جهات

حديث العاصمة | عندما تكون الثقافة جسرا لتحقيق تقارب الشعوب

بقلم: بوشعيب الإدريسي

    الصورة الثقافية الممتازة للعاصمة بوأتها مكانة مرموقة في المغرب وخارجه، وفتحت المجال لإمكانية خدمة المملكة في شؤونها الخارجية بروح الثقافة، وهي روح “نائمة” عندنا، وحان الوقت لإيقاظها وانتشالها من التهميش بعد التلقيح الذي استفاد منه الرباطيون لاكتساب المناعة ضد “الغفلة” التي سادت عقودا، وخلصنا منها اللقاح في جرعتين: جرعة للاستشفاء من “جراثيم” عششت في أدمغتنا، وجرعة لإنارة فكرنا وتصويبه نحو البراغماتية بدون لف أو دوران.

وبطارية هذه الإنارة هي الثقافة، ففي زمن مضى، في الثمانينات والتسعينات، كانت الرباط تعتمد على دبلوماسية الشعوب بتآخيها وتوأمتها مع عواصم عربية وإفريقية وأوروبية وآسيوية، وانخرطت في منظمات إقليمية للعواصم والمدن العالمية الكبرى، وقد حققت بذلك طفرة نوعية من التقدم، عن طريق تلك العلاقات التي عززت بشكل ملفت قضايانا الوطنية من جهة، وبحضور عاصمة المملكة كقوة فاعلة في صنع القرارات الإقليمية دون المس أو التشويش على مقدس وحدتنا الترابية من جهة أخرى، إلا أن هذه الدبلوماسية عندما آلت إلى غير الدبلوماسيين الوطنيين، جنحت إلى الاهتمام بالمصالح الخاصة وغلبتها على المصالح العامة، وكنا ننبهر بخطوات رزينة وثابتة وهادفة لبناء صرح الثقافة من نقباء وعمداء ومفكرين ومناضلين، فتحوا أوراشا ثقافية صرفة، ثم استضافوا مفكرين من مختلف بقاع العالم لتلاقح أفكارهم بأفكارنا وللاستفادة والإفادة من ما تكتنزه العقول النيرة، وبرزت قامات عالمة في الرباط شيدت برجا عاليا للثقافة المغربية، ثم أصبح شامخا بعد إضافة طوابق الثقافة الإفريقية، مما جعل طموحنا يكبر لإنشاء دبلوماسية الثقافة من مثقفينا الأشاوس، فالمثقفون الأكاديميون والكتاب المبدعون تربطهم صلة الفكر النزيه والرأي الصائب ونكران الذات وحب الوطن، فهل بعد احتضار دبلوماسية الشعوب ينقذون الموقف بدبلوماسية الثقافة؟

فإذا أنشئت ستحقق المعجزات لخدمة الدبلوماسية الرسمية، ويبقى الجانب المالي مهما لدعم المشروع ويكفيه ما كان يرصد من أرصدة مالية لدبلوماسية الشعوب من الميزانيات الجماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى