تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | محاولة عزل المغرب عن محيطه الإفريقي في الصراع الروسي الأمريكي

العالم يتحرك في ظل الحرب والكوارث..

لكل زمن رجال، والمغاربة يقولون “لكل وقت وقته”، والوقت الحالي أصبحت سمته الأساسية هي الحروب والكوارث الطبيعية وانتشار الأوبئة، ما يجعل التحديات غير مسبوقة، وبينما لا زلنا نعيش على وقع هول الصدمة الناتجة عن الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا.. وقتل عشرات الآلاف من المواطنين، وشرد أعدادا لا تحصى في ظل البرد القارس.. في هذا الزمن لا حديث إلا عن التطور التكنولوجي الذي وصلت إليه بعض الأسلحة المدمرة، وعلى سبيل المثال: ((تمتلك روسيا إحدى أقوى مقاتلات الجيل الجديد وأول طائرة روسية تستخدم تقنية التخفي لتنافس كلا من F-22 Raptor وF-35 Lightning الأمريكيتين.. هذه المقاتلة الشبحية “سوخوي – 57” الروسية، التي كشفت عن قوتها الكبيرة خلال العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، مجهزة بأحدث التكنولوجيات الإلكترونية والمعلوماتية، حيث دخلت مرحلة التصنيع الواسع المتسارع في سنة 2019، وتم تسليم أول وحدة منها للقوات الجوية الروسية في شهر دجنبر 2020)) حسب ما نشر موقع “روسيا اليوم”.

إعداد: سعيد الريحاني

    أن تمتلك روسيا، باعتبارها دولة عظمى، طائرة خارقة، ليس حدثا في حد ذاته، ولكن الحدث هو ((تكاثر الحديث حول رغبة الجزائر كأول دولة عربية في امتلاك هذه المقاتلة فائقة القوة، لتنضم إلى ترسانة القوات المسلحة الجزائرية في قائمة أقوى الأسلحة التي تمتلكها من روسيا، وهي صواريخ الدفاع الجوي “إس – 400″، والصواريخ التكتيكية “إسكندر”، بالإضافة إلى دبابات “تي – 90” المدمرة، والقاذفة المقاتلة “سوخوي – 34”.. وتحدثت وسائل الإعلام الروسية عن أن الجزائر قد تصبح أول دولة تمتلك مقاتلات الجيل الخامس الروسية Su-57، حيث عقدت محادثات مع روسيا نهاية عام 2020، ويدور الحديث عن 14 طائرة على الأقل، ومن المقرر تسليمها قبل العام 2030.. وتظهر الجزائر اهتماما كبيرا بالحصول على مقاتلات “Su-57E”، وهي نسخة التصدير من مقاتلة “Su-57″، ولكنها ترغب في الوقت نفسه ببعض التعديلات في هذه المقاتلة، مثل الرادار لتتناسب معها، حسب موقع “أر. تي”.. وتتمكن “سو – 57” باستخدام تقنية الليزر المتطورة لرادارها لتتمكن من تتبع 60 هدفا في وقت واحد، واكتشاف الأهداف من مسافة تزيد عن 400 كيلومتر، والسماح للطائرة بضرب 16 هدفا في وقت واحد.. ورفعت روسيا من وتيرة تسليح الجزائر بشكل لافت للنظر خلال السنوات الأخيرة، وجعلت منها قوة عسكرية في غرب البحر الأبيض المتوسط، ويدخل هذا ضمن العلاقات الجيدة بين البلدين ورهان موسكو على تعزيز حلفائها في ظل التطورات الحاصلة، ومنها مخططات الحلف الأطلسي بالسيطرة بطريقة أو أخرى على مصادر الطاقة..

وفي هذا الصدد، يوجد اتفاق بين الجزائر وموسكو ينص على بيع الأخيرة طائرات مقاتلة متطورة وهي “سوخوي 34″ و”سوخوي 35” والمقاتلة من الجيل الخامس “سوخوي 57” إلى هذا البلد المغاربي)) (المصدر: القدس العربي/ 1 فبراير 2023).

إذن، فالجزائر تسلح نفسها، وقبل الحديث عن صفقة الطائرة الروسية القادرة على مراقبة 60 هدفا دفعة واحدة.. فقد ((قام رئيس أركان الجيش الجزائري، سعيد شنقريحة، يومي 23 و24 يناير الجاري، بزيارة إلى باريس هي الأولى من نوعها لمسؤول جزائري بهذه الرتبة إلى فرنسا، وسط صمت قصر الإليزيه ووسائل الإعلام الفرنسية عن مخططاتها الغامضة.. زيارة شنقريحة لفرنسا التي تكللت بتوقيع عقود كبيرة لشراء الأسلحة الفرنسية، كشفت – حسب مراقبين -الأهداف الحقيقية لمحور “باريس-الجزائر” الجديد، مع العلم أنه منطقيا هذه الأسلحة ستكون معدة للاستخدام ضد المغرب من قبل المجلس العسكري الجزائري الداعي إلى الحرب، ويبدو أن الزيادة الهائلة في الميزانية العسكرية الجزائرية لعام 2023، وزيارة شنقريحة إلى باريس، لإنقاذ صناديق الصناعة العسكرية الفرنسية، تؤكد أن هناك تحولا هيكليا في فرنسا تحت حكم إيمانويل ماكرون نحو الجزائر على حساب المغرب ومصالحه)) (المصدر: تعليق عن موقع “العمق”).

المنطاد الصيني الذي اخترق الأجواء الأمريكية

((الجزائر وضعت يدها في يد فرنسا في محاولة لإحراج المغرب، غير أن أقوى رد لهذا الأخير تمثله مناورات “الأسد الإفريقي”، التي تنظم بمشاركة أكثر من 7 آلاف جندي من المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وتونس وحلف “الناتو”، بل إن الجيشين: المغربي والأمريكي، نفذا “مناورات المحبس” القريبة من تندوف بالمدفعية الثقيلة في منطقة ﯕراير البيهي.. وذكرت وسائل إعلام، أن المناورات تمت على إيقاع مكثف وقصف بواسطة راجمات الصواريخ “هيمارس” الأمريكية، وفي نفس السياق، توجه مسؤولون عسكريون مغاربة وأمريكيون رفيعو المستوى، إلى منطقة المحبس، للوقوف على التدريبات التي أجريت بواسطة نظام الصواريخ المدفعية عالي الحركة التابع للجيش الأمريكي (HIMARS)، وعربات “الهاوتزر” القتالية المدرعة ذاتية الدفع M109 A5 التابعة للجيش المغربي)) (المصدر: وكالات روسية).

هو إذن، سيناريو الحرب يخيم على المنطقة، ودعك من السيناريو الصغير.. فالسيناريو الكبير هو المواجهة المحتدمة بين المعسكر الغربي بقيادة أمريكا، ومحور الممانعة بقيادة الصين، التي وإن لم تدخل أي حرب إلى حدود اليوم، إلا أن روسيا تقوم لحد الآن باللازم، وقد تنهي حربها مع حلف “الناتو” فوق تراب أوكرانيا، بانهيار الاتحاد الأوروبي، والنظام المالي التقليدي، بعد أن فشلت العقوبات الاقتصادية فشلا ذريعا..

صحيح أن الصين لم تعلن الحرب على أمريكا، لكنها حلقت لأول مرة فوق سماء أمريكا بواسطة منطاد، اخترق أجواء أقوى دولة في العالم، واضطرت معه لإغلاق خمس مطارات قبل المبادرة إلى إسقاطه بطائرة حربية.. فما معنى إسقاط “نفاخة” بطائرة عسكرية؟ أليست هذه حربا غير معلنة؟ ففي هذا الصدد، قالت وزارة الخارجية الصينية في بيان لها: ((إن الصين أعربت عن “استيائها الشديد” واحتجاجها على قيام الولايات المتحدة بإسقاط منطادها قائلة، أن الولايات المتحدة “بالغت في رد فعلها” و”تنتهك بشكل خطير الممارسات الدولية، وأضافت أن “الجانب الصيني أبلغ الجانب الأمريكي مرارا وتكرارا بعد التحقق، من أن المنطاد مخصص للاستخدام المدني ودخل الولايات المتحدة بسبب ظروف خارجة عن السيطرة.. والصين طلبت بوضوح من الولايات المتحدة التعامل معه بشكل صحيح وبطريقة هادئة ومهنية وضبط النفس، وكما صرح متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية بأن المنطاد لن يشكل تهديدا عسكريا أو شخصيا للأفراد على الأرض”، طبعا مقابل هذه التصريحات، قالت الولايات المتحدة أن “المنطاد كان منخرطا في عمليات تجسس”)) (المصدر: عدة وكالات).

وزير الخارجية الروسي في موريتانيا

وبالعودة إلى موضوع التقارب الروسي الجزائري، فإن الأمر ليس مجرد تقارب من جانب واحد، بل إن الأمر قد تكون له تداعيات أخرى، لا سيما وأن هذا التقارب يتزامن مع تعزيز تواجد روسيا في القارة الإفريقية، حيث تقول وسائل الإعلام، أن ((وزير الخارجية الروسي القوي، سيرجي لافروف، يواصل جولاته في إفريقيا بكل أريحية بالتزامن مع الحرب في أوكرانيا، وهو ما يعني إعطاء بعد أكبر للصراع الروسي الأمريكي، وأفادت الوكالة الرسمية في السودان، أن لافروف سيجري خلال زيارته مباحثات مع نظيره السوداني، يتناول فيها القضايا الثنائية التي تهدف إلى ترقية العلاقات وتعزيز التعاون بين البلدين، كما يلتقي لافروف خلال الزيارة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ووصل وزير الخارجية الروسي إلى الخرطوم قادما من العاصمة الموريتانية نواكشوط، ثاني محطة في جولته الإفريقية التي بدأها من مالي.. وجدد لافروف في موريتانيا عرض تقديم الدعم في مكافحة المسلحين، قائلا إنه “يحترم سياسة الحياد التي تنتهجها موريتانيا باستمرار على جميع المحاور فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا”، وأشار نظيره الموريتاني محمد سالم ولد مرزوق، إلى “قواعد القانون الدولي”، في حين قال إن “موريتانيا تتفهم مخاوف روسيا الأمنية وترى أنه يجب أخذها بعين الاعتبار، لدورها المهم في الأمن والاستقرار بأوروبا”.

وكان الوزير الروسي قد وعد يوم الثلاثاء في مالي – التي أصبحت موسكو شريكها الأبرز بعد تولي عسكريين مقاليد الحكم – بمساعدة دول الساحل وخليج غينيا في مكافحة المسلحين، وألمح إلى رغبة بلاده في زيادة حضورها في القارة”)) (المصدر: عدة وكالات).

إذن، الجزائر أقرب إلى روسيا، وموريتانيا باتت أقرب إلى روسيا في الفترة الأخيرة، وقبلهما ذهبت تونس، في زمن قيس سعيد، إلى أبعد نقطة عن المغرب فيما يتعلق بقضيته الوطنية، بل إن الصحافة كتبت عن واقعة غير مسبوقة، حيث ((أظهر تقرير للتلفزيون التونسي الرئيس قيس سعيد وهو يدشن الطريق السيار الرابط بين مدينتي قابس ومدنين رأس الجدير، وخلال العرض، تم بث صور لبلدان شمال إفريقيا تظهر فيها خريطة المملكة المغربية مبتورة من أقاليمها الجنوبية.. وتأتي تصرفات التلفزيون التونسي المعادية للمملكة عقب واقعة استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد العام الماضي لزعيم البوليساريو للمشاركة في قمة “تيكاد”)) (المصدر: تعليق موقع “الزنقة 20”).

من تونس إلى جزائر، وصولا إلى موريتانيا.. لا يمكن تفسير التقارب مع خصوم المغرب إلا في إطار محاولة كبرى لعزل المغرب عن محيطه، فالمحاولة الروسية للتواجد بشمال إفريقيا تأتي للحد من النفوذ الأمريكي، والخطورة تكمن في التفاف خصوم المغرب حول هذا المشروع، الذي يروم حرمان المغرب من مميزاته الاستراتيجية كبوابة لإفريقيا، والأمر يزداد تعقيدا إذا أخذنا بعين الاعتبار الدور الذي بات يلعبه البرلمان الأوروبي من جهته كخصم جديد في المعادلة ضد المملكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى