تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | هل تفضح الأزمة الدبلوماسية مع ألمانيا ملفات التمويل الأجنبي ؟

مشاريع "القوة الناعمة" تحت المجهر

بدأ المسؤولون الألمان يلعبون ورقة أخرى في مسلسل الضغط على المغرب، الذي علق كافة أشكال التواصل مع المصالح الألمانية بالنظر إلى “سوء تفاهمات عميقة بين البلدين”، وآخرها ورقة تم لعبها في هذا الصدد، هي الإعلان من جانب واحد عن توقيف ما يسمى بـ”مساعدات التعاون”، وهي تمويلات طالما طرحت بشأنها عدة علامات استفهام..

إعداد : سعيد الريحاني

    ولم تعلن ألمانيا عن إغلاق باب التعاون رسميا، لكن الإعلام الدولي نقل عن وسائل إعلام إسبانية، هذه المعلومة، ويقول واحد من هذه التقارير: ((تخيم الأزمة الدبلوماسية التي أثارها تعليق الرباط علاقاتها بالسفارة الألمانية، على مصير المساعدات الثنائية التي تخصصها برلين، أكبر قوة في الاتحاد الأوروبي، لجهود التنمية في المغرب، ونقل تقرير لصحيفة “إلباييس”، أن توقيف التعاون يؤثر على  الجمعية الألمانية للتعاون الدولي، وبنك التنمية الألماني، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية للصحيفة: إن جميع عمليات برلين تقريبا في مجال التنمية والتعاون تتأثر بسياسة المغرب الأحادية الجانب، مضيفا أن بعض المشروعات معلقة تماما، وتعلق الأزمة مصير جزء من 1400 مليون يورو من المساعدات الإنمائية والتعاون التي تخصصها ألمانيا هذا العام للمغرب)) (المصدر: تقرير قناة “الحرة” / 18 يونيو 2021).

تتمة المقال بعد الإعلان

ولم يتوقف التقرير المتداول بنفس المعلومات على نطاق واسع عند هذا الحد، بل إن الإعلاميين أعادوا تدوير معلومات، من قبيل أن المغرب تحول سنة 2019 إلى ثالث وجهة للتمويلات الأجنبية الألمانية، بعد مصر وتونس، علما أن ألمانيا بتعبير مسؤوليها، لا تدعم إلا المشاريع التي “تروق لها”.

وإذا كانت جل التقارير قد ذهبت في اتجاه ربط الأزمة المغربية الألمانية بدور ألمانيا السلبي في قضية الصحراء، وفي توفير الفضاء لنشر أفكار مسيئة للمغرب، وتسريب معلومات استخباراتية(…)، فهذه هي المرة الأولى التي تطرح فيها “مشاكل” فيما يتعلق بالمشاريع الممولة من طرف المنظمات الألمانية، علما أن المشكل تم طرحه من الجانب الألماني..

وغالبا ما يطرح “التمويل الأجنبي” لأنشطة المجتمع المدني، عدة هواجس في البلدان المعنية، فمصر على سبيل المثال، لازالت تعيش على وقع تداعيات ما عرف بـ”القضية رقم 137″، وهي القضية التي تعود لسنة 2011، عندما تم اتهام عدد كبير من ((المنظمات والجمعيات والكيانات والأشخاص الطبيعيين، بتلقي تمويلات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بقيمة مليار ونصف المليار جنيه مصري، بالإضافة إلى نصف مليار دولار أمريكي))، قبل أن يتم طي الصفحة، نتيجة عدم كفاية الأدلة(…).

تتمة المقال بعد الإعلان
الخوف من “الثورات الملونة” يزكي هواجس الخوف من التمويل الأجنبي

وليس في البلدان العربية وحدها، بل إن كثيرا من الدول لا تنظر باطمئنان، لتنظيم أنشطة كبيرة من حيث الحجم اعتمادا على التمويل الأجنبي، في هذا الصدد، أحاطت دولة مثل روسيا، التمويل الأجنبي للأنشطة العامة بعدة ضوابط، حيث ((بات يتوجب على الطرف الذي ينظم الفعالية الجماهيرية، عند تقديم المستندات وقبل بدء الفعالية، أن يشير إلى الحساب الذي يجب أن يتم تحويل الأموال إليه، كما يحظر تمويل الأحداث العامة من قبل الدول الأجنبية والمنظمات والمواطنين والأشخاص عديمي الجنسية، وكذلك المنظمات غير الربحية، والأجانب الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما، والمانحين المجهولين والكيانات القانونية المسجلة قبل أقل من عام واحد من تاريخ تحويل الأموال أو الممتلكات الأخرى))..

إن دولة مثل روسيا، لا يتردد فيها بعض المسؤولين في الحديث عما يسمى عملاء الخارج.. ((فبعد صدور قانون عملاء الخارج عام 2012، الذي يُلزم المنظمات غير الحكومية ذات النشاط السياسي والتمويل الخارجي، أن تسجل باعتبارها عميلا أجنبيا، وأن تخضع لعملية تدقيق رسمية لحساباتها وهياكلها الإدارية، وكذلك الإعلان عن مصدر دخلها وطرق إدارته، بالإضافة إلى نشر تقرير نصف سنوي حول أنشطتها، أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قانونا يحظر أنشطة المنظمات التي تصنفها الدولة بغير المرغوب فيها.. القانون الجديد، الذي ندد به الحقوقيون، يمكن أن يعتبر أنشطة المنظمات غير الحكومية، الأجنبية أو الدولية، التي تمثل تهديدا للأسس الدستورية الروسية أو قدراتها الدفاعية والأمنية غير مرغوب فيها، مما يمنح السلطات صلاحيات حظر المنظمات المعنية وملاحقة موظفيها ومنعهم من دخول البلاد أو حتى سجنهم لفترات قد تصل إلى ست سنوات إذا اقتضى الأمر.

يمكن أيضا للسلطات، في حال تم إدراجها ضمن قائمة غير المرغوب فيها، أن تمنع تلك المنظمات غير الحكومية من إنشاء فروع لها على الأراضي الروسية أو نشر موادها الإعلامية أو تنفيذها للمشاريع الخاصة، علاوة على غلق الحسابات المصرفية للهياكل المستهدفة..

تتمة المقال بعد الإعلان

هذا، ويُلزم القانون الجديد، المنظمات الروسية التي تتلقى تمويلا من منظمات غير مرغوب فيها، بتقديم جرد كامل لعملياتها وأنشطتها، بل إن هذا القانون ينتج عنه في حالة منح المنظمة الأجنبية أو الدولية وضع “غير المرغوب بها”، أن يفرض غرامة مالية تتراوح ما بين 300 إلى 500 ألف روبل، أو السجن لمدة 6 سنوات في حق مدير المنظمة، ولا يتم إعفاؤه من المسؤولية الجنائية إلا في حالة استقالته من العمل طوعا)) (المصدر: عدة وكالات).

في المغرب، لم يسبق أن طرحت مشكلة التمويل الأجنبي لبعض الجمعيات كتحقيقات قضائية، ولا يوجد ما يقيد هذه العملية من الناحية العملية حتى الآن، لكن الحكومة سبق أن نبهت إلى خطورة التمويل الأجنبي، ((فقد كشف الأمين العام للحكومة، أن الدولة رصدت تلقي 962 جمعية مغربية لـ 12.5 مليار درهم (113 مليون يورو) من التمويلات الخارجية منذ سنة 2006، وحسب إدريس الضحاك، فإن هناك “جمعيات تجهل إلزامية وقيمة التصريح بتمويلاتها الأجنبية”، و”جمعيات أخرى تدخل ضمن خانة عدم الاكتراث”، فيما صنف آخر من الجمعيات “يرفض بشكل واع التصريح”، وسبق لوزير الداخلية المغربي محمد حصاد، أن أدلى بتصريحات أمام أعضاء مجلس المستشارين، قال فيها بأن “بعض الكيانات الدخيلة تقوم بخدمة أجندة خارجية في استغلال لأجواء الانفتاح والحريات السائدة بالمغرب”)) (المصدر: قصاصات نونبر 2014).

لماذا تخشى الدول إطلاق العنان للتمويلات الأجنبية بالدخول للبلاد؟ يمكن الجواب عن هذا السؤال، من خلال الإحاطة ببعض التقارير الإعلامية التي تربط، بشكل مباشر، بين الأحداث التي شهدتها بعض الدول ومراكز التمويل الأجنبي ونشاط الجمعيات في تلك البلدان، ((إذ لا يخفى على أحد دور هيئات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني غير الهادفة للربح، في ثورات الربيع العربي، لدرجة أن البعض وصفها بشيطان الثورات، واعتبر الحقوقيين والنشطاء العاملين فيها جواسيس بالقانون، فيما يرى البعض الآخر، أن تلك الثورات وما صاحبها من مطالب، كانت بدوافع داخلية حركت الشعوب للخروج في ثورات واحتجاجات شعبية متوالية، وفي المقابل، جاء في العديد من الدراسات، أن دور تلك المنظمات والهيئات والحركات كان ثانويا وليس أساسيا، وأن الولايات المتحدة أنشأت بعض تلك المنظمات والهيئات للتخلص من أنظمة في المنطقة بشكل سلمي، حيث ظهرت بعض الحركات التي اتخذت قبضة اليد شعارا لها، ما أكد أن هناك محركا أساسيا واحدا للأحداث، مثل حركة “أوتبور” في صربيا عام 2000 والتي تسببت في الإطاحة بالرئيس سلوبودان ميلوزوفيتش، ومن ثم، تم تصدير الثورة إلى صربيا بواسطة “كمارا”، الحركة التي يترجم اسمها يكفي، وبعدها إلى الثورة الوردية في جورجيا عام 2003.. ليبقى الأمر حائرا حول أسباب الثورات الملونة ما بين تدخلات خارجية ومتطلبات داخلية)) (المصدر: تقرير/ صحيفة “الوطن” عدد 25 مارس 2016).

تتمة المقال بعد الإعلان
الأمين العام السابق للحكومة إدريس الضحاك ووزير الداخلية السابق محمد حصاد.. سبق لهما أن فتحا ملف التمويل الأجنبي للجمعيات

يذكر أن المغرب دخل منذ مدة في حرب على التمويل الأجنبي للجمعيات، بعد أن وصل لأرقام خيالية، بدعوى نشر الديمقراطية، وفي الوقت الذي سبق أن أعلن فيه إدريس الضحاك، الأمين العام السابق للحكومة، أن الأمانة العامة لا تملك من المعطيات حول التمويل الأجنبي للجمعيات إلا ما تصرح به الجمعيات نفسها بشكل طوعي، أكد ذات المسؤول الحكومي، أن الأمانة العامة للحكومة تلقت خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير 2015 إلى متم شهر شتنبر 2015، 881 تصريحا من قبل 194 جمعية بشأن استفادتها من مساعدات أجنبية بلغت قيمتها الإجمالية ما يناهز 26 مليار سنتيم.. فما هو العمل الذي تقوم به هذه الجمعيات، علما أن المبالغ غير مصرح بها كاملة، لأنه لا توجد آلية تشريعية لضبط ذلك؟

وكانت فضيحة التمويل الأجنبي قد لاحقت في الفترة الأخيرة، البرلمان المغربي نفسه، و”الأسبوع” كانت سباقة إلى فضح برلمانيين تلقوا التمويل الأجنبي على نشاطهم، وسبق أن رفض فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، مقترح الدعم الذي تقدم به المعهد الديمقراطي الأمريكي، الذي أسسته وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت، علما أن حزب العدالة والتنمية له علاقات مع هذا المعهد واستقبله في مقره عدة مرات حول موضوع “التحول الديمقراطي”، ولا شك أن حزب العدالة والتنمية أخطأ في التفريق بين الدعم المادي الذي يتعارض مع قانون الأحزاب وبين الدعم اللوجستي الذي يقبله(…).

هكذا إذن.. يمكن القول أن “ملفات التمويل الأجنبي للجمعيات المغربية”، الناشطة في المجال الحقوقي أو التنموي، غالبا ما تطرح في سياقات مثيرة للجدل، غير أن طرح ملفات التعاون مع ألمانيا على سبيل المثال، في ظل الأزمة مع ألمانيا، وتورط الاتحاد الأوروبي في الإساءة للمغرب، قد يعجل بفتح ملفات ضخمة حول “التمويلات الأجنبية التي تصل إلى المغرب”، والغاية منها، وخاصة القادمة من بلدان أوروبية..

تتمة المقال بعد الإعلان

وسبق أن توقعت عدة مصادر حصول مشاكل في قضايا “التمويل الأجنبي”، وخاصة مع التحركات المغربية لضبط هذا المجال، آخرها ما صدر عن وزارة الخارجية.. فقد ((دعت وزارة الخارجية المغربية، السفارات الأجنبية والمنظمات الدولية، إلى احترام قواعد وتقاليد العمل الدبلوماسي، وتمرير أي اتفاق أو تمويل لمنظمة من منظمات المجتمع المدني، عبر القنوات الدبلوماسية..

كما دعت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية، في دورية سرية موجهة إلى الهيئات الدبلوماسية والقنصلية، وإلى فروع المنظمات الدولية في المغرب، إلى احترام قواعد وتقاليد العمل الدبلوماسي بقصد مراقبة أي دعم مادي منها لمنظمات المجتمع المدني في المغرب، ودعت الوزارة من خلال دورية صادرة عن مديرية الشؤون القانونية والمعاهدات في الوزارة، الهيئات الدبلوماسية والتمثيليات القنصلية وفروع المنظمات الدولية والإقليمية ووكالات التعاون العاملة في المغرب، إلى احترام قواعد وتقاليد العمل الدبلوماسي، وحثت المعنيين على احترام القنوات الدبلوماسية، وسجلت أن كل اتفاق وكل برنامج عمل أو تمويل، من هذه الهيئات لمنظمات حكومية أو غير حكومية مغربية يجب أن يمر عبر القنوات الدبلوماسية)) (المصدر: “القدس العربي”/ 9 أبريل 2017).

تعليق واحد

  1. Les associations actives au Maroc qui reçoivent de l argent depuis des pays étrangers c est l arbre qui cache la forêt malheureusement, il ya des marocains qui se sont convertis au christianisme et au judaïsme grâces au Vatican et au juifs sionistes très actifs au réseaux sociaux….ils envoient de l argent au amazigh surtout et au rifains….ces marocains qui ont abandonné l islam sont trop dangereux pour le Maroc…..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى