المنبر الحر

المنبر الحر | بعد الانتخاب.. ليبيا تصاب

بقلم: مصطفى منيغ

    لن تعود لما كانت عليه من وحدة مجيدة، بل إلى تمزق سببه أطراف عديدة، منها المحلية وبعضها من أقطار بعيدة، فأمريكا إن أصاب تخطيطها السلبي الانتقامي بلدا، ليس عليه إلا قراءة الفاتحة على ذاته مهما كانت أيامه في انتظار حلول المصيبة الكبرى مديدة، ما نؤكده ليس إلا عينة تصارح المتشككين كأصدق ما تقوم عليه استنتاجات أساسها الحقائق لعقل رزين مزودة، بعد أن ذبحت الولايات المتحدة الأمريكية مستقبلها كي لا تكون لما كانت عليه من استقرار وازدهار عائدة، ولتتخبط في نزاعات طائفية على أي شيء ولا شيء المهم أن تكون مستقرا للفتنة والدمار الداخلي البطيء في المنطقة قائدة، بلا أمل ولا إصلاح ولا تفاؤل الغد فيها يتكرر بدون فائدة، تغلب الصمت على قرارات رسمية فتح على إثرها مَن فتح باب الوطن للغرباء كي يتربعوا على مَن سيطالبون به كحق وليس احتلال باستعمال تدخل مُقاس على آليات في الردع شديدة، فليست من أجل سواد عيون الليبيين أقحمت تركيا نفسها بما سيجعلها للبقاء هناك كدائرة على جزء من ثروة الشعب الليبي لامتصاصه قادرة، وروسيا مَن مهّد لها السبيل لتحظى بما حلمت به من قديم أن يكون لها في إفريقيا منفذا يطل على الأطلسي كمشروع مكيف بأساليب تقنية جديدة، ومصر مَن حتّم عليها التدخل لحماية ظهرها مما كان جهازها الاستخباراتي سباقا لوضع ما تحافظ به على مصالحها العليا المهددة كانت من أطراف للإرهاب مساندة، والسودان مَن أرسل وجهز ونقل بعض خيرة شبابه لتحصدهم نار اصطدامات جهات بعضها للبعض بما تبديه من حرب عنيدة، ومَن أصر على ترسيخ قيادات موالية للشرق والغرب لتكون الحارسة، بل الممثَّلة المندسة وراء الانتساب للوطن كأطر رائدة، لفرنسا منهم مَن تُعوّل عليه وللولايات المتحدة الأمريكية قائمة بأسماء مختارة من الليبيين تخصّهم بعناية سخية داخل تلك الساحة الغاصة بالطامعين وحيدة، ومَن مع ألمانيا يحاول إقناعها بالتدخل المباشر ولها في عين المكان مَن سيحميها من أي خطورة عليها واردة، وما دام الأمر مباحا لمن يملك الجرأة والمال والرغبة والرؤية البعيدة كالمتوسطة المدى يظنها سديدة، عزمت الإمارات العربية المتحدة أن يكون لها حظ الأسد في وليمة مطبوخة على حديدة، حرارتها تأجج لهيبها أوراق مصرفية بالملايير زجّت بها لتحترق في ذات الميدان للفوز بنتائج عليها معتمدة، أن تكون لها في ليبيا ما يجعل منها لغذاء تلك الدولة الخليجية المزيَّن بما يحويه من أصناف شهية ما قد تشيد من أجل ازدراده في قلب طرابلس أضخم مائدة.

الإدارة الأمريكية نصبت نفسها راعية لتك الانتخابات الرئاسية المفروض إجراؤها يوم 24 دجنبر، لكن ترشيح الدكتور سيف الإسلام القذافي بمباركة أنصار نظام والده المُغتال ببشاعة، وهم يتكاثرون يوما بعد يوم، لترشيح اسمه ويُقبَل رسميا من طرف المفوضية العليا المخولة قانونا للإشراف على تلك الانتخابات، قض مضجع تلك الإدارة الأمريكية وأصبحت تلوّح بعدم صلاحية ذاك الترشيح وصاحبه مطلوب للعدالة الدولية، كجزء أولي من عرقلة مكشوفة اعتبرها الليبيون تدخلا في شؤونهم الداخلية الخاصة، وإدراكا منهم لما تميل إليه تلك الإدارة من تلميع صورة أحد المرشحين المُفضلين لديها والذي له مع الليبيين أنفسهم أكثر من حساب سلبي لن يمكنه من الفوز أصلا، وهكذا سيتحول الحدث إلى نكسة تؤكد أن الحل القائم على الترقيع بجبر الخواطر وفرض واقع لا يخدم مصلحة ليبيا الموحدة، لا أساس له من الإعراب، إن تُرِكت العملية بما تتطلبه النزاهة وديمقراطية الاختيار الحر، ستكون المفاجأة غير سارة لجل فرقاء التدخل الأجنبي في شؤون ليبيا بكيفية أو بأخرى، مما يسبّب إبقاء التطاحن واتخاذه مسار تقسيم ذاك البلد، مما سيعرض منطقة المغرب العربي لتصدعٍ قد يطول لعقود. وإن اعتمدت العملية الانتخابية على التزوير والتدخل السافر بالأموال والضغوطات الفارزة الخوف والهلع ليستفيد مَن لصالح جهة أجنبية يرضخ، الليبيون لن تطالهم مثل المخططات الظاهر منها عادي والباطن فيها ويل مخفي، سيثورون ولو للمرة العاشرة، لأنهم من أمة أحرار المجاهد عمر المختار، ومَن يقلّل من أهمية هذه الأمة، سيدرك آجلا أو عاجلا أنه كان يصبّ الماء في الرمال، فالأراضي الليبية لن تكون إلا ليبية مهما حاول أي مجنون تقسيمها بالقنابل الذرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى