تحليلات أسبوعية

ملف الأسبوع | لماذا لا يوجد ميثاق للمعارضة على غرار ميثاق الأغلبية ؟

وقعت أحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، المشكلة للأغلبية الحكومية، يوم 6 دجنبر بالرباط، “ميثاق الأغلبية”، الذي من شأنه أن يشكل إطارا مؤسساتيا ومرجعا يحدد أساليب الاشتغال والتعاون بين مختلف المؤسسات الحكومية والبرلمانية والحزبية، ونص الميثاق على استثمار أمثل ومسؤول للزمن السياسي والحكومي والتشريعي للقيام بكل الإصلاحات والأولويات الملحة، وتنفيذ الأوراش التنموية والاقتصادية الكبرى، وقد وضعت الأغلبية ضمن ميثاقها عشرة أهداف قالت إنها ((ستعمل على تحقيقها بهدف مواصلة بناء أسس الدولة الاجتماعية، ووضع لبنات اقتصاد قوي، وذلك من خلال الرفع من وتيرة النمو ليصل إلى 4 في المائة خلال الخمس سنوات المقبلة، وإحداث مليون منصب شغل صاف خلال هذه الولاية الحكومية)).

إن هذه الخطوات التي تقوم بها أحزاب الأغلبية في إطار وحدة الصف والأهداف، لا تقابلها أي مبادرات من أحزاب المعارضة، حيث يلاحظ تنافر واضح بينها، والحال أنه عبر التاريخ السياسي للمغرب، فإن وحدة الصف والالتئام دائما ما يكون مصدرها أحزاب المعارضة، وذلك خلال مراحل مفصلية وهامة في تاريخ المغرب، لذلك يسعى هذا الملف إلى استعراض أهم التحالفات والتكتلات التي قامت بها المعارضة.

 

أعد الملف: سعد الحمري

 

أول تحالف بين أحزاب المعارضة في المغرب أدى إلى صدور ظهير الحريات العامة الذي يقضي بتأسيس الأحزاب السياسية

    منذ أن حصل المغرب على الاستقلال، كان نسقه السياسي قائما على الحكومة والمعارضة، غير أن ما ميز المغرب خلال مرحلتي الملكين محمد الخامس والحسن الثاني، هو وجود معارضة قوية ومنسجمة في مقابل حكومة تعاني من مشاكل داخلية، وكان أول حزب امتطى صهوة المعارضة في تاريخ المغرب، هو حزب الشورى والاستقلال، وهذا الأخير لم يبق لوحده في الميدان، أو لم تكن له الرغبة في الاستمرار لوحده في جبهة المعارضة، وما إن أعلن عن تأسيس حزب جديد، وهو حزب الحركة الشعبية، أواخر سنة 1957، حتى سخر جرائده لدعمه، وأعلن عن تأييده المطلق لفكرة تأسيس أحزاب أخرى، وبالتالي، تعدد الأحزاب بالمغرب، لكن تم منع حزب الحركة الشعبية من التأسيس، حيث صدر بلاغ حكومي رفض تأسيس الحزب، ورغم ذلك، شكل تحالفا قويا إلى جانب حزب الشورى والاستقلال، وناضل الحزبان بقوة من أجل إخراج قانون الحريات العامة إلى حيز الوجود، والذي يسمح بتأسيس أحزاب أخرى، وبالتالي، ممارسة حزب الحركة الشعبية لنشاطه بشكل قانوني.

وكان جل أعضاء الحكومة من حزب الاستقلال باستثناء رئيس الوزراء مبارك البكاي، الذي كان متعاطفا مع تحالف حزبي الحركة الشعبية والشورى والاستقلال، وكان مطلب حزب الاستقلال الأساسي خلال تلك المرحلة، هو تأسيس حكومة منسجمة مكونة من أعضاء حزب الاستقلال فقط، وفي بداية سنة 1958، جددت اللجنة السياسية للحزب مطلبها للملك، وخلال اجتماع هذه الأخيرة بتاريخ 19 مارس 1958، أكد المهدي بنبركة أمام أعضاء الحزب، أن اللجنة اجتمعت بالملك وطرحت أمامه قضية التعديل الحكومي، وأوضحت له ضرورة توفر حكومة قوية ومنسجمة للتصدي للمشاكل الداخلية والخارجية، إلا أن الملك استبعد الفكرة لاعتبارين: الأول أنه لا يوجد مبرر قوي للقيام بأي تعديل حكومي، وثانيا، أن حكومة أعضاؤها من نفس الحزب لا يمكن أن تتشكل إذا لم تنتج عن انتخابات عامة.

وتزامنت مطالب حزب الاستقلال مع مطالبة حزبي الشورى والاستقلال والحركة الشعبية، بإصدار ظهير يقضي بالسماح بتأسيس الأحزاب السياسية والجمعيات، حيث استقبل رئيس الحكومة مبارك البكاي، وفدا مكونا من أعضاء حزب الحركة الشعبية، قدموا له ملتمسا موقعا من طرف أحزاب المعارضة ضمنهم المحجوبي أحرضان وعبد الكريم الخطيب ومحمد بن الحسن الوزاني، يتضمن الاحتجاج على عدم تمتع المغاربة بكامل حقهم في تأسيس الجمعيات مع اقتراب الانتخابات البلدية والقروية، ما جعل رئيس الوزراء يصدر بلاغا أعلن من خلاله أن الوفد قدم له ملتمسا يتعلق بوضعية البلاد، وبوجهة نظر أحزاب المعارضة المشتركة، وأوضح أنه أيد مضمونه.

وعلى إثر ذلك، اجتمع وزراء حزب الاستقلال، وقدموا استقالتهم في رسالة شرحوا فيها أسباب ذلك، ومنها أنهم لم يقبلوا المشاركة في الحكومة إلا إرضاء لرغبة الملك، إضافة إلى أن مبارك البكاي أيد حزب الحركة الشعبية بعدما قرر هو نفسه، في مجلس وزاري سابق، أنه غير مرغوب فيه، وبناء على ذلك، صدر بلاغ يوم 16 أبريل 1958، عن القصر الملكي، أعلن من خلاله عن حل الحكومة.

وقد أسفرت استقالة حكومة البكاي، عن نتيجتين: الأولى أزمة حكومية دامت شهرا كاملا، كانت في الحقيقة عبارة عن مواجهة بين القصر وحزب الاستقلال، والثانية أزمة داخل الحزب نفسه، نتيجة صراع بين تياري الحزب.. فبعد قبول الملك باستقالة الحزب، دعيت اللجنة السياسية لاجتماع من 17 إلى 19 أبريل أجمع خلاله الأعضاء على مطالب الحزب للمشاركة في الحكومة، غير أن المشكل الذي ظهر، هو كيفية تقديم هذه المطالب، هل على شكل مقترحات أو كشرط أساسي، واعترض بعض الأعضاء على العلاقة بين الحكومة والقصر على اعتبارها سابقة لأوانها، وفي اجتماع 19 من نفس الشهر، تقرر أن يحرر رأي الحزب في الأزمة الوزارية وينشر على شكل بلاغ تكلف بتحريره كل من عبد الرحيم بوعبيد والمهدي بنبركة وعبد الله إبراهيم وعمر بن عبد الجليل، ونشر في اليوم الموالي.

واستمر الصراع بين جناحي حزب الاستقلال كصراع داخلي من جهة، وصراع بين الحزب والقصر من جهة أخرى، ومع ذلك تشكلت حكومة أحمد بلافريج في منتصف شهر ماي سنة 1958، فكان الإعلان عن تشكيل هذه الحكومة بمثابة بعث التحالف الذي حصل بين حزب الحركة الشعبية وحزب الشورى والاستقلال من جديد، ومنذ تشكل الحكومة الجديدة، ضغط الحزبان من أجل الإطاحة بها بكل الوسائل الممكنة، وتطورت الأمور إلى أن قاما بإشعال أحداث الريف للإطاحة بحكومة بلافريج التي كانت استقلالية، إضافة إلى إصدار ظهير الحريات العامة، ثم قمع أحداث الريف بقوة.

تحالف الغريمين: حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية، في إطار الكتلة الوطنية لمواجهة حالة الاستثناء

    بعد انتهاء أحداث الريف، والاعتراف بالحركة الشعبية كحزب جديد، كان المشهد السياسي الوطني على موعد مع حدث آخر، ويتعلق الأمر بانشقاق حزب الاستقلال إلى حزبين، فقد خرج من رحمه حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وهذا الأخير شكل حزبا معارضا ثوريا لمدة من الزمن، وكان أقوى حزب معارض في البلاد، غير أن المغرب كان على موعد مع حدث بارز في تاريخه السياسي، وهو دخول المغرب فيما يعرف بسنوات الرصاص، وهي المرحلة التي انطلقت مع إعلان حالة الاستثناء في سنة 1965.

عانى حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية من التضييق والاعتقالات، وهو الأمر نفسه الذي حدث لحزب الاستقلال، الذي كان وقتها حزبا معارضا، وخلال تلك المرحلة حصل تقارب بين الحزبين، على اعتبار أن مواقفهما من انتخابات المجالس البلدية لـ 3 أكتوبر 1969، كانت متشابهة، حيث قرر الاتحاد الوطني للقوات الشعبية مقاطعة الانتخابات، سواء تعلق الأمر بالترشيحات أو الحملة الانتخابية، كما أن حزب الاستقلال هو الآخر قرر المقاطعة، وكان هذا التقارب بداية مرحلة جديدة بين الحزبين، حيث بدأ الإعداد لما هو أكبر، وهو خلق تحالف معارض لمواجهة النظام، وتوجت هذه التوافقات بالإعلان، يوم 22 يوليوز 1970، في مدينة سلا، من طرف زعيمي الحزبين، علال الفاسي وعبد الله إبراهيم، عن ميلاد الكتلة الوطنية، وجاء في البيان الذي صدر في ذلك اليوم: ((إن حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية، المتحدان في التفكير والعمل مع القوات الحية في البلاد (العمال والفلاحون والمثقفون والطلبة والموظفون والتجار والصناع)، مقتنعان بضرورة توحيد كل القوات الوطنية الواعية، ويعلنان اليوم عن التزامهما بوضع جميع قواتهما لبناء البلاد على أسس ديمقراطية وشعبية وتحريرها من الهيمنة الرأسمالية والإمبريالية، وضمان نموها لفائدة الجماهير الشعبية. نتشرف بأن نقدم لكم باسم حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الميثاق المنعقد بيننا والمؤسس للكتلة الوطنية)).

وقد تزامن ميلاد هذا التحالف مع خطاب 8 يوليوز 1970، الذي أعلن من خلاله الملك الحسن الثاني عن إجراء استفتاء دستوري يوم 24 يوليوز 1970، وكانت الفرصة مواتية للحزبين لإبراز تحالفهما، وذلك عندما قررا التصويت بـ”لا” على الدستور الجديد الذي طرحه الحسن الثاني، ورغم أن الأغلبية صوتت بـ”نعم” على الدستور الجديد، إلا أن الحزبين الوطنيين استمرا في العمل المشترك.. ففي 4 غشت من نفس السنة، أعلن علال الفاسي في ندوة صحفية بالرباط، أن “وحدة حزبي الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية هي بمثابة زواج كاثوليكي”، وفي نفس اليوم، أصدرت اللجنة المركزية للكتلة بيانا أعلنت فيه عن قرارها بمقاطعة الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في 21 و28 غشت من نفس السنة، وبذلك حكمت على تجربة مجلس النواب الثاني بالفشل.

لقد لعبت الكتلة الوطنية في تلك الفترة، دور المعارضة ولو من خارج مجلس النواب، غير أن أحداث 10 يوليوز و”قيام الملك في 4 غشت بممارسة النقد الذاتي”، دفعته في نهاية نونبر من نفس السنة، إلى الدخول في مفاوضات مع الكتلة الوطنية، في محاولة منه لتهدئة الأوضاع وجر الكتلة إلى جانبه، وفيما كانت المفاوضات جارية بين الملك والكتلة الوطنية، أعلن الحسن الثاني، يوم 17 فبراير 1972، عن عزمه تقديم مشروع دستور جديد، ودفع هذا الإجراء الكتلة الوطنية إلى إبداء تحفظها في بيان صادر عنها يوم 18 فبراير من نفس السنة، وفي يوم 22 من الشهر ذاته، أصدرت بيانا ثانيا أعلنت من خلاله عن مقاطعة الاستفتاء، الذي تمت عبره المصادقة على الدستور في 10 مارس 1972، وفي نفس اليوم، تم حل مجلس النواب المنبثق عن دستور 1970.

إزاء هذه الاستراتيجية، لم ترد أحزاب الحركة الوطنية، أو بمعنى أدق الكتلة الوطنية، بالحزم والتصميم المطلوبين، إذ لم تكن تتوفر على قيادة منسجمة، ولم تكن تشكل تنظيما متماسكا، فأفضت تناقضاتها الداخلية إلى تفجيرها وتجميدها بشكل فعلي يوم 30 يوليوز 1972، وقد رصد عبد الله إبراهيم ثلاثة أسباب كانت وراء موت الكتلة الوطنية:

1) كانت المفاوضات تتأرجح بين مد وجزر بدون هدف مرسوم وقار.

 2) في العلاقات الثنائية بين حزب الاستقلال والاتحاد الوطني، ظهرت بعض النقط للنقاش، خلقها تقدم المفاوضات الرسمية بصفة مفاجئة، وهذا الأمر ذو أهمية سياسية حاسمة لمستقبل التعاون بين الحزبين.

3) التناقض التام بين اتجاه يريد الدخول في مؤسسات الدولة واتجاه آخر لا يريد الدخول، أي بين اتجاه “جذري” واتجاه “محافظ”، بين الموقف في المشاركة وعدم المشاركة.

«الاتحاديون» أيام زمان ويظهر في الصورة شيخ الإسلام بلعربي العلوي

الكتلة الديمقراطية التي انتقلت من المعارضة إلى الحكم

    ظهرت قضية الصحراء المغربية خلال مرحلتي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وغطت على أي تحالف ممكن بين أحزاب المعارضة، ومع بداية التسعينات، طرأت على العالم تغيرات سياسية واقتصادية جوهرية، أهمها نهاية فترة الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي، وانفراد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم، وقد رافق هذه التحولات انتشار قوي لدعوات الإصلاح الديمقراطي، ولم يكن المغرب طبعا بمنأى عن كل ذلك، كما قال الملك الراحل الحسن الثاني في إحدى تصريحاته ((سيكون من مجافاة الصواب القول إننا غير معنيين بالأحداث التي شهدها العالم أو ادعاء ألا تأثير لها علينا))، وفعلا، شهدت مرحلة بداية التسعينات حركية سياسية، حيث عقد الملك الراحل الحسن الثاني العزم على إجراء استفتاء دستوري سنة 1992، وطلب من جميع الهيئات السياسية تقديم مقترحاتها حول الدستور الجديد، وبالموازاة مع ذلك، شهدت البلاد نقاشا حادا حول مدونة الانتخابات الجماعية لسنة 1992، والتشريعية لسنة 1993.

وقد قابل ذلك حركية سياسية داخل أحزاب المعارضة، حيث رفعت الأحزاب التي ستشكل كتلة العمل الوطني، وهي حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي، مذكرة حول الإصلاح الدستوري بتاريخ 3 أكتوبر 1991، ثم توج هذا التنسيق بتأسيس الكتلة الديمقراطية يوم 17 ماي 1992، شملت كلا من حزب الاتحاد الاشتراكي، حزب الاستقلال، حزب التقدم والاشتراكية، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، وحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، حيث رأت الكتلة أنه في إصلاح مدونة الانتخابات بوابة حقيقية لتدشين المسلسل الديمقراطي، لذلك سعت إلى وضع مقترح قانون ينظم الانتخابات الجماعية والتشريعية، طالبت من خلاله بتغيير طريقة انتخاب أعضاء البرلمان ورؤساء المجالس البلدية والقروية، وقد تضمن مقترح القانون الذي تقدمت به، خمس نقط أساسية، وهي أولا: تخفيض سن التصويت إلى 18 سنة، ثانيا: تخفيض سن الترشح للانتخابات إلى 21 سنة، ثالثا: تغيير طريقة الاقتراع، حيث طالبت باعتماد الاقتراع باللائحة عوض الاقتراع الفردي المعمول به، رابعا: تركيب اللجان الإدارية، وخامسا: رئاسة مكاتب التصويت.

غير أن الكتلة أدركت صعوبة تمرير مقترح قانون تعديل مدونة الانتخابات أمام لجنة العدل والتشريع بالبرلمان، وعلى هذا الأساس، بادرت إلى نهج سياسة جديدة، تتعلق برفع مطالبها على شكل مذكرات مباشرة إلى عاهل البلاد، وأمام هذه المناورة، قامت الأحزاب المشكلة للحكومة، بتمرير مشروع قانون الانتخابات بواسطة أغلبيتها البرلمانية دون الأخذ بعين الاعتبار المقترحات التي طالبت أحزاب المعارضة بإدخالها.

قدمت أحزاب الكتلة إلى الملك مطلب تحكيمها يوم 26 أبريل، كما رفعت مذكرة تطالب بالإصلاح الدستوري بتاريخ 19 يونيو 1992، غير أن التحكيم الملكي لم يكن في صالحها، بل انتصر لأحزاب المعارضة، وبخصوص المذكرة المرفوعة حول الإصلاح الدستوري، فلم يتم أخذها بعين الاعتبار، حيث أن الدستور الجديد الذي أقر في استفتاء 14 شتنبر 1992، لم يحمل في طياته أي تغيير جدي يذكر، فلم يستجب لمطالب الكتلة الديمقراطية حول “حكومة مسؤولة منبثقة من الأغلبية البرلمانية، تحدد وتدبر سياسة الدولة بموجب نص الدستور، الذي ينبغي أن ينص كذلك على ترحيل بعض اختصاصات المجلس الوزاري إلى المجلس الحكومي، والإقرار بإمكانية ترؤس الوزير الأول للمجلس الوزاري عوض الملك عن طريق التفويض”، بل تم الاكتفاء فقط بتعديل بسيط للفصل 24، والذي أصبحت صيغته كالتالي: ((يعين الملك الوزير الأول، ويعين باقي أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأول، وله أن يعفيهم من مهامهم، ويعفي الحكومة بمبادرة منه أو بناء على استقالتها)) بدلا من صيغة ((يعين الملك الوزير الأول والوزراء ويعفيهم من مهامهم ويقيلهم إن استقالوا)) الواردة في دستور 1972، أما على مستوى القضاء، فلم تتم الاستجابة لمطالب الكتلة الديمقراطية، بضمان فعلي لاستقلال القضاء وصيانة حرمته.. وهكذا رفضت أحزاب الكتلة دستور 1992 ودعت إلى مقاطعته باستثناء حزب التقدم والاشتراكية، الذي صوت لصالحه ودعا الناخبين للتصويت الإيجابي عليه.

غير أن ما يذكر للكتلة الديمقراطية، هو أنها ناضلت خلال مرحلة امتدت خلال إصلاحين دستوريين، وهما 1992 و1996، ثم انتقلت من صفوف المعارضة إلى كراسي التسيير، كما تم تسجيل الانفتاح السياسي النسبي، وإطلاق المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين، وتدشين حكومة التناوب بقيادة الراحل عبد الرحمان اليوسفي، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي آنذاك.

قد يبدو الأمر الآن مختلفا على ما كان عليه، فلم يحدث أن كانت المعارضة في عهد الملك محمد السادس متضامنة وتشكل كتلة واحدة.. فهل من الممكن أن يحدث هذا في ظل التغييرات التي تلوح في الأفق أمام بعض أحزاب المعارضة، وخصوصا انتخاب زعماء جدد للأحزاب يحملون نظرة جديدة وأفقا آخر غير الذي نشاهده اليوم ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى