تحليل إخباري

تحليل إخباري | أنصار البوليساريو يهاجمون المغرب من باب خلاف وهبي مع الجماني

هل ينتهي دور حزب الأصالة والمعاصرة في الصحراء ؟

يمكن تصنيف ولاية الأمين العام عبد اللطيف وهبي على رأس حزب الأصالة والمعاصرة، ضمن خانة “الأمانة العامة عن بعد”، لتزامن أغلب فتراتها مع جائحة “كوفيد 19″، حيث لم ينعقد في عهده إلا اجتماعان للمجلس الوطني، بما فيهم الاجتماع الأخير، في إطار الدورة 27، وهو الذي خصص لانتخاب لجنة تحضيرية للمؤتمر المقبل، ما يعني الإبعاد الرسمي لعبد اللطيف وهبي عن القيادة، إذ يكاد التصويت على شخصه لولاية ثانية، أن يكون مستحيلا.

إعداد: سعيد الريحاني

    المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي رسمت فيه نهاية وهبي رغم توزيع الابتسامات على الحضور(..)، خلص إلى منح “تيار مراكش” القوة الأولى في الحزب، بعد انتخاب سمير كودار للمرة الثانية على التوالي رئيسا للجنة التحضيرية للحزب، ما يعني استعمال نفس الأساليب في انتخاب أمين عام جديد، وهو المنصب الذي لم يعد بعيد المنال بالنسبة لرئيسة المجلس الوطني فاطمة الزهراء المنصوري، التي تشكل إلى جانب كودار وآخرين، بمن فيهم أعضاء من “تيار المستقبل” الذي أسقط الأمين العام السابق حكيم بنشماس، “مجموعة مدربة” على حسم النتائج، والمفارقة بين الأمس واليوم، هي أن كودار الذي يوجد اليوم على رأس اللجنة التحضيرية، هو نفسه الذي طرده حكيم بنشماس خلال ولايته، ولكن القضاء كان له رأي آخر، وبقي المعني بالأمر يتمدد في الحزب إلى اليوم(..).

ولم يكن المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة ليمر دون إثارة صراع الأمين العام عبد اللطيف وهبي مع عائلة القطب الصحراوي الوطني خطري ولد سعيد الجماني، بل إن محطة المجلس الوطني كانت شاهدة على وقوف إبراهيم الجماني في وجه وهبي للتساؤل حول ظروف وملابسات طرد “عمه” محمد سالم الجماني من الحزب، بقرار من الأمين العام، خاصة وأن مبرر الطرد المرتبط بالتحالفات الانتخابية، يبدو غير مقنع بسبب انصرام الأجل، بل إن عدم الانضباط لتحالف الأغلبية، مارسه حتى أعضاء في حزب رئيس الحكومة الذين رفضوا التحالف مع حمدي ولد الرشيد في دائرة العيون(..).

ولم يجد عبد اللطيف وهبي مبررات يشرح بها كواليس طرد الجماني من الحزب سوى اللجوء إلى إبداء صرامة تنظيمية لم يتم استعمالها إلا في بعض المناطق المرتبطة بالصحراء كما حصل في كلميم قبل وقوع المأساة(..)، وقال وهبي  خلال تفاعله مع مداخلات أعضاء برلمان الحزب، خلال الدورة 27 للمجلس الوطني للحزب، يوم السبت: “إن قضية الجماني طرحت قبل سنة ونصف، وفي كل مرة يتصل به المكتب السياسي لا يرد”، وأضاف أنه “استقبل ابنته التي هي عضو المكتب السياسي أربع مرات وأبلغها بالموضوع، وبضرورة أن يحضر، لكنه لا يرد، مضيفا أنه إثر ذلك، تم اتخاذ القرار وتم تأخيره بطلب من رئيسة المجلس الوطني لـ 6 أشهر”.

وهبي الذي دعا بالمناسبة بطول العمر للأمين العام السابق إلياس العماري، قبل أن يواصل كلامه، قال: “حينما يتخذ المكتب السياسي قرارا، والتزم به الفريق البرلماني، فيجب على الكل أن يلتزم به، لأنه ليس هناك شخص فوق شخص آخر، وأنا جاد في هذا الموضوع.. درت صراع حزبي قدو قد السخط، ها هو السي إلياس الله يطول عمرو دار شهادة: قال وهبي تناقش معاه تا تعيا ملي يجي قرار حزبي يرضخ له، معمرني خرجت على القرار الحزبي، أنتقد القيادة ولكن عندما يأتي قرار الحزب أرضخ له”.

سمير كودار إلى جانب وهبي وفاطمة الزهراء المنصوري التي كانت ضد طرد الجماني من الحزب لمدة 6 أشهر.. هل تتدخل من جديد لاحتواء الوضع ؟

في صراعه المفتوح مع آل الجماني، ولأنه لا يعرف عمق العلاقات في الصحراء، وخطورة التشكيك في قبائل الصحراء، انتقل وهبي إلى استعمال أسلوب تهديدي يتعارض مع صفته كوزير للعدل، حيث سيكون من الأفضل تغيير الأمين العام للحزب في القادم من الأيام، بالنظر إلى صفة وزير العدل التي يحملها المتحدث، حيث قال: ((“يجب أن نتعلم الانتقاد والكلام، لكن عندما يكون هناك قرار حزب، يجب أن نتعلم الرضوخ له، وأنا لن أتساهل مع من لم ينفذ القرار الحزبي، ليكن من يكون، ولن أتنازل عن هذا القرار.. لم أقلل من احترامه، ولكن هذا قرار حزبي، ومن لم يرد تنفيذه فليذهب لحزب آخر، الجماني لم نقل إنه قتل أو سرق، بل لم يلتزم بالقرار الحزبي وأبلغناه بالأمر”، وبصيغة تهديدية، قال عبد اللطيف وهبي، المعروف بخرجاته الغير محسوبة إعلاميا، بلغة متناقضة: “قبل أن تسألوا ماذا أعطانا هذا الحزب، اسألوا أنفسكم ماذا قدمتم له، واللي خسر 7 أو 10 ملايير شغلو هذاك”، مضيفا أن “الجماني عندما طلب منه التزكية لخوض الانتخابات، لم يخبره بأنه سيخسر هاته الملايير..”، وقمة الاستهتار بأهل الصحراء يجسدها قوله عن الجماني: “عندما جاء بأناس من خارج الحزب ووضعهم في اللائحة، لم نتدخل، ولم نقل شيئا.. إن أردتم أن نفتح الملفات فليس لدي أي مشكل، ولكن احتراما للرجل وقفنا في حدود معينة”)) (المصدر: تصريحات وهبي في اجتماع المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة).

باختصار، وهبي جاء للمجلس الوطني للحزب ليقول لمناضلي الحزب أن سبب طرد الجماني كان هو عدم امتثاله للقرار الحزبي، والقرار الحزبي هو التحالف على مستوى الدوائر بنفس تحالف الأغلبية الحكومية، أي أن وهبي طلب من الجماني دعم حمدي ولد الرشيد في العيون، بينما الجماني كان مرشحا أصلا ضد نفوذ ولد الرشيد، بل إن عدم دعم ولد الرشيد لم يصدر حتى عن أعضاء حزب الأحرار الذين يقودون الأغلبية مركزيا، ولكن لجهة الصحراء حساباتها في ظل وجود طابع قبلي.. هل نتصور مثلا أن يقوم حزب الاستقلال بطرد حمدي ولد الرشيد من الحزب، رغم أن هذا الأخير يشكل خطرا تنظيميا كبيرا على الأمين العام نزار البركة؟

حسب منطق عبد اللطيف وهبي، فإن قرار طرد الجماني لا يحتاج سوى لتوقيع ورقة وتعميمها على بعض وسائل الإعلام، لكن الجانب الذي نسيه وهبي، هو عمق فكرة “الأصالة والمعاصرة”، وهو العمق الذي لا يغيب حتى خارج المغرب، بل إن أعداء الوحدة الترابية ركبوا على “إقصاء” الجماني من “البام”، واعتبروها فرصة للحديث عما يمكن أن يقع للمقتنعين بالوحدة الترابية.. ما معنى أن يقول وهبي عن شخص خسر مبالغ كبيرة لدعم الحزب بأنه لم يقدم شيئا للحزب؟ هل كان من الممكن تصور نجاح حزب الأصالة والمعاصرة في الصحراء كمنافس لحمدي ولد الرشيد لولا الجماني وعائلته؟

التعامل السطحي مع قضية الجماني في حزب الأصالة والمعاصرة هو الذي فتح المجال أمام أبواق البوليساريو لتهاجم المغرب.. ما فائدة طرد الجماني من حزب الأصالة والمعاصرة؟ ما تأثير ذلك على رئاسة المجلس الجماعي للعيون الذي حسم الرئاسة لصالح ولد الرشيد؟ وما معنى أن يأتي شخص يحمل صفة وزير للعدل ليقول أنه “يملك ملفات” لا يريد إشهارها؟ هل يعقل هذا التصريح من طرف مسؤول حكومي مرتبط بقطاع العدل؟ وما هو أثر ذلك في الخارج؟

صورة من اجتماع المجلس الوطني الأخير لحزب الأصالة والمعاصرة

إن التعامل الخاص مع قضية الصحراء في حزب الأصالة والمعاصرة مليء بالدروس التاريخية.. فقد سبق أن أسندت رئاسة هذا الحزب لشخصية صحراوية هو الشيخ بيد الله، وربما لا يعرف عبد اللطيف وهبي والذين يوجدون معه في المكتب السياسي، وأغلبهم ركب سفينة الحزب دون وعي بخلفية التأسيس، أن شخصا بحجم فؤاد عالي الهمة، اختار في زمن ممارسته للسياسة، التواجد في الرتبة 18 من بين 33 عضوا تم ترشيحهم لقيادة الحزب في زمن بيد الله، خلال استقطاب المناضلين من الصحراء(..).

إن خطورة التعامل السطحي مع قضية الجماني، بالإضافة إلى ما يمكن أن ينتج عنها من ردود فعل سياسية، أو شعبية، هو أنها لم تأخذ بعين الاعتبار الرمزية الشرعية التي يشكلها آل الجماني، ودورهم في بيعة السلطان المغربي، بل إن التعامل بهذه الطريقة لم يأخذ بعين الاعتبار الدور التاريخي للجماني في جيش التحرير والمقاومة والقرب من ملوك المغرب، وأساس الشرعية التاريخية للقضية الوطنية، علما أن قرارا من هذا النوع ليست له أي فائدة تنظيمية أو سياسية للحزب.. اللهم إذا كانت للأمر خلفيات أخرى، أقلها أنه يصب في اتجاه محاباة القيادي الاستقلالي حمدي ولد الرشيد، المعروف بعلاقاته مع وزراء حزب الأصالة والمعاصرة، حتى أنه يدخل مكاتبهم في أي وقت ودون انتظار(..).

يذكر أن خطورة خلاف وهبي مع الجماني كانت موضوع العديد من المقالات الصحفية ومنها من قال: ((إن الخلاف بين الجماني ووهبي طفا على السطح بعدما طالب الأمين العام للحزب الجماني وفريقه بدعم حمدي ولد الرشيد، القيادي الاستقلالي النافذ، في رئاسة المجلس الجماعي لمدينة العيون، الأمر الذي رفضه الجماني بشدة، وأعلن اصطفاف الحزب في المعارضة إلى جانب فريق حزب التجمع الوطني للأحرار، فيما شكل ولد الرشيد مجلسه بالتحالف مع الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية، وهو التحالف الذي خالف الغالبية الساحقة من المجالس التي شكلتها أحزاب الأغلبية في جل مدن وأقاليم المملكة.. واعتبرت المصادر أن قرار طرد الجماني أغضب “عائلته وأنصاره”، الذين طالبوه بالرد والالتحاق بحزب سياسي آخر، الأمر الذي يمكن أن يمثل ضربة موجعة لـ”البام” في المدينة التي لا يتوفر فيها على هياكل تنظيمية.. وأكدت المصادر ذاتها، أن المكتب السياسي للحزب أخطأ في حق الجماني عندما قام بطرده بشكل نهائي وإحالة ثلاثة برلمانيين آخرين على لجنة الأخلاقيات.. واعتبرت أن هذا المعطى يسائل مدى صدقية الأسباب التي فسرت بها قيادة الحزب قرارها، والتي تبقى غير مقنعة ولا تقول الحقيقة كاملة، تضيف المصادر ذاتها)) (المصدر: موقع هسبريس/ 28 ماي 2023).

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى