تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | عندما اتفقت الجزائر والبوليساريو على إسقاط النظام في تونس

على هامش استقبال قيس لإبراهيم غالي

في ليلة 27 يناير، الذي يسميه التونسيون شهر “جانفي” سنة 1980، استيقظ نظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، على وقع محاولة انقلابية خطيرة، عندما قام عشرات المسلحين بإطلاق شرارة “ثورة مسلحة” انطلاقا من مدينة قفصة، من خلال الهجوم المباغت على مراكز الشرطة والحرس وثكنتين عسكريتين(..)، لولا أن المواطنين اختاروا “الولاء للنظام” بدل “الولاء للثورة”، وهو الولاء الذي انتهى عند عتبة الرئيس زين العابدين بنعلي، الذي فرض على سلفه الإقامة الإجبارية ومنع أخباره عن الصحف(..).

إعداد: سعيد الريحاني

    خلال هذه العملية الانقلابية الفاشلة، تم توجيه أصابع الاتهام إلى نظام الرئيس الليبي المخلوع، الراحل معمر القذافي، غير أن الحكاية لم تكن لتتوقف عند هذا الحد بعد أن ذهبت التحقيقات والتقارير في اتجاه تأكيد ضلوع المخابرات الجزائرية في الموضوع، بل إن واحدا من المتهمين الرئيسيين بتدبير الحادث، وهما عز الدين الشريف (القائد السياسي) وأحمد المرغني (القائد العسكري)، كانت لهما علاقة مع تنظيم البوليساريو، من خلال عز الدين الشريف، الذي كان يعمل إلى جانب جبهة البوليساريو، كما أن التقارير الصادرة فيما بعد أكدت تورط الرئيس الجزائري الهواري بومدين في محاولة الانقلاب المذكورة، بعد إبداء موافقته على العملية ودخول مستشاره على الخط، لضمان انتقال المجموعة المسلحة إلى تونس، ولكن مصير عملية الانقلاب على الحبيب بورقيبة كان هو الفشل، علما أن هذا الأخير لم يكن له أي موقف مساند للبوليساريو، بل لم تكن هناك فرصة للاعتراف بالكيان الوهمي، كما لم يكن له أي موقف عدائي مع المملكة المغربية.

للتاريخ.. ((يجدر التذكير أن مجموعة مسلّحة قد وصلت إلى مدينة قفصة قبل تنفيذ العملية بأسابيع لتستقرّ على مشارف المدينة، حيث قامت بحفر عدة مطامير لخزن حمولة أربع شاحنات من الأسلحة والذخيرة المتطورة، ثمّ استأجرت منزلا تمّ تجميع كميات هائلة من الأسلحة ومعدات الاتصال والذخيرة فيه.. وقامت فيما بعد بالتعرّف على المدينة وطرقاتها والأماكن الحساسة والثكنات ومقرّات الأمن ومداخل المدينة.. وكل ما يتعلق بالعملية، ثم واصلت التدرب وترصد حركات الجيش والأمن في سرية تامة قبل أن تحدد اليوم المناسب والوقت المناسب لتنفيذ العمليّة، وقد ثبت لاحقا أنّ العديد من التقارير حول هذه التحرّكات كان قد أرسلها الأمن والحرس الوطنيين إلى وزارة الداخلية، لكنها لم تخرج من بين يدي مدير الأمن زين العابدين بن علي، الذي حرص على عدم إعلام رئيسه، وزير الداخلية الأستاذ عثمان كشريد أو الرئيس الحبيب بورقيبة بها، وهو ما يرجّح إمكانية تورّطه مع الطرف الليبي الذي يقف وراءها.

وعن أهداف هذه العملية، قال وزير الداخلية التونسي عثمان كشريد: “لقد كان الهدف من هذه العملية هو إحداث اضطرابات في البلاد، وتضمّنت الخطّة أن يقوم المرتزقة بعد إحكام سيطرتهم على قفصة واحتلال مراكز السلطة بالمدينة، الإعلان عن حكومة وطلب تدخل ليبيا التي – كما ذكرت – أعدّت طائرات ومعدّات خصيصا لهذا الغرض، وكانت تنتظر إشارة بنجاح المرحلة الأولى للتدخل، وقد اعترف المرتزقة خلال استجوابهم، بهذه المعلومات وبأشياء أخرى سنعلن عنها في الوقت المناسب(…)”، وعن سرّ اختيارهم بالضبط للحدود الجزائرية التونسية، أضاف: “لم يأت الاختيار عفويا، بل هو مخطط ومدبر، فالشعب التونسي يدرك أبعاد وخطورة نظام القذافي وأعماله العدائية ضد تونس، وما كان له أن يتقبل عملاً مثل هذا يأتي من هناك.. لقد اعتقد أنّ مجيء المرتزقة من ناحية الحدود التونسية الجزائرية يمكن أن ينطلي على شعب تونس وسكان قفصة ويخفي هذه اللعبة، وكانت النتيجة أنّ تلاحم أهالي قفصة مع جيشهم ومع عناصر الأمن الوطني ووضعوا حدا لهذا المخطط الرهيب(…)”)) (المصدر: ليدرز العربية/ 2022.01.27. الكاتب عادل بن يوسف (كليّة الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة))).

بومدين وبورقيبة

مرت الأيام.. وعشنا وشفنا تونس الشقيقة وهي تستقبل رئيس الكيان الوهمي من طرف الرئيس قيس سعيد شخصيا، الذي لم تسعفه الخطابة في إرجاع تونس إلى سكتها الصحيحة بعد أن حاصرها الإفلاس السياسي والاقتصادي..

اللعبة كبيرة.. لكن الرئيس التونسي قيس سعيد حصر نفسه في زاوية ضيقة جدا، على هامش انعقاد قمة “تيكاد” في تونس، وهي قمة تهدف من خلالها اليابان إلى منافسة الوجود الصيني في القارة الإفريقية، وما يؤكد شرود الرجل هو استقباله لرئيس البوليساريو إبراهيم غالي في هذه القمة، خارج منطق الدستور والقانون، وقد اعتاد قيس سعيد نفسه أن يتحدث دائما عن “الحمار الذي أكل الدستور”.

فإبراهيم غالي ليس سوى رئيسا وهميا لكيان وهمي غير معترف به، بل إن التونسيين أنفسهم لا يعترفون بجبهة البوليساريو ولا يتحدثون عنها في مشاريعهم السياسية، ولكن قيس سعيد الذي بدأ يشرع لنفسه اختار توريط بلاد بكاملها في لعبة كبيرة، عبر استفزاز المملكة المغربية بتصرف مشين، على غرار ما يفعله الرئيس عبد المجيد تبون في الجزائر.

من خلال قمة تونس، تعهدت اليابان عن طريق رئيس وزرائها فوميو كيشيدا، في افتتاح “ندوة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا” (تيكاد)، بـ((رصد مساعدات بقيمة 30 مليار دولار من أجل دفع عجلة التنمية في القارة الإفريقية كمساهمة في نمو مقترن بالجودة في القارة))، ولكن ما فائدة هذه القرارات إذا لم يكن المغرب ضمن الحاضرين.. هل يعقل أن تكون هناك إفريقيا بدون المغرب(..)؟

ولا تقف المشكلة عند حدود التصرف الطائش لقيس سعيد، بل إنه أدخل بلاده بكاملها في بحر من التلاعب بالمفاهيم والكذب في اختلاق الوقائع، حيث قال التونسيون في بلاغاتهم، أن ((تونس حافظت على حيادها التام في قضية الصحراء التزاما بالشرعية الدولية، وهو موقف ثابت لن يتغير إلى أن تجد الأطراف المعنية حلا سلميا يرتضيه الجميع))، وهو حياد كاذب، إذ كيف يمكن لرئيس دولة أن يستقبل زعيم كيان غير معترف به دوليا، ويصرح بعدها أنه تصرف محايد، وليس هذا فحسب، فقد كذبت الدبلوماسية التونسية وهي تبرر “الزيارة الملعونة” بقولها: ((إن الدعوة التي وجهت إلى البوليساريو قادمة من الاتحاد الإفريقي، وأن رئيسه هو الذي وجه الدعوة لهم للحضور))، غير أن هذا الكلام غير صحيح.. فقد كانت الفضيحة فضيحتان، حيث أكدت اليابان أن الاتفاق بينها وبين تونس اقتضى اقتصار الدعوات على الدعوات الموقعة بشكل مشترك بين الرئيس التونسي والرئيس الياباني، وهو ما يؤكد صحة البلاغ المغربي، الذي خلص إلى القول بأن ((البيان الصادر عن الدبلوماسية التونسية في هذه النازلة ينطوي على عمل عدائي صارخ وغير مبرر، لا يمت بصلة إلى قواعد حسن الوفادة المتأصلة لدى الشعب التونسي، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنطبق على أعداء الإخوة والأصدقاء الذين لطالما وقفوا إلى جانب تونس في الأوقات العصيبة)).

نفس البلاغ كان قد تضمن شرحا لخلفيات انزعاج المغرب، الذي وصل إلى حد استدعاء السفير حسن طارق، إلى الرباط، علما أن تونس بدورها اختارت التصعيد باتخاذ نفس الإجراء، وكان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية المغربية قد ذكر أن ((البيان الصادر عن وزارة الخارجية التونسية مساء يوم الجمعة الماضية، في محاولة منها لتبرير التصرف العدائي وغير الودي للسلطات التونسية تجاه القضية الوطنية الأولى (قضية الصحراء المغربية)، والمصالح العليا للمملكة المغربية، ينطوي على العديد من التأويلات والمغالطات))، وأوضح الناطق باسم الوزارة أن ((البيان لم يُزل الغموض الذي يكتنف الموقف التونسي، بل أسهم في تعميقه))، مضيفا أن منتدى “تيكاد” ليس اجتماعا للاتحاد الإفريقي، بل هو إطار للشراكة بين اليابان والدول الإفريقية التي تقيم معها علاقات دبلوماسية.

المغرب يدشن مستشفى ميدانيا في طبرية لمساعدة التونسيين على مواجهة «كورونا» بحضور الرئيس قيس سعيد

وأبرز المصدر ذاته، أن المنتدى يندرج ضمن الشراكات الإفريقية على غرار الشراكات مع الصين والهند وروسيا وتركيا والولايات المتحدة، وهي شراكات مفتوحة فقط في وجه الدول الإفريقية التي يعترف بها الشريك، وبناءً عليه، فإن قواعد الاتحاد الإفريقي وإطار عمله، التي يحترمها المغرب بشكل تام، لا تسري في هذه الحالة، وبخصوص دعوة البوليساريو إلى منتدى “تيكاد – 8″، أوضح الناطق باسم الخارجية المغربية أنه ((تم الاتفاق منذ البداية وبموافقة تونس، على أن تقتصر المشاركة على الدول التي تلقت دعوة موقعة من قبل كل من رئيس الوزراء الياباني والرئيس التونسي))، وأشار إلى أن مذكرة شفهية رسمية صادرة عن اليابان في 19 غشت المنصرم، تؤكد بشكل صريح أن ((هذه الدعوة الموقعة بشكل مشترك، هي الوحيدة التي بدونها لن يسمح لأي وفد بالمشاركة في “تيكاد – 8″، وأن هذه الدعوة غير موجهة للكيان الوهمي المذكور (الجمهورية الصحراوية)، في المذكرة الشفهية الصادرة بتاريخ 10 غشت الجاري)).

في هذا الإطار، قال الناطق باسم الخارجية المغربية أنه ((جرى توجيه 50 دعوة إلى الدول الإفريقية التي تقيم علاقات دبلوماسية مع اليابان، ولذلك لم يكن من حق تونس سن مسطرة خاصة بتوجيه الدعوات بشكل أحادي الجانب وموازي وخاص بالكيان الانفصالي، وفي تعارض مع الإرادة الصريحة للشريك الياباني)) (المصدر: موقع الشرق الأوسط).

ومن مفارقات حضور زعيم ميليشيات البوليساريو إلى تونس للمشاركة في قمة اقتصادية، بينما ليس له لا اقتصاد ولا دولة(..)، هو أن تونس لا تعترف بالكيان الوهمي، اللهم إلا إذا كان التصعيد الأخير مرتبطا بترتيبات جديدة هدفها إشعال حريق في شمال إفريقيا والذي أصبح قبلة للدول العظمى كأمريكا والصين وروسيا، بالإضافة إلى الدول الطامعة الأخرى(..).

والمؤكد حتى الآن، هو خضوع الرئيس قيس سعيد للابتزاز الجزائري بعد استمرار إغلاق الحدود واستمرار استعمال ورقة الغاز، حيث يقول بعض الجزائريين: لولا استقبال قيس سعيد لإبراهيم غالي لكانت تونس قد بدأت تغرق في الظلام(..)، حيث كانت تكتب الصحافة حتى وقت قريب عن الموضوع، قبل أن يتم حل الإشكال مؤخرا، ويكفي أن نقرأ في هذا الصدد نموذج القصاصة التالية: ((يواصل إغلاق الحدود البرية مع الجزائر خنق المحافظات الغربية لتونس، بسبب توقّف التجارة البينية التي كانت توفّر الرزق لآلاف الأسر في مناطق تصنّف من بين الأضعف في سلّم التنمية في البلاد.. مسؤول دبلوماسي رفيع المستوى كشف في تصريح لموقع “حقائق أون لاين” التونسي، أن قرار السلطات الجزائرية المتعلق بعدم فتح الحدود البرية مع تونس يتعلق بأسباب اقتصادية وتتعلق أساسا بأزمة نقص الكثير من المواد الغذائية في تونس.. وأكد ذات المصدر، أن الجزائر قررت مواصلة إغلاق حدودها البرية مع جارتها تونس تجنبا لحصول عمليات استيراد من التجار التونسيين لمواد غذائية من الجزائر إلى تونس التي شهدت أزمة نقص في الكثير من المواد الغذائية خلال الأشهر الأخيرة)) (المصدر: موقع الزنقة 20).

في الأزمات، يظهر العدو والصديق، لكن الجزائر اختارت أن تخذل تونس في الأزمة بإغلاق الحدود بخلاف المغرب، الذي كان يرسل لها المساعدات ويبني فيها المستشفيات الميدانية، ومع ذلك جاء قيس سعيد ليخذل الجميع بعد أن لعبت الجزائر ورقة “قطع الغاز عن تونس” والمشكلة لا تقف عند هذا الحد، حيث كانت الأيادي الفرنسية في الجزائر عندما استقبل الرئيس التونسي زعيم البوليساريو، فأينما حلت فرنسا تحل المؤامرات ضد إفريقيا، وهذا ما لم يفهمه قيس سعيد الذي لم يقرأ التاريخ ليعرف أن البوليساريو والجزائر اتفقوا ذات يوم على إسقاط النظام في تونس(..).

‫5 تعليقات

  1. La trahison et le complotisme et dans leurs ADN c’est la raison pour laquelle il y’a que la fermeté avec force et sans pitié contre les Harkis làches pas de confiance aux Harkis ils ont trahi même leurs propres citoyens algériens et les assassinats pendant les années quatre-vingt dix une preuve flagrante et le peuple algérien n’oubliera jamais et les Harkis sous hommes rendront des comptes tôt ou tard

  2. Vous mentiez comme vous respirez, le président Boumediene est mort en 1978, le coup d’état que vous parlez en 1980 comment le président Boumediene était derrière ça ?!!!!! La prostitution historique est votre spécialité, allah yenaalah aachra

      1. Wallah, tant que vous continuez
        comme ça avec votre complexe et votre haine contre notre pays on va jamais hésiter de vous écraser, et surtout arrêtez de parler au nom des algériens, on vous a pas demandé de faire nos avocats, je vis en France et je connais très bien les marocains les hypocrites, hhhhh vous aimez vos frères algériens quelle hypocrisie !!!!! Sachez une chose que vous êtes petits, dans la tête et dans l’histoire et ça vient de la votre complexe, alors oubliez nous a vie. Bay ya elayacha leabid

        1. Oui marionnette on vous connaît très bien il n’y pas plus grand hypocrite et jaloux sur terre comme vous les plus marionnettes peuple dans le monde arabes et la preuve vous toujours a genoux devant vos maîtres Harkis qu’ils vous ont écrasé depuis votre indépendance ils vous ont assassiné par milliers dans les années quatre-vingt dix et les marionnettes toujours fidèles au régime mafieux et pour le maroc c’est une équation très élevé pour vous et vos maîtres Charlots Harkis complotistes champions du monde de la trahison la preuve ils vous ont trahi ya marionnette et vous fermez vos bouches le maroc il vous a complexé à jamais vous parlez de lui jour et nuit et la preuve vous cherchez les informations sur le maroc partout tellement cous êtes complexés mais il n’y a pas photo le maroc c’est une puissance régionale véridique et tape votre tête sur le mur la réalité et connaît de tout le monde et vôtres bla bla le vide total ne fera jamais le monde vous avez échoué dans tout les domaines la nature n’a jamais aimé les traîtres et les vendus

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى