جهات

الرباط | متى تبرمج ملايير “الريع” لتشييد مشاريع الضفة ؟

في إطار ترشيد النفقات

الرباط. الأسبوع

    منذ عقود وأجيال الرباط توصي بعضها البعض بـ”المشروع المنتظر”، الموعود في اللوح المحفوظ لضفة تاريخية سكنها أقوام من العهد الحجري، وفطن إلى موقعها أدميرالات البحار، فشيدوا عليها أول ميناء على الأطلسي اشتهر بالحركة التجارية والحربية، ثم اقتصر على الصيد البحري في عهدنا القريب، ليغلب عليه طابع الترفيه وتدخله اليخوت والقوارب الشراعية، فيطوي مرحلة سمك الشابل، ويفتح مياهه فقط كمحطات لاستقبال ورسو الآليات العائمة.

وقد كانت الضفة المحاذية قد تحولت في السبعينات إلى مطرح لتجميع الأزبال، ونقطة سوداء في بيئة المدينة، ولم يشفع لها سوى متجر كبير شيد بالقرب منها ليتم إبعاده إلى ضواحي عكراش، في ذلك الزمن راجت فكرة تعمير المكان بمشروع أبي رقراق، وانطلق بالفعل عندما تم إنذار مستغلي الأماكن المحيطة، بالإفراغ، لتظهر إلى الوجود وكالة لتدبير وتنفيذ ذلك المشروع، الذي صادف عدة عراقيل أدت غير ما مرة إلى تغيير الإدارة المكلفة، وبالكاد أنجز – كما كان مبرمجا – المسرح الكبير، وهو الأهم والمكلف، بينما تعثرت المرافق الأخرى ربما لأسباب مالية.

وهنا نلاحظ سكوت الجماعة ومجلس العمالة للتدخل على الأقل بالاستفسار عن أسباب عدم استكمال الأوراش المبرمجة، وعند الاقتضاء والضرورة والمصلحة العامة، إعفاء الوكالة من مهامها وإلحاق تلك المهام بالمجلسين البلدي والإقليمي، فهما معا يتوفران على الأطقم التقنية والإدارية واللوجستيكية لاستئناف ما عجزت عنه الشركة المكلفة، وعندما تفحصنا الوثائق المالية للمجلسين، وجدنا أرصدة “الريع” مثل ما دأبنا على فضحه منذ عشر سنوات، كافية وزيادة ليس فقط لتشييد المرافق المتعثرة، ولكن لإحداث مدينة جديدة بكل المستلزمات الثقافية والفنية والترفيهية للسمو بالرباط إلى عاصمة ثقافية لحوض البحر الأبيض المتوسط، وهذا هو النضال الذي يخوضه أبناؤها منذ عقود، ومع الأسف، في غياب تام لمجالسهم الثرية بمداخيل الضرائب والرسوم والإتاوات والجبايات التي تبتلعها نفقات إجبارية غير محصنة بالترشيد ولا محمية من الانفلاتات وسوء التدبير، ومن مصاريف (وهي السائدة) على اختيارات غير شعبية ولا توجه نفعي للمصلحة العامة للساكنة، فلو حولت تلك الملايير الثقيلة التي تهدر في ما يمكن نعثه بـ”الهدايا” للغير، مثل التمتع برفاهية السيارات الجماعية وتكاليفها لوحدها تشيد بها مرفقا من المرافق المتوقفة في الضفة، أما إذا استيقظ الحس الوطني والغيرة على العاصمة “يا حسرة”، فإن ما يتمتع به الآخرون من منح وتعويضات خيالية وشراكات، وأتعاب وإمدادات، وهدر الطاقة والماء على مقرات إدارية لا تعمل إلا وأشعة الشمس في كل أركانها، والماء لن تجده إلا بواسطة أنبوب واحد في مرحاض.. هي نفقات كافية لإنجاز العجب وقد تصل إلى مليار عن مدة 7 ساعات طيلة 5 أيام في الأسبوع… إلخ، مما يجعل الريع واقعا مؤسفا وعائقا أمام تنمية العاصمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى