تحليل إخباري

تحليل إخباري | إسرائيل تكشف وجهها “النازي” في فلسطين

هل يعجل "طوفان الأقصى" بنهاية اتفاقات السلام ؟

إعداد: سعيد الريحاني

بكيت.. حتى انتهت الدموع

صليت.. حتى ذابت الشموع

تتمة المقال بعد الإعلان

ركعت.. حتى ملّني الركوع

سألت عن محمد، فيكِ وعن يسوع

يا قُدسُ، يا مدينة تفوح أنبياء

تتمة المقال بعد الإعلان

يا أقصر الدروب بين الأرض والسماء

يا قدس، يا مدينة الأحزان

يا دمعة كبيرة تجول في الأجفان

من يوقف العدوان؟ عليك يا لؤلؤة الأديان

من يغسل الدماء عن حجارة الجدران؟

من ينقذ الإنجيل؟ من ينقذ القرآن؟

من ينقذ المسيح ممن قتلوا المسيح؟ من ينقذ الإنسان؟

هكذا تحدث الشاعر نزار قباني عن فلسطين.. بكلماته الحزينة، القاسية، في زمن كانت تسمع فيه قوة الكلمات في كل أرجاء العالم، أما اليوم، فحتى الكلمات صارت محتشمة، متخاذلة، أمام القصف العشوائي للمدارس والمستشفيات والمساجد وسكان المدنيين في غزة.. ورغم أن المبرر هو “طوفان الأقصى”، إلا أن طوفان الصمت أقوى من كل قصف تتعرض له فلسطين..

بغض النظر عن حكاية “قوم السبت”، أو أرض كنعان، وحكايات التآمر على الله والدين والوطن(..)، ما معنى أن يقصف الجنين في بطن أمه، حتى تمنع عنه هذه الحياة قبل دخوله فيها؟ وما معنى أن يتم إلقاء القنابل فوق مستشفى مليء بالمرضى والجرحى؟ ما معنى أن يضرب لوطن محتل موعد مع الموت، تحت جنح الظلام؟.. أين السلام؟

القصة معروفة، ولا داعي للكتابة لهؤلاء “الصغار” كما سماهم نزار قباني في قصة “راشيل”، ولكن القضية الإسرائيلية فرضت على العالم منعطفا خطيرا، قد يكون بداية للحرب الشاملة، أو العقاب الشامل كما حصل في القصص القديمة، فالأرض لا تقبل الظلم، شأنها شأن السماء.. ما معنى أن تصل أضخم حاملة طائرات أمريكية “جيرالد فورد” إلى البحر المتوسط، بعد أربعة أيام من “طوفان الأقصى”؟ هل يعقل أن يصدق العالم أن كل هذه الأسلحة العملاقة الموضوعة على استعداد لقصف غزة، هي فقط من أجل دعم إسرائيل، والكل يعرف أن المقاومة الفلسطينية لا تملك ما يكفي من السلاح والغذاء والمؤن؟

جل المتخاذلين يحاولون إلصاق التهمة الجاهزة للمقاومة الفلسطينية واعتبار حركة “حماس” هي السبب الرئيسي في القصف، لكن تصنيف فعل المقاومة كعمل إرهابي غير منطقي في جميع الحالات، فالمقاومة جزء من الوطن، ومن تم لا يمكن إيجاد المبررات للتعاون مع المحتل إلا في إطار الخيانة.. وأقصى ما يمكن الوصول إليه هو “التفاوض” في إطار توفير الحماية للجميع، وإلا ما معنى أن توجد في العالم كل هذه الآليات الأممية والدولية لفض النزاعات والتحكيم، أليس من حق الشعوب مقاومة الاستعمار؟

صورة تؤكد التطاول الإسرائيلي على مقدسات المسلمين عبر هدم المساجد

بغض النظر عما حصل حتى الآن، فإن النتيجة هي وجود غزة تحت حصار كبير، توازيه إجراءات ميدانية قاسية تتمثل في قطع الكهرباء والماء والغذاء والدواء عن المدينة التي تضم أزيد من مليوني مواطن أعزل، تماما كما كان يحصل في عهد النازية، والتشبيه هنا جاء على لسان رئيس قوة عظمى هي روسيا، حيث قال الرئيس فلاديمير بوتين: ((إن الحصار الذي يفرضه جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة شبيه بحصار ألمانيا النازية لمدينة لينينغراد الروسية خلال الحرب العالمية الثانية)).. والقصة لمن لا يعرفها، فقد انتهت بهزيمة شنعاء للنازية، وأعطت الأمل في هزيمة هتلر بعد تورطه في الوحل الروسي، وقد كانت الجيوش تحتل 90 في المائة من هذه المدينة، لكن المقاومة والخطة الروسية أدت في النهاية إلى استسلام الجنرال فون باولوس وأزيد من 300 ألف عسكري.. فكانت الهزيمة الشنعاء للنازية.. فهل تأخذ إسرائيل العبرة(..)؟

مثل هذه التصرفات “النازية” تحمل خطورة كبيرة، قد تعجل بإنهاء وتجميد كافة اتفاقيات السلام، فحتى الدول التي تتزعم مبادرات السلام في العالم، لا يمكن أن تحمل النتائج الكارثية للطيش العسكري الإسرائيلي والاعتداء على المدنيين العزل، ويندرج في ذلك السلوك المغربي الرسمي على سبيل المثال، فبالإضافة إلى حرية التظاهر ضد إسرائيل، تواصلت البيانات المغربية المنددة بجرائم الجيش الإسرائيلي، ورغم صعوبة المرحلة والاتفاق الثلاثي بين المغرب وأمريكا وإسرائيل، فقد ((أعلنت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن المملكة المغربية تدين بشدة قصف القوات الإسرائيلية لمستشفى المعمداني في قطاع غزة وما خلفه من ضحايا بالمئات من بين الجرحى والمصابين.. وحسب بلاغ للوزارة، فإن المملكة المغربية تجدد مطالبتها بحماية المدنيين من قبل كل الأطراف وعدم استهدافهم.

وأضافت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن المملكة المغربية التي يرأس عاهلها الملك محمد السادس، لجنة القدس الشريف، تؤكد على الحاجة الملحة لتظافر جهود المجتمع الدولي لإيقاف الأعمال العدائية بأسرع وقت واحترام القانون الدولي الإنساني والعمل على تفادي انزلاق المنطقة نحو مزيد من التصعيد والاحتقان)) (المصدر: موقع العمق المغربي/ 17 أكتوبر 2023).

صور من الإجرام الإسرائيلي في فلسطين

ورغم الاتفاق الثلاثي، فإن الموقف الشعبي والموقف الملكي من القضية الفلسطينية واضح لا غبار عليه، بدليل تجنب إدانة “حماس”، بل وصل الأمر إلى حد تزعم الدعوة إلى اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، مؤخرا، حيث حرص وزير الشؤون الخارجية والتعاون ناصر بوريطة، على التذكير بالمبادئ الملكية في التعاطي مع القضية الفلسطينية، فضلا عن التلميحات التي تصب في صالح القضية الفلسطينية وليست في أي اتجاه آخر.. فقد جدد بوريطة دعم المملكة المغربية الكامل والثابت لدولة فلسطين ولسلطتها الوطنية الشرعية، بقيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن، للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وتحقيق تطلعاته في الحرية والاستقلال والعيش الكريم، وقال (ومعلوم أن بوريطة لا يقول من تلقاء نفسه): ((إن الأحداث الدامية والمروعة التي انطلقت شرارتها يوم السبت 7 أكتوبر 2023 وما واكبها من عنف منقطع النظير، يؤشر على أن المنطقة أمام وضع غير مسبوق، قد يدخل الصراع في مرحلة لا يمكن التكهن بتداعياتها، ويذكي تصاعد خطاب استئصالي ممنهج ومريع))، وأوضح بوريطة، أن ((جلالة الملك ما فتئ ينبه إلى خطورة انسداد الأفق السياسي للقضية الفلسطينية واستمرار الانتهاكات والإجراءات الأحادية في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة، ويحذر من أن تلك التصرفات المرفوضة تغذي التطرف، وتروج لثقافة العنف، وتؤجج نيران الصراع، وتقوض جهود التهدئة، وتنسف أفق حل الدولتين، وتضرب بذلك في الصميم كل فرص السلام الشامل والعادل والدائم)) (المصدر: موقع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي).

إن العدوان الإسرائيلي على غزة وإن كان عنوانا لصراع عالمي قد ينتهي بحرب شاملة مدمرة، إلا أنه يشكل نزوح إسرائيل نحو استعمال الأساليب النازية، وزيف الشعارات الدولية(..)، بل إن قصف المدنيين يعني تدمير كل اتفاقات السلام(..)، وها هو المكتب الإسرائيلي في الرباط على سبيل المثال، خال من الموظفين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيسهم غوفرين، ورغم أن إسرائيل هي التي تبنت إجلاء “سفيرها” في الرباط، إلا أن الصحافة كتبت ما يلي: ((غادر مدير مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب، ديفيد غوفرين، المملكة إلى إسرائيل، كما تم إجلاء طاقم مكتبه، في وقت تشهد فيه البلاد أكبر التظاهرات المناهضة للتطبيع، بل وتذهب التحاليل إلى نهاية التطبيع على شاكلة ما حدث منذ عشرين سنة..

ووفق معلومات حصلت عليها “القدس العربي” من مصادر عليمة بالعلاقات بين المغرب وإسرائيل، فإن غوفرين يتواجد الآن في تل أبيب، وكذلك الطاقم الذي كان يعمل معه.. وتحاول دبلوماسية إسرائيل الإيحاء بأن الأمر يتعلق بسحب جميع موظفي المكتب بسبب احتقان الأوضاع في العالم العربي، بينما لا تستبعد المصادر التي اعتمدت عليها “القدس العربي” أن السلطات المغربية قد تكون هي التي اعتبرت غوفرين شخصا غير مرغوب فيه بسبب تصرفاته، التي اعتبرها أكثر من مصدر طائشة ولا تمت للدبلوماسية بشيء، وجاء إجلاء باقي الطاقم لهذا السبب.. وكان غوفرين قد نشر تدوينات في “الفايسبوك” تستفز المغاربة في ملف الصحراء، وكذلك تعليقات غير مناسبة عن مسيرة الرباط يوم الأحد الماضي التي تعد أضخم التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين ليس فقط خلال هذه الحرب، بل طيلة السنوات الأخيرة، وفي الوقت ذاته، ظهرت أصوات تتهمه بالتحرش الجنسي وأن كل المعطيات التي نشرتها الصحافة في هذا الملف خلال شهر شتنبر الماضي كانت صحيحة، كما طالبت أصوات إعلامية وسياسية بطرده من المغرب.. وعلقت مصادر مطلعة على هذا الملف، أنه أمام مشاعر الغضب التي تعم الشارع المغربي، لا يمكن لهذا الشخص البقاء في المغرب، حيث يستفز الرأي العام بتدويناته، وتعترف أن عودته إلى الرباط بعد اتهامات التحرش، كان خطأ كبيرا لأنه كان يستحسن تغييره بدبلوماسي آخر يحترم البروتوكول)) (المصدر: القدس العربي).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى