تحليلات أسبوعية

ملف الأسبوع | المغرب يراهن على تحالفات جديدة داخل الاتحاد الأوروبي

بعد الأزمة مع إسبانيا..

لا حديث في وسائل الإعلام الوطنية مؤخرا إلا عن الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا التي تسعى جاهدة إلى جعلها أزمة مغربية أوروبية وليست مغربية إسبانية، وكذلك الأمر في الجارة الشمالية، حيث لا تتوقف الآلة الإعلامية في الخوض في هذا الموضوع، أما داخل الاتحاد الأوروبي نفسه، فلا حديث يطغى على إعلامه إلا عن دولتين تشكلان استثناء داخل هذا التكتل القاري، المكون من 27 دولة، وهما المجر وبولونيا، فالدولتان معا تشكلان جبهة موحدة داخل الاتحاد الأوروبي، وتتصارعان مع باقي الأعضاء الخمس والعشرين، وكما هو معلوم، فإن المجر حطمت الرقم القياسي في استعمال حق النقض “الفيتو” لاعتراض قرارات المجلس الأوروبي التي تدين بعض الدول خارج الاتحاد.

والملاحظ أنه خلال المرحلة التي بدأت فيها الأخبار تتناسل بشأن سعي إسبانيا إلى إقحام الاتحاد الأوروبي في أزمتها مع المغرب، عملت الدبلوماسية المغربية بحركة ودينامية نشيطة، في اتجاه كل من المجر وبولونيا، من أجل التصدي للمناورات الإسبانية، غير أن مسعى إسبانيا خاب عندما لم تنجح في تمرير مقترح القرار إلى المجلس الأوروبي، وتم الاكتفاء فقط بطرحه على البرلمان الأوروبي، الذي غير صيغة القرار الغير ملزم من الإدانة إلى الرفض.

في هذا الملف نتطرق إلى مدى إمكانية رهان المغرب على “فيتو” المجر وبولونيا داخل الاتحاد الأوروبي لمواجهة المناورات الإسبانية.

أعد الملف: سعد الحمري

دلالات التحركات الدبلوماسية المغربية الأخيرة

    لا يبدو أن تقوية العلاقات بين المغرب وكل من المجر وبولونيا في هذه الظرفية الحساسة، من قبيل الصدفة، بل من أجل خلق تحالف مع الدولتين العضوين داخل الاتحاد الأوروبي، فمنذ إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن اعترافها بسيادة المغرب على كامل صحرائه، أعلنت العديد من الشركات البولونية عزمها على الاستثمار في جهة الداخلة، وذلك بالتزامن مع دعوة برلين إلى عقد اجتماع في الأمم المتحدة لمناقشة الوضع في الصحراء المغربية احتجاجا على القرار الأمريكي، وكما هو معلوم تاريخيا، فإن بولونيا تعتبر عدو ألمانيا اللدود في الاتحاد الأوروبي، اعتبارا للماضي الاستعماري لألمانيا.

ومنذ إعلان الشركات البولونية، شهدت العلاقات بين البلدين دينامية قوية، كان آخرها لقاء سفير المغرب في وارسو، عبد الرحيم عثمون، يوم 26 ماي المنصرم، بممثلين بولونيين عن “مجموعة الصداقة البولونية المغربية” في مجلس الشيوخ بجمهورية بولونيا، لتقييم العلاقات الممتازة بين البلدين.

وقد تطرق المشاركون، في هذا الاجتماع، للأوضاع الاقتصادية في البلدين، والأزمة الصحية، وحملة التلقيح، وكذلك الأمور الدبلوماسية، وخلال نفس الاجتماع، رحب كل من رئيسة مجموعة الصداقة في مجلس الشيوخ، جوانا سيكولا، ونائب رئيس مجموعة الصداقة، ورئيس مجموعة “EPP” في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، ألكسندر بوسيج، (رحبوا) بديناميكية العلاقات بين المملكة المغربية وجمهورية بولونيا، كما أبرز نواب مجلس الشيوخ، خلال الاجتماع ذاته، بشكل خاص، الاهتمام الكبير الذي أبدته شركات بلدهم بإمكانية الاستثمار في السوق المغربي، وخصوصا على مستوى الأقاليم الجنوبية للمملكة.

ومن جانبه، أعرب السفير المغربي، عن شكره لضيوفه، على ثقتهم والاهتمام الخاص الذي يبدونه للمغرب، مشيرا إلى أن هذا النجاح جاء نتيجة سلسلة من اللقاءات التي عقدت على مدى عدة أشهر مع شركات بولونية من أجل الاستثمار في المغرب، كما ناقش السفير المغربي مع ضيوفه، الفرص التي ستنالها الشركات التي ستستثمر في المغرب، إضافة إلى أنها ستستفيد من الموقع الجغرافي للمملكة، ومكانتها في القارة الإفريقية، لتوسيع استثماراتها على المستوى القاري.

أما بخصوص البلد الثاني، وهو المجر، العضو في الاتحاد الأوروبي، فقد استقبل رئيس الدبلوماسية المغربية، ناصر بوريطة، يوم 9 يونيو، نظيره وزير الخارجية المجري، قبل يوم واحد من مناقشة وتصويت البرلمان الأوروبي على مشروع القرار الذي تقدمت به إسبانيا من أجل إدانة المغرب، بخصوص استغلال القاصرين في ملف الهجرة.

وعلى هامش المحادثات التي قام بها الطرفان، أعلن ناصر بوريطة، في المؤتمر الصحفي بالرباط، أن ((إسبانيا تحاول إقحام الاتحاد الأوروبي في الملف من باب الهجرة غير النظامية، بهدف صرف النظر عن الأسباب الحقيقية لجذور الخلاف بين البلدين))، وأوضح أن ((الأزمة سياسية وثنائية بين البلدين وليست مع الاتحاد الأوروبي))، مؤكدا على أن ((علاقات المغرب بالاتحاد الأوروبي جيدة)).

وفي اليوم الذي صوت فيه برلمان الاتحاد الأوروبي على مشروع القرار، صدر بلاغ ختامي حول الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المجري، وكان أبرز ما جاء في البلاغ: إعلان المجر عن تجديد دعمها لمخطط الحكم الذاتي الذي تم تقديمه إلى الأمين العام للأمم المتحدة في 11 أبريل 2007، ولجهود التنمية التي يبذلها المغرب في المنطقة، وللجهود المبذولة تحت الإشراف الحصري للأمم المتحدة، بهدف التوصل إلى حل سياسي وواقعي وعملي ومستدام لقضية الصحراء قائم على التوافق.

وتعتبر هذه النقطة ردا صريحا من المجر على مشروع القرار الإسباني، الذي جاء في صيغته الأولى، محاولة لجر برلمان الاتحاد الأوروبي من أجل تبني موقف موحد من قضية الصحراء المغربية.

وأبرز نفس الإعلان المشترك، أن المغرب وهنغاريا أكدا دورهما الإيجابي والبناء في الحفاظ على الاستقرار والأمن والسلم في إقليميهما، كما عبرا عن التزامهما بهذه المبادئ، وكذا بالتسوية السلمية للنزاعات واحترام الوحدة الترابية وسيادة الدول.. وفي هذا جواب مباشر عن المساعي الإسبانية لجعل برلمان الاتحاد الأوروبي يتبنى قرارا يعتبر أن سبتة ومليلية جزء من التراب الأوروبي وحدود التكتل القاري مع إفريقيا.

واتفق الوزيران على وضع خارطة طريق ثنائية تشمل الاستثمارات وتنظيم منتدى اقتصادي، وأكدا على الدعم المتبادل لترشيحات البلدين على صعيد الهيئات والمنظمات الدولية.

أوربان // مورافيسكي

هل يستفيد المغرب من الجبهة الموحدة بين هنغاريا وبولونيا داخل الاتحاد الأوروبي؟

    ليس من الصدفة أن تشهد هذه الأيام حركية بين المغرب وكل من بولونيا وهنغاريا، فالدولتان تشكلان تحالفا داخل الاتحاد الأوروبي، ويبدو أن المغرب أراد من خلال ذلك، بناء تحالفات جديدة داخل أروقة الاتحاد الأوروبي.

بدأ التحالف بين البلدين، عندما تعهدا على تشكيل جبهة موحدة ضد المصادقة على ميزانية الاتحاد الأوروبي خلال عملية التصويت على ميزانية التعافي من فيروس “كورونا” أواخر سنة 2020، وذلك بعد أن واجهت الدولتان انتقادات واسعة من قبل أطراف في الاتحاد الأوروبي واتهامها بالتدخل في استقلال القضاء والحد من حرية الإعلام.. فقد اقترح الاتحاد الأوروبي آلية تربط ميزانية الاتحاد البالغة 1.8 تريليون يورو، والتي تشمل 750 مليار يورو للتعافي من فيروس “كورونا”، بضرورة احترام أعضائه لسيادة القانون، ويشمل ذلك مجالات الامتثال للقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان واستقلال القضاء.

ومباشرة بعد ذلك، تعهد رئيسا وزراء بولونيا ماثيوس مورافيسكي، وهنغاريا فيكتور أوربان، بإعلان جبهة موحدة والتمسك بحق النقض ضد ميزانية الاتحاد الأوروبي وصندوقه الضخم لمواجهة وباء “كوفيد 19″، ووقعا إعلانا مشتركا يتعهدان فيه بأن تدعم كل دولة موقف الأخرى في الاعتراض على خطة الإنفاق للاتحاد الأوروبي إذا استمر الاتحاد في ربط صرف أموال الاتحاد بالتزام الدول الأعضاء بسيادة القانون.

واعتبرت كل من بولونيا وهنغاريا، أن آلية الاتحاد الأوروبي التي تربط تقديم المساعدات المالية للدول الأعضاء بضرورة احترام سيادة القانون، من شأنها أن ((تخاطر بإخراج التكتل الأوروبي عن مساره))، فضلا عن ((التسبب في تفكيكه))، ثم التقى رئيسا وزراء البلدين في بودابست، شهر دجنبر 2020، لمناقشة سبل إقناع قادة الاتحاد الأوروبي بالتخلي عن هذه الآلية.. ففي بيان مشترك، رفضا ((أي آلية من شأنها أن تفرض عقوبات مالية على الدول الأعضاء لخرق المعايير الديمقراطية)) على حد نص البيان، وتوج ذلك باستخدام البلدين حق النقض “الفيتو” ضد آلية الاتحاد الأوروبي، مما أوقف وشل بشكل لافت تقدم الإجراءات الخاصة بتنفيذ ضخ الميزانية الكاملة وحزمة الإنقاذ المخطط لها في يناير 2020، بينما استمرت وارسو وبودابيست في إصرارهما على التمسك بحق النقض ضد ميزانية الاتحاد الأوروبي لمواجهة فيروس “كورونا”، وأكد المسؤولون الأوروبيون أن ربط صرف أموال الاتحاد بالتزام الدول الأعضاء بسيادة القانون، أمر لا جدال فيه، كما هدد الاتحاد الأوروبي، باستبعاد المجر وبولونيا من خطة التمويل الأوروبية.

وفي هذا السياق، عمل الأوروبيون على زيادة الضغط على هاتين الدولتين، حيث تعتقدان أن ((آلية الاتحاد الأوروبي التي تربط تقديم المساعدات المالية للدول الأعضاء بضرورة احترام سيادة القانون، من شأنها أن تخاطر بإخراج التكتل الأوروبي عن مساره))، فضلا عن ((التسبب في تفكيكه)).

وتقول حكومتا أوربان ومورافيسكي، أنهما تُعاقَبان، لأن لديهما رؤية عالمية أكثر تحفظا بالنظر إلى التيار السائد في أوروبا الغربية، وأشارتا إلى أن ((رئيسا حكومتيهما انتخبا من قبل شعوبهما في انتخابات ديمقراطية، وأن أي اتهامات بالسلوك غير الديمقراطي، باطلة)).

ومن الجانب الآخر، أكد قادة الاتحاد الأوروبي أنهم لن يتخلوا عن الآلية الخاصة بربط التمويل باحترام سيادة القانون، ومع ذلك، أكدوا أنه ((يمكنهم إعطاء بولونيا وهنغاريا ضمانات بأن تنفيذها سيكون محدودا))، وقال مفوض الميزانية بالاتحاد الأوروبي، يوهانس هان، في وقت سابق: ((لا ينبغي لأحد أن يخشى أي شيء.. وإذا لم تنجح هذه الاستراتيجية، فقد اقترح بعض القادة أن تتحد الدول الأخرى معا لتمرير حزمة مساعدات فيروس كورونا على الأقل))، كما حذر المسؤول الأوروبي مؤخرا من أن ((وارسو وبودابيست لا يمكنهما أن تمنعاننا من مساعدة مواطنينا)).

وفي هذا المضمار، أكد وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية، كليمون بون، أنه ((بحلول شهر يناير، إذا لم تقبل حكومتا المجر وبولونيا بالآلية، فسيتم تنفيذ توزيع أموال خطة التعافي بين الدول الـ 25 الأخرى)).

كما حذر دبلوماسي رفيع المستوى، من أن ((الاتحاد الأوروبي قد تكون لديه خطة بديلة إذا استمرت بودابيست ووارسو في عرقلة إجراءات تنفيذ الخطة المالية الأوروبية))، مؤكدا في الوقت نفسه أن ((الدول الأعضاء الخمس والعشرين الأخرى، يمكنها اعتماد خطة التعافي الاقتصادي المحددة في 750 مليارا بدون المجر وبولونيا)).

من جانبه، قال وزير خارجية هنغاريا، بيتر سيارتو، أن بلاده ((ليست على استعداد للتراجع عن حق النقض، وأضاف: ((من الصعوبة بمكان استخلاص موقف أوروبي في الشؤون الخارجية بناء على معطيات هي من قبيل الخيال العلمي))، موضحا: ((كل ما يمكنني قوله، هو أن الموقف المجري ليس جديدا، وهو لم يتغير على مر السنين، لذلك نرفض ربط استخدام موارد الاتحاد الأوروبي، المال العام، باعتبارات سياسية غير معروفة ولا محددة)).

من جهته، يقول رئيس وزراء بولونيا، ماتيوس مورافيسكي: ((تشكل هذه الآلية مصدر خطر للغاية على تماسك أوروبا، إنها حل سيء يهدد بتفكك أوروبا في المستقبل))، ولفت إلى أن ((آليات مماثلة يمكن استخدامها في المستقبل ضد دول أخرى، وبشأن قضايا أخرى))، مضيفا ((باستخدامنا حق النقض، نحن ندافع عن وحدة الاتحاد)).

هل يراهن المغرب على “فيتو” هنغاريا داخل الاتحاد الأوروبي؟

    قبل يومين من زيارة وزير الخارجية الهنغاري للمغرب، كانت بلاده تتصدر المشهد السياسي داخل الاتحاد الأوروبي، ففي يوم 7 يونيو الجاري، دعا وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، الاتحاد الأوروبي، إلى إزالة إمكانية استخدام حق النقض المتاح لكل دولة من الدول الأعضاء داخل الاتحاد الأوربي، حتى لا تعود أوروبا “رهينة” من حيث قدرتها، على العمل.

وقال ماس في مؤتمر صحافي في برلين: ((لم يعد بإمكاننا أن نسمح لأنفسنا بأن نكون رهينة أولئك الذين يشلّون السياسة الخارجية الأوروبية باستخدام حق النقض.. من يفعلون ذلك يهددون على المدى الطويل إلى حد ما، تماسك أوروبا، لذلك أقول بصراحة: يجب إنهاء حق النقض حتى لو كان ذلك يعني أننا يمكن أن نخسر التصويت)).

كما وجه ميغيل برغر وزير الدولة الألماني في الشؤون الخارجية، انتقادات لاذعة للمجر، وكتب في تغريدة على “تويتر”، أن ((السياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي، لن تنجح إذا كان من الممكن عرقلة المبادرات المشتركة)، وأن ((المجر عرقلت مجددا بيان الاتحاد الأوروبي حول هونغ كونغ. قبل ثلاثة أسابيع، كان حول الشرق الأوسط. السياسة الخارجية والأمنية المشتركة لا يمكن أن تعمل على أساس سياسة النقض. نحن بحاجة إلى نقاش جاد حول سبل إدارة الاعتراض بما في ذلك التصويت بالغالبية المؤهلة)).

وقد كانت أسباب هذه الانتقادات الألمانية، بسبب عرقلة المجر لقرار من الاتحاد الأوروبي يقضي بانتهاك الصين لحقوق الإنسان، وعدم احترام قواعد الحكم الذاتي الذي تتمتع به هونغ كونغ، حيث استخدمت فيه حق النقض “الفيتو” داخل الاتحاد الأوروبي.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها هنغاريا حق “الفيتو” فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، بل المرة الثانية في ظرف ثلاثة أسابيع، حيث رفض وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو، تأييد بيان للاتحاد الأوروبي دعا إلى وقف إطلاق النار خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، على أساس أن المواقف “منحازة وغير متوازنة”، وذلك حين دعا الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، إلى وقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل وفلسطين، رفضت المجر في الثامن عشر من مايو 2021، تأييد بيان للاتحاد الأوروبي دعا فيه إلى وقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبذلك تكون قد عرقلت قرارا آخر للاتحاد الأوروبي.

وقال وزير الخارجية الهنغاري على هامش زيارته إلى باريس: ((لدي مشكلة شاملة مع التصريحات الأوروبية عن إسرائيل.. إنها لا تساعد كثيرا، وخصوصا في الظروف الراهنة، حين تكون التوترات شديدة إلى هذا الحد))، وكان بيتر سيارتو يتحدث.. فيما كان نظراؤه مجتمعين في شكل طارئ برعاية وزير خارجية الاتحاد، جوزيف بوريل، الذي دعا إثر الاجتماع إلى ((وقف فوري لكل أعمال العنف بين إسرائيل وفلسطين)).

فهل من الممكن، إذا نجحت إسبانيا في تمرير قرار ضد المصالح المغربية أمام المجلس الأوروبي للتصويت عليه من طرف الدول الأعضاء، أن تعارضه هنغاريا باستعمال حق “الفيتو” الأوروبي، وهي التي حطمت الرقم القياسي في استعماله؟

سانشيز // روته

إمكانيات فشل الرهان المغربي على المجر

    لم تكن ألمانيا وحدها التي طالبت بإلغاء حق “الفيتو” داخل دول الاتحاد الأوروبي، بل سبقتها العديد من الأصوات من داخل الاتحاد، ففي مارس 2021، دافع رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، عن إلغاء جزئي لحق النقض في الاتحاد الأوروبي، وجاء ذلك عبر رسالة وجهها بمعية زميله الاشتراكي الإسباني، بيدرو سانشيز، إلى رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال.

وضمن الرسالة، كتب روته وسانشيز: ((إن حق النقض يحد من فعالية تبني أو شجب يرتبط بالقضايا المهمة))، وأضاف المسؤولان: ((نريد من الدول الأعضاء التحقيق فيما إذا كان يمكن إلغاء حق النقض في بعض الموضوعات والاستعاضة عنه بقرار الأغلبية، لأن إدخال هذا النظام يعني أن الدول الأعضاء لن تكون قادرة بعد الآن على عرقلة القرار الأوروبي بنفسها)).

وفي فبراير 2016، قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولند، خلال قمة للاتحاد الأوروبي، وأثناء حديثه عن قرار المملكة المتحدة الخروج من الاتحاد الأوروبي: ((ينبغي ألا يكون لأي دولة حق النقض.. ينبغي ألا تعفي أي دولة نفسها من القواعد العامة والسلطة العامة، فالاتحاد الأوروبي على المحك وليس مجرد دولة واحدة من دوله)).

بل، وفي سنة 2018، وافق البرلمان الأوروبي على اتخاذ إجراء عقابي ضد المجر، لتهديدها للقيم الأساسية للاتحاد الأوروبي من خلال إسكات الإعلام وعزل القضاة والتشجيع على الفساد، فيما اتهم رئيس وزرائها، فيكتور أوربان، الاتحاد بـ”الابتزاز”، لتغيير موقف بلاده من الهجرة.

فقد صوت البرلمان الأوروبي يوم 12 شتنبر 2018، لصالح تفعيل إجراء عقابي ضد المجر، وجاء التصويت على خلفية تقرير أعدته النائبة بالبرلمان جوديت سارجنتيني، يتضمن بالتفصيل قائمة من الأعمال التي تشكل ((مؤشرا واضحا على انتهاك خطير لقيم الاتحاد الأوروبي))، وقالت سارجنتيني: ((إن الحكومة المجرية تعمل على إسكات الإعلام والأكاديميين المستقلين، وتعزل القضاة المستقلين، وتشن حملات ضد المنظمات غير الحكومية، وتشجع على الفساد))، وقد صوت 448 نائبا لصالح المقترح مقابل 197، ما يعني الحصول على أغلبية الثلثين اللازمة، واعتمد التصويت على حزب الشعب الأوروبي، المنتمي إلى يمين الوسط، الذي ينتمي إليه حزب رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان. وبدء الإجراءات العقابية ضد المجر حسب المادة السابعة من اتفاقية الاتحاد الأوروبي، قد ينتهي بتجريدها في نهاية المطاف من حقوق التصويت.

ولطالما كانت هناك خلافات بين بروكسيل وبودابيست حول الهجرة، لكن أساس القرار المتخذ من طرف البرلمان الأوروبي، كان هو التقرير الذي قدمته جوديت سارجنتيني، والذي يتضمن بالتفصيل قائمة من الإجراءات تمثل ((خطرا واضحا لانتهاك خطير لقيم الاتحاد الأوروبي”، حسب تعبير النائبة، وجرى تفعيل المادة السابعة فقط حتى الآن ضد بولونيا، بسبب إصلاحاتها القضائية المثيرة للجدل، لكن ذلك، أدى إلى تنازلات قليلة من قبل وارسو.

يذكر أن رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، كان قد صرح بعد ذلك، أن ((حزب الشعب الأوروبي منقسم بشأن الهجرة، لذلك يستخدم الرئيس الفرنسي نقاط ضعفنا لتدمير الحزب، وسيغتنم تلك النقطة وسيدق إسفينا بيننا)).

وانتقد أوربان أيضا البرلمان الأوروبي في خطاب منفصل، متهما إياه بـ”الابتزاز”، مضيفا أن ((الناخبين المجريين قرروا أن بلادهم لن تكون دولة مهاجرين)).

وهكذا.. فإن سعي المغرب إلى تنويع وفتح تحالفات جديدة داخل الاتحاد الأوروبي، قد تواجهه العديد من الصعوبات المعقدة، بسبب الفاعلين الذين يبدو أنه من الممكن أن يراهن عليهم، وهما بولونيا وهنغاريا، فصحيح أن لهما حق النقض داخل الاتحاد الأوروبي، ومن الممكن أن تعرقلا أي قرار يتخذه المجلس الأوروبي في غير مصلحة المغرب، إلا أن واقع الحال يقول إن حق النقض الذي يتمتعان به كعضوين داخل الاتحاد، أصبح مهددا بفعل الأصوات المطالبة بإلغائه والداعية إلى اعتماد التصويت فقط من أجل المصادقة على القرارات.

تعليق واحد

  1. المراهنة خاطئة، الاتحاد الأوروبي يشكل جسم واحد، التحالف يمكن أن يحدث اذا فكر المغرب تقوية علاقته مع الأساس أو العمود وهو الاتحاد. الهروب وفرض وجهة نظر واحدة مر عليها زمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى