تحليل إخباري

تحليل إخباري | هل أصبح بن كيران محاصرا داخل حزب العدالة والتنمية ؟

النهاية الأخرى لـ"المصباح"

بغض النظر عن حكاية معاش عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة السابق، وبغض النظر عن حكايات “البلوكاج”، لأن الأمين العام السابق والحالي لحزب العدالة والتنمية، لن يكون مدخوله بأي حال من الأحوال أكبر من مدخول رئيس حكومة مثل عزيز أخنوش(..)، فإن بن كيران يكاد يكون الوحيد الذي يمتلك صفة “رجل الدولة” في حزبه، ورغم أن “الإخوان” نسوا أكثر من غيرهم الدور الذي قام به هذا الأخير في جعلهم وزراء ورؤساء دواوين وموظفين كبار، وأسيادا.. فإن ذلك لا يمنع من القول بأنه الوحيد الذي قادهم إلى المجد قبل أفول شمس “المصباح”، في عهد الأمين العام سعد الدين العثماني، ويبقى السؤال المطروح، هو لماذا لم يسترجع حزب العدالة والتنمية وهجه السابق، أم أنها نهاية شبيهة بالنهاية السابقة للاتحاديين الذين شغلوا الناس على مدى سنوات قبل أن ينشغلوا بمشاريعهم الخاصة، بعد تقليم أظافرهم وتحويلهم إلى “قوة ناعمة”، صالحة فقط لاستكمال المشهد السياسي وليس رسمه؟

إعداد: سعيد الريحاني

    تؤكد جل مصادر “الأسبوع”، أن مشكلة عبد الإله بن كيران اليوم تتعدى التصور.. فقد أصبح “محاصرا” داخل حزبه، بفعل التضييق الداخلي من قبل ما تبقى من أعضاء الحزب، حيث أصبح هذا الأخير مطالبا بأخذ الحساب لكل كلمة يقولها، سواء تعلق الأمر بالاجتماعات الداخلية أو خارجها، كما أن تراجع مستوى الثقة في التنظيم، بفعل “الاختراقات”(..)، جعل مهمة إنقاذ الحزب عسيرة جدا، وقد تنتهي بمغادرة حزب “المصباح” من طرف بن كيران، بتعبير واحد من مصادر “الأسبوع”.

كيف يمكن القول أن الأمور تسير داخل حزب العدالة والتنمية بشكل صحيح، بينما رئيس المجموعة النيابية (بعد اختزال فريق كامل) عبد الله بوانو، كان يباشر عمله حتى وقت قريب داخل تحالف يضم حزب الاتحاد الاشتراكي (تنسيق المعارضة)، بينما يعلم الجميع أن هذا الحزب كان واحدا من صناع “البلوكاج” الذي فرض إنهاء تكليف بن كيران بتشكيل الحكومة الثانية، ولأن السياسة تعتمد على الجزئيات، كيف يمكن إحياء الحزب من خلال اجتماعات يحضرها أعضاء يغلب عليهم طابع التذمر، ولا يتفقون مع خرجات أمينهم العام في جل الحالات، وفيهم من يدعوه إلى الرجوع إلى الأمانة العامة قبل أي خروج إعلامي، بتعبير مصدر مطلع.

تتمة المقال بعد الإعلان

بين عشية وضحاها، أصبح عبد الإله بن كيران وحده في قيادة “مجموعة تنظيمية”، وأغلب الوزراء والرابحين من دخول “الحركة الإسلامية” إلى اللعبة السياسية، اختاروا الابتعاد بعد الهزيمة المدوية في الانتخابات الأخيرة، وقد تكون هذه عودة إلى الأصل، فأكثر المتشبثين بإمارة المؤمنين كان هو عبد الإله بن كيران، بل إنه كان الوحيد من القيادة إبان السنوات الأولى للمشروع، الذي يصر على زيارة ضريح محمد الخامس والترحم على الملوك العلويين، بخلاف مجموعة استوزرت فيما بعد، وربما هو الوحيد الذي كان يفهم نصائح صاحب الحزب، لأصحاب الحركة(..)، الراحل الدكتور الخطيب.

وسبق أن شدد الراحل عبد الكريم الخطيب، الذي كان يحمل صفة الرئيس المؤسس لحزب العدالة والتنمية، على ضرورة التشبث بمؤسسة إمارة المؤمنين، وذلك فيما يشبه “الوصية” خلال المؤتمر الوطني الخامس لحزب العدالة والتنمية، و((كان عدد من الملاحظين قد اعتبروا الكلمة القصيرة التي ألقاها الخطيب، وأعلن خلالها عن انسحابه من قيادة الحزب رفقة بنعبد الله الوكوتي، الذي كان يتولى منصب رئيس المجلس الوطني (وقتها)، بمثابة رد ضمني على الخرجات الإعلامية الأخيرة لمصطفى الرميد، المرتبطة بإصلاح الدستور وإمارة المؤمنين. وكان لافتا كذلك إشادة الدكتور الخطيب بالدور الذي قام به كل من عبد الإله بن كيران وعبد الله باها، أثناء انضمام حركة “الإصلاح والتوحيد” إلى حزب الخطيب عام 1992 (الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية)، وهو الشيء الذي اعتبر في نظر كثير من المتتبعين توجيها من الخطيب إلى المؤتمر قصد ترجيح كفة التيار المعتدل مقابل المتشددين الذين يمثلهم مصطفى الرميد)) (المصدر: تغطية سابقة لجريدة بيان اليوم/ 4 أبريل 2012).

شتان بين الأمس واليوم.. واليوم لا يكاد يسمع صوت لعبد الإله بن كيران، والسبب ليس خارجيا، بل هو مرتبط بمعطيات داخل حزب العدالة والتنمية، في نسخته الأخيرة، التي يميزها ضعف حركة “التوحيد والإصلاح”، ونزيف حاد في القاعدة الشعبية التي صنعها بن كيران بنفسه للحزب.. قبل أن يجد نفسه محاصرا بدعوى وجود “البلوكاج”، وثانيا لوجود “تيار الوزراء” الذين استمروا في الحكومة بعد قبولهم بكافة الشروط التي رفضها بن كيران، فكانت نهايتهم بعد نهاية زعيمهم(..).

عبد الإله بن كيران في الزمن القريب رفقة الراحل الدكتور الخطيب، والداعية الريسوني، ورمز جماعة «العدل والإحسان» فتح الله أرسلان.

في زمن البلوكاج(..)، كان بن كيران يحظى بتعاطف شعبي كبير، حتى أن مدونات عربية كانت تنقل عن بعض الأقلام بعض مميزات رئاسة الحكومة في عهده: ((لأول مرة في تاريخ البلاد، يتتبع الشعب المغربي المشهد السياسي، ويفهم صغيره قبل كبيره، وجاهله قبل مثقفه، السياسة وما يجري فيها من أحداث كان معظمهم يجهلها طيلة أزيد من نصف قرن منذ الاستقلال، فشعبوية رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بن كيران، ولغته الواضحة، وتصريحاته، وشروحاته لما يحدث في دواليب السياسة.. جعلته أقرب إلى كافة شرائح المجتمع، خصوصا الأمية منها.. صار الجميع يعرف صندوق المقاصة ودوره ومساهمته في تخفيض أسعار المواد الأولية بالبلاد عن الأسعار العالمية، واطلع الجميع في عهده على راتب ملك البلاد وعلى بعض تفاصيل ميزانية القصور، وتم في عهده تسريب لائحة مأذونيات السير والملاحة التي استفاد منها كبار رجال الدولة والعسكر. وافتضحت أمور من قبيل الأموال المهربة لكبار رجال الدولة في سويسرا وبنما وغيرهما، وكيف يستفيد الأخيرون من سلطتهم للحصول على امتيازات لم تكن لتتوفر لغيرهم، كقضية أراضي تجزئة طريق زعير المرتفع ثمنها وشرائها بثمن بخس، وهم المسمون بخدام الدولة، وكذا التهرب الضريبي لكبريات الشركات… وهي أمور كانت من الطابوهات، وسقطت بسببها رقاب في الماضي، وسجن العديدون، خصوصا في عهد الملك الراحل الحسن الثاني.

تتمة المقال بعد الإعلان

وفضح في عهد بن كيران فساد العديد من الوزراء السابقين، الذين مرروا صفقات لا تنفع البلاد في شيء، كصفقة لقاحات الأطفال التي اتضح أنها صفقة مربحة للوزيرة التي وقعتها وجُزيت عنها بشقق في باريس وغيرها، بينما بقيت اللقاحات مرمية في ثلاجات وزارة الصحة..)) (المصدر مدونات الجزيرة/ إبراهيم بطيوي).

اليوم، لم يخرج حزب العدالة والتنمية من دائرة الارتباك، كما تؤكد جل المصادر أن عودة بن كيران اصطدمت بـ”بلوكاج تنظيمي” بغض النظر عن إمكانية النجاح مرة أخرى في مواجهة تحديات خارج الحزب(..)، وقد يكون عنوان المرحلة هو أن أعضاء الحزب “مدهشرين” بتعبير بن كيران، الذي قال: ((إن هذه الفترة التي يمر منها الحزب، فترة مليئة بالصعوبات والضغوطات على حزب العدالة والتنمية، وأن الحزب يمر من نوع من الارتباك كما قال لأعضاء الحزب “متبقاوش مدهشرين”، وطلب منهم عدم الاستسلام، وأن يواصلوا قدما في سياستهم ليسترجع الحزب عافيته.. وتطرق بن كيران- في كلمة ألقاها خلال اجتماع الأمانة العامة ليوم السبت 18يونيو 2022 – إلى عدة مواضيع، أهمها العتاب الذي خص به ولاية حزبه في المصادقة على قانون التدريس بالفرنسية بالمغرب، في إشارة منه إلى المطالبة بإلغائه مستقبلا..)) (المصدر: موقع التحدي).

هذا هو بن كيران اليوم.. العين بصيرة واليد قصيرة، وإمكانية الانبعاث من الرماد باتت مرتبطة بتحديات داخلية، كفيلة بأن تغني خصومه الخارجيين عن أي مواجهة مستقبلا إذا استمر الوضع على ما هو عليه، وكل ما سيبقى لبن كيران هو صفة “رجل الدولة” والرغبة في الإصلاح، على منهاج “التوحيد والإصلاح”(..).

وقد سئل بن كيران عن الخلاصة بعد قضائه مدة عامين في رئاسة الحكومة، فقال: ((أعترف بأن هناك بونا شاسعا بين الرغبة في الإصلاح والقدرة على الإصلاح.. الرغبة في الإصلاح تكون كبيرة بصفة عامة عند كل دعاته، وربما يتصورون أن وصولهم إلى مركز القرار على مستوى الحكومة في دولة مثل المملكة المغربية، سوف يتمكنون من خلاله من أن ينفذوا الإصلاحات التي كانوا يعتقدون صوابها، لكن وصولهم إلى مركز القرار يجعلهم يبصرون الواقع بشكل مخالف، إذ يجدون الإكراهات والعراقيل والمقاومات، وهي كثيرة متنوعة ولها أطراف متعددة، ولهذا يمكنني أن أقول لك اليوم إن هناك تصورا أكثر تواضعا فيما يخص القدرة على إنجاز الإصلاحات، لكن هناك قناعات مهمة جدا تكمن في أن الإصلاح ممكن ولكن بسرعة أقل مما نتصور..)) (المصدر: حوار سابق لعبد الإله بن كيران مع جريدة الشرق الأوسط).

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى