ملف الأسبوع

ملف | الأمريكيون يستقطبون شبانا مغاربة للمشاركة في لقاءات “سرية” لتكوين “قادة التغيير”

الرباط – سعيد الريحاني

سئل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق ذات يوم، وكان الغرض من السؤال إحراجه، “ماذا ستفعلون في مواجهة من يدعون إلى حرية المعتقد”، فنظر إلى محدثه باستغراب، وقال له: “أريدك أن تشرح لي كيف يمكن أن نحمي السلامة الجسدية لشخص يطالب بحرية المعتقد في مجتمع مسلم..”، عندها ابتسم ضيف الوزير وقد بدت عليه علامة الاقتناع، فانصرف من الوزارة بعد أن أهداه الوزير كتابا عن تاريخ المغرب(..).

مناسبة التذكير بهذه الواقعة، هو التحركات الأخيرة لبعض أنصار حرية المعتقد الذين يختارون دائما اقتراب شهر رمضان لكي يمعنوا في استفزازاتهم(..) وكما هي العادة كل سنة فقد وجد بعض الشبان من يحتضنهم لإطلاق دعواتهم المطالبة بحق الإفطار العلني في رمضان، باسم جمعيات تكاد تكون وهمية وغير معروفة كـ”مجلس المسلمين السابقين”، و”الحركة البديلة للدفاع عن الحريات الفردية”.

تتمة المقال بعد الإعلان

——————-

أنظروا إلى تصريحات هذه العينة من الشباب: تقول شيماء خبويز، التي كانت تتحدث داخل فضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن الدولة تفرض على الأطفال المغاربة اتباع الإسلام، وتجبر المواطنين على الصيام بمنعهم من الإفطار العلني في رمضان: “من حق المسلم أن يدعو إلى الإسلام وأن ينشر تعاليمه في المغرب، أما معتنقي الديانات الأخرى فهم محرومون من هذا الحق” تقول المتحدثة منتقدة غياب التسامح في المغرب، ومن ذلك عدم تمكين المسيحيين المغاربة من ممارسة شعائرهم ومحاكمة المبشرين المسيحيين، وذلك على حد قولها (هسبريس، الإثنين 23 يونيو 2014).

ليس هذا فقط بل إن أحد الشبان شبه الإسلام بـ”الفيروس” وهاجم المجلس العلمي الأعلى، قبل أن يفسح المجال لتقول زميلته كلمتها التي لا تقل وقعا من حيث الخطورة لو أن أصحابها كانوا يتحدثون في مكان عام(..)، تقول ابتسام لشكر، الناشطة في حركة مالي والمعروفة بدعمها لأصحاب الميولات المثلية(..)، “ليس لأني مسلمة، علي احترام جميع القوانين التي يطرحها المغرب، فالقانون الحالي لا يمنحني الحق في الزواج بالرجل الذي أحب، كما أنني لا أقبل أن أكون في ملكية رجل ما سواء عند الزواج به أو حتى عند الطلاق، ولا يمكنني كذلك أن أرحب بقانون يمنع حريتي الجنسية، ويمنع عني حق الإجهاض. فأنا غير مقتنعة بقوانين الإسلام، وهذا حقي الطبيعي..”، (المصدر نفسه).

تتمة المقال بعد الإعلان

من حق أي مواطن أن يعبر عن رأيه حتى وإن كان صادما، لكن أن تشارك شابة مثل ابتسام في نشاط يدعو لحرية التقبيل في الشارع العام وتظهر في صورة مستفزة وهي تدافع عن “المثلية الجنسية” وفي وقفات للدفاع عن الحق بالجهر بالإفطار، يطرح سؤالا حول خلفيات هذه الأنشطة، وعما إذا كان الأمر يتعلق بخدمة أجندات أجنبية(..) خاصة الفرنسية(..)، أم باختيارات شخصية متهورة.

قد يقول قائل إن ابتسام وزملائها، ورغم خطورة ما يقدمون عليه ينشطون تحت يافطة المجتمع المدني، ومن تم يتعين أخد أفكارهم بصدر رحب، لكن المسألة لم تعد تقف عند حدود المجتمع المدني، فالشاب “المهدي بنسعيد” الذي انتخب مؤخرا رئيسا للجنة العدل والتشريع في مجلس النواب وهو منصب حساس للغاية، والذي دخل إلى البرلمان في إطار الكوطا، هو أحد الحاملين للجنسية الفرنسية، وأحد المتحمسين للدفاع عن الحريات الفردية لذلك غالبا ما يكون حاضرا في الأنشطة التي تشارك فيها زعيمة الحريات الفردية في حزب الأصالة والمعاصرة خديجة الرويسي، سواء تعلق الأمر ببيت الحكمة أو حركة اليقظة المواطنة(..).

ماذا لو خرج المهدي بنسعيد رغم منصبه الحساس ليطالب بحرية الإفطار في رمضان؟ خاصة وأن كان أحد البرلمانيين الذين وقعوا على مقترح قانون غريب تحت عنوان “تجريم التكفير” (أنظر الأسبوع عدد: 08 ماي 2014).

ليس المهدي بنسعيد وحده بل إن حالة البرلمان المغربي المشغول بقضايا تقنين الحشيش(..) تبعث على القلق، ففي الوقت الذي يقول فيه حزب رئيس الحكومة، بأن التمويل الأجنبي “حرام” ويتعارض مع مقتضيات قانون الأحزاب (المواد 30 إلى 40)، نجد أن برلمانيا استقلاليا شابا دخل إلى البرلمان عن طريق اللائحة الوطنية، بنفحة ربيعية، يعترف بأريحية بأنه تلقى دعما من المعهد الديمقراطي الأمريكي لفتح مكتب للتواصل مع المواطنين في تمارة، هل يعقل أن يكون عندنا برلمانيون بكل هذا الجهل، إذا افترضنا حسن النية في تصرفاتهم؟ سؤال ستجيب عنه الأيام القادمة، علما أن عادل تشيكيطو مثلا كان النائب البرلماني الوحيد الذي رفض الحضور لمراسم حفل الولاء (أنظر الأسبوع، عدد: 19 يونيو 2014).

وربما لا يعرف كثير من المواطنين أن كلا من “المعهد الديمقراطي الأمريكي” الذي أسسته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت، والمعهد الجمهوري الأمريكي الذي يرأسه السيناتور الأمريكي جون ماكين، الحالم بهدم الكعبة، وأحد زعماء فكرة تقنين زراعة الحشيش في العالم، مستعدان للقيام بأي شيء لتصريف أفكارهما، التي كانت تشكل حطب الفتنة التي انتشرت في عدد من البلدان باسم الربيع العربي (أنظر التفاصيل: الأسبوع 29 ماي 2014)

وبعيدا عن مبنى البرلمان فقد تحدثت عدة مواقع إخبارية عن توصل نشطاء في حركة 20 فبراير بمعدات معلوماتية عن طريق (غسان، ح) المكلف بالصحافة الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي في السفارة، غير أن هذه التغطيات والتي يظهر أنها كتبت من محبرة واحدة(..) أهملت جزئية في غاية الأهمية، فخروج وثيقة من السفارة الأمريكية، تكشف هذا الدعم، لا يمكن أن يحصل إلا بإذن من الأمريكيين، وربما يكون الغرض هو التشويش للتغطية على حدث آخر قد يحصل في مكان آخر(..)، وبالتالي فإن الحديث عن هدايا تلقاها نشطاء في حركة 20 فبراير، ليس سوى منتوجا للاستهلاك الإعلامي، لأن الأمر يتعلق بهدايا بسيطة (حاسوب، وآلة تصوير..).

هل يعقل أن يكون مصدر هذه الخدعة هو السفارة الأمريكية نفسها؟ قد يكون الأمر ممكنا طالما أن هذه السفارة أحاطت نشاطا من المزمع تنظيمه في الرباط ويرجح أن يحضره مئات الشباب في سرية تامة.

هذا النشاط ليس له وجود إلا على الصفحة “الفيسبوكية” لمؤطر أمريكي اسمه “صام نيماط فاكار Sam Nemat Vaghar”، يوجد حاليا بالمغرب وكل همه تكوين عشرات “الشباب القياديين”، الذين يرجح أنهم سينسقون مع إخوانهم في الجزائر وتونس وليبيا..” قبل إحداث التغيير الممكن (..).

ما هي خلفيات هذا النشاط ومن يكون “سام” القادم من بلاد “العم سام”، الجواب من خلال صفحته على “الفيس” هو شاب أمريكي سبق له أن زار المغرب، وله ملامح شبه عربية لا توحي بأنه أجنبي، كما تؤكد ذلك الصور، التي تؤكد أيضا أنه عقد لقاءات سابقة مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس السابق بيل كلنتون، ويتأكد من خلال صفحته أن هناك عدة شباب من عدة مدن قد أكدوا حضورهم في اللقاء الذي سينعقد يوم 26 يونيو بالنادي الأمريكي في الرباط، ولكن الموضوع غير محدد وكل ما هو متاح هو إمكانية الاطلاع على شروط الحضور، والتنسيق مع من ينوب عنه وهو الشاب “حمزة سباطة”، تصوروا هؤلاء الشباب غير المعروفين لدى وسائل الإعلام ينظمون في غفلة من الجميع نشاطا يحضره المئات، ما سر قوتهم(..).

المرة الوحيدة التي تم الحديث فيها عن هذا الشاب الأمريكي صام كانت في موقع “هسبريس” عندما قامت شابة تدعى ميساء سلامة الناجي بترجمة مقال يتحدث عنه، منشور في جريدة “هافنتون بوست بتاريخ 6 نونبر 2013″، وفيه نقرأ ما كتبه صام عن نفسه: “..في يوم من الأيام، كنت أسير لوحدي في واشنطن العاصمة، وشاهدت رجلا متشردا يجلس على الرصيف. مثل أغلب الناس، عادة ما أتظاهر كلما مررت بجانب متشرد، كأنه غير موجود، وأكمل طريقي. لكني في ذلك اليوم فعلت شيئا مختلفا. جلست مع الرجل على الرصيف وتشاركنا وجبة الغذاء، وتبادلنا أطراف الحديث لمدة عشرين دقيقة، سألته “كيف تستطيع العيش في ظل هذه الظروف؟” أخذ يمعن النظر في المارة، ثم أجاب: “لا أخاف من التحدث إلى أي شخص، لا أخاف من النظر إلى من هم أعلى مني درجة، وأطلب المساعدة، لا تخف من التحدث إلى أي شخص.. هذه النصيحة، أن لا أخاف من الحديث إلى أي شخص، غيرت حياتي بالكلية”.

هكذا انطلقت حياة صام كما يصفها هو نفسه، لكن ما علاقته بالمغرب، الجواب على لسانه من نفس المصدر: “قبل سنوات.. تلقيت اتصالات من وزارة الخارجية الأمريكية، حيث تمت دعوتي للتوجه إلى البوسنة والهرسك في جولة خطابية، حيث سارت الأمور على أحسن ما يرام، لدرجة دعتني الدولة لجولة خطابية من 10 أيام عبر ست مدن مغربية.. وما رأيته هناك فاجأني فعلا.. التقيت بقيادات من الشباب المغاربة الذين لم يسافروا أبدا إلى الولايات المتحدة، ومع ذلك كانوا يتحدثون الإنجليزية بطلاقة، كلغة ثالثة بعد الفرنسية والعربية، وذلك بفضل البرامج التواصلية للسفارة الأمريكية.. وأمام العديد من العروض، كان الشباب المغاربة هم أول من يرفع أيديهم للتطوع وتبادل الفرص، كانوا صريحين، وقادة واثقين في أنفسهم داخل مجتمعهم.. وفي نهاية الرحلة، عقدت وزارة الخارجية معاهدة التبادل الدولي للخريجين، واختارت 35 خريجا بين 14 دولة، من بينها مصر وليبيا ولبنان والجزائر. وكانت الرباط هي الأفضل من حيث تبادل الأفكار والمبادرات. كل تلك الصورة السلبية التي كونها الإعلام في ذهني عن المنطقة اختفت تماما، بعد التواصل المباشر مع هؤلاء الشباب المثابر”.

“صام” يغازل الشباب المغربي، ولكنه لم يحكِ شيئا عما فعله ستة مدن مغربية، وما هي هذه المدن التي زارها مثلما زار البوسنة والهرسك، التي شهدت إبادة جماعية للشعب، سنة 1995 وتعد من أفظع المجازر(..)، ولكن كلامه يكشف مع ذلك النشاط المكثف للسفارة الأمريكية في الرباط، والذي لا نكاد نجد خبرا عنه في وسائل الإعلام(..).

يحدث هذا في قلب العاصمة الرباط، فما الذي يمكن أن يحصل خارجها، طالما أن صام، الذي يحتمل أن يكون قد تعلم على غرار باقي الأمريكيين في السفارة اللهجة الدارجة(..) يؤكد أن الأمريكيين يتحركون في عدة مدن مغربية، لماذا يتجولون، لا جواب رسمي حتى الآن(..).

سواء تعلق الأمر بتحركات أمريكية أو فرنسية تتمثل في احتضان الشباب المتخصصين في التطاول على الثوابث الوطنية فإن ظبط هذه التحركات أو تسليط الضوء الللازم عليها حتى تنعقد في واضحة النهار وليس بشكل سري يبقى وحده كفيلا بفهم مغزى هذه التحركات لا سيما بعد أن أكدت التقارير أن يد أمريكا كانت طويلة فيما حدث تحت يافطة الربيع العربي (..).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى