تحليلات أسبوعية

ملف الأسبوع | كيف حاصرت الجزائر نفسها بنفسها

عام على تكريس مغربية الصحراء

الطبيعة تمقت الفراغ.. هذا هو حال السياسة، فلا يمكن أن نعرف قدرة قوة السياسة الخارجية لأي دولة دون وجود مشاكل، فالمغرب دون قضية الصحراء لم يكن من الممكن معرفة قوته الدبلوماسية على الصعيد الدولي،حيث أصبح هذا الملف هو المحدد لقوة سياسة المغرب الخارجية، وهي المعيار الأساسي. والصراع دائما مع الجارة الشرقية الجزائر، التي لا تدخر جهدا من أجل عرقلة مصالح المملكة على الدوام، ولاشك أن سنة 2021 كانت مليئة بالأحداث المرتبطة بالصحراء المغربية، يستعرض هذا الملف أهم ما حققه المغرب في هذا الباب.

 

أعد الملف: سعد الحمري

 

تبخر المخططات الجزائرية بسبب قرار مجلس الأمن حول قضية الصحراء

    كان الاتفاق المشترك الذي وقعه كل من المغرب وأمريكا وإسرائيل نهاية عام 2020، والذي جرى بموجبه تطبيع العلاقات مع إسرائيل واعتراف أمريكا بمغربية الصحراء، مقدمة وحدثا مؤثرا على مجريات سنة 2021.. فقد كانت هذه السنة التي نحن على وشك توديعها، مليئة بالأحداث الدبلوماسية التي كان المغرب طرفا فيها، وكان لهذا الحدث وقع عظيم على عدة قوى، وخاصة القوى الأوروبية الكبرى، ومن ضمنها ألمانيا وإسبانيا، حيث كانت ألمانيا سباقة للتعاطي مع الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على كامل صحرائه، حيث دعت لاجتماع طارئ بمجلس الأمن من أجل التأثير على الموقف الأمريكي الجديد، وهو الأمر الذي خلق أزمة بين المغرب وألمانيا.

كان المغرب صارما مع ألمانيا وباقي الدول التي تنهج سياسة الغموض تجاه قضية الصحراء، فلأول مرة نرى الدبلوماسية المغربية تنهج سياسة هجومية واضحة تجاه القوى العظمى، شعارها لا نقاش ولا حوار إلا بعد الاعتراف بمغربية الصحراء، وقد دشن المغرب هذه السياسة مع ألمانيا، وأعلن في شهر مارس الماضي، عن تعليق كل اتصال أو تعاون مع السفارة الألمانية في الرباط، ومع كل المؤسسات الألمانية التابعة لها، وصدر بيان عن وزارة الشؤون الخارجية المغربية أوضحت من خلاله أن من بين أسباب هذا القرار، هو “اتخاذ ألمانيا لموقف سلبي بشأن قضية الصحراء المغربية، إذ جاء هذا الموقف العدائي في أعقاب الإعلان الرئاسي الأمريكي الذي اعترف بسيادة المغرب على صحرائه، وهو ما يعتبر موقفا خطيرا لم يتم تفسيره لحد الآن”،وظلت العلاقات بين البلدين على هذا الحال منذ شهر مارس الماضي، وخلال هذه المرحلة، هللت الجزائر لهذه القطيعة بين المغرب وألمانيا، وعملت على التقارب مع ألمانيا بقوة.

كما شهدت نفس السنة، أزمة دبلوماسية “غير مسبوقة” بين المغرب وإسبانيا، وذلك جراء استضافة مدريد لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي، للعلاج من “كورونا” بهوية مزيفة في 21 أبريل الماضي، وزاد من حدة الأزمة، تدفق نحو 8 آلاف مهاجر تجاه مدينة سبتة المحتلة بين 17 و20 مايو الماضي، وفي 18 مايو، استدعت الرباط سفيرتها لدى مدريد، كريمة بنيعيش، للتشاور، بعد أن استدعتها الخارجية الإسبانية احتجاجا على تدفق آلاف المهاجرين إلى سبتة، وأعلن المغرب أن شرط استئناف علاقاته مع إسبانيا هو اعترافها بشكل صريح بمغربية الصحراء، وغير ذلك لا يمكن أن تعود المياه إلى مجاريها.

لقد استغلت الجزائر هذا الوضع، وحاولت التقارب مع كل من إسبانيا وألمانيا ومحاولة تشكيل محور من أجل الضغط على المغرب وعزله في محيطه، حيث حاولت أن تروج لفكرة مغرب عربي بدون المغرب، ومعناه عزل حركته التجارية جنوبا تجاه موريتانيا، وكذلك عزله شمالا مع إسبانيا، كما قطعت الجارة الشرقية علاقاتها مع المغرب ابتداء من شهر غشت الماضي.

غير أن قرار مجلس الأمن في اليوم الأخير من شهر أكتوبر المنصرم، والقاضي بتمديد مهمة بعثة “المينورسو”، كان أسوأ سيناريو كانت تتوقعه الجزائر وجبهة البوليساريو، فقبل أسبوع على جلسة التصويت على هذا القرار، عبرت الجزائر عن رفضها العودة إلى مسلسل الموائد المستديرة الذي توقف منذ عام 2019، ووزعت مذكرة رسمية على أعضاء مجلس الأمن تؤكد فيها بأن قرارها بعدم المشاركة “لا رجعة فيه”، إلا أن القرار الأممي الجديد كان صادما للجزائر، فقد نص على تمديد ولاية بعثة “المينورسو” لمدة عام جديد، والدعوة إلى استئناف المفاوضات السياسية التي تقودها الأمم المتحدة بدون شروط مسبقة، من أجل إيجاد حل للنزاع الذي عمر طويلا، ودعا القرار الذي صاغته الولايات المتحدة، إلى ضرورة التوصل إلى حل سياسي واقعي ودائم ومقبول للنزاع، يعرب عن دعمه الكامل للأمين العام ومبعوثه الشخصي لتيسير عملية المفاوضات، كما دعا كلا من المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو، إلى استئناف المفاوضات بدون شروط مسبقة وبحسن نية، على أن تكون المفاوضات في شكل موائد مستديرة، وهو الأمر الذي سبق للجزائر أن رفضته رفضا باتا، ومعنى هذا أن القرار يعتبر الجزائر طرفا مباشرا في القضية.

وقد رحب المغرب بالقرار الجديد، فيما أكدت جبهة البوليساريو أنها بصدد تقييمه على أن تصدر بيانا في الوقت المناسب، وقد استبقت الجبهة بيانها بانتقادات لاذعة لنص القرار الذي تم اعتماده بموافقة 13 بلدا مقابل امتناع تونس وروسيا عن التصويت.

السفير الأمريكي يعترف بمغربية الصحراء في عهد الرئيس ترامب

نجاح سياسة المغرب الهجومية في ترويض ألمانيا

    لم يكن قرار مجلس الأمن هو الصدمة الوحيدة بالنسبة للجزائر، فقد نجحت سياسة المغرب الهجومية إلى حد بعيد، حيث روضت ألمانيا وما أدراك ما ألمانيا، فبعد نحو أسبوعين من تسلم أولاف شولتز منصب المستشار خلفا لأنجيلا ميركل، أقدمت الحكومة الجديدة على خطوة كانت مؤشرا على ما سيكون عليه الحال سنة 2022، حيث أصدرت بيانا أكدت من خلاله أن ((المغرب يعتبر حلقة وصل مهمة بين الشمال والجنوب سياسيا وثقافيا واقتصاديا))، ثم أعلنت الخارجية الألمانية في بيان لها يوم 13 دجنبر 2021، أنها تدعم مقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب.

ومن جانبها، ردت الحكومة المغربية على هذا الموقف الجديد بالقول:((إن مواقف الحكومة الألمانية الجديدة تتيح استئناف التعاون الثنائي وعودة عمل التمثيليات الدبلوماسية للبلدين إلى شكلها الطبيعي))، وقالت وزارة الخارجية المغربية في بيان لها:((إن المملكة ترحب بالتصريحات الإيجابية والمواقف البناءة التي عبرت عنها مؤخرا الحكومة الفيدرالية الجديدة لألمانيا))، وأضافت أنها ((تأمل في أن تقترن هذه التصريحات بالأفعال بما يعكس روحا جديدة ويعطي انطلاقة جديدة للعلاقة على أساس الوضوح والاحترام المتبادل)).

وقد استقبلت الحكومة الألمانية الموقف المغربي بإيجابية، فقد ذكرت وزارة الخارجية الألمانية يوم 23 دجنبر، أنه ((ينبغي أن تعود البعثات الدبلوماسية في الرباط وبرلين بأسرع ما يمكن إلى قنواتها المهنية المعتادة للتواصل))، وأضافت أنه ((يجب الآن دفع العلاقات الألمانية المغربية إلى الأمام من خلال الحوار..)) وهو ما شكل ضربة موجعة للجزائر.

وفي الجانب الآخر، ظلت العلاقات مع إسبانيا على حالها رغم ظهور مؤشرات تجاوز الأزمة تارة والتوتر من جديد تارة أخرى، حيث ما يزال المغرب ينهج سياسة هجومية في هذا الباب، وهو الإصرار على اعتراف إسبانيا الصريح بمغربية الصحراء،إذ من الممكن أن يظل الأمر على حاله بين البلدين إلى نهاية هذه الحكومة وصعود حكومة جديدة.

التحركات الجزائرية على مستوى جامعة الدول العربية تنتهي بفرض خريطة موحدة تضم خريطة المغرب كاملة

    لم تكد الجزائر تخرج من هزيمة وإحباط قرار مجلس الأمن حول الصحراء المغربية، حتى وجهت بوصلتها صوب جامعة الدول العربية، لعلها تجد مؤيدا لأطروحتها، وكذا الترويج لقضية دعم الشعب الفلسطيني على اعتبار أن الجزائر هي الوحيدة التي مازالت تدعم فلسطين، فقد أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، يوم 10 نونبر الماضي، أن بلاده ستحتضن القمة العربية في مارس 2022، وذلك بعد تأجيلها منذ عام 2020 بسبب جائحة “كورونا”، وبخصوص أبرز الملفات التي أوضح أنها ستناقش خلال القمة، أكد الرئيس الجزائري، أن ((أول القضايا التي ستطرح، هي تجديد جامعة الدول العربية على الالتزام الجماعي العربي تجاه القضية الفلسطينية، وتأكيد تقييد جميع الدول العربية بمبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك السعودي فهد بن عبد العزيز عام 2002 في قمة بيروت، التي تهدف إلى إنشاء دولة فلسطينية وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل السلام مع إسرائيل)).

ولاشك أن الجزائر تحاول من خلال تجديد طرح القضية الفلسطينية، إظهار نفسها كمدافع عن الشعب الفلسطيني، مقابل المملكة المغربية التي طبعت مع إسرائيل، إلا أنها نسيت أن الكثير من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية مطبعة مع إسرائيل منذ عقود، وأن أي توصية تدين التطبيع مع إسرائيل سوف لن تصدر ضمن هذه القمة كيفما كان الحال.

أما الملف الثاني في القمة، حسب الرئيس الجزائري، فهو ((إصلاح منظومة عمل جامعة الدول العربية من أجل مواجهة التحديات الراهنة)) دون تقديم تفاصيل أكثر حول طبيعة هذه الإصلاحات، ويعود مطلب الجزائر هذا إلى سنوات، حيث سبق أن دعت في قمة عام 2005 التي استضافتها، إلى إصلاح جوهري لعمل الجامعة، يشمل تدوير منصب الأمين العام بين الدول الأعضاء.

لذلك، يبدو أن الجزائر ظلت تمني النفس بهذا المطلب، حيث أن توليها منصب الأمين العام خلال إحدى الدورات، من شأنه أن يسمح لها بإدراج بعض النقاط ضمن القمم العربية، وعلى رأسها أسطوانتها القديمة الجديدة بشأن البوليساريو، ووضع خريطة المملكة المغربية مبتورة من صحرائها.

غير أن الخيبات انهالت عليها تباعا، فقد جاء ذلك في المرة الأولى عن طريق دول مجلس التعاون، حيث جاء في البيان الختامي الذي توج أعمال القمة الثانية والأربعين لمجلس التعاون الخليجي، والتي انعقدت يوم 14 دجنبر في العاصمة الرياض، برئاسة المملكة العربية السعودية، التأكيد على مواقفه وقراراته الثابتة الداعمة لمغربية الصحراء، والحفاظ على أمن واستقرار المملكة المغربية ووحدة أراضيها، كما أشاد البيان الختامي للقمة، الذي تلاه نايف بن فلاح الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بقرار مجلس الأمن رقم 2602 الصادر بتاريخ 29 أكتوبر 2021 بشأن الصحراء المغربية.

في نفس السياق، أكد قادة الخليج على أهمية الشراكة الاستراتيجية الخاصة بين مجلس التعاون والمملكة المغربية، وتنفيذ خطة العمل المشترك، وعلى مواقفه وقراراته الثابتة الداعمة لمغربية الصحراء، والحفاظ على أمن واستقرار المملكة المغربية ووحدة أراضيها.

وبعد ذلك، بعث العاهل المغربي محمد السادس، رسائل لقادة دول الخليج، أعرب من خلالها عن شكره لدول الخليج إزاء دعمها الصريح لمغربية الصحراء، مؤكدا التزام بلاده بالدفاع عن أمن واستقرار تلك الدول، فقد بعث البرقيات لكل من نظيره السعودي الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الإمارات خليفة بن زايد آل نهيان، وأمير قطر تميم بن حمد، وملك البحرين حمد بن عيسى، وأمير الكويت نواف الأحمد الجابر الصباح، وسلطان عمان هيثم بن طارق بن تيمور.

وبما أن المصائب لا تأتي فرادى، فإن الجارة الشرقية تلقت صفعة أخرى، عندما صدرت مذكرة يوم 25 دجنبر عن جامعة الدول العربية، إلى جميع المنظمات والهيئات المنضوية تحت لوائها، توصيها باعتماد خريطة موحدة في جميع التظاهرات التي تنظمها، مرفقة بصورة لخريطة الدول العربية ضمت خريطة المغرب كاملة، وجاء موقف الجامعة العربية، بحسب المصادر ذاتها، ردا على احتجاج تقدمت به مندوبية الجزائر لدى الجامعة، على نشر خريطة المغرب كاملة في إحدى الفعاليات التي عقدتها منظمة المرأة العربية في القاهرة، وأرفقت جامعة الدول العربية مذكرتها، الموجهة إلى كل منظماتها وهيئاتها، بخريطة كاملة للوطن العربي، منها خريطة المغرب تضم الأقاليم الجنوبية للمملكة، ليشكل ذلك ضربا لما كانت الجزائر تمني به النفس، وهو اعتماد خريطة المغرب خلال القمة المزمع عقدها فوق ترابها، دون صحرائه.. فما الذي ستجنيه من هذه القمة؟ الجواب سيكون خلال شهر مارس المقبل إن التزمت الجزائر باستضافتها.

بوريطة

 

فكرة مغرب عربي بدون مغرب مخطط جزائري ولد ميتا

    لم يتوقف الأمر عند محاولة الجزائر لعب ورقة جامعة الدول العربية، بل عملت جاهدة على الدفع بملف آخر شبه مستحيل، وهو الترويج لفكرة مغرب عربي دون المغرب، وفعلا بدأت في تنفيذ أجندتها، وظهر ذلك خلال تصويت مجلس الأمن للأمم المتحدة على القرار رقم 2602، الذي حددت بموجبه ولاية بعثة “المينورسو”.. فقد امتنعت تونس عن التصويت لصالح قرار مجلس الأمن الدولي بشأن تمديد عمل البعثة الأممية في الصحراء لمدة سنة إضافية، الأمر الذي ربطه متتبعو ملف الصحراء بالتقارب السياسي بين قصر المرادية وقصر قرطاج في الفترة الأخيرة، و”رضوخ” تونس للنظام الجزائري.

وبذلك، اعتبر أن تونس استبدلت سياسة الحياد التقليدي في ملف الصحراء المغربية بنوع من التقارب السياسي مع الجزائر، وهي المرة الأولى في التاريخ السياسي التونسي خلال العقود الماضية، الأمر الذي رده البعض إلى أن تونس طلبت دعما ماليا جزائريا من أجل استكمال تمويل الميزانية، وأن الجزائر قبلت مقابل لعب تونس هذا الدور.

وقد كان امتناع تونس مؤشرا قويا على تحول جديد في سياستها تجاه القضية الوطنية المغربية، حيث أن ذلك كان ممهدا لأن تقوم تونس بخطوة أكبر، ويتعلق الأمربالاعتراف بالبوليساريو، وعلى هذا الأساس، قام الرئيس الجزائري بزيارة رسمية إلى جارته الشرقية يوم 15 دجنبر الجاري، غير أن البيان الختامي كان مخيبا لآمال الجزائر، لأنه لم يتضمن ولا إشارة واحدة إلى البوليساريو أو الخطابات التي ظلت تكررها الجزائر.

وبالتزامن مع زيارة الرئيس الجزائري إلى تونس، روجت وسائل الإعلام الجزائرية لخبر زيارة الرئيس الموريتاني للجزائر نهاية هذا الشهر، لكن يبدو من خلال التحركات الدبلوماسية والعسكرية الأخيرة لموريتانيا، أنها ترفض فكرة “مغرب عربي بدون المغرب” جملة وتفصيلا.. فقد بدأ ذلك منذ أن حاولت الجزائر إقحام موريتانيا في الصراع مع المغرب عشية اتهامها للمغرب بقتل ثلاثة من مواطنيها الجزائريين في أرض موريتانية، وهو ما سارعت نواكشوط إلى تكذيبه في حينه، نافية أن يكون أي حدث حصل فوق أراضيها، وعقب ذلك، نصبت نواكشوط مجموعة من الرادارات على حدودها الشمالية بهدف مراقبة الحركة الجوية والبرية في المنطقة، ومساعدة الوحدات العسكرية على رفع قدراتها ومنع تسلل عناصر جبهة البوليساريو إلى ترابها.

أما على المستوى الدبلوماسي، فيظهر أن الرئيس الموريتاني يعلن بطريقة غير مباشرة، عن رفضه للمخطط الجزائري، حيث أكد أنه على استعداد أكثر من مرة للقيام بوساطة بين المغرب والجزائر منذ إعلان الجزائر عن قطع علاقاتها مع المغرب في شهر غشت الماضي، ومعنى هذا أنه لا يتصور مغربا عربيا دون المغرب.. فقد أكد الرئيس الموريتاني مطلع شهر أكتوبر الماضي، في حوار للصحيفة الفرنسية “لوبينيون”، حول الأزمة بين الجزائر والمغرب، ما يلي:((لا نعتقد أن هناك نية أو مؤشرات نحو المزيد من التصعيد ولا نريد ذلك))، وأضاف:((يجب أن نعتمد على حكمة هذين البلدين الشقيقين اللذين تربطنا بهما علاقات طيبة للغاية، نحن مستعدون إذا طلبا منا أن نلعب دورا مسهلا، أظهرت موريتانيا حيادا إيجابيا في قضية الصحراء منذ اتفاق الجزائر في الخامس من غشت من عام 1979، مما وضع حدا للقتال مع البوليساريو)).

ثم جدد ولد الغزواني التأكيد على هذا الأمر، بعدما بدأ الحديث عن زيارة محتملة سيقوم بها نهاية هذا الشهر إلى الجزائر، وذلك خلال حوار أجراه مع مجلة “الاقتصاد والأعمال” اللبنانية، حيث أبدى استعداده للوساطة لحل الأزمة بين الجزائر والمغرب، وقال ضمن نفس الحوار حول حالة الاتحاد المغاربي:((يمكن تصور حجم الكلفة التي تدفعها شعوب المنطقة جراء عدم قيام اتحاد مغاربي قوي وفعال ومتكامل، ونحن ندرك الصعوبات التي تواجه هذا الحلم،ونتأسف للعقبات التي تقف في طريقه، كما نحن قلقون من عوامل التوتر التي تظهر من حين لآخر، ونعبر بشكل دائم عن أن بلادنا يمكن أن تلعب دورا رئيسيا في استعادة اللحمة بين البلدان المغاربية، وقد ظلت مواقفنا تصب في هذا الاتجاه دائما))، لافتا إلى أنه ((يجب أن نعتمد على حكمة هذين البلدين الشقيقين، اللذين تربطنا بهما علاقات طيبة للغاية، نحن مستعدون إذا طلبا منا ذلك)).

وقال الرئيس الموريتاني:((أملنا أن يأتي اليوم الذي تعود فيه اللحمة إلى اتحاد المغرب العربي، وهو أمل يعيش عليه كل مواطني هذه المنطقة والمسؤولين فيها، ولا شك أنه سيتحقق يوما ما، بفضل إرادة قادة هذه البلدان وقدرتهم على تطويق الخلافات وتحقيق التكامل المنشود، تحقيقا لإرادة الشعوب وتجسيدا لأحلام الآباء المؤسسين)).

وهكذا، يبدو أن موريتانيا تعلن منذ الآن، وبطريقة شبه مباشرة، عن رفضها للمخطط الجزائري القائم على فكرة “مغرب عربي بدون المغرب”.. فهل ما زالت أمام الجزائر بعض الأوراق على المستوى العربي؟

سنة 2022 ستكشف ذلك.

وشهد شاهد من أهلها

    لم تكد هذه السنة المخيبة لآمال النظام الجزائري تنتهي، حتى صرح مسؤول كبير في جبهة البوليساريو، مصطفى سيد البشير، في اجتماع بفرنسا بالتالي قائلا: ((أنا لست وزيرا للأراضي المحتلة، أنا مجرد لاجئ في دائرة المحبس، علينا أن نكون واقعيين ولن أكذب عليكم، وزير خارجيتنا ولد السالك موجود في الجزائر العاصمة، علينا أن نكون واقعيين، كما أن رئيس وزرائنا بشراية، ليس رئيسا للحكومة))، وأضاف:((إبراهيم غالي هو أيضا لاجئ مسجل باسم سيد المصطفى وليس هناك إبراهيم، لا تعتبره وكالة اللاجئين رئيسا لدولة أو مسؤولا كبيرا، كل الصحراويين هم لاجئون يعيشون بفضل مساعدة الجزائر)) ثم تابعموضحا: ((منذ 46 عاما ونحن نطلب المساعدة من الجزائر فيما يتعلق بالمياه والغاز والوقود والأسلحة.. ليست لدينا شروط دولة للعيش..)) وعاد ليكرر أنه ((يجب علينا أن نكون واقعيين، لا نعلم أين نذهب))،ولا شك أن هذه التصريحات كافية لتميط اللثام عن كثير من الأمور(..).

فكيف ستكون سنة 2022، وقد راج مؤخرا الحديث بقوة عن وجود مسعى لدى المغرب لطرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي، ويبدو أن ذلك أصبح واقعا، فلننتظر مجريات السنة القادمة وما تحمله من جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى