تحليلات أسبوعية

ملف الأسبوع | تاريخ التفاعل الإسباني مع مقترح الحكم الذاتي

على خطى أمريكا

في غفلة من العالم، أعلنت الحكومة الإسبانية عن دعم مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب منذ سنة 2007، وهو الشرط الذي وضعته المملكة المغربية من أجل إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، في ظل توترات دولية تغلب عليها الأزمة الروسية الأوكرانية، وقد اعتبر المغرب ذلك بمثابة الانتصار الصريح عندما نجح في إجبار إسبانيا على إعطاء موقف رسمي وصريح من قضية الصحراء المغربية، ورغم أن الموقف الإسباني لم يرق إلى الموقف الأمريكي القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء، إلا أن المغاربة اعتبروه انتصارا..فلماذا؟

إن المتأمل في الموقف الإسباني من مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب إلى الأمم المتحدة منذ سنة 2007، على مدى الحكومات التي تعاقبت على الجارة الشمالية منذ ذلك العام، يفهم لماذا اعتبر دعم إسبانيا الصريح لهذا المقترح بمثابة انتصار لقضيتنا الوطنية، لذلك يحاول هذا الملف التطرق لمختلف مواقف الحكومات الإسبانية- منذذلك التاريخ- من مبادرة الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب.

 

أعد الملف: سعد الحمري

 

حكومة ثباتيرو الثانية بين الدعم الخفي لمقترح الحكم الذاتي ومعارضته رسميا

    تزامنت الولاية الثانية للاشتراكيين الإسبان على رأس الحكومة الإسبانية بقيادة خوسي لويس ثباتيرو، مع ذروة ترويج المغرب لمقترحه الخاص بالحكم الذاتي في الصحراء المغربية كحل نهائي لإيجاد مخرج للنزاع المفتعل بالمنطقة،وتصادفت المبادرة المغربية مع قمةتشبث الحكومة الإسبانية بموقفها الرسمي، وهو الحياد، وأخذ مسافة بين البلدان المعنية، حيث أنرئيس الوزراء الإسبانيثباتيرو ووزير خارجيته ميغيل موراتينوس، كانا يعلنان عن ذلك صراحة في كل مناسبة، ورغم أن الموقف الإسباني كان هو الحياد أولا وأخيرا، فقد طرأ تغيير خفي داخل الدوائر الرسمية عندما طرح المغرب مبادرة الحكم الذاتي، حيث كشفت وثائق “ويكيلكس”، التي تسربت أواخرعام 2010، عن معطيات جديدة مفادها”قيام وزارة الخارجية الإسبانية بدعم خفي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية”.

ولم يكن هذا الدعم للمقترح المغربيمعلنا، ويعود السبب في ذلك إلى أن إسبانيا كانت ترغب في إبقاء الأمر سرا.. حتى لا يتسبب ذلك في تهييج الرأي العام الإسباني الداعم لجبهة البوليساريو وأطروحة الانفصال ضد الحكومة الاشتراكية، خصوصا وأن غالبية الداعمين للبوليساريو هم من قواعد اليسار الإسباني المشارك في حكومة ثباتيرو الثانية، ومن علامات الدعم الإسباني لمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب،عندما قاموزير الخارجية الإسباني موراتينوس بتحرير وثيقة غير رسمية ووزعها على الدول الأعضاء في مجلس الأمن، تدعو إلى التخلي عن قاموس “تصفية الاستعمار، وتقرير المصير”، وتعويضه بقاموس جديد يضم مصطلحات مثل “الجهوية، الحكم الذاتي…”.

ورغم الدعم الخفي لمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب، إلا أن الإسبان أبدوا تحفظهم تجاهه في المناسبات الرسمية.. فقد استقبل مسؤولو وزارة الخارجية الإسبانية نظراءهم المغاربة، الذين حلواخلال شهر فبراير2007 بمدريد ضمن جولة أوروبية للتعريف بمشروع الحكم الذاتي،إلا أن “الصيغة” التي قدمها المغرب لم تلق ترحيبا كبيرا لدى المسؤولين الإسبان، الذين أبدوا عليها بعض الملاحظات.

وقد كان من نتائج ذلك، أن أدى هذا الدعم الخفي والمتردد، الذي لم يكن بالمستوى الذي يرضي الرباط، إلى غضب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي اتهم الاشتراكيين الإسبان بأنهم “لم يكونوا نزهاء مع الصحراويين”، وهو الاتهام الذي أدلى به الرئيس الجزائري للسيناتور الأمريكي ريتشارد لوغار، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي خلال زيارة هذا الأخير إلى الجزائر، وزادت حدة هذا الغضب الجزائري فيما بعد، بعدما اتضح الدعم الإسباني للمغرب بخصوص قضية الصحراء، بشكل وصل إلى التنسيق في بعض المواقف (المصدر: كتاب “الجوار الحذر”).

وفي خضم التردد الإسباني خشية خسارة أحد الشريكين الاستراتيجيين بالمنطقة، حدث في شهر غشت عام 2008، أمر جديد كان له ما بعده في قضية الصحراء المغربية، حيث أنه،ولأول مرة في تاريخ قضية الصحراء، سيخرج مسؤول أممي ليعلن أمام الجميع عن “استبعاده إمكانية إنشاء دولة سادسة في منطقة المغرب العربي”، وهو بيتر فان والسوم، المبعوث الأممي لقضية الصحراء، وهو ما ضرب في العمق الأطروحات التي بنيت عليها جبهة البوليساريووغذتها الجزائر طيلة العقود الماضية، وكانت مفاجأة، أو بالأحرى صدمة الجزائر والبوليساريو كبيرة، بحكم أن بيتر فان والسوم أدلى بما لا يمكن لوسيط أممي أن يقوله من قبل،ورغم أن تلك كانت قناعة سابقيه ومن بينهم جيمس بيكر، الذي لوح في عام 2000 بضرورة البحث عن حل ثالث بعدما تعب من التنقل بين المغرب والجزائر ومخيمات تندوف، إلا أنه انساق وراء أطروحة تقرير المصير بعد ذلك، واختار المبعوث الأممي فان والسوم صحيفة “إلباييس” المدريدية، لنشر رسالته بشأن ملف الصحراء.

وكان على إسبانيا أن تدلي برأيها في هذه النازلة، ومباشرة بعد تصريحات المبعوث الأممي، صرح السفير الإسباني لدى الأمم المتحدة، وقتها، خوان أنطونيو باريونيبو، بأهمية التقرير الذي جاء به المبعوث الأممي فان والسوم، مؤكدا أن “التقرير أعطى رأيا مهما جدا”، لأنه بالنسبة إليه “يبقى أهم ما في الأمر، هو أن يعرف كيف يعطي دفعة جديدة للمفاوضات التي يشرف عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو، لأنه يجب بذل أكبر الجهود من أجل إحداث التوافق بين مجلس الأمن والأمين العام الأممي ومبعوثه الخاص المكلف بالنزاع في الصحراء، بهدف إقناع الأطراف بالاستمرار في هذه المفاوضات”..لكن انتهى الأمر بإقالة المبعوث الأممي بعد ضغط جزائري.

وفي ظل كل هذه التحولات، ظهرت أزمة أميناتو حيدر في خريف 2009، والتي وضعت حكومة ثباتيرو في مأزق جديد، عندما قامت السلطات المغربية بطردها من مطار العيون، إثر كتابتها في خانة البلد المتوجهة إليه “الصحراء الغربية”، وقامت بطردها إلى جزيرة لانتروتي الإسبانية بدون جواز سفرها المغربي.

وبعد مرور فترة قصيرة على انتهاء أزمة أميناتو حيدر، انتهت مهمة عمر عزيمان كسفير للمغرب في إسبانيا، وعوض بسفير جديد هو أحمد ولد سويلم، الذي يعتبر أحد آخر الملتحقين من الجبهة بالمغرب في يوليوز 2009، وهو شخصية على دراية تامة بمنظمة البوليساريو، وكان تعيينه يعني أن المغرب أمضى في طريق آخر غير الذي اتبعه في معالجة ملف الصحراء في علاقة مع الجارة الشمالية، وفيه إعطاء إشارة بإشراك الصحراويين العائدين في المناصب الحساسة بشكل يتماشى مع خطة الحكم الذاتي التي وضعها لإيجاد تسوية لقضية الصحراء، ومن جانب آخر، إحراج كبير لانفصالييالبوليساريو الذين وجدوا أنفسهم يتواجهون مع أحد قياديي الأمس الذي يعرفهم، كما عين المغرب عدة قناصل صحراويين في مدن إسبانية، لكن الحكومة الإسبانية تأخرت مدة سنة كاملة لتوافق على الاسم المقترح من طرف الرباط.

ورغم أزمة أميناتو حيدر، ظلت الدبلوماسية الإسبانية، طيلة تلك الفترة، تتهرب من الإدلاء بتصريحات تخص توسيع مهام بعثة “المينورسو” في الصحراء لتشمل حقوق الإنسان أيضا، ولم تعط تصريحات صريحة في هذا السياق إلا بعد انفجار أحداث مخيم “إكديمإيزيك” بالعيون في شهر نونبر 2010، عندما دعت وزيرة الخارجية الإسبانية ترينيدادخيمينس إلى ذلك، وخلال تلك الفترة، لوح رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق، خوسي ماريا أثنار، في إحدى زياراته إلى سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بمدريد، بأن “دعم واشنطن للمغرب فكرة سيئة، لأن المغاربة يبالغون في طلباتهم، ودائما يريدون أكثر”، وفق ما تورده وثائق “ويكيلكس”.

وزير خارجية إسبانيا، مانويل مارغايو في زيارة للمغرب سنة 2012 عندما كان العثماني وزيرا للخارجية

حيرة ماريانوراخوي بين دعم مخطط الحكم الذاتي المغربي والحفاظ على العلاقات الجزائرية

    استمر الوضع على ما هو عليه، وهو نهج إسبانيا لسياسة شد العصا من الوسط، إلى أن جاء الربيع العربي، وكان من الصدف، أن جرت انتخابات تشريعية في المغرب وإسبانيا في نفس الوقت، حيث نظمت الانتخابات التشريعية في الجارة الشمالية يوم 20 نونبر 2011، بينما نظمت في المغرب بعد ذلك التاريخ بخمسة أيام،ولم يكن هذا هو القاسم المشترك الوحيد بين البلدين.. فقد أدت الانتخابات إلى تغيير الخريطة السياسية في المملكتين، إذ عاد في إسبانيا الحزب الشعبي اليميني إلى السلطة لأول مرة منذ ثمان سنوات وبأغلبية مطلقة، وترأس الحكومةماريانوراخوي، في حين فاز حزب العدالة والتنميةفي المغرب وترأس الحكومة لأول مرة في تاريخه.

وفي أول لقاء جمع وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني مع وزير الخارجية في الحكومة الإسبانية الجديدة، يوم 3 فبراير 2012، أكد المسؤول المغربي أنه تلقى تطمينات بخصوص قضية الصحراء المغربية، غير أن أول اختبار للحكومة الإسبانية الجديدة في قضية الصحراء، كان بعد ثلاثة أشهر من اللقاء الأول بين الوزيرين، وذلك يوم 17 ماي 2012، عندما سحب المغرب ثقته من المبعوث الأممي كريستوفر روس، بسبب ما اعتبره “جمودا في المفاوضات، وتحيزا من المبعوث الأممي لطرف دون آخر”.. ليخرج الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون،على إثر هذا الإجراء المغربي، بتصريح عبر من خلاله عن دعمه وثقته في المبعوث الأممي للصحراء،وانتظر المغرب موقفا إسبانيا من القضية، غير أن الجارة الشمالية انتظرت حتى يوم 23 ماي لتدلي بدلوها في الموضوع، عندما خرج كاتب الدولة في الخارجية الإسبانية غونتا لودي بينيتو، بتصريحات غامضة ومتناقضة، فقد اختار كلمات إسبانية منتقاة بعناية للإيحاء بدعم مدريد للمبعوث الأممي، وهو الإيحاء الذي تجنبه خلال تصريحاته للصحافة المغربية، غير أنه خلال زيارته إلى الرباط، عبر وزير الخارجية الإسباني، مانويل غارسيامارغايو، عن موقفه من المبعوث الأممي كريستوفر روس، عندما قال: “من الأفضل أن يحرز روس تقدما في الملفات، ويركز على الأمور المهمة عوض تضييع الوقت في أمور ثانوية”، وقد جلبت هذه التصريحات سيلا من الانتقادات داخل إسبانيا وخارجها، وبالضبط في الجزائر، وهو الأمر الذي جعل وزير الخارجية الإسباني يوضح موقفه يوم 10 أكتوبر 2012 بمجلس الشيوخ الإسباني، حيث قال:”إن الحكومة الإسبانية مع حل دائم ومقبول ويضمن مسبقا تقرير المصير في إطار مبادئ وقرارات الأمم المتحدة”،وبالتالي، فقد عكس الموقف الإسباني من جديد ضرورة شد العصا من الوسط، لأنه لم يكن يرغب في خسارة شريكين استراتيجيين.

ولم تمر سنة حتى أصبحت إسبانيا أمام امتحان محرج آخر بسبب قضية الصحراء المغربية، وهذه المرة عندما قدمت ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية بالأمم المتحدة، سوزان رايس، مقترحا لتوسيع صلاحيات بعثة “المينورسو” بالصحراء المغربية لتشمل حقوق الإنسان أيضا،فكان موقف إسبانيا هو التريث، حيث إنها لم تدعم الموقف الأمريكي، ثم عبرت عن تحفظها إزاء هذا المقترح، وعملت في الخفاء على دعم المغرب في اجتماعات “مجموعة أصدقاء الصحراء”، والتي قالت صراحة أن “المقترح الأمريكي غير ذي جدوى”.

لم يستمر المقترح الأمريكي في تعكير الأجواء في المغرب، بل انتهى به المطاف إلى سحبه من طرف أمريكا بعد ضغط فرنسي إسباني، وقام الملك محمد السادس مباشرة بزيارة إلى أمريكا، يوم 19 نونبر 2013، التقى خلالها بالرئيس باراك أوباما، الذي عبر لأول مرة عن دعم الإدارة الأمريكية لمقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب واعتبره مقترحا جديا وواقعيا وذي مصداقية.

واعتبر الموقف الإسباني من المقترح الأمريكي أنه داعم للرباط، وهو ما جعلها في مواجهة مباشرة مع الجزائر، وكان على إسبانيا أن تدلي بموقف مؤيد للجزائر وجبهة البوليساريو، وكان الحدث مواتياعندما قام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بزيارة إلى مخيمات تندوف في شهر أبريل 2014، عندها وصف رئيس الوزراء الإسباني ماريانوراخوي “تقرير المصير بكونه حلا دائما ومقبولا وعادلا” على حسابه بموقع “تويتر”، ثم قام بخطوة جديدة داعمة للبوليساريو، حيثجدد دعمه لحق تقرير المصير خلال جلسات الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة خلال شهر شتنبر من نفس السنة، عندما قال: “إن قضية الصحراء تستمر ضمن الملفات المطروحة لدى الأمم المتحدة، إسبانيا تؤيد البحث عن حل دائم ومقبول من الطرفين وينص على حرية تقرير المصير للشعب الصحراوي في الصحراء في إطار قرارات ومبادئ الأمم المتحدة، ولهذا نؤيد المساعي التي يقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي” (نفس المصدر).

لقد استمر هذا الموقف من الجارة الشمالية ولم يتغير.. فعندما زار العاهل الإسباني المغرب فيشهر يوليوز 2014 رفقة وفد هام ضم عددا من رجال الأعمال الإسبان، وتم خلال الزيارة رفع العلاقات بين البلدين إلى مستوى علاقات استراتيجية، فإنه لم يتم التطرق لقضية الصحراء المغربية، وحتى البيان المشترك لم يتطرق لهذا الملف.

وفي خضم الموقف الإسباني من مخطط الحكم الذاتي، خرج “معهد التفكير المدريدي” المقرب من الحزب الشعبي الحاكم في إسبانيا، بتقرير استراتيجي في بداية سنة 2014، نصح من خلاله الحكومة الإسبانية بالدفاع عن مقترح الحكم الذاتي بشكل يرضي المغرب وجبهة البوليساريو، واعتبر المعهد أن “الحكم الذاتي هو الحل الأنسب، لأن خلق دولة من آلاف السكان سيزيد من عدم الاستقرار الأمني للمنطقة”.

دي ميستورا في ضيافة بوريطة

الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء غير موازين القوى في المنطقة لمصلحة الرباط

    لم يتغير الأمر كثيرا مع حكومة بيدروسانشيز.. فقد ظلت هي الأخرى تعمل على مسك العصى من الوسط، إلى أن جاء القرار الأمريكي القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء يوم 10 دجنبر 2020، وهو القرار الذي غير بشكل جذري موازين القوى في المنطقة، وأصبح الموقف المغربي أقوى من ذي قبل، وقد أدى ذلك إلى قلق إسباني من الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وعملت على الدفع بكل ثقلها الدبلوماسي والسياسي بالولايات المتحدة إلى التراجع عن قرارها، معتبرة أن ذلك لا يخدم أجندتها الدبلوماسية والسياسية والاستراتيجية في المنطقة، باعتبار أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء يشكل ضغطا كبيرا على إدارتها من أجل الخروج من منطقة التردد الدبلوماسي والسياسي، وتحمل مسؤوليتها التاريخية تجاه هذا النزاع المفتعل، لكن أمريكا لم تخضع للضغوط الإسبانية، حيث شكل الضغط الإسباني على أمريكا بداية أزمة مع المغرب بدأت بشكل خفي ثم تحولت إلى أزمة علنية عندما استضافت إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو فوق أراضيها من أجل العلاج بطريقة سرية وهوية مزورة، دون إخبار السلطات المغربية، وكان ذلك دافعا لأن تقوم الرباط بسحب سفيرتها من مدريد ودخول العلاقات بين البلدين في مرحلة جمود، وتوالت الضربات على إسبانيا خلال هذه المرحلة، من خلال إقرار ألمانيا بدعم مقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب، بعدما كانت هي الأخرى في أزمة سياسية مع المملكة عندما عارضت القرار الأمريكي القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء.

وبعدما وجدت إسبانيا نفسها في مأزق، أصبح شرط عودة العلاقات بين البلدين هو أن تنتقل الدبلوماسية الإسبانية إلى الاعتراف بمغربية الصحراء مثلما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية، أو على الأقل دعم مبادرة الحكم الذاتي بشكل علني وواضح مثلما فعلت فرنسا، التي لا تخفي تعاطفها مع مقترح الحكم الذاتي، وقد انتهى الأمر بالحكومة الإسبانية إلى الخضوع للضغوط المغربية والإعلان عن الدعم الرسمي والصريح لمبادرة الحكم الذاتي الذي تقترحه الرباط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى