تحليل إخباري | حسم قضية الصحراء المغربية وإنهاء مهام بعثة “المينورسو”
السيناريو الجديد الذي يرعب خصوم المغرب

سبق للمغرب، ودون حاجة للاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، أن طرد 25 عضوا من أعضاء بعثة “المينورسو” في الصحراء، إلى بلدانهم، بل إن كل جهود الأمم المتحدة للضغط على المغرب في زمن الأمين العام بان كي مون، باءت بالفشل، بعد أن تطاول هذا الأخير وطاقمه على السيادة المغربية، بإطلاقه لوصف غير لائق في حق المغرب(..)، بل إن المغرب وفي إطار قراراته السيادية كان بإمكانه تعليق عمل بعثة “المينورسو” بعد “انحراف” مهامها نحو ممارسة أنشطة دعائية لجبهة البوليساريو، وخروج الأمين العام بان كي مون عن سكة الحياد.
إعداد: سعيد الريحاني
بين الأمس واليوم، تغيرت معطيات كثيرة، ورغم أن المغرب يواصل تشبثه بالمسار التفاوضي لحل قضية الصحراء المغربية (رغم أن التفاوض لا يعني بأي حال من الأحوال المس بمغربية الصحراء)، إلا أن الواقع يؤكد اليوم عمليا، “انتهاء مهام بعثة المينورسو”، بعد أن أصبح مقترح تنظيم الاستفتاء متجاوزا بشكل كبير، وبعد فشل بعثة الأمم المتحدة في حماية الصلاحيات المخولة لها في إطار اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم إبرامه سنة 1991.
ماذا تفعل بعثة “المينورسو” في العيون اليوم؟ سؤال يستمد وجاهته من تغير المعطيات على الأرض، هل يحق الحديث عن بعثة أممية للسلام في ظل خرق اتفاق وقف إطلاق النار من جانب البوليساريو، المصنوعة والممولة بالكامل من طرف الجزائر؟ ما معنى الحديث عن السلام في وجود حرب من جانب البوليساريو؟ ففشل البوليساريو في المواجهة العسكرية مع المغرب، لا يعني الاستمرار في التساهل، وقد ظهرت مؤشرات كثيرة على إمكانية انتقال المغرب، في ظل المتغيرات الدولية، إلى حسم الأمور من جانبه، لوجود عدة معطيات لم تكن متوفرة سابقا، منها:
أولا: اليوم يوجد اعتراف أمريكي بمغربية الصحراء، زكته إدارة الرئيس جو بايدن، التي حافظت على القرار الأمريكي الصادر في عهد الرئيس دونالد ترامب الذي اعترف بمغربية الصحراء قبل رحيله، وقد كرست إدارة بايدن الاستمرار في هذا الاعتراف، إذ “ليس هناك تغيير في هذه القضية”.. هكذا كانت الإجابة الحازمة والمباشرة للدبلوماسية الأمريكية، في استمرار واضح لموقف واشنطن من السيادة الكاملة للمغرب على صحرائه، في إعلان رئاسي تم توزيعه على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة، كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن، وهي الوثائق الموجودة إلى اليوم كتراكم في مجلس الأمن.

ثانيا: بين الأمس القريب واليوم، هناك تراكما غير مسبوق في الاعتراف بمغربية الصحراء من لدن الدول الأوروبية (بغض النظر عن مؤامرة البرلمان الأوروبي)، فبلجيكا – على سبيل المثال – هي آخر دولة اعترفت بمغربية الصحراء من بين 11 دولة أخرى هي إسبانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا وقبرص ولوكسمبورغ والمجر ورومانيا والبرتغال وصربيا.. و((بإعلان موقف بروكسيل، حيث توجد أهم مؤسساتها، تغلق دائرة الدعم التي عبرت عنها مجموعة من أكثر المناطق استراتيجية في القارة العتيقة: البنلوكس (بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ).. وفي 11 مايو من عام 2022، وعلى هامش الاجتماع الوزاري للتحالف العالمي ضد “داعش” بمراكش، أشار ووبكي هويكسترا، وزير الخارجية الهولندي، إلى أن “خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب عام 2007 إلى الأمم المتحدة، هي خطة جادة، ومساهمة ذات مصداقية في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حل لقضية الصحراء”، وفي نفس التاريخ، أعرب وزير الشؤون الخارجية القبرصي، يوانيس كاسوليدس، بمراكش، عن دعم بلاده لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء باعتباره حلا متوافقا بشأنه لتسوية هذا النزاع، وفي ذات اليوم، نوه وزير الخارجية الروماني بوغدان أوريسكو، بالجهود الجادة التي يقوم بها المغرب على صعيد قضية الصحراء المغربية، بما في ذلك مخطط الحكم الذاتي، الذي قدمه لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في سنة 2007، وفي 7 أبريل المنصرم، جاء في بيان مشترك صدر في ختام المحادثات بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، أن “مدريد تعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007، هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وأنها ذات المصداقية لحل هذا النزاع”، وفي 25 غشت المنصرم، أعربت ألمانيا، عبر وزيرة خارجيتها أنالينا بربوك، بالرباط، عن تغيير كبير في السياسة الخارجية لبلدها فيما يتعلق بالمغرب من خلال دعم اقتراح الحكم الذاتي، وفي 3 أكتوبر المنصرم، صرح وزير الشؤون الخارجية والأوروبية لدوقية لوكسمبورغ الكبرى، جان أسيلبورن، في الرباط، بأن “خطة الحكم الذاتي كانت جهدا جادا وموثوقا من قبل المغرب” و”أساسا جيدا للتوصل إلى حل”، وفي 7 دجنبر 2021، أعلن وزير الخارجية المجري، بيتر سيارتو، عن دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي، وفي 5 ماي 2021، قال وزير الشؤون الخارجية بجمهورية صربيا: “إن جمهورية صربيا تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي تحت سيادة المغرب، حلا جادا وذا مصداقية”، وكانت البرتغال من بين الدول الأوروبية السباقة لدعم مقترح الحكم الذاتي، ففي 30 يناير 2020، وصفت المبادرة بـ”الجدية للغاية وذات المصداقية” لتسوية ملف الصحراء)) (المصدر: تقرير على موقع i24NEWS).
ثالثا: ليس الاعتراف الأوروبي وحده، بل إن الاتحاد الإفريقي بدوره يسير منذ عودة المغرب إلى أجهزته، في اتجاه التحول الكامل نحو دعم القضية الوطنية بالملموس، حيث وبخلاف إرادة الخصوم، نأى الاتحاد بنفسه عن الخوض في قضية ليست من اختصاصه وأكد على الاختصاص الحصري في هذا السياق للأمم المتحدة، ما يعني انتصارا للقضية الوطنية بغض النظر عن مناوشات الخصوم التي لا قيمة لها، رغم استعمال القضية الفلسطينية – على سبيل المثال – كشماعة لاستدراج بعض الأنصار، وحتى في هذا الأمر لا يمكن المزايدة على المغرب باعتباره أقوى الدول المساندة للشعب الفلسطيني، علما أن عدة دول إفريقية اختارت أن تفتتح تمثيليات دبلوماسية لها في مدينتي الداخلة والعيون، كترسيخ لاعترافها الأكيد بمغربية الصحراء.
رابعا: الدول العربية وكل دول الخليج، تدعم المغرب في قضية الصحراء المغربية، بل إن مجلس التعاون الخليجي لطالما ساند القضية الوطنية بشكل مكشوف، بالإضافة إلى عدد كبير من الدول العربية، باستثناء بعض الدول الواقعة تحت تأثير الابتزاز أو الضغط، أو الدول العدوة مثل الجزائر(..).

خامسا: باختصار، يكفي السماع لكلمات وزير الخارجية ناصر بوريطة، لمعرفة أن قضية الصحراء المغربية أصبحت جاهزة للحسم بشكل كامل، والسياق الدولي يساعد على ذلك(..)، فحسب بوريطة، تواصل استمرار تراجع الاعترافات الصورية بالكيان الوهمي سنة 2022، إذ أصبح 84 في المائة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لا يعترفون بميليشيات البوليساريو الانفصالية، واعتبر أن الدول المعترفة بهذا الكيان المصطنع تبقى أقلية على المستوى الدولي، ومنها بلدان لها مواقف موروثة، وفي بعض الأحيان، دوغمائية وإيديولوجية.
وبوريطة لا يتحدث من تلقاء نفسه، فهناك “تصعيد ملكي” لحسم قضية الصحراء المغربية بشكل كامل، والدليل على ذلك هو قول بوريطة بأن ((الملك محمد السادس وضع في خطاب العرش، المنهج الدقيق لتدبير مختلف قضايا السياسة الخارجية انطلاقا من قضية الصحراء المغربية، وذلك على خلفية المحددات الأساسية المرسومة سلفا وفق منهجية تنهل من البراغماتية والواقعية، وبعيدا عن سرديات الحرب الباردة وما قبل سقوط جدار برلين، ويؤكد أيضا: اليوم، الصحراء المغربية هي معيارنا في تمييز المواقف الضبابية من الواضحة، وهي وسيلتنا في تحديد مدى عمق الصداقات وصدقها، وهي العامل الحاسم في تثمين الشراكات وتطويرها، مشددا على أن الصحراء المغربية هي باختصار القضية التي يميز فيها المغرب ما بين المواقف الصادقة والجدية وغيره)) (المصدر: هسبريس: 13 نونبر 2022).
بعد كل هذا التراكم.. ما جدوى استمرار عمل بعثة “المينورسو” في العيون؟ عن أي سلام يتحدثون، بينما تسعى الجزائر باستعمال البوليساريو إلى توجيه الضربات إلى المملكة المغربية.. لولا أن الجيش الملكي ومختلف قوات الأمن، تقف حاجزا منيعا ضد أي اختراق(..)؟
ففي ظل سياق دولي متوتر، وفي ظل نزوع الجزائر نحو الاستمرار في تبضع الأسلحة من روسيا، تحول المغرب إلى قاعدة للتعاون العسكري مع عدة دول، مثل الهند، وإسرائيل، وآخرها مع الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق شركة “بوينغ”.. فـ((مع توقيعها على اتفاقية دفاعية مع شركة بوينغ الأمريكية، تتحول المملكة إلى قوة إقليمية في المنطقة بتوفرها على سرب من مقاتلات “F-16” وطائرات “أباتشي”، التي من المرتقب أن تدخل إلى الخدمة في العام المقبل.. وتخضع طائرات “F-16 بلوك” المغربية للتحديث في شركة لوكهيد الأمريكية، حيث سيتم تزويدها بأحدث التكنولوجيات ورادارات متقدمة، بالإضافة إلى صواريخ “جو-أرض”، كما أن طائرات “أباتشي” هي الأخرى تخضع لتعديلات تتوافق مع مهامها الهجومية)).
هكذا إذن، بعد هزيمة المتلاعبين داخل أروقة الأمم المتحدة، وفشل خصوم المغرب داخل الاتحاد الإفريقي، والاعتراف الأمريكي والأوروبي والإفريقي والخليجي والعربي بمغربية الصحراء.. أليس الوقت مناسبا لحسم القضية بإنهاء مهام بعثة “المينورسو”، والدخول في مسار التسوية النهائية؟ إنه السيناريو المرعب الذي تم تداوله مؤخرا على صفحات البوليساريو والجزائر في مواقع التواصل الاجتماعي، وبالنظر إلى السياق الدولي، يبقى هذا السيناريو واحدا من الاحتمالات التي يمكن تحقيقها وانتصار المغرب بشكل حاسم.
De toute les façons on défendra nos terres jusqu’à la fin du temps et surtout jusqu’à la récupération du Sahara oriental le marocain n’abandonnera jamais ce que lui appartient c’est une question de temps