تحليلات أسبوعية

مؤشرات صراع جديد بين الإسلاميين والحداثيين حول مدونة الأسرة

ملف الأسبوع

طبعت عهد الملك محمد السادس الممتد على مدى 23 سنة، عدة أحداث كبرى، لعل من أهمها إقرار مدونة الأسرة سنة 2004، ذلك أنها خلقت نقاشا عميقا بين الحداثيين والمحافظين، ولم يتوقف الجدل بين التيارين عند إصدار البيانات واللقاءات والندوات، بل إنهم نقلوا رحاه إلى الشارع عبر تنظيم مسيرتين، الأولى في الرباط وضمّت المناصرين للخطة، في مقابل مسيرة في الدار البيضاء كان الدعاة لها ومنظموها من التيار المحافظ، ولم ينه ذلك الشد والجذب سوى حسم العاهل المغربي محمد السادس لهذا الجدل الذي عمّر طويلا بخصوص وضعية المرأة في المغرب، فكانت مدونة الأسرة التي انتصرت لحق المرأة في المساواة وشكلت مقتضياتها عربون تقدير من المغرب لنسائه.

 

أعد الملف: سعد الحمري

 

    يبدو أن سيناريو الخلاف حول مدونة الأسرة في طريقه إلى التكرار مجددا.. فبعد الدعوة الملكية إلى مراجعة مدونة الأسرة، خرج زعماء الأحزاب بتصريحات تحمل مفردات قوية افتقدناها في الخطاب السياسي، وبدأت التهم بالسعي إلى خراب البلاد من طرف البعض، لذلك يحاول هذا الملف إبراز كيف تحول هذا الموضوع من مطلب حقوقي إلى محاولة الأحزاب الركوب عليه، وكيف يمكن أن تقسم هذه القضية المجتمع المغربي من جديد إلى فريقين: محافظ وحداثي.

 

كيف تحول مطلب تعديل مدونة الأسرة من مطلب حقوقي إلى صراع بين الأحزاب..

    كان من بين أهداف الحكومة الجديدة، إجراء تقييم لمدونة الأسرة، وخاصة وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، الذي كشف أن المخطط التشريعي لوزارته يتضمن إجراء تقييم لنصوص مدونة الأسرة في اتجاه إعداد تصور لمراجعة بعض مقتضياتها، وذلك بمناسبة العرض الذي تقدم به في نونبر الماضي، حول مشروع الميزانية الفرعية لوزارة العدل بلجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، حيث أكد أن تعديل مدونة الأسرة يبقى من اختصاص الملك باعتباره أمير المؤمنين، إلا أن ذلك لا يمنع من اتخاذ قرارات بشأنها وعرضها عليه، معلنا بقوله: ((سنتخذ قرارات بشأن مدونة الأسرة، ونعرضها على السدة العالية بالله الذي سيكون له القرار النهائي)) (المصدر: اليوم 24، 2 نونبر 2021).

ومع بداية السنة الجديدة، بدأت الأصوات الحقوقية تتعالى مطالبة بضرورة إصلاح مدونة الأسرة، وكانت المناسبة هي شهر فبراير الماضي، الذي صادف ذكرى مرور 18 سنة على إقرار مدونة الأسرة، وقد اختار اتحاد العمل النسائي في المغرب، الاحتفال بهذه الذكرى بإطلاق الحملة الوطنية الثانية لإصلاح المدونة، ليعيد إلى واجهة النقاش موضوعا لطالما كانت هناك مطالب بتعديل بعض مواده.

وقد علقت جريدة “القدس العربي” على هذا البيان بالتالي: ((الأكيد أن بيان اتحاد العمل النسائي لن يمر مرور الكرام بالنسبة للتيار المحافظ الذي يجسده الإسلاميون بالخصوص، والأكثر تأكيدا أن بيانا معاكسا سيصدر قريبا، ردا على مطالب ودعوات الهيئة النسائية صاحبة الدعوة إلى “الإصلاح الجذري”)) (المصدر: القدس العربي، 10 فبراير 2022).

غير أن أي رد لم يصدر عن الإسلاميين على هذا البيان، بل ظهر أن وزير العدل عازم على القيام بمراجعة شاملة لمدونة الأسرة، وليس تعديل بعض موادها داخل قبة البرلمان، وذلك عندما تم تأجيل مناقشة مقترح قانون يتعلق بتعديل المادة 20 من المدونة خلال شهر مارس الماضي، بطلب منه، وكان مقترح القانون مبرمجا في جدول أعمال لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، ويسمح هذا التعديل بزواج القاصرات دون سن 18 سنة، وقد علل عبد اللطيف وهبي طلب التأجيل، بالتأكيد على ضرورة فتح مشاورات موسعة بخصوص هذا الموضوع، مشيرا إلى أن مدونة الأسرة جاءت نتيجة توافق داخل المجتمع، بعد تشكيل لجنة ملكية أشرفت على إعدادها، داعيا إلى ضرورة الأخذ برأي كل المؤسسات المعنية، كما أكد وزير العدل، في رد عن سؤال كتابي في الموضوع، أنه أصبح من الضروري ملاءمة نصوص المدونة مع المتغيرات الجديدة، وأوضح أنه بعد مرور حوالي عقد ونصف من الزمن على صدور مدونة الأسرة سنة 2004 ودخولها حيز التنفيذ بموجب القانون رقم 70.03، أظهرت الممارسة العملية أن بعضا من النصوص تحتاج إلى إعادة نظر، سواء من حيث الشكل أو من حيث المضمون.

وعلاوة على ذلك، فإن المتغيرات التي عرفها المشهد الحقوقي المغربي بعد صدور دستور 2011 بما تضمنه من حمولة حقوقية متقدمة، وبإقراره لجيل جديد من الحقوق لفائدة المرأة والطفل على وجه الخصوص، ورفع المغرب لبعض تحفظاته على بعض الاتفاقيات التي تهم وضعية المرأة خصوصا، أثرت مباشرة على الحمولة الحقوقية لبعض نصوصها، فأصبح من الضروري القيام بتقييم شامل لمقتضياتها، وملاءمة نصوصها للمتغيرات الجديدة، وهو التوجه الذي أصبح مطلبا لجمعيات المجتمع المدني وباقي المعنيين من خبراء قانونيين واجتماعيين، وفرقاء سياسيين، يقول وهبي.

لقد كان واضحا من خلال تصريح وزير العدل، أن إصلاح المدونة لا يحتاج إلى طرح بعض المواد في غرفتي البرلمان وتعديلها، ولكن الأمر يتعلق بما هو أعمق، وهو فتح مشاورات موسعة داخل المجتمع، حيث مهد ذلك لتجديد مطالب الحركات النسائية وهيئات المجتمع المدني، بتعديل المدونة، الأمر الذي جعل أحزاب المعارضة والأغلبية تنخرط في المطالبة بمراجعة مدونة الأسرة، وقد انخرطت أغلب الأحزاب في هذا الورش لمنافسة عبد اللطيف وهبي الذي تبنى ملف تعديل المدونة.

وكمثال على ذلك، نظم فريق حزب التقدم والاشتراكية و”منتدى المناصفة والمساواة”، التابع له، ندوة مشتركة بمجلس النواب، يوم 15 يونيو الماضي، ودعا محمد نبيل بنعبد الله إلى مراجعة مدونة الأسرة بما يحقق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، وإلغاء تزويج القاصرات، مشددا على أن موعد مراجعة المدونة سيقترب بقدر النضال من أجل الوصول إليه، وأضاف: ((لا نريد إذكاء فتنة في البلد، بل نريد أن يتم الإصلاح بسلاسة، ولكن بالقوة اللازمة أيضا)).

لقد تعددت المطالب، وتعالت أصوات الأحزاب بقوة مطالبة بضرورة مراجعة مدونة الأسرة، وفي هذا الصدد، نبهت جريدة “الأسبوع” إلى هذا الأمر، وكتبت مقالا بعنوان: “عودة الصراع حول مدونة الأسرة/ تسابق خطير بين الأحزاب والنقابات”، وأكدت في هذا الإطار أنه: ((بعد الحركات النسائية وهيئات المجتمع المدني المطالبة بتعديل المدونة، قررت أحزاب سياسية، في المعارضة والأغلبية، تبني مطلب مراجعة مدونة الأسرة من خلال الفرق البرلمانية، وتنظيم اللقاءات، حتى أصبح التنافس كبيرا بين أحزاب الأغلبية والمعارضة للدفاع عن المساواة بين المرأة والرجل، ومناقشة قضايا الطلاق، وتزويج القاصرات، والإرث، وغيرها من الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية، وقد برز هذا الصراع خصوصا بعدما قرر وزير العدل عبد اللطيف وهبي، تبني ملف المساواة وتعديل مدونة الأسرة، حيث يسعى لكي يحسب له هذا الأمر باستجابته للهيئات النسائية المطالبة بمقاربة النوع)) (الأسبوع الصحفي، 24 يونيو 2022).

وفي ظل هذه المطالب، أكد وزير العدل يوم 27 يونيو، في إطار جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، وفي تعقيبه عن سؤال لبرلمانية تنتمي إلى حزب التقدم والاشتراكية، أنه ((لا قرار حاليا بالنسبة لتعديلات على المدونة))، كما شدد مجددا على أن أي تعديلات يجب أن تحترم التوافقات بين مختلف المكونات.

وجدد الوزير التأكيد، في معرض جوابه، على أن قانون الأسرة لا يمكن تعديله إلا في إطار المسار الذي عرفه صدوره، أي التوافق بين الجهات الدينية والتشريعية والمدنية والسياسية تحت إشراف الملك، وقال: ((هذا القانون تم عبر توافق بين الجهات الدينية المتخصصة، والجهات التشريعية المتخصصة، ثم حضور المجتمع المدني والتمثيلية السياسية تحت إشراف الملك، لكونه يدخل ضمن المجال الديني))، وأضاف: ((لا يمكن تعديل قانون الأسرة إلا في إطار هذا المسار، وبناء على هذه الطريقة التوافقية تحت إشراف جلالته))، كما شدد وزير العدل على أن النقاش السياسي والقضائي والفكري حول هذا القانون، الذي يطرح إشكالات متعددة، قائم والتفكير فيه موجود، غير أن الأمر، وفق تعبيره، يتعلق بالمسطرة التي سيتم بها والتوافقات التي قد يشرف عليها الملك، أو قد تتم بطريقة أخرى.

واضح جدا أن وزير العدل – من خلال هذا التصريح – كان يبحث أو ينتظر إشارة ملكية من أجل إطلاق مشاورات من أجل تعديل بعض مواد المدونة، خاصة وأن ذلك كان قبل حوالي شهر من الخطاب الملكي، وفي ذات الصدد، كتبت جريدة “هسبريس” الإلكترونية يوم 27 يوليوز 2022، أن ((وهبي كان من خلال تأكيده على التوافق، يسعى إلى النأي بالمدونة عن الخلافات الحادة التي رافقت مخاض خروجها إلى حيز الوجود، إذ ساندت القوى الحداثية خطة العمل الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، ولقيت معارضة شرسة من طرف الإسلاميين، إلى حين تعيين الملك محمد السادس للجنة الملكية الاستشارية لمراجعة مدونة الأسرة سنة 2001، وإلقائه خطابا في العاشر من أكتوبر 2003 أمام البرلمان)).

عبد اللطيف وهبي

هكذا اعتبر حزب العدالة والتنمية الدعوة الملكية إلى تعديل المدونة انتصارا له

    في ظل هذا الزخم الذي أصبح يحظى به الموضوع، جاءت محطة الخطاب الملكي لتؤكد أن موضوع المدونة أصبح محل صراع بين الأحزاب السياسية، حيث دعا الملك محمد السادس إلى تعديل مدونة الأسرة، وقال: ((بصفتي أمير المؤمنين، فإنني لن أحل ما حرم الله ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية))، وقد لقيت دعوة عاهل البلاد ترحيبا حقوقيا، لكن مراقبين توقعوا أن تفتح الخطوة “صراعا جديدا” بين المحافظين والحداثيين على المدونة التي تثير نصوصها حساسية كبيرة في المملكة.

لقد استقبل الإسلاميون الخطاب الملكي بسرور كبير عبر عنه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بن كيران، في تصريح مصور على صفحته على “الفايسبوك”، وسبب هذا الابتهاج حسب قراءة حزب العدالة والتنمية، أن الملك انتصر للمرجعية الإسلامية في حسم الصراع في قضية إصلاح مدونة الأسرة، كما فعل لحظة الصراع بين مسيرتي الرباط والدار البيضاء سنة 2002، وأعاد جملته الشهيرة: ((بصفتي أمير المؤمنين لن أحل حراما”، خاصة وأن حزب العدالة والتنمية كان في صراع خلال تلك اللحظة مع وزارة الداخلية بسبب نتائج الانتخابات الجزئية بكل من دائرتي مكناس والحسيمة، كما اعتبر محللون أن تكرار الملك لجملته الشهيرة خلال هذا الخطاب هي إشارة قوية لاستمرار الإسلاميين في المشهد السياسي، خاصة وأنه استقبل في نفس اليوم والي بنك المغرب، الذي أثنى على حكومة سعد الدين العثماني.

وبعد ذلك، قام الحزب بخطوة تبرز تحمسه لهذا الأمر، حيث أعلنت الأمانة العامة لـ”البيجيدي” – عبر بيان صدر في بداية شهر غشت الماضي – عن الانخراط في ورش مراجعة مدونة الأسرة، وقالت: ((إن حزب العدالة والتنمية سينخرط فيما قد تقتضيه مراجعة بعض بنود مدونة الأسرة، إذا اقتضى الحال ذلك، وذلك في حرص تام على واجب الاحترام الكامل للشريعة الإسلامية ونصوصها القطعية، باعتبار الإسلام دين الدولة)).

وحذرت قيادة “البيجيدي” من استيراد البعض لإشكاليات وقضايا ونماذج لا تمت بصلة إلى المجتمع المغربي ومرجعيته الدينية، ولا تطرح باعتبارها قضايا ذات أهمية بالنسبة إليه، معتبرة أن هذا الاستيراد يشكل خطورة على المجتمع، كما نبهت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية إلى الأثار السلبية لاستيراد نماذج بعيدة عن الدين الإسلامي والمجتمع المغربي، لخطورتها الكبيرة على استقرار الأسرة وقوة المجتمع وصموده في وجه التحديات والصدمات التي تواجه بلادنا.

وعلى غرار ذلك، ثمنت معظم الأحزاب الخطاب الملكي.. فقد ثمن حزب التجمع الوطني للأحرار عاليا، في بلاغ له، مضامين الخطاب الملكي السامي الموجّه إلى الشعب المغربي بمناسبة عيد العرش المجيد، كما رحبت أحزاب المعارضة بمضامين الخطاب، ومنها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي أكد أن الخطاب الملكي هو بمثابة خارطة طريق قائمة على محددات قيمية واستراتيجية، تنهض على أولويات الإنصاف والمساواة والتضامن والسلم بين الشعوب، وقال الحزب عقب اجتماع لمكتبه السياسي يوم 30 يوليوز، إنه ((استقبل بارتياح كبير الإشارات الملكية الداعية إلى تعديل مدونة الأسرة وتحيين بنودها، بما يجعلها قادرة على تجاوز العديد من الاختلالات التي أبانت عنها التجربة، وهي عوائق سوسيولوجية أساسا، مرتبطة بمقومات ذهنية لمسار التحديث والعقلنة والانفتاح)).

وكان الحزب الوحيد الذي أعلن عن القيام بخطوات ملموسة للتفاعل مع الخطاب الملكي من أجل الانخراط في ورش تعديل مدونة الأسرة، هو حزب الاستقلال، الذي أعلن عن تكوين لجنة من قياديي الحزب، ومن أطره المتخصصة في المجالات ذات الصلة، من أجل إعداد تصور للتنظيم المتعلق بمدونة الأسرة والنهوض بالمشاركة الفاعلة للمرأة في التنمية.

هل بدأ الصدام والتنافس حول تعديل المدونة ؟

    لقد بدى واضحا أن تفاعل الأحزاب ومختلف الهيئات الحقوقية مع موضوع تعديل مدونة الأسرة، رغم أهميته الكبيرة وما زادها أهمية هو الدعوة الملكية إلى ذلك، توقف عند محطة الخطاب الملكي، ولم نعد نسمع عن مقترحات طيلة شهر غشت المنصرم، ويمكن تفسير ذلك بكون أن هذا الشهر هو شهر عطلة، غير أنه مع الدخول السياسي الجديد، انكب اهتمام الأغلبية والمعارضة ظرفيا على قضايا قانون الاستثمار، والمنظومة الصحية، إضافة إلى قضايا الجالية، وهي الأوراش التي دعت الخطابات الملكية إلى الاهتمام بها، في حين أهملت مراجعة مدونة الأسرة وساد صمت رهيب حولها، لكن في الأيام الأخيرة، ظهر أن هذا الورش هو الذي سيغطي على باقي الأوراش، وذلك عندما أعلن حزبان من التحالف الحكومي، هما حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة، عن بداية العمل من أجل إعداد توصيات ومقترحات للتعديلات المرتقبة لمدونة الأسرة، وكشف الحزبان بشكل متزامن انكباب نسائهما على إعداد تصورات حول المراجعة التي ستهم القوانين التي تُعنى بقضية المرأة، إذ كشفت نساء التجمع الوطني للأحرار عن إعدادهن لكتاب أبيض يتضمن التوصيات، فيما كشف عبد اللطيف وهبي، الأمين العام للأصالة والمعاصرة، عن إعداد نساء الحزب لتصورهن في هذا الشأن.

وأعلنت أمينة بنخضرة، رئيسة الفيدرالية الوطنية للمرأة التجمعية، خلال لقاء جهوي للفيدرالية، أنه على عاتق المنظمة النسائية لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الأغلبية الحكومية، وضع اقتراحات وبرامج لمواكبة هذا النقاش حول مدونة الأسرة، خاصة فيما يتعلق بتحيين القوانين التي أصبحت ضرورية، ومن جانبه، كشف عبد اللطيف وهبي، خلال المؤتمر الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة الرباط سلا القنيطرة، أن الخطاب الملكي الأخير أشار إلى موضوعين مهمين، هما مدونة الأسرة ومغاربة العالم، وحزب الأصالة والمعاصرة لديه تصور بهذا الخصوص، ويفتخر بأن نفس التوجه الذي دعا إليه الملك كان الحزب يفكر فيه، وجاء الخطاب الملكي ودعم هذا التوجه، وأعلن الأمين العام لحزب “الجرار” أن ((الحزب سيتجرأ وسيعد وثيقة باسم نساء حزب الأصالة والمعاصرة لموضوع المدونة، وسندافع من أجل أن تكون المدونة سندا قانونيا لإنصاف المرأة لما تقدمه وما قدمته في الماضي، وسنكون المحامي الأول للدفاع عن المناصفة، وعن الحريات وحقوق المرأة)).

الملاحظ، أن إعلان الحزبين عن مقاربتهما لقضية مراجعة المدونة، جاء متزامنا، وهو ما يمكن أن يعطي إشارة لوجود تنسيق بين الحزبين في إطار التحالف الحكومي، في حين كان حزب الاستقلال قد أعلن عن إحداث لجنة خاصة منذ بداية شهر غشت.. فهل معنى هذا أن حزب الاستقلال قرر عدم التنسيق مع حليفيه في الحكومة في هذا الموضوع؟

وفي الجهة المقابلة، لم تكن الخرجتان الإعلاميتان لحزبي “الحمامة” و”الجرار” لتمرا مرور الكرام دون أن يعلن عبد الإله بن كيران، زعيم حزب “المصباح” عن موقف حزبه من هذا التحرك المتزامن.. فقد استغل هذا الأخير لقاء تواصليا في إطار الانتخابات الجزئية بدائرة كرسيف، ليتهم جهات لم يسمها، بالسعي إلى خراب البلاد – حسب قوله – عبر إحداث تغييرات في عدد من القوانين، كما اعتبر بن كيران أن الخطر الداهم حاليا ليس هو فقط ارتفاع الأسعار، لكن هناك ما هو أخطر، موضحا أن استقرار الأسرة المغربية صار مهددا من طرف جهات(..) حيث قال: ((هادو بغاو يعاودو يزيدو يخربقو القضية))، وأوضح أن كلامه يتعلق بمطالب تعديل مدونة الأسرة: ((إنهم يريدون تحطيم الأسس التي تنبني عليها المدونة الحالية والمستمدة من الشرع، وتغيير أحكام الإرث بادعاء تحقيق المساواة))، معتبرا أن هذه التعديلات ستحدث خللا في المجتمع إذا مُرّرت.

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على بداية حرب سياسية حقيقية بين حزب العدالة والتنمية من جهة، وحزبي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة من جهة ثانية.. فهل يؤدي الصراع حول المدونة إلى عودة حزب العدالة والتنمية إلى الساحة السياسية من أوسع الأبواب، أم أن الملك محمد السادس من خلال خطابه وضع حدودا للنقاش حول المدونة ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى