تحليل إخباري

تحليل إخباري | تفويت الجزائر للمعسكر الشرقي في الصراع مع المغرب

التقارب الإسرائيلي المغربي يفرض حسابات جديدة  

لا حدود لحرارة الصيف.. لكن أسوأ أنواع الصيف هو ذلك الذي يقترن باندلاع حرائق في الغابات، وهو الحال الذي تعيش على وقعه الجزائر منذ أيام، حيث أكدت عدة وسائل إعلام إصابة أكثر من 80 شخصا، بينهم 25 جنديا، في منطقة بجاية، كما تطلب الأمر إجلاء أكثر من 1500 شخص.. بالإضافة إلى الخراب الذي دمر عدة مناطق سياحية.. وقد تزامنت هذه “الجائحة” مع الجولة التي يقوم بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لعدة بلدان بهدف تفادي “انحصار النظام الجزائري المهدد بالسقوط”، حيث تكمن وصفة تبون ومن معه، في تسليم البلاد كاملة لدول أجنبية، من أجل المحافظة الخادعة على النظام(..).

 

إعداد: سعيد الريحاني

 

    يبلغ عدد سكان الصين ما يناهز مليار ونصف، بينما لا يتعدى عدد سكان الجزائر حوالي 44 مليون نسمة، ومع ذلك فالصحافة الجزائرية تتحدث عن “الشراكة” بين دولتين لا علاقة بينهما لا من حيث الحجم ولا من حيث القيمة العالمية، ويمكن الرجوع إلى البيان المشترك الصادر عقب زيارة الرئيس الجزائري للصين لفهم عمق الخلل في البلد المجاور.. حيث تقدم الجزائر نفسها كما لو أنها بلد بحجم وقوة أمريكا في تعاملها مع الصين.. فما معنى أن يقول البيان المشترك: ((هنّأ الجانب الجزائري الصين على نجاح انعقاد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني، وعلى النتائج الإيجابية الهامة التي أفضت إليها أشغال الدورتين السنويتين في الصين، وخاصة منها قرار تجديد الثقة في السيد شي جين بينغ لعهدة جديدة بصفته رئيسا لجمهورية الصين الشعبية، وثمّن الجانب الجزائري الإنجازات المحرزة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للصين خلال السنوات الأخيرة تحت القيادة الرشيدة للرئيس شي جين بينغ، متمنيا أن يحقق الشعب الصيني المزيد من التقدم والرفاه))، أو أن يقول البيان: ((أكد الجانبان على أهمية توثيق التعاون السياسي والأمني، وعزمهما على تكثيف التواصل والتعاون على مختلف المستويات الحكومية والتشريعية بهدف تحقيق المصالح المشتركة لشعبي البلدين، وأشاد الجانبان بتطور حجم علاقتهما الاقتصادية والتجارية، كما أكدا عزمهما على تعميق الشراكة الاقتصادية وتعزيز التعاون العملي بينهما في كافة المجالات والعمل على زيادة حجم التبادل التجاري وتسهيل صادرات الجزائر غير النفطية إلى الصين، وزيادة حجم الاستثمارات النوعية الصينية بين البلدين في ظل الامتيازات المتعددة التي يقدمها قانون الاستثمار الجديد بالجزائر، واتفقا على تعزيز العمل للاستفادة من الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة، وتكثيف التواصل والزيارات بين القطاعين العام والخاص في البلدين، وتظافر الجهود لخلق بيئة استثمارية خصبة ومحفزة وملائمة وداعمة، وتعزيز الاقتصاد والتجارة والاستثمار وتوطيد الشراكات، وفتح آفاق أوسع للتعاون الاقتصادي بين البلدين في مختلف المجالات، وتقوية التعاون العلمي والأكاديمي، ودعم المؤسسات الثقافية الصينية والجزائرية للتعاون في إقامة “سلسلة من الفعاليات الثقافية للاحتفال بالذكرى الـ 65 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والجزائر”، فضلا عن مواصلة توسيع التواصل بين الأفراد وتوطيد علاقات الصداقة الجزائرية الصينية على المستوى الشعبي في مختلف المجالات الثقافية والرياضية والسياحية والإعلامية، وذلك في إطار رؤية الجزائر الجديدة، ومبادرة “الحزام والطريق”، وعبر تعميق التعاون في العديد من المجالات بما في ذلك صناعة السيارات وعلوم الفضاء والزراعة والثقافة والسياحة وبناء الموانئ والخدمات اللوجستية وتحلية المياه والبنى التحتية والصناعات التحويلية والتعدين والقطاع المالي والاقتصاد الرقمي والطاقة والمناجم، والتعليم والبحث العلمي وتدريس اللغة الصينية والإعلام والإدارة الضريبية والجمارك ومكافحة الفساد)).

الرئيس الجزائري تبون في الصين لحظة توقيع الاتفاقات

وتبلغ قمة التناقض، في بيان “الفيل والنملة”، الصادر من الجزائر، ولا شك أن الصين سمحت باستعمال المحبرة الجزائرية طالما أن الأمر يتعلق بالكلام فقط، حين قال البيان، الذي يتحدث عن أفق 2063، أي بعد 40 سنة، أي بعد وفاة القيادة الحالية للجزائر، يكمن التناقض في الجزء الخاص بإفريقيا حيث: ((ثمّن الجانب الجزائري تمسك الجانب الصيني بما طرحه الرئيس شي جين بينغ من مفهوم الشفافية والعملية والحميمية والصدق للسياسة تجاه إفريقيا، والفهم الصحيح للمسؤولية الأخلاقية والمصلحة، ومساعيه إلى مواصلة ترسيخ الثقة السياسية المتبادلة بين الصين وإفريقيا وتعميق التعاون العملي في كافة المجالات وتوفير المساعدة بقدر الإمكان لتحقيق السلام والتنمية في إفريقيا، وثمن دعم الجانب الصيني الثابت للدول الإفريقية في تحقيق استقلالها الوطني وسلوك الطرق التنموية التي تتماشى مع ظروفها الوطنية وجهودها لتحقيق التكامل والتضامن وتقوية الذات لإفريقيا، ورأى أن التعاون الصيني تجاه إفريقيا ظل يسير في طليعة التعاون الدولي تجاه إفريقيا، وأن نتائج التعاون الصيني الإفريقي أسهمت في تحسين ظروف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا وعادت بفوائد ملموسة على الشعب الصيني والشعوب الإفريقية..))، وعن الصحراء المغربية قال البيان: ((كما أكد الجانبان دعمهما للجهود الرامية للوصول إلى حل دائم وعادل في إطار الشرعية الدولية، لاسيما قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره في سياق ترتيبات تتماشى مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده، كما عبّر الجانبان عن دعمهما لجهود الأمم المتحدة في هذا الصدد)).

في التفاصيل يوجد الشيطان، فرغم إقحام كلمة الصحراء الغربية في البيان وما سمي بالشعب الصحراوي، إلا أن الواضح أن الجزائر التي أكدت على رفض استقلال تايوان وتبعيتها للصين، مقابل بحث مرير عن دعم لانفصال الصحراء المغربية، فشلت في جلب التعاطف الصيني رغم كل التملق والتزلف الذي حمله البيان سالف الذكر، كما أن الحديث عن حسابات كبرى مثل إفريقيا، ومبادرة “الحزام والطريق”، يجعل الجزائر مثل “النملة” أمام كلام كبير يحكمه صراع القوى العظمى، وبالمناسبة، فدخول عبد المجيد تبون في موضوع تايوان، يضع الجزائر في قلب الصراع مع أمريكا، ولا شك أن باب خراب الجزائر يكمن في فتح باب الصراع مع الأمريكيين، في منطقة تشهد كل عام مناورات “الأسد الإفريقي”، وكل حساب عسكري خارج هذا المنطق ينذر بمستقبل غامض(..).

انتهت زيارة الرئيس تبون لإيطاليا بتفويت توزيع الغاز الجزائري لهذا البلد الأوروبي القوي صناعيا

طبعا، في كل مرة كان يزور فيها تبون بلدا من البلدان إلا ويوزع الوعود الكبيرة، التي ستنتهي حتما بتفويت الجزائر في إطار صفقات التدبير المفوض إلى قوى أجنبية، فعندما كان تبون في إيطاليا – على سبيل المثال – قال الرئيس الجزائري: ((الجزائر هي ثاني مموّن بالغاز للسوق الإيطالية، ونسعى إلى تعزيز الشراكة مع إيطاليا للقيام باكتشافات أخرى لكي ترتفع الكميات الموجهة إليها، وتصبح الموزع لهذه المادة في أوروبا))، أي أن الجزائر ستمنح حق توزيع الغاز الجزائري لقوة صناعية هي إيطاليا، مقابل تفويت استخراج الفوسفاط والصناعات الحديثة للصين، علما أن الجانب العسكري محفوظ لروسيا.. ليطرح السؤال: ماذا تبقى من الجزائر في عهد الرئيس عبد المجيد تبون بعد رهن البلاد كاملة بحسابات المعسكر الشرقي، والعودة إلى زمن الحرب مع فرنسا(..)؟

وفي عز المأساة تظهر أخلاق الكبير، ويقع الذنب على النظام الجزائري في حرمان الشعب الجزائري من الأخوة والتضامن من قبل المغرب، في زمن الحرائق، حيث أن كل ما وصل للمتضررين هو رسالة التعزية الملكية في أرواح ضحايا الحرائق، وانظروا لأخلاق المغرب حيث تتم تعزية الجزائريين من طرف الديوان الملكي في الوقت الذي تشهر فيه الجزائر كافة الأسلحة في وجه المغرب، ولا شك أن النظام الجزائري سيدفع ثمن تجاهل الأيادي المغربية الممدودة من أجل إعادة فتح الحدود وتطبيع العلاقات بين الجارين، وحبذا لو يسمع عبد المجيد تبون نداء الملك محمد السادس، الذي دعا الرئيس الجزائري إلى تحمل المسؤولية أمام الله والتاريخ قائلا: ((إننا نجدد الدعوة الصادقة لأشقائنا في الجزائر، للعمل سويا، دون شروط، من أجل بناء علاقات ثنائية أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار، ذلك لأن الوضع الحالي لهذه العلاقات لا يرضينا، وليس في مصلحة شعبينا، وغير مقبول من طرف العديد من الدول.. فقناعتي أن الحدود المفتوحة هي الوضع الطبيعي بين بلدين جارين، وشعبين شقيقين، لأن إغلاق الحدود يتنافى مع حق طبيعي ومبدأ قانوني أصیل تكرسه المواثيق الدولية، بما في ذلك معاهدة مراكش التأسيسية لاتحاد المغرب العربي، التي تنص على حرية تنقل الأشخاص، وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال بين دوله، خاصة وأنه لا فخامة الرئيس الجزائري الحالي، ولا حتى الرئيس السابق، ولا أنا، مسؤولين عن قرار الإغلاق، ولكننا مسؤولون سياسيا وأخلاقيا، على استمراره، أمام الله، وأمام التاريخ، وأمام مواطنينا..)) (المصدر: الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 22 لعيد العرش).

إنها مسؤولية أمام الله والتاريخ، لكن التطورات الأخيرة، وخاصة الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء، كان سببا في مزيد من تطرف الموقف الجزائري، الذي يحاول تصدير أزمته الداخلية إلى الخارج، عبر الترويج لتبني قضايا شائكة دوليا، بينما الحقيقة هي أن المسؤولين الجزائريين يكفيهم فتح الحدود مع المغرب، والاعتراف بالخطأ بدل تفويت البلاد بشكل كامل للمعسكر الشرقي، مع ما يعنيه ذلك من اقتراب نحو دائرة الحرب والخراب(..).

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

‫4 تعليقات

  1. Les complotistes Harkis complexés dans l’avenir ils vont vendre leurs derniers pantalons c’est ainsi la vie des traîtres haineux les professionnels danscla trahison et ce n’est pas étonnant de la part des Harkis ils ont vendu leurs propres citoyens dans les années quatre-vingt dix et le monde entier est témoin

  2. …/…تتمة
    ولأول مرة دولة عربية من العالم الثالث، أصبحت تحاصر دولا وتقاطع أخرى ولو كانت عضو في الإتحاد الأوروبي أو الحلف الأطلسي.
    لذلك أصبح العالم يترقب مواقفها وقراراتها ويصغي إليها.
    حجمها هذا جعل منظمة “إيكواس” وروسيا وأمريكا وألمانيا و]طاليا ينحازون إلى موقفها في أزمة النيجر.

    1. Razaoui le bla bla n’a jamais fait le monde tout le monde a compris le pays Harki du bla bla et le vide total vous êtes démasqués va pleurer pour toi marionnette

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى