تحليلات أسبوعية

ملف الأسبوع | مؤشرات تحول “المعارضة” من البرلمان إلى “الفايسبوك”

مخاطر غياب الأحزاب المنافسة للأغلبية

ما إن قام الملك محمد السادس بتعيين عزيز أخنوش رئيسا للحكومة وكلفه بتشكيل الحكومة بعد تصدر حزبه للانتخابات التشريعية ليوم 8 شتنبر من السنة الجارية، حتى بدأ الحديث عن سيناريوهات تشكيل الأغلبية الحكومية، يومها طرح المراقبون والمحللون السياسيون سيناريوهين اثنين: الأول وهو الأقرب للواقع، وهو أغلبية مكونة من الأحرار متصدر الانتخابات، وحزب الاستقلال صاحب المركز الثالث والاتحاد الاشتراكي صاحب المركز الرابع في الاستحقاق الانتخابي، إضافة إلى الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري، أي أغلبية مكونة، بلغة الأرقام، من 254 مقعدا.

أما السيناريو الثاني، وهو البعيد عن الواقع، فقد افترض عدد من المراقبين تشكيل أغلبية حكومية من تحالف يضم الأحرار والأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال، أي حكومة ذات أغلبية مريحة مكونة من 269 مقعدا من أصل 395 التي يتكون منها البرلمان، وبخصوص لماذا اعتبر هذا السيناريو مستحيلا من الناحية المنطقية، فمرد ذلك إلى أنه إذا حدث فعلا تحالف بين الأحزاب الثلاثة، فمن سيلعب دور المعارضة؟ وعلى هذا الأساس، اعتبر الكثيرون أن مكان الأصالة والمعاصرة هو المعارضة، على اعتبار أنه ليس هناك حزب في المغرب في المرحلة الحالية قادر على لعب هذا الدور غيره، وذلك لكي لا يترك المجال فارغا لحزب العدالة والتنمية، الذي سيجد البيئة ملائمة ليعيد بناء نفسه من خلال لعب دور المعارضة.

إلا أنه وبشكل مفاجئ، فإن السيناريو الثاني الأقرب للمستحيل من الناحية المنطقية هو الذي حصل، فقد تشكلت الأغلبية الحكومية من ثلاثة أحزاب، وبقي السؤال الكبير المطروح، حول من سيلعب دور المعارضة؟ وما هو شكلها؟ ولأول مرة في تاريخ الحياة البرلمانية المغربية منذ سنة 1963، يتكون البرلمان من معارضة مشتتة، وغير منسجمة، وغير واضحة المعالم.

لذلك، نحاول من خلال هذا الملف، الخوض في الشكل الذي من الممكن أن تتخذه المعارضة لمواجهة الأغلبية الحكومية التي تبدو قوية ومتماسكة، كما نهدف إلى إبراز آليات المعارضة.

 

أعد الملف: سعد الحمري

 

أغلبية حكومية منسجمة وقوية

    شكل التحالف الحكومي الجديد، خاصية غير مسبوقة في تاريخ الحكومات المغربية، فلأول مرة في تاريخ البلاد، منذ الاستقلال، يتشكل من الأحزاب الثلاثة التي أحرزت المراتب الثلاثة الأولى في الانتخابات، وبأغلبية برلمانية مريحة. وقد أعطى هذا التحالف، إشارات قوية على أن الحكومة ستكون منسجمة ومتماسكة، ومن ذلك ما وقع خلال أطوار انتخاب رؤساء وأعضاء المجالس، فقد جرى اتفاق بين الأحزاب الثلاثة الأولى المتصدرة للانتخابات والمكونة من الأغلبية الحكومية، على التنسيق لتكوين الأغلبية داخل المجالس المنتخبة، ووزعت بينها رئاسة مجالس المدن والأقاليم، ودعت هذه الأحزاب منتخبيها، في بلاغ مشترك، إلى ((ضرورة الالتزام بهذا التوجه والتقيد بالقرار الذي تبنته القيادات الحزبية، في حدود من الانفتاح على باقي المكونات السياسية الأخرى))، وهو ما من شأنه فتح الباب لتحقيق تجانس بين الحكومة والمجالس المنتخبة خلال عهدة هذه الحكومة في الأعوام الخمسة القادمة.

وبقدر ما يخلق اتفاق وتحالف الثلاثي المكون للحكومة مناخا مناسبا للعمل في انسجام ودون مشاكل أو تشويش، بقدر ما من الممكن أن يكون نقمة مستقبلا، وهو الرأي الذي يتبناه أستاذ القانون بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، عمر الشرقاوي، الذي أوضح أن تحالف الأحزاب الثلاثة في الحكومة، وفي المجالس المنتخبة بالمدن والأقاليم والجهات، يعتبر ((خاصية لم تحدث في تاريخ المغرب، من شأنها تحقيق تجانس بين المركز والمجالس المنتخبة))، مبينا أن ((هذا التجانس سيحول دون اختباء الأغلبية الحكومية خلف أي مبررات لتبرير عدم النجاح)) ( المصدر: الجزيرة نت، 22 شتنبر 2021).

وهناك رأي آخر، يقدم حكما مسبقا على هذا التحالف، وهو وجهة نظر أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، إسماعيل حمودي، الذي يرى أن ((الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية، ستظل ملاحقة بالفساد الانتخابي الكبير الذي عرفته انتخابات الثامن من شتنبر وبهيمنة المال والأعيان)) (نفس المصدر).

في مقابل معارضة مشتتة ومتنافرة

    وفي الجهة المقابلة، فور إعلان نتائج الانتخابات، أعلنت ثلاثة أحزاب فقط بشكل صريح، اصطفافها في المعارضة، وهي حزب التقدم والاشتراكية الحاصل على 21 مقعدا، وهو الذي أعلن عن موقفه فور انطلاق المشاورات الأولية بأن مكانه هو المعارضة، أما الحزبين الباقيين، فهما حزب العدالة والتنمية بـ 13 مقعدا، وفيدرالية اليسار الذي حصل على مقعد واحد فقط، وباستثناء ذلك، فقد اصطفت باقي الأحزاب التي توجد اليوم في المعارضة، بعد استثنائها من الأغلبية، وهي تنتظر الضوء الأخضر من رئيس الحكومة المعين قصد المشاركة في الأغلبية الحكومية.

وهكذا، فعلى نقيض أحزاب الأغلبية الحكومية المنسجمة، فقد أفرزت الانتخابات معارضة مشتتة، على اعتبار أن الأحزاب التي تشكلها متباعدة إيديولوجيا، وهي بذلك عبارة عن كوكتيل من اليمين واليسار، وأحزاب علمانية وإسلامية، إضافة إلى أحزاب إدارية، ويبدو من الصعب على هذا الخليط أن يشكل معارضة متجانسة، ومع ذلك، يرى البعض أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي حصل على المركز الرابع في انتخابات 8 شتنبر، من شأنه أن يقود المعارضة، عن طريق تشكيل معارضة موحدة مع حزب التقدم والاشتراكية، على اعتبار أنهما ينبعان من الخط اليساري نفسه، ويرى البعض أن أحزاب المعارضة رغم تباعدها إيديولوجيا، فإنها كانت متكتلة في الأغلبية الحكومية السابقة، ومن الممكن أن تشكل حاليا معارضة متماسكة، بينما يراهن البعض على أن المعارضة من الممكن أن تتأسس على ثلاث قوى سياسية، هي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتقدم والاشتراكية، والعدالة والتنمية، حيث من المنتظر أن تضخ هذه الأحزاب دماء جديدة، ذلك أن هذه الأحزاب الثلاثة ستجري في القريب مؤتمراتها الوطنية وتعلن عن تغيير قياداتها، وهو الأمر الذي سيعطيها دفعة ودينامية جديدة، ما سينعكس على أدائها السياسي، ومن الممكن أن تعقد بعض الأحزاب الأخرى الإدارية، التي تعودت على الوجود في الحكومة باستمرار مؤتمراتها الوطنية، في إشارة إلى الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري، وهو ما من شأنه أن يفسح المجال لصعود وجوه شابة لها القدرة على بلورة خطاب يلائم المعارضة بعدما عمرت قيادتها لعقود.

لكن يظهر أنه مهما حصل، فإن أحزاب المعارضة ستفشل في إنتاج خطاب للمعارضة داخل البرلمان، لأن معظم مرشحي الأحزاب المعنية الذين وصلوا للبرلمان، ينتمون لفئة الأعيان، وليسوا سياسيين متمرسين، أو مناضلين حقيقيين.

20 فبراير.. الظاهرة «الفايسبوكية»

هل نرى معارضة ضعيفة مثل أحزاب المعارضة خلال مرحلة 2012- 2021 ؟

    حصلت تجربة في الأمس القريب، حيث فشلت المعارضة فشلا ذريعا في مراقبة عمل الحكومة، وهي السنوات العشر التي تولى فيها حزب العدالة والتنمية زمام الأمور، فقد خلق انتقال الحزب من صف المعارضة إلى مركز السلطة التنفيذية، فجوة كبيرة في تلك المرحلة داخل البرلمان في شق المعارضة، وهم الذين كانوا الفاعل الرئيسي فيها لمدة عقد ونصف من الزمن، توالت خلالها ثلاث ولايات حكومية، بداية من حكومة عبد الرحمن اليوسفي من سنة 1998 إلى 2002، مرورا بحكومة إدريس جطو من 2002 إلى سنة 2007 ووصولا إلى حكومة عباس الفاسي في الفترة من سنة 2007 إلى 2011.

وبعد انتقال العدالة والتنمية إلى السلطة، أثير التساؤل حول من سيشغل هذا الموقع؟ وكيف سيكون خطاب المعارضة بالبرلمان المغربي؟ ومن هي الأحزاب السياسية المعارضة؟ وما مصداقية تلقي المواطن المغربي لهذه المعارضة ولخطابها؟

لعبت أربعة أحزاب دور المعارضة، وهي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاستقلال والاتحاد الدستوري، والأصالة والمعاصرة، وباستثناء هذا الأخير، كانت لتلك الأحزاب تجربة طويلة في الإدارة والتسيير، لم تحقق فيها نتائج تمنحها أي مصداقية لدى الشعب تؤهلها لإنتاج خطاب قوي قادر على نقد ومعارضة حكومة الإسلاميين، أما حزب الأصالة والمعاصرة، فقد كانت لعنة الشرعية لا تزال تطارده، ولم يفارقه لقب “حزب القصر” إلا بعد تقديم مؤسسه فؤاد عالي الهمة (صديق الملك)، استقالته من أجهزة الحزب.

وقد طرحت أمام الرباعي الحزبي فرصة ذهبية لتشكيل فريق قوي لمعارضة حزب العدالة والتنمية، وذلك بالاعتماد على خبرته الطويلة في الإدارة والتسيير منذ الاستقلال، والتي خلفت لديه دراية بمختلف القطاعات الحكومية، والملفات الحساسة التي تولاها وزراء مبتدئون هم بصدد تعلم أبجديات العمل الحكومي، غير أن شيئا من هذا لم يحدث على أرض الواقع، ومرد ذلك إلى الصراعات التي نخرت البنى التنظيمية داخل هذه الأحزاب، وقسمتها شيعا وجماعات يصارع بعضها البعض على المناصب والمسؤوليات داخل أجهزة الأحزاب ومؤسساتها. فالصراعات داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ تولي إدريس لشكر قيادته، لا تكاد تخمد إلا وتنطلق مشاكل وتجاذبات من جديد وبقوة أكبر.

وكذلك حال حزب الاستقلال الذي شارك في النسخة الأولى لحكومة عبد الإله بن كيران، وأدى خروج هذا الحزب من الحكومة، إلى شقه نصفين، وخلق تيار “بلا هوادة” الذي قاد حركة تصحيحية بقيادة نخبة من أطر وقيادات الحزب شككت في شرعية انتخاب حميد شباط وتوليه الأمانة العامة للحزب، ودعت إلى إعادة حزب الاستقلال إلى مساره النضالي الحقيقي لا الانجرار وراء المتاهات التي تقذف به القيادة الجديدة فيها، وفيما يخص الاتحاد الدستوري، فلم يكن أفضل حالا من الحزبين المذكورين، فقد نشب صراع داخله أدى إلى ظهور ما أسمته قيادات داخل الحزب بـ”حركة تصحيحية”.

أما واقع حال حزب الأصالة والمعاصرة، فلم يكن أحسن من سابقيه بعد خفوت نجمه بسبب رياح الربيع المغربي، حيث طالب المحتجون في شعاراتهم برحيل بعض رموز هذا الحزب في مسيراتهم أولا، وخروج فؤاد عالي الهمة من أجهزة الحزب ثانيا، والتحاقه بالقصر الملكي ليشغل وظيفة مستشار لملك البلاد.

لقد انعكس هذا التشظي على أداء الأحزاب في ممارسة الأدوار المنوطة بها في مراقبة تدبير الشأن العام من طرف الحكومة، وتتبع السياسات العمومية، وكذا في قدرتها على بلورة خطاب نقدي معارض وقوي يكون في مستوى تطلعات المرحلة بما تفرضه من تحديات بعد إقرار دستور جديد.

وقد حاولت الأحزاب الأربعة المشكلة للمعارضة، التصدي لحزب العدالة والتنمية مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية في شتنبر 2015 والاستحقاقات النيابية في 2016، حيث اشتد سعارها ضد الحكومة، وتزايد فتيل النقد وأساليب الاعتراض والاحتجاج عليها وعلى سياستها، وكذا وزرائها، بيد أن السمة التي طغت على جزء كبير من هذا الخطاب الذي أنتجته هذه الأحزاب، هو الطرح السطحي، وتكريس المطلبية وإنتاج خطاب نقدي يبلغ في بعض الأحيان حد الاستخفاف بالعقول، ومنها اتهام حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، بالانتماء إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، وتصريحات الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، الذي طالب من خلالها الحكومة بتقديم استقالتها والرحيل قبل فوات الأوان للحفاظ على الرأسمال اللامادي للوطن وتطويره، حسب تعبير لشكر، وهو الأمل المتبقي لتصحيح الوضع وإنقاذ المسار الديمقراطي دائما من وجهة نظره، وغير ذلك من الأمثلة والوقائع التي كشفت هزالة الخطاب السياسي الذي طرحته المعارضة أمام أنظار المواطنين، وتحول البرلمان من مؤسسة عمومية تناقش فيها قضايا ومصالح البلد الكبرى ومصالح المواطنين، إلى مسرح للشتائم والسباب، وكافة أنواع العنف المعنوي وحتى المادي في بعض الأحيان.

سؤال المصداقية لدى هذه الأحزاب المعارضة بهذا الخطاب المتدني من جهة، وفتوة تجربة الإسلاميين في الحكم وطراوتها من جهة ثانية، خلقت مشكلة في توازن القوى تحت قبة البرلمان، مما انعكس على المشهد السياسي بوجه عام، وأفضى هذا الواقع الجديد إلى تشكل قوى معارضة “خفية” تتقدم تدريجيا لتملأ بعضا من الفراغات التي خلقتها “تفاهة” المعارضة البرلمانية الحزبية.

أدت هذه المعارضة الضعيفة في نهاية المطاف، إلى تزايد قوة ونفوذ حزب العدالة والتنمية، الذي حصل في الانتخابات النيابية لسنة 2016، على عدد مقاعد هي الأكبر في تاريخ المغرب، لم يسبق أنن حصل عليها حصل عليها حزب آخر، وهي 125 مقعدا برلمانيا.

ماذا بعد نهاية حزب العدالة والتنمية.. أغلبية العثماني التي تعرضت لانتقادات كبيرة في «الفايسبوك»؟

 

هل ستركب المعارضة على الحملات “الفايسبوكية” وتنزل إلى الشارع لتتبنى مطالبها ؟

    من الممكن أن يكون حال المعارضة مستقبلا، كحال معارضة 2012-2021، ومن الممكن أن يخلق ذلك هوة بين الشارع والحكومة، حيث أن المعارضة التي من شأنها أن تكون الوسيط بين الشارع والحكومة، تبدو مشتتة ومتفرقة، وهذا الفراغ من شأنه أن يؤدي إلى أن الشارع ووسائل التواصل الاجتماعي، سيلعبان دور المعارضة في السنوات الخمس المقبلة، وليس الأحزاب والبرلمان.

إن لعب الشارع ووسائل التواصل الاجتماعي دور المعارضة، ليس بالأمر الجديد في المغرب. فقد فرضت وسائل التواصل الاجتماعي خلال الربيع العربي نفسها، وأخذت فكرة التجمع الافتراضي تنتشر عبر “الفايسبوك”، من أجل التظاهر في الشارع في موعد محدد للاحتجاج على قضية معينة، لتصبح واقعا كما وقع مع حركة 20 فبراير، والجدير بالذكر، أنه لا يعرف قادة ولا رموز ولا حتى الأجندة السياسية لدعاة التظاهر أو الاحتجاج، حيث تبدأ المسألة بظهور واقعة أو حدث مثير ومهم، لتبدأ هذه القوى الخفية معارضتها، والتحرك للتصدي له والحشد ضده افتراضيا، وقد يتم تحويل الأمر في بعض الأحيان إلى معارضة واقعية في المجال العام بالاحتجاج، وقد أصبحت هذه الآلية هي البديل لضعف المعارضة خلال مرحلة حكم حزب العدالة والتنمية، نذكر على سبيل المثال، واقعة تثبت فعالية هذه المعارضة، بهذا القالب الجديد، يمكن أن تكون بديلا عن معارضة الأحزاب، ويتعلق الأمر بواقعة معلب مولاي عبد الله بالرباط، في سياق تنظيم المغرب لبطولة العالم للأندية وما شابها من فضائح بخصوص تجهيز الملعب، نقلتها الشاشات الرياضة العالمية، مما خلف استياء كبيرا عم شرائح واسعة من المجتمع المغربي، تحركت على أساسه هذه المعارضة لخلق نقاش عام وتأسيس صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بإقالة وزير الشبيبة والرياضة وتحميله مسؤولية ما وقع، وهو مطلب لم يتأخر كثيرا، حيث جاءت الأوامر الملكية بتعليق مهام هذا الوزير في مرحلة أولى، في انتظار نتائج لجنة تقصي الحقائق التي شكلت لمباشرة التحريات في الموضوع، ليأتي بعدها خبر إعفائه من مهامه بصفة نهائية.

هذه النجاحات حفزت هذه المعارضة على الاستمرارية في نهجها، حيث ضغطت مرة أخرى في قضية الوزير عبد العظيم الكروج، بعد “فضيحة الشوكولاتة”، مما أدى إلى إقالته من منصبه في التعديل الحكومي.

كما أثبتت المعارضة “الفايسبوكية” فعاليتها فيما يعرف بـ”مسودة مشروع القانون الجنائي” التي أثير حولها الكثير من الكلام، حيث أنشئت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي حطمت أرقاما قياسية في التفاعل معها بمجرد إطلاقها، مما فرض على وزارة العدل التريث ومراجعة المسودة، وإعادة النظر في بعض المواد التي أثير حولها الجدل.

استمر هذا الشكل الجديد من المعارضة في تحقيق النجاح، حيث كانت سنة 2018 على موعد مع الدعوة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى مقاطعة محطات توزيع الوقود ”أفريقيا” ومياه ”سيدي علي” المعدنية ومنتجات ”دانون”، من أجل الضغط على هذه الشركات المستحوذة على الحصة الأكبر من السوق التجارية، كي تخفض أسعارها.

ثم نجحت هذه المعارضة الافتراضية مرة أخرى سنة 2020، حين ضغطت من أجل إسقاط ما يسمى بقانون “تكميم الأفواه”، فبعد الضغط عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تراجعت الحكومة عن طرح هذا المشروع على البرلمان للتصويت عليه، وقررت تأجيله.

عقدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ندوة في فاتح أكتوبر حول انتخابات 8 شتنبر، وحضرها زعماء الأحزاب اليسارية، أجمع كلهم على أن الانتخابات شهدت تدخلا للدولة في ”تزوير العملية الانتخابية باستعمال وسائل جديدة”، وأكد المصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي، خلال مداخلته في الندوة، أن المعارضة الحقيقية للحكومة ستكون خارج البرلمان أي في الشارع.. فهل معنى هذا أن أحزاب المعارضة ستكون واعية بهذا الشكل الجديد من المعارضة التي أصبحت تنتقل من العالم الافتراضي إلى العالم الحقيقي، وتحاول الركوب عليها وتتبناها في الشارع ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى