تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | هل يؤثر “التحالف” الجزائري الروسي على مصالح المغرب ؟

تفاصيل المؤامرة الكبرى ضد المملكة

رحم الله الملك الحسن الثاني الذي قال: ((لا ننتظر من العالم أن يعترف بصحرائنا المغربية.. بل كنا نريد أن يعرف الناس مع من حشرنا الله في الجوار..))، رحم الله الملك الحسن الثاني الذي قال هذا الكلام بعد أن فهم أن الخير لا يأتي من الجزائر، بل إن المملكة المغربية لم تكن لتتعرض للاستعمار لولا “تورط” الإيالة الشريفة في الدفاع عن “الجار المسلم”(..)، وها هي المملكة مطالبة مرة أخرى بتوضيح الأمور فيما يجري ويدور بعد أن اختارت الجزائر “الدعاية القصوى” للأطروحة الانفصالية، وتنسيق الجهود بين خصوم المغرب من منظمات حقوقية ودول معادية.

إعداد: سعيد الريحاني

    ما معنى أن يستبق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون “زيارته” إلى روسيا بتصريح يقول فيه: “إن العلاقة بين الجزائر والمغرب وصلت إلى نقطة اللاعودة”، هل كان من الضروري التعبير عن قطع العلاقات مع المغرب لهذه الدرجة؟ هل كان من الضروري أن يظهر عبد المجيد تبون على قناة “الجزيرة” ليهاجم المغرب؟ وهل هو ظهور برئ؟

تتمة المقال تحت الإعلان

((أعتقد أن مرور رئيس الجزائر عبد المجيد تبون، على قناة “الجزيرة” القطرية يوم 23 مارس 2023، لا يجب أن يمر مرور الكرام، ليس لقوة مضامينه أو لتميز قراءاته للأوضاع الدولية والآفاق الجيو-استراتيجية.. بل لأن القائمين على النظام العسكري الجزائري دفعوا بالرئيس بذاته إلى تنظيم لقاءات دورية مع الإعلام المحلي أو مع قنوات أجنبية معـروفة بأجندتها السياسية والاقتصادية، سواء من روسيا أو فرنسا أو دول عـربية، حتى يتعود الجميع على مستوى خطاب السيد الرئيس وعلى مستملحاته السياسية، وعنتريات القوة الضاربة في ملفات ساخنة، كليبيا وتونس وسوريا وإثيوبيا ودول الساحل، ودور الجزائر في ثورات دول أوروبية وتأسيس جمهوريات أوروبية انطلاقا من الجزائر وتحرير جنوب إفريقيا وتيمور الشرقية، وغيرها من المفرقعات الإعلامية)).. هكذا تحدث الباحث والمؤرخ عبد الله بوصوف قبل أن يشرح: ((نعتقد أن أسباب تبرير المرور الأخير للرئيس الجزائري على قناة “الجزيرة” يفتقد للموضوعية، لأن ظهوره المتكرر أظهر عيوبه التواصلية ومحدودية قدراته في الإقناع.. فقد كان ضروريا توظيف خدمات صحفية تشترك مع الرئيس في الجنسية الجزائرية وفي تسويقه لأطروحة الانفصاليين، ونعني بها خديجة بنقنة، التي عملت على تلقينه بقية السيناريو وكأنها تقوم بدور “الملقن المسرحي”، حيث ظهرت المنشطة خديجة بنقنة متحمسة للقاء رئيس دولتها في قاعة اجتماعات مجلس الثورة، على الرغم من أن الحقيقة التاريخية تقول إن الثورة الجزائرية ولدت في مدينة الناظور بالمغرب وتفرعت في ليبيا وتونس ومصر، وتكونت حكومة المنفى وفاوضت الجنرال دوغول، وأن إعلان نتائج الاستقلال المشروط سنة 1962 هو بالطبيعة إعلان عن نهاية مجلس الثورة والحكومة المؤقتة.. ولأن المعني باللقاء هو المغرب والصحراء المغربية، فقد غابت ملفات دولية ساخنة، كالوضع الداخلي في إيران، وفي تركيا، والمصالحة الإيرانية-السعودية، وزيارة رئيس سوريا إلى دولة الإمارات، ولم تُذكره من قامت بدور “الملقن المسرحي” بمساعدات الجزائر لسوريا عقب زلزال شهر فبراير الماضي، بل أرجع فشل وساطة الجزائر والجامعة العربية في الحرب الأوكرانية إلى الجامعة العربية، وأضاف أن الأمر كان سيكون مختلفا لو ذهبت الجزائر وحدها!)).

في التفاصيل يوجد التفسير، وكثيرة هي اللحظات التي فسر فيها المؤرخ عبد الله بوصوف، الكاتب الذي يوجد في الصفوف الأمامية لمواجهة خصوم المملكة المغربية، خبايا الأمور حيث نقرأ: ((يبدو أن النظام العسكري الجزائري قد وصل لدرجة التحلل، وأن جسده تفوح منه روائح غير طيبة.. واقترنت ردات فعله بالعصبية والانفعال المتسرع والانزعاج.. كانت سببا في عُـزلة سياسية دولية واضحة، فلم يُستقبل تبون لا في باريس أو موسكو كما كان مقررا منذ شهر أبريل، ثم ماي.. فاحترف التسلل ليلا كاللصوص وظهر فجأة في البرتغال، ثم موسكو، حيث أعلن وعلى رؤوس الأشهاد، أن روسيا هي ضامنة استقلال وسيادة بلاده وليس جيشه الوطني صاحب معلقة “مليون شهيد”، وأن موسكو هي صاحبة الفضل في العضوية الغير الدائمة بمجلس الأمن وليس لمكانة الجزائر وقوتها الضاربة.. كما أعلن وقد أوشك على البكاء في ذات الزيارة، عن طلبه للانضمام إلى مجموعة “البريكست” ورفضه التعامل بالدولار.. وهو بهذا يخرج عن أدبيات حركة عدم الانحياز.. وهي تصريحات يحاول بها تبون استفزاز فرنسا ويدفعها لاستقباله من جهة، وتعبيرا عن انزعاج كبير من حالة “اليُتم السياسي” الذي يعيشه النظام العسكري الجزائري بعيدا عن الحضن الفرنسي من جهة أخرى، إذ سحب النظام الجزائري سابقا سفيره بفرنسا لانزعاجه من تصريحات سياسييها ورئيسها إيمانويل ماكرون، حول غياب مفهوم “الأمة الجزائرية”، وأن فرنسا هي صانعة الجزائر.. وسحب النظام الجزائري سفيره من مدريد لانزعاجه من اعتراف الدولة الإسبانية بقوة وفعالية مقترح الحكم الذاتي للصحراء المغربية، ثم سحب سفيره من المملكة العربية السعودية انزعاجا من انعقاد “مؤتمر جدة حول سوريا” دون دعوته إلى المشاركة.. ويبدو أن النظام العسكري الجزائري قد تعود على سحب سفرائه عند كل حالة توتر وانزعاج، لكن سرعان ما يعودون بعد مجرد مكالمة سريعة أو رسالة مجاملة لشنقريحة أو تبون.. كما يبدو أن العالم قـد عرف أخيرا مع من حشرنا الله في الجوار.. نظام عسكري يستمد أسباب وجوده واستمراره من مزادات معروفة لشراء أسلحة الدول القوية، وولاءات أنظمة فقيرة وصعاليك إرهابيين في مخيمات تندوف، وتمويل مِحْبرة كتاب وصحافين من تيارات معروفة بعدائها للمملكة المغربية ولرموزها الدستورية ومؤسساتها السيادية والأمنية.. وقد انتقلت عدوى حالة الانزعاج إلى قمة جامعة الدول العربية في نسختها 32 بمدينة جدة بالعربية السعودية، في شهر ماي 2023، لكن هذه المرة بدرجة أكبر في مواجهة الأمير محمد بن سلمان، إذ تم تفسير غيابه عن “قمة جدة” بأنها “معاملة بالمثل” في تصرف ينم عن “مراهقة سياسية”، خاصة وأنه كان سيقوم بتسليم الرئاسة للسعودية، وهي المهمة التي كلف بها النظام العسكري وزير الخارجية الجديد أحمد عطاف، خلفـا لرمطان لعمامرة، المقال من منصبه… وإذ يحاول النظام العسكري التسويق لنفسه بدون خجل بأنه حامي الثورات والشعوب والقضية الفلسطينية.. وهو بذلك يبرر فقط ورطته باحتضان الانفصاليين بمخيمات تندوف، فإن “بيان جدة 2023″، وقبله بيانات العديد من قمم الجامعة العربية، أكد على “محورية القضية الفلسطينية، ودعم الوصاية الهاشمية التاريخية لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية(…)، وكذلك دور لجنة القدس، ووكالة بيت مال القدس…)) (المصدر: مقال الدكتور عبد الله بوصوف).

تتمة المقال تحت الإعلان
غياب غير مبرر للرئيس تبون عن قمة جدة

بالنسبة لموضوع الجزائر، لا يفصل بوصوف بين المؤامرة المباشرة ضد المغرب ومؤامرات أخرى، بل إنه كتب كتابا تحت عنوان: “مؤامرة منتصف دجنبر”، شرح فيه الدور الخفي للجزائر في قرار البرلمان الأوروبي ضد المغرب، وفي صناعة هجومات إعلامية أخرى منسقة.. إذ يقول: ((.. وقد تستعين ببعض ضعاف النفوس من المحسوبين علينا بالمغرب أو بالخارج، مستغلين الثورة الرقمية الهائلة، وسرعة انتقال المعلومات، حيث تكالبت العديد من الجهات من أجل نسف المجهودات المغربية في موضوع صحرائه المغربية، أو تشويه صورته بالخارج، أو من أجل عرقلة المسلسل الديمقراطي والتنمية البشرية.. ولعل التقارير السنوية لبعض المنظمات الحقوقية “المخدومة” على مقاسات ضرب الوحدة الترابية وزعزعة الاستقرار المغربي، أو تسخير “ماكينة” إعلامية قذرة من أجل التشهير برجالات المغرب بالخارج، أو شراء ولاءات وأصوات بعض المنظمات من أجل منح بعض الجوائز “المشبوهة” لأشخاص يتخذون من سب وشتم المغرب خبزهم اليومي وبرنامج حياتهم.. لقد عشنا هذه اللحظات مع أحداث ارتبطت برفع دعاوى قضائية ضد مصالح المغرب أو في قضية “بيغاسوس”، أو في قضية “قطر غيت”.. مع وجود قاسم مشترك بين كل هذه الأحداث والوقائع، وهي أنها تتم عبر ماكينة الصحافة الاستقصائية، التي تتكون عادة من آليات إعلامية معروفة بعدائها التاريخي للمغرب، ولرموزه.. وتضم نفس المنابر وبنفس خلفية المؤامرة والحقد، الأخبار الزائفة، الفيك نيوز، وسخاء النظام العسكري الجزائري، وحقيبته الوطنية سوناطراك..)) (المصدر: كتاب “مؤامرة منتصف دجنبر” للكاتب عبد الله بوصوف).

وأخيرا.. هل تؤثر العلاقة المعلنة بين روسيا والجزائر على مصلحة المغرب؟ إن الجواب عن هذا السؤال، ينطلق مما أعلنه الرئيس الجزائري تبون، خلال زيارته الغير مرتبة إلى موسكو، حيث قال بلغة يغلب عليها الخنوع: “إن صون استقلال وحرية الجزائر لا يأتيان إلا عبر مساعدة قوية من روسيا”، وهي نفسها الدولة التي دعمت حصول الجزائر على مقعد غير دائم في مجلس الأمن.. إذن، الجزائر تحاول جر روسيا إلى خلاف كبير مع المغرب، وهو ما لم يحدث حتى الآن، بل إن روسيا لم تجازف حتى الآن بالدخول في قضية الصحراء المغربية.

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى