ملف الأسبوع | أسرار اتفاقية الحدود بين المغرب والجزائر
هكذا أخر المغرب المصادقة على اتفاقية الحدود الموقعة بينه وبين الجزائر
أثير مؤخرا مشكل جديد مع الجارة الشرقية، وهو عندما أقدمت السلطات الجزائرية على أمر مزارعين مغاربة بإخلاء أراضي زراعية تقول إنها تابعة لترابها الوطني تبعا لاتفاقية أبرمتها مع المغرب عام 1972، التي صادق عليها البرلمان الجزائري من فوره واعتمدتها الأمم المتحدة سنة 1989، غير أن المغرب لم يعتمدها رسميا إلا بعد نشرها في الجريدة الرسمية عام 1992.
وهكذا يبدو الأمر مثيرا فيما يخص تواريخ مصادقة الأطراف المعنية على هذه الاتفاقية، حيث تفصل بينهما 20 سنة كاملة، لذلك نسعى من خلال هذا الملف استعراض أهم الأسباب التي أخرت اعتماد المغرب هذه الاتفاقية إلا بعد مرور عشرين سنة كاملة على إبرامها مع الجزائر.
أعد الملف: سعد الحمري
يوم طلب الملك الراحل الحسن الثاني من أمريكا التدخل من أجل حماية الرئيس الجزائري هواري بومدين
كانت أول مرة تحسنت فيها العلاقات بين المغرب والجزائر منذ استقلال هذه الأخيرة، خلال مرحلة الرئيس الجزائري هواري بومدين. فمنذ الانقلاب الذي قاده هذا الأخير ضد أحمد بنبلة في 19 يونيو 1965، دخلت العلاقات المغربية الجزائرية مرحلة من التحسن، ثم تبادل زعيما البلدين الزيارات على مدى ثلاث سنوات، وتوج هذا الانفراج بعد ذلك بمعاهدةإفران يوم 15 يناير 1969، وهي ((معاهدة أخوة وحسن الجوار والتعاون بين المملكة المغربية والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية))، تضمنت ثمانية مواد، كان من أبرزها المادة الخامسة، القاضية بأن يتعهد الطرفان بعدم الانخراط في أي حلف أو تحالف موجه ضد أحدهما، وفي المادة الأخيرة، نصت المعاهدة على أن ((تبقى المعاهدة سارية المفعول لمدة عشرين سنة ابتداء من تاريخ دخولها حيز التنفيذ، وتجدد تلقائيا لمدة عشرين سنة أخرى ما لم يصدر عن أحد الطرفين المتعاقدين إشعار كتابي إلى الطرف الآخر بالرغبة في إلغائها، وذلك قبل انتهائها بسنة)).
لم تكد تمر السنة على هذه الاتفاقية حتى ظهر مستجد جديد، وهو الانقلاب الذي قاده العقيد معمر القذافي في دجنبر 1969 المدعوم من طرف مصر الناصرية، وبسرعة بديهية، شعر الملك الحسن الثاني بخطر ذلك، وقد كشفت وثيقة أمريكية ما كان يخشاه الملك من هذا المستجد، والوثيقة هي عبارة عن مذكرة رفعها المستشار الأمريكي لشؤون الأمن القومي هنري كيسنجر (1969-1970) إلى الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون (1969-1974)، والوثيقة مؤرخة بتاريخ 7 يناير 1970، ورفع عنها طابع السرية بتاريخ 6 دجنبر 2007، وعنوانها “رسالة من الملك الحسن الثاني إلى الرئيس الأمريكي”.
الوثيقة عبارة عن قراءة في رسالة سرية ومهمة أرسلها الملك الحسن الثاني إلى الرئيس الأمريكي، وما يدل على أهميتها، هو أنأحد أقرب المقربين من الملك الحسن الثاني (لا تذكر الوثيقة اسمه)، طلب من السفير الأمريكي في الرباط، بعد نهاية مهامه، أن ينقل هذه الرسالة إلى الرئيس الأمريكي شخصيا، وتشير الوثيقة إلى أن ما جعل الملك يكلف السفير الأمريكي بالرباط المنتهية صلاحيته ليقوم بنفسه بنقل هذه الرسالة، هو أنه لما كان في المغرب كان مقربا من الملك الحسن الثاني، أما مضمون الرسالة، فهو أن الملك الحسن الثاني كان يريد من الرئيس الأمريكي أن يعرف بأن المغرب يشعر بقلق عميق وكبير إزاء الأخطار التي أصبحت تهدد دول المغرب العربي، والنابعة أساسا، حسب الملك، من الوضع الإقليمي الجديد، المتمثل في النظام العسكري الراديكالي الجديد الذي قام في ليبيا بزعامة العقيد معمر القذافي، وقال الملك بصريح العبارة أنه يشعر بأن ((قدرات عبد الناصر “التخريبية” قد تطورت وتضخمت بشكل كبير، وذلك بفعل الموارد المالية المهمة التي صار يحصل عليها من النظام الليبي الجديد)).
وحسب الملك، فإن الزعيم العسكري الجديد لليبيا هو شاب فاقد للخبرة والتجربة، وهو “رجل من القش” بالنسبة لجمال عبد الناصر، الذي أدخل القوات المصرية إلى ليبيا بهدف حمايته من أي ثورة محتملة.
وقد كان من نتائج هذا الوضع الجديد الذي خلق تحالفا جديدا أفزع باقي الأنظمة في شمال إفريقيا، أن رأى الحسن الثاني، حسب الوثيقة دائما، أن الخطوة المقبلة للرئيس المصري جمال عبد الناصر ستكون هي القضاء على الرئيس الجزائري هواري بومدين، من خلال تشجيع قوى تنظم الانقلاب عليه، ويعود سبب تفكير عبد الناصر في هذا الأمر حسب الحسن الثاني، إلى كون بومدين كان رافضا لزعامة مصر للعالم العربي،لذلك فإن عبد الناصر سيشجع أو سيختار شخصا من الجزائر يكون أكثر استعدادا لقبول قيادة عبد الناصر للعالم العربي، وهكذا طلب الملك من أمريكا أن تتدخل من أجل حماية الرئيس الجزائري من أي انقلاب عليه.
عندما استغل الرئيس الجزائري هواري بومدين مناسبة التوقيع على اتفاقية 1972 ليعلن أمام القادة الأفارقة دعم بلاده للمغرب في مطالبه من أجل الصحراء
مضى المغرب والجزائر في تطوير علاقاتهما الثنائية، وكان من أهم الخلافات القائمة بينهما مسألة الحدود، ورغبة من البلدين في طي صفحة الماضي، قرراالاتفاق على ترسيم الحدود، ومن أجل ضرب المثل للدول الإفريقية، استغلقائدا الدولتين مناسبة المؤتمر التاسع للقمة الإفريقية الذي عقد في المغرب يومي 15 و16 يونيو 1972 ليقوما بالتوقيع على الاتفاقية المتعلقة بالحدود.
وبمناسبة التوقيع على الاتفاقية المغربية الجزائرية المتعلقة بالحدود يوم 15 يونيو 1972، ألقى الملك الحسن الثاني خطابا بالمناسبة، وبعده ألقى الرئيس الجزائري هواري بومدين خطابا قال خلاله ما يلي: ((إن وحدة الشعبين والتضامن في الكفاح المشترك بالأمس يجعلان من قضايا أحدهما قضايا الآخر، وهل نحن بعد هذا في حاجة إلى تجديد التعبير عن تضامننا المطلق مع المغرب الشقيق في كفاحه حتى يسترجع سيادته على أراضيه الوطنية التي لا تزال ترزح تحت نير الاستعمار)).
ومن جهته، عقد الملك ندوة صحفية يوم 16 يونيو 1972 على هامش المؤتمر التاسع للقمة الإفريقية، وكذلك الاتفاقية المغربية الجزائرية المتعلقة بالحدود يوم 15 يونيو 1972، وكان المغرب خلال نفس اليوم قد وقع على اتفاقين: الأول حول الحدود مع الجزائر، والثاني حول التعاون الاقتصادي مع الجزائر، وقد سأل أحد الصحفيين الملك السؤال التالي:”وقع المغرب والجزائر اتفاقيتين تتعلق إحداهما بالتعاون الاقتصادي، فهل بإمكان جلالتكم إعطاء بعض الإيضاحات في هذا الشأن، وخاصة فيما يتعلق باستخراج المعادن ونقلها، ومن أين يتم نقلها وإلى أي ميناء، وكذا فيما يخص التمويل وشروط هذا الاتفاق؟“، فقدم الملك الإيضاحات التالية: ((سيتم الإعلان عن هذا الاتفاق الذي سينشر، غير أنه بإمكاني أن أتحدث عن جانبه الاقتصادي، إن الأمر يتعلق بشركة مختلطة جزائرية مغربية تتكلف بإيجاد طريقة للتمويل من أجل استخراج المعدن الذي سينقل بواسطة السكة الحديدية من تندوف إلى إقليم طرفاية قصد تسويقه لفائدة الطرفين بشكل متعادل، والواقع أن هذا الاتفاق في حد ذاته ليس غاية، فهو لا يتطلب سوى أمرا واحدا، وهو أن الثروة التي كانت مكتنزة دون الاستفادة منها ستبرز إلى حيز الوجود، كما أن الأثار المترتبة عن هذا الاستغلال المشترك لن تظهر فحسب على الصعيد الاقتصادي والمالي بالنسبة للبلدين، ولكنها ستظهر على المستوى السياسي والبشري، وذلك بانسجام السكان، وبعبارة أخرى، فإن السكك الحديدية شأنها شأن السقي، تخلق الحياة بالنسبة للسكان والمدن والقرى، لذا أرى أن هذا الاتفاق مفيد جدا للجانبين معا، لكن بالإضافة إلى المصالح الاقتصادية، هناك مصالح ذات صبغة جيوسياسية تدخل فيها الجوانب البشرية والاجتماعية والاقتصادية والمالية وغيرها من الجوانب التي لا ينبغي إهمالها، بل على العكس من ذلك، فإنها تجعل من ذلك الاتفاق اتفاقا له أهمية بالغة على الصعيد الإقليمي)).
بداية سعي الجزائر للانقلاب على الملك الحسن الثاني
غير أن الأمور لم تستمر على هذا النحو من الود، فبعد شهرين فقط، وقعت المحاولة الانقلابية الثانية على الحسن الثاني بقيادة الجنرال أوفقير، وبعد انتحار هذا الأخير، ظهر أمر مريب، وهو قيام أعضاء من الحكومة الجزائرية بتقديم واجب العزاء لعائلة أوفقير، ونظم الملك الحسن الثاني ندوة صحفية يوم 21 غشت 1972 بالرباط، فكان من بين الأسئلة الموجهة إليه: تروج شائعات بأن الحكومة الجزائرية ربما أظهرت عطفا نحو عائلة أوفقير، فهل تتوفرون يا صاحب الجلالة على معلومات في هذا الشأن؟ فأجاب الملك بالتالي: ((الشيء الذي أعرفه، هو أن الرئيس هواري بومدين اتصل بي هاتفيا ما بين الساعة السابعة والنصف والثامنة، وكنت آنذاك في الصخيرات، وكان أول من اتصل بي تليفونيا وقد أجبته بأن كل شيء على ما يرام، ثم قال لي: أتمنى أن يكون محدودا، فأخبرته بأن الحوادث محدودة جدا على جميع المستويات، فحمد الله على سلامتنا وقد أبدى ذلك بلطف كما هي عادته، وكنت أشعر بتأثره، هذا كل ما أعرف، أما إذا كان أعضاء الحكومة الجزائرية قد بعثوا أو لم يبعثوا تعازيهم بصفة شخصية إلى عائلة أوفقير،فإنه ليس بوسعي أن أبين لكم ذلك، وكيفما كان الحال، فإن سؤالكم يستحق التعمق في المسألة والبحث فيها، ولو افترضنا أنني عثرت على أثار برقيات ورسائل من هذا القبيل، فإنني لن أجعلها عنصرا يؤثر تأثيرا سلبيا على سياسة الأخوة والجوار مع الجزائر)).
غير أن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد، فعند مطلع سنة 1973، سارعت الجزائر إلى المصادقة على اتفاقية 15 يونيو 1972 المتعلقة بالحدود، ونشرت في الجريدة الرسمية الجزائرية، ومباشرة بعد ذلك، وعندما وصل شهر مارس من نفس السنة، ظهر أن الجزائر كانت تفكر في شيء تجاه المغرب، فقد تسربت من التراب الجزائري إلى التراب المغربي الأسلحة والرجال محمولين على متن سيارات تابعة للإدارة الجزائرية، وقد قدمت القضية للمحاكم وقتل رجال من القوات المسلحة والقوات المساعدة ورجال الدرك والشرطة، وخلال هذه المرحلة لم يكن المغرب يتوفر على برلمان بسبب حالة الاستثناء التي كان يعيش على وقعها منذ سنة 1965، ليصادق على نص الاتفاقية، وبعد ذلك، ظهر مشكل الصحراء بعد أن أعلنت الجزائر تأييدها صراحة لجبهة البوليساريو، بعدما كان هواري بومدين يوم التوقيع على الاتفاقية، قد أعلن أمام القادة الأفارقة، أن الجزائر تؤيد مطالب المغرب بشأن صحرائه.
هكذا رفض الملك الحسن الثاني ضغط الأحزاب السياسية المغربية من أجل التراجع عن المصادقة على اتفاقية الحدود مع الجزائر
ولما قام المغرب بانتخابات تشريعية وأصبح لديه برلمان، بدأت العديد من الأحزاب السياسية تنتقد الاتفاقية وتطالب الملك بعدم المصادقة عليها، وبذلك بدأ الحديث عن مصير الاتفاقية المتعلقة بالحدود بين البلدين،وقد كانت أول مرة تحدث فيها الملك عن هذا الأمر، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم 11 نونبر 1977 بالرباط، حيث طرحت عليه وكالة أنباء الشرق الأوسط السؤال التالي: “ما هو مستقبل الاتفاقية المغربية الجزائرية التي وقعت بين جلالتكم والجزائر سنة 1972 هنا بالرباط والمتعلقة بالحدود على ضوء التطورات والمشاكل الحالية بين البلدين؟“، فأجاب الملك بالتالي: ((إن حل جميع المشاكل بين المغرب والجزائر مرهون بالتوضيح النهائي من دون غموض للعلاقات المغربية الجزائرية ولسياسة الجزائر بخصوص الأراضي المغربية المسترجعة، ومن المؤكد أنه بعد اتفاق 1972، لم تنتقد أي صحيفة من صحف المعارضة كلمة ملك المغرب أمام عشرات رؤساء الدول، وهذا خلال سنتين، وإنني أعترف لهم بذلك، ولكن عندما بدأ الالتباس يظهر للعيان وخاصة لما أظهرت الجزائر إرادتها في إقحام الأطراف المعنية في قرار الأمم المتحدة، ابتداء من هذا الوقت، بدأت صحف المعارضة وأحزاب المعارضة تبدي نوعا من الاعتراض على هذا الاتفاق)).
كما أوضح الحسن الثاني بعض الملابسات المحيطة بهذا الموضوع حيث قال خلال إجابته عن نفس السؤال: ((طلب مني الرئيس بومدين أن أصادق على الاتفاق، فقلت لا. لا تدخل من النافذة لأنني سأفتح لكم الباب، فالبرلمان سيحدث وسيصادق على الاتفاق، وهل تعتقدون بأن هناك برلمانا شرعيا يرفض لي المصادقة في إطار إعادة الأمور إلى حالتها الطبيعية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتعاون على الصعيد الوطني بين البلدين.
وقلت لا أعتقد أن هناك برلمانا سيرفض لي هذا الاتفاق، إذن يجب الانتظار، وهناك مثال آخر، هو الاتفاق بين المغرب وموريتانيا الذي صادقت عليه، لكنه سيعرض على البرلمان رغم أنني لست في حاجة إلى عرضه عليه لأنه مصادق عليه، ورغم ذلك سأعرضه على البرلمان لأوضح جيدا بأن الاتفاق المغربي سيدخل من الباب الواسع لمؤسساتنا، فلو أن الرئيس بومدين أبدى قليلا من الصبر، وإذا لم يرد أن يخبر نيته، سيعرف أن الحسن الثاني رجل له كلمته)).
لكن الذي حدث، أن البرلمان المغربي لم يصادق على هذه الاتفاقية، وبعد وفاة هواري بومدين، تجدد النقاش حول هذا الموضوع، وبدأت الأحزاب والصحف الوطنية تطالب بإلحاق تندوف بالمملكة المغربية، ويوم 19 غشت 1979، عقد الملك الحسن الثاني بالقصر الملكي مؤتمرا صحفيا حضره أزيد من 200 صحفي مغربي وأجنبي يمثلون عددا كبيرا من الصحف الصادرة بالداخل والخارج، وكذلك وكالات الأنباء العالمية ومحطات الإذاعات والتلفزيون، ومن بين الأسئلة التي وجهت إليه:”هناك بعض الأحزاب والصحف في المغرب تطالب بإلحاق تندوف بالمملكة المغربية، وترى على الخرائط الرسمية أن الحدود بين المغرب والجزائر تظهر في منطقة غير محددة المعالم، فما موقفكم بخصوص هذه المطالب؟”، فأكد العاهل المغربي أن ((اتفاقية الحدود بين البلدين وقع عليها وزيرا خارجية البلدين: بوتفليقة عن الجانب الجزائري، وبنهيمة عن الجانب المغربي))، وتابع الحسن الثاني موضحا أن((الاتفاق وقع بحضور الملك وبحضور الرئيس بومدين ومعظم رؤساء الدول الذين اجتمعوا بالمغرب سنة 1972))، وأضاف: ((إنني لا أتنكر لما وقعه وزيري ولا أتراجع عنه، وعند توقيع هذا الاتفاق وعلى الرغم من أنه لم يكن هناك برلمان، كان باستطاعتي أن أصادق عليه، لكنني قلت للرئيس بومدين: لننتظر إلى حين وجود برلمان وآنذاك ستدخلون الأبواب من أوسعها حتى لا نعطي انطباعا سيئا، وقلت إن الدليل على ذلك، أنه لا أحد يتحدث عن حدودنا حتى الآن، وكان ذلك في شهر يونيو 1972،وفي مارس 1973 تسربت من الجزائر إلى التراب المغربي الأسلحة والرجال محمولين على متن سيارات تابعة للإدارة الجزائرية، وقدمت هذه القضية للمحاكم في إبانها وقد قتل رجال من القوات المسلحة والقوات المساعدة ورجال الدرك والشرطة، وقلت لبومدين: لا لن أصادق على الاتفاق، ففي هذه الظروف أنا الحسن الثاني، ولن أصادق))..
وتابع الحسن الثاني سرد التفاصيل بالقول: ((ولما التقيت به من جديد سنة 1974، سألني عن مصير اتفاق الحدود، فأجبته: سيدي الرئيس، المغرب يتوفر حاليا على برلمان، وأغلبية الأحزاب السياسية لا تعارض الحسن الثاني، بل تعارض الحكومة، وإلى حد الساعة، لم يتراجعوا قط عن اتفاقية الحدود..
فهل يكفيكم هذا لمعرفة الاحترام الذي يكنونه لتوقيع وزير صاحب الجلالة، انتظروا إلى حين إقامة البرلمان وسنصادق عليها، وفي اليوم الذي سأطرح فيه أمام البرلمان مسألة المصادقة على هذا الاتفاق، فإنني لن أجعل منه موضوع مساومة أبدا)).
وختم الملك جوابه قائلا: ((الحدود قائمة ولن يخرقها أحد قط، ولكني أريد أن يطرح ذلك في إطار يجعل من اتفاقية الحدود تجاوزا للحدود، هذا ما أهدف إليه من وراء هذه المصادقة، أصادق على اتفاقية الحدود لكي لا تبقى هناك حدود، هذا ما سوف أقوله للرئيس بنجديد إذا ما اجتمعت به، لكن كل ما أطلبه منهم، هو أن يدعونا وشأننا داخل حدودنا)).
بعض فصول اتفاقية الحدود بين المغرب والجزائر
لم يصادق البرلمان المغربي على المعاهدة المتعلقة بخط الحدود القائمة بين المملكة المغربية والجمهورية الجزائرية إلا سنة 1992، وقد صدر ظهير شريف رقم 1.89.48 في 20 ذي الحجة 1412 (22 يونيو 1992) بنشر المعاهدة المتعلقة بخط الحدود القائمة بين المملكة المغربية والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الموقعة بالرباط في 3 جمادى الأولى 1392 (15 يونيو 1972) في الجريدة الرسمية للمملكة المغربية عدد 4156 بتاريخ 22 ذي الحجة 1412 الموافق لـ 24 يونيو 1992.
وجاء في هذه المعاهدة كما ورد في الجريدة الرسمية ما يلي: ((صاحبالجلالة ملك المغرب وصاحب الفخامة رئيس مجلس الثورة ورئيس مجلس وزراء الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، تطبيقا لمعاهدة إفران المبرمة بتاريخ 15 يناير 1969، ولتصريح تلمسان المشترك المؤرخ بـ 27 ماي 1970، ولبلاغ الرباط المشترك المؤرخ بـ 6 يونيو 1972، وللتصريح الجزائري المغربي الصادر بالرباط بتاريخ 15 يونيو 1972، ورعيا لمعاهدة رسم الحدود المبرمة بمدينة لالة مغنية في تاريخ 18 مارس 1845، فيما يرجع لمقتضياتها المتعلقة برسم الحدود الجزائرية المغربية وكذا للنصوص الموالية، خاصة منها اتفاقية 20 يوليوز 1901 واتفاق 20 أبريل 1902، فيما يرجع لمقتضياتها المتعلقة برسم الحدود بين الدولتين، قررا لهذا الغرض إبرام هذه المعاهدة، وعينا مفوضين من قبلهما هما معالي السيد أحمد الطيب بنهيمة وزير الشؤون الخارجية للمملكة المغربية، ومعالي السيد عبد العزيز بوتفليقة عضو مجلس الثورة ووزير الشؤون الخارجية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية)).
وضمت الاتفاقية تسعة مواد، خصصت مادة لرسم إحداثيات الحدود الأرضية والجوية، بينما خصصت باقي المواد لتفاصيل أخرى.
ويطرح السؤال التالي: هل نحتاج لمقارنة مواد المعاهدة الصادرة في الجريدة الرسمية المغربية سنة 1992 مع نظيرتها التي نشرت في الجريدة الرسمية الجزائرية سنة 1973، لملاحظة هل هناك اختلاف في تعيين الحدود؟
لو كان الحسن الثاني طيب الله ثراه حيا اليوم ورأى ما رأى لندم أشد الندم على هذه الإتفاقية المجحفة….
الجزائر حكارة وما دام المغرب لا يضرب بيد من حديد فلن تكف هذه الدولة عن خلق مشاكل للمغرب والمغاربة… سياسة اليد الممدودة تحولت إلى إجحاف في حقوقنا… الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه سمح لهم في ثلث المغرب ومع ذلك لم يشفع لنا في شئ.. والعداء يزداد حتى أصبحنا نسمع منهم أن بإمكانهم تذمير بلدنا في 10 ساعات.. ويسعون بكل ما أوتو من طاقة لتقسيم المغرب. قدمنا كل ما يمكن تقديمه. لم تبقى إلا الحرب فوالله الموت ولا المذلة.. “كتب عليكم القتال وهو كره لكم” ، “الفتنة أشد من القتل” والفتنة نعيشها منذ 1962 ! و “عسى أن تكرهو شيئا وهو خير لكم” من يعلم..! ربما نحقق تقدما على الأرض، وأنا شخصيا ليس لدي شك في ذلك لعدة إعتبارات ؛
* مساحة الجزائر شاسعة وأغلبها صحراء ولا يمكن لجيشهم بسط السيطرة على كل هاته الحدود.. ضربات جوية من جهة الحدود مع مالي و ليبيا صعودا نحو الوسط و حدودهم مع موريتانيا ستمحيهم من كل تلك المناطق حتى ولو لم يكن لدينا مطالب في تلك المناطق لكن عسكريا إذا فقد العدو السيطرة فهذه ستكون ضربة مزلزلة لجنرالاتهم
* نرى مستوى سياسييهم و دبلوماسييهم و مُسيريهم ونقاشاتهم و ثقافة وعقلية شعبهم ونرى فشلهم في مجالات عدة فكيف لجيشهم أن يكون استثناء ! الجيش من نفس المجتمع
* اقتصادهم منهار ومشاكل السيولة والتمويل الغدائي و الفساد المستشري لن تمكنهم من مواصلة الحرب طويلا أو على الأقل بنفس القوة
* الإنقسامات الداخلية و الحراك المتواصل أضعفهم و مازال يضعفهم .
* قدرة جيشنا على تشييد أحزمة أمنية في الصحراء بسرعة وبتقنيات متطورة ستمكننا من تثبيث أقدامنا على الأرض.
* نقط قوتنا متعددة ولا داعي لأن أفصل فيها…
كل هذا يعطينا فرصة تاريخية لأن نحل مشاكل الحدود والصحراء الشرقية بأكملها.. ولا توجد قوة أو دولة ستحاربنا من أجل حدود موروثة عن الإستعمار خصوصا وأن الوثائق موجودة..
باختصار مادامت الجزائر لم تلتزم ببنود اتفاقية ترسيم الحدود ومن شوطها دعم مغربية الصحراء والإستغلال المشترك للثروات المعدنية بتندوف، باحتضان حركة ارهابية انفصالية ومادام القانون الدولي وشرائع الكون تتفق على أن العقد شريعة المتعاقدين من حقنا كمغاربة أن نعتبر كل تلك الإتفاقيات بما فيها اتفاقية إفران لسنة1969 واتفاقية 15/06/1975 أن نتبرأ منها و هي لاغية بقوة القانون ، وعليه من حقنا طلب استرجاع الصحراء الشرقية المغربية التي ضمتها فرنسا الإستعمارية للجزائر وسبق أن عرضت فرنسا على ملك المغرب استرجاعها سنة 1954 فرفض الملك في انتضار استقالال الجزائر والتفاوض معالجزائريين، صراحة هؤلاء الجزائريون لا عهد لهم وليسوا رجال ، لأن الرجل في الدين الإسلامي هو من يوفي بالعهد ويقول سبحانه وتعالى” من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه”
يامملكة اليوطي كيفة نعطيكم أرض مسقية بدماء الشهداء مأخذا بالقوة لا يسترجع الا بالقوة ونحن في تندوف ومنجم غار جبيلات يشتغل ويدير علينا بأموال طائلة والحمدلله على هذه النعمة واذا لم يعجبك كلامي اشرب من المحيط الأطلسي .
لعنة الله عليك لن تقدروا والوثاءق في صالح المغرب مملكة اربعة عشر قرنا من الوجود لا يمكن مقارنتها بمستعمرة فرنسا الافريقية المغرب على استعداد لدخول الحرب التي هي مسالة وقت تندوف وبشار اراض مغربية ورغلة ارض ليبية قسنطينة وعنابة اراضي تونسية وجمهورية القباءل دولة والازواد والطوارق مالية والنيجر
الحرب ليست حل، بل التطور و التقدم ووكسب حلفاء اقوياء و الاستعداد العسكري بطبيعة الحال هي الركائز الأساسية التي يجب العمل عليها على الاقل عشر سنوات و من بعدها ستكون كفة المغرب هي الاقوى اقتصاديا و عسكريا و نحن لا نفرط في اراصينا التاريخية، و الاتفاقيات تبقى اتفاقيات متفق على بنودها مؤقتا ادا لم يجرا الطرف الاخر بالقيام باعمال تهدد وحدة بلدنا و الا ستلغى نهائيا