تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | التقارير التي تمهد لسقوط الوزير عبد اللطيف وهبي

أزمة تنظيمية جديدة في "البام"

لم تتسرب أسرار كثيرة عن مؤتمر الجديدة الذي بزغ فيه اسم المحامي عبد اللطيف وهبي، كأمين عام لحزب الأصالة والمعاصرة خلال شهر فبراير 2020، خلفا للأمين العام القوي إلياس العماري، ولكن الحكايات المتداولة بين المناضلين، تؤكد أن هناك من يكمل الطريق نحو المؤتمر، وهناك من اكتفى بالذهاب عند الحلاق، أو الذهاب لصالة الحمام في المنتجع السياحي القريب من المنطقة.. لكن مفاجأة انتخاب وهبي كأمين عام في وقت كانت فيه الأنظار تتجه نحو العمدة فاطمة الزهراء المنصوري، لم تقف عند ذلك الحد، بل إن المفاجأة الكبرى، اكتملت بمشاركته في الحكومة إلى جانب حزب التجمع الوطني للأحرار، بعد أن خصص أكثر من خروج إعلامي للهجوم بشكل كبير على رئيس حزب الأحرار، عزيز أخنوش، إبان الحملة الانتخابية الأخيرة، وكان قد روج قبل ذلك، لصوره إلى جانب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بن كيران، حيث كانا يلتقيان بشكل مستمر، قبل أن تتحول صداقتهما، خلال الأيام الأخيرة، إلى تبادل للاتهامات، قامت بتغطيتها الصحافة الوطنية.

 

إعداد: سعيد الريحاني

تتمة المقال بعد الإعلان

 

    ((يبدو أن أيام العسل انتهت بين الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بن كيران، اللذين دخلا في حرب إعلامية بينهما بعدما كانا صديقين، وبعدما انتهت مهمة انقلاب وهبي على إلياس العماري ومن بعده حكيم بنشماس.. فبعد يوم واحد من خروج وهبي، الذي كان دائم التردد على منزل بن كيران واعتباره صديقا مقربا، في تصريحات هاجم من خلالها بن كيران واعتبره المسؤول عما يعيشه المغاربة من أوضاع اقتصادية صعبة، بسبب تدبير حزبه الشعبوي للحكومة طيلة عقد من الزمن، خرج بن كيران للرد عليه، وقال في مؤتمر حزب العدالة والتنمية بجهة مراكش أسفي، وحيث إن حزب الأصالة والمعاصرة لم يغتسل بعد من ماضيه بما فيه الكفاية، “كيجي عندي داك وهبي مرة مرة باش يتيمم، ويخرج شي تصويرة ويقول حنا تبنا لله راه مابقيناش كيف كنا شحال هاذي، والعدالة والتنمية اللي كان طايرة لو معنا راه تصالحنا معاه، وجينا كاع عند عبد الإله بن كيران، وكيخرج الصورة”)) (المصدر: موقع أشكاين/ الأحد 29 ماي 2022).

هكذا إذن، اتهم بن كيران صديقه المزعوم، وهبي، بالتيمم من أخطاء الماضي، والتباهي بنشر الصور معه، ولكن وهبي الذي اتهم بن كيران بالتسيير الشعبوي، لم يكن ليقف عند هذا الحد، ليرد عليه بقوله: ((لأول مرة أعلم أن منزل بن كيران لا يتوفر على الماء للوضوء، وبخصوص الصور التي قال الأمين العام لـ”البيجيدي” أن وزير العدل يلتقطها لنشرها، علق وهبي بقوله: “لم ألتقط أي صورة ولم أوزعها، وبن كيران يعلم جيدا أن مساعده فريد هو من صورنا ووزعها”، كما شدد وزير العدل الحالي على أن سبب الخلاف بينه وبين بن كيران يعود إلى كلمة “الشعبوية” التي تلفظ بها في إحدى خرجاته، حينما قال إن “الشعبوية كانت شعار السنوات الـ 10 التي كان فيها المصباح على رأس الحكومة”، واستطرد وهبي بقوله: “كان الأجدر على بن كيران أن يجيبني عن الشعبوية وانتهى الكلام”، منهيا حديثه عن الموضوع بقوله لرئيس الحكومة السابق: “قضاو بينا الغرض كاملين”)) (المصدر: موقع أخبارنا).

تتمة المقال بعد الإعلان

بغض النظر عن دوافع خصام وهبي وبن كيران، علما أن هذا الأخير لا يمكن أن يدخل معركة من أجل الجدال فقط(..)، وبغض النظر عن أسباب هجوم وهبي على بن كيران، من خلال منصة جمعته مع صديقه الآخر نبيل بنعبد الله، فإن عبارة “قضاو بينا الغرض كاملين” تطرح عدة علامات استفهام، حول ماهية هذه الجهات التي تملك القدرة على رسم الخريطة السياسية، وقضاء الأغراض باستعمال الأمناء العامين للأحزاب دون أن يعرفها أحد؟ ومن هم هؤلاء الذين قال عنهم وهبي: “قضاو بينا الغرض”؟

عبد اللطيف وهبي

لا تقف مشاكل وهبي عند حدود تصريحاته، بل إنه عقد مؤخرا دورة للمجلس الوطني في محاولة لتهدئة الأوضاع داخل الحزب، عرفت غيابات كثيرة، ويأتي على رأس الغيابات، غياب رئيسة المجلس الوطني فاطمة الزهراء المنصوري، ورغم عدم وجود خلاف معلن، إلا أن هذا الغياب طرح أكثر من علامة استفهام وإن كان الترويج لوضعها الصحي قد خفف من وقع هذا الغياب(..).

ولعل أكبر عنوان للأزمة التنظيمية التي يعيشها عبد اللطيف وهبي داخل حزبه، هو إعادة ترويج البيانات ضده باسم “حركة تصحيحية” لم يعلن عنها بشكل رسمي، لكن ما يتم ترويجه، يجد مصداقية كبيرة داخل الحزب.

تتمة المقال بعد الإعلان

ورغم التغطيات القليلة لبيان الحركة التصحيحية، التي وجدت طريقها للنشر في الجرائد الورقية، إلا أن معطيات البيان الأخير انتشرت على نطاق واسع، لتكتب الصحافة ما يلي: ((أعلنت حركة تصحيح المسار لحزب الأصالة والمعاصرة، عن نجاح مقاطعة أشغال الدورة الـ 26 للمجلس الوطني للحزب، المنعقدة صبيحة يوم السبت بمدينة سلا، بعدما غطت ما يقارب 70 في المائة، متهمة الأمين العام للحزب عبد اللطيف وهبي، بـ”السطو” على الإنجازات الملكية والتبجح بها في كلمته.. وتأسفت حركة تصحيح المسار لتكريس دورة المجلس الوطني للأزمة التنظيمية العميقة، التي تجلت في مقاطعة قطاع واسع من أعضاء المجلس الوطني لهذا الاستحقاق الحزبي، خلافا لما كان متوقعا على ضوء الأحداث التي ميزت الأسابيع الأخيرة، مشيرة إلى أنها تثمن صواب قرار المقاطعة، خاصة بعدما أظهر خطاب الأمين العام إنكارا فظيعا للواقع التنظيمي المهلهل الذي جسدته المقاعد الفارغة في القاعة، والسماح لغير ذوي الصفة بالمشاركة في دورة المجلس الوطني، للتغطية على حجم المقاطعة الذي قارب 70 في المائة، حسب الحركة، وسجّلت الحركة ما وصفته بـ”طغيان الخطاب التضليلي والتدليسي” في كلمة الأمين العام للحزب عبد اللطيف وهبي، متهمة إياه بـ”المبالغة في تبرير أسباب المأزق الحكومي والتخلي عن مسؤولية الحزب الثابتة تجاه المواطنين والناخبين باعتبار “البام” شريكا في الحكومة)) (المصدر: “مدار 21″/ 21/ 28 ماي 2022).

نفس المصدر الذي نقل البيان قال: ((ندّدت الحركة التصحيحية بإقحام إنجازات ملك البلاد في كلمة الأمين العام الموجهة للمجلس الوطني، لـ”التغطية على فشله وعجز الفاعلين السياسيين والحكوميين، لا سيما في مجال الدبلوماسية كمجال حصري بموجب الدستور لملك البلاد، واتهمت الحركة التصحيحية الأمين العام لـ”البام”، بخيانة ثقة مناضلي الحزب من خلال تحويل “الجرار” إلى سلم للارتقاء السياسي والاجتماعي والمادي لعدد ممن وصفتهم الحركة بـ”المحظوظين” الذين لم يكن أحد داخل الحزب يعرفهم أو سمع عنهم قبل استقدامهم من طرف الأمين العام من خارج الحزب ليعبد لهم الطريق مباشرة إلى المكتب السياسي، واعتبر المصدر ذاته، أن خطاب وهبي على هامش المجلس الوطني للحزب، افتقد لـ”الصدق” في تشخيص واقع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تضرب البلاد، وتعكس عدم صلابة اختيارات الحكومة، وغياب برنامج عملي قابل للتنفيذ، واختباء الأمين العام وراء جائحة “كورونا”، والحرب الأوكرانية، والركوب على المشاريع الملكية في مجال الحماية الاجتماعية.

وجدّدت الحركة التي يتنكّر لها وهبي، مُطالبة هذا الأخير بإصدار حصيلة رسمية لمشاركة الحزب في الحكومة من خلال معطيات تقنية لا مجال فيها لتعويم الواقع بالشعارات ولغة الخشب، وتقديم مؤشرات ملموسة تعتمد على التواصل مع المناضلين والرأي العام، وفي هذا الإطار، رفضت الحركة التصحيحية، التفاف الأمين العام للحزب على مطالبها، وذلك بتقديم صورة دقيقة حول مالية الحزب، وطريقة صرف الدعم العمومي للدولة، ودعم الانتخابات، والمعاملات التجارية المريبة التي بصم عليها في الآونة الأخيرة، والكشف عن أسماء المساهمين وقيمة الأموال التي قال عبد اللطيف وهبي أنه جمعها بتنسيق مع عضو المكتب السياسي سمير كودار، للقيام بالمهمة، وتمويل الحزب وهيكلة الإدارة الحزبية، على حد تعبير الحركة، التي أعلنت عن تمسكها بتجسيد الحزب لمشاركة وازنة لا تستنسخ الأخطاء وتعيد تجارب الفشل التي كلفت المغرب الشيء الكثير في الولايتين الحكوميتين السابقتين اللتين خيبتا تطلعات وآمال المغاربة)) (المصدر “مدار 21″/ 28 ماي 2022).

تتمة المقال بعد الإعلان

ولا يقف انتقاد وهبي عند حدود حركة تصحيحية، بل إنه صار مصدر انتقاد حتى من لدن أحزاب المعارضة، وأكثر من ذلك خصصت له جريدة “الاتحاد الاشتراكي” افتتاحية خاصة، وهو أمر لا يمكن أن يحصل دون إذن إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، حيث تم اتهامه بـ”المتاجرة بأسرار مهنية، وتسريب معطيات لم يكن من الممكن تسريبها”، حيث تقول جريدة “الاتحاد” تحت عنوان: “الخطأ القاتل”: ((حينما يخطئ الوزير في الأنظمة الديمقراطية، يسارع إلى الاعتذار، ويقدم استقالته، لكن وحده في المغرب، وزير العدل يتاجر، بدون حياء، في معطيات لم تكتس طابع العلنية، لما سارع إلى تجميع وثائق ومداخلات وصور ومسودة أولية لأشغال نيابية وضعت تحت يده، بصفته رئيسا لمهمة استطلاعية مؤقتة، وعرضها للبيع مقابل ستين درهما للنسخة الواحدة.. عبد اللطيف وهبي، النائب البرلماني السابق، ووزير العدل الحالي، والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، في قلب فضيحة سياسية، بسبب كتابه الصادر تحت عنوان: “الجريمة السياسية وحماية الطفل”، الطبعة الأولى، فبراير 2022، والذي أرفقه في القسم الثاني وملاحقه، من الصفحة 136 إلى الصفحة 208، بما أسماه “تقرير المهمة الاستطلاعية حول أوضاع المغاربة العالقين ببؤر التوتر كسوريا والعراق”، ومن الصفحة من 279 إلى 346، بمداخلات بعض المسؤولين والخبراء والباحثين والمهتمين، ثم ألبوم للصور، وعمل على طبعه ونشره، وعرضه للبيع للعموم بتسعيرة قدرها ستون درهما..

فاطمة الزهراء المنصوري

وكانت لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، خلال الولاية التشريعية العاشرة، قد عملت على تكوين تسع لجان للقيام بمهام استطلاعية، من بينها المهمة الاستطلاعية المؤقتة حول الوقوف على حقيقة ما يعانيه العديد من الأطفال والنساء والمواطنين المغاربة العالقين ببعض بؤر التوتر كسوريا والعراق، والتي انطلقت أشغالها يوم الثلاثاء 29 شتنبر 2020، إلا أنها لم تكتمل.. ومعلوم أنه مما يراعى في تعيين أعضاء المهمة، الخبرة والتخصص، وأن تسند رئاستها أو مقررها إلى المعارضة، على أن تعطى الأسبقية في الاختيار لطالبها، لذلك حظي عبد اللطيف وهبي برئاستها بصفته نائبا برلمانيا عن فريق الأصالة والمعاصرة..

هذه المهمة المسندة إليه بصفته البرلمانية، مكنته من تجميع الوثائق المرتبطة بأشغالها، والجزء الأولي من مسودة التقرير، الذي يعده أعضاء المهمة عن المهام التي قاموا بها ويحيلونه على مكتب اللجنة، وهي المرحلة التي لم تكتمل، لكون المهام كانت لا تزال متواصلة، لولا اقتراب موعد الانتخابات، ونهاية الولاية العاشرة، واستغله في الوقت الراهن بصفته الوزارية، لينشره ويعرضه للبيع، فهو ليس بتقرير، وإنما مسودة أولية، لكونه لم يُحل على مكتب لجنة القطاعات الاجتماعية، ولم تناقشه، كما لم ترفع بشأنه تقريرا إلى مكتب المجلس، ولم يناقش بالجلسة العامة، لذلك، لا يزال يكتسي طابع السرية، لا سيما وأن اللجان الاستطلاعية هي لجان مؤقتة بطبيعتها، تنتهي مهامها بإيداع تقريرها، وتسترجع في أعقابه اللجنة الدائمة التي انبثقت منها اللجنة الاستطلاعية، صلاحياتها في مباشرة الموضوع الذي سبق أن كلفت به اللجنة المذكورة، وفق ما تضمنه قرار المحكمة الدستورية رقم 93/19 م. د بتاريخ 9 يوليوز 2019، وهو جزء أولي من مسودة تقرير، لكون أعمال المهمة لم تنته بعد، إذ عمل أعضاؤها على عقد ثمانية اجتماعات، أولها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ثم وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، وآخرها مع وزير الداخلية يوم 25 يونيو 2021.. وبين البداية والنهاية، التقى أعضاء المهمة مع رئيس النيابة العامة، وتنسيقية أسر وعائلات الأطفال والنساء والمواطنين المغاربة العالقين ببعض بؤر التوتر كسوريا والعراق، وبعض الاختصاصيين والخبراء في الموضوع، إضافة إلى بعض العائدين من بؤر التوتر، على مستوى مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مما دفع لأن يستغل الوزير تصريحاتهم وصورهم جميعا، وعرضها للبيع، في حين أن المهام المعهود بها للمهمة لم تكتمل، إذ كان من المقرر أن تجتمع مع كل المسؤولين المغاربة المعنيين بخلاصات الزيارات الاستطلاعية لأماكن التوتر التي يحتجز فيها المغاربة المعنيون، ورئيس المرصد الوطني لحقوق الطفل، والمنظمة الدولية للاجئين بالمغرب، ومنظمة الصليب الأحمر، والمنظمات الإنسانية والإغاثية والحقوقية بالدول المعنية، والجهات الحكومية بها، وتشكيل لجنة مصغرة للتواصل مع مسؤولي برلمانات الدول المعنية (العراق وسوريا)، وهو المخطط الذي لم ينجز من طرف أعضاء المهمة.. هنا أخطأ الوزير، الذي حاول مرارا أن ينصب نفسه مدافعا عن تطبيق القانون، في مهمة نيابية، وطنية، ذات طبيعة خاصة، وتجاوز الإخلال بالسرية إلى محاولة استغلال أشغالها الأولية في المتاجرة، ونسبها إليه وكأنه هو الكل في الكل، وهو المهمة في حد ذاتها، والحال أن قرار المجلس الدستوري رقم 924/2013، أكد على عدم نسبة التقارير التي تصدر باسم اللجنة إلى نائب بعينه، وبالأحرى أن أشغالها أولية.

تتمة المقال بعد الإعلان

هي أخطاء بالجملة، منها استغلال الوثائق المعهودة إليه بمناسبة مهامه، وانتهاك السرية، والتصرف في تصريحات وصور المستهدفين، ونسب خلاصات واقتراحات لجهة لم تصادق عليها، وعرض معطيات ووثائق مملوكة لمؤسسة دستورية بقصد المتاجرة فيها، في زمن يتولى فيه حقيبة العدل، وفي بلد أحد من بين ثوابته “الاختيار الديمقراطي”، ومن مبادئه الدستورية الأساسية “الحكامة الجيدة”، و”ربط المسؤولية بالمحاسبة”)) (المصدر: افتتاحية جريدة الاتحاد الاشتراكي، بعنوان: “الخطأ القاتل”/ 31 ماي 2022).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى