفسهم وهم المسؤولون على تقهقرنا، هم الحاكمون المتصرفون في سلطاتنا وأموالنا وممتلكات جماعتنا، هم أسباب كل معاناتنا، هم الذين تعهدوا ووعدوا وأقسموا بأننا “نستاهلوا أحسن”، وها نحن نعاني من الغلاء في كل شيء بعدما منحناهم أصواتنا.. فهل تتحرك مجالسنا للتخفيف من الأزمة التي تضرب جيوب المواطنين ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى