تحليلات أسبوعية

بين السطور | خبايا الوقت الميت

بقلم: الطيب العلوي

    إذا كان الوقت الميت، أو كما يحلو للرياضيين تسميته بالوقت “الضائع” أو بدل الضائع(…)، ليس بمدة زمنية ميتة كما يدل عليها اسمها، وإنما في الغالب لحظات لا تنعدم فيها الحيوية رغم ضيق امتدادها، ورغم أنف من يحياها(…)، والأمر صحيح في كل المجالات، كي لا تستثنى منها السياسة.

وإذا كانت لحظات الوقت الميت التي نعيشها حاليا، والتي حذّر منها عبد العالي حامي الدين، نائب رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، الذي انسلّ بشكل غريب عن حشد الغائبين(…)، ليبقى الحاضر والحامل الوحيد “إعلاميا” لمصباح الحزب(…) هذه الأيام، لحظات يغزوها انتظار وترقب التشكيلة الحكومية الجديدة، والتي سرعان ما بدأت تجتاحها الهمسات المشوّقة(…)، و”التنقنيقات” التي يُقال عنها أنها قادمة من هرم الدولة، حول رفض ثالث للائحة المقترحة، أحيانا بسبب تضمنها لتكرار أسماء وزراء سابقين، منهم من لم يقدم شيئا في الحقائب الحكومية التي أشرفوا عليها، وأحيانا أخرى، بسبب اقتراح مرشحين للاستوزار تنقصهم – على ما يبدو – الأهلية العلمية أو الكفاءات المطلوبة لتسيير هذه الحقيبة أو تلك. أحداث تطيل من عمر وقت هو أصلا “ميت”، في انتظار رفع رئيس الحكومة للائحة أخرى(…)، تُعقّد من إنجازها أحيانا نزوات البعض(…) كحال عبد اللطيف وهبي، المتشبث بموقفه السابق، القاضي بعدم الاستوزار في الحكومة المقبلة، بحجة الرغبة في الدفع بكفاءات الحزب لحمل حقائب وزارية، والبقاء على رأسه، قصد الاشتغال على التنظيم في أفق سنة 2026، “اللّي خلّى غداتو لعشاتو، ما شفع ذاتو”.

إلا أن الوقت الميت الذي نعيشه حاليا، إلى حد كتابة هذه السطور، والذي يعرف إذن، غياب السابقين واللاحقين(…)، يجد فيه المغرب نفسه في فسحة زمنية، وحيدا في مواجهة مشاغله ومشاكله، وتبديد قلقه بمفرده، بين الضربات التي يتلقاها بصفة شبه يومية، من الشرق والغرب، والشمال والجنوب: أيام تواطأت فيها عدة أطراف دولية لمحاولة إغلاق كل باب يجلب الرزق على المغرب و”الرزق بيد الله”، بل إن بعض القرارات حاولت إغلاق أبواب السماء(…) لولا أنها لا تستطيع ذلك، حيث تابع المواطنون باستغراب(…) كيف صدرت في حق المغرب ثلاث قرارات، الواحدة تلو الأخرى(…)، تعكس توجها معيناً لغلق الباب على المملكة، بدأت بإعلان شارد من طرف الجزائر بإغلاق المجال الجوي أمام الطائرات المغربية، ما أدخل الجارتين اليوم في نفق مظلم دون أن تلوح أي بادرة أمل في الأفق بينهما، تبعه قرار فرنسي بتشديد إجراءات “الفيزا” على المغاربة، بحجة الإخفاق في التعاون لترحيل المواطنين الذين تُرفض تأشيرات السفر الخاصة بهم.. قبل إسدال الستار عن هذه القرارات بصدور حكم عن محكمة العدل الأوروبية، تقضي فيه بإلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، بناء على دعوى قدمتها جبهة البوليساريو.

الحالة هاته، مهما كانت الأسباب وكيفما كانت الظروف، تجعلنا نفهم أن الوقت الراهن الذي ينتظر فيه المغاربة الإعلان عن حكومتهم المقبلة، يحمل في طياته كل الصفات.. إلا الموت(…).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى