تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | تحرك الجيش في “الكركرات” يفضح محاولة تزوير تاريخ مغربية الصحراء

إحياء هيبة المغرب من زمن السلاطين إلى اليوم

هناك واقعة قديمة وقعت بين جنديين إسبانيين كانا يحرسان المركز الوحيد الذي يؤكد وصول إسبانيا إلى الصحراء، وبينما هما يتسامران في الحديث، قال أحدهما للآخر، لماذا خلق الله جهنم في عالم الغيب ونحن نعيش أكثر منها فوق الأرض؟ فسأله صديقه: كيف ذلك؟ فقال: إنهم يتكلمون (يقصد أهل الصحراء) عن جهنم التي لا نعرفها، بينما تصل درجة الحرارة هنا إلى 60 درجة عند الظهيرة وتصل إلى ناقص عشرين درجة في الليل، إذن الفرق في المدى الحراري يصل إلى 80 درجة، أليست هذه هي جهنم؟ هل هناك عذاب أكثر من هذا؟

إعداد : سعيد الريحاني

    هكذا هي الصحراء بالنسبة لمن لا يعرفها، بمثابة جهنم فوق الأرض، والأكيد أن الجهل بالصحراء هو الذي دفع بعض المغاربة (إن كانوا مغاربة) لأن يغردوا خارج السرب.

في هذا الإطار، لا يملك حزب النهج الديمقراطي أي ثقل انتخابي، وفاقد الشيء لا يعطيه(..)، لكن هذا الحزب الذي يمكن إدراجه ضمن الخلايا الفكرية، استطاع أن يوفر للصحافة المعادية للوحدة الترابية، المادة الخام للحديث عن “عدم إجماع” الأحزاب الوطنية حول تدخل القوات المسلحة الملكية لتأمين معبر “الكركرات”، والقيام بالواجب الوطني، لتكتب جريدة “الخبر” الجزائرية في عنوانها المثير للاستغراب عن ((حزب مغربي يدعو لتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره))، حيث أعاد حزب النهج الديمقراطي إحياء أسطوانته التي تتحدث عن “تقرير المصير” بمعناه الضيق، أي “الاستفتاء”، حيث يقول حزب النهج على نهجه المعتاد بأنه ((يؤكد موقفه الداعي إلى اعتماد المواثيق الدولية ومقررات الأمم المتحدة لحل قضية الصحراء الغربية للوصول إلى حل متفق عليه بما يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ويخدم هدف وحدة الشعوب المغاربية)).

وقد لا يكون هناك مشكل في استعمال مصطلح “الصحراء الغربية”، ولا حتى في اختزال مواثيق الأمم المتحدة في عبارة غامضة هي “تقرير المصير”، لهذا لم يعاقب أي أحد من حزب النهج في إطار “حرية التعبير المكفولة دستوريا”، ولكن قمة “الطنز العكري”، هي أن يبادر رئيس هذا الحزب إلى التلاعب بالكلمات في تصريحات صحفية، ليقول الكاتب الوطني للحزب، مصطفى البراهمة: ((نحن فيما يخص مسألة الصحراء، مع البحث عن حل سياسي سلمي متوافق عليه  تحت إشراف الأمم المتحدة، وأن الحزب لا يدعم مواقف البوليساريو، نحن لسنا مع الجمهورية الصحراوية، نحن لا نساند البوليساريو، نحن نساند حق تقرير مصير الشعب الصحراوي في إطار المواثيق الدولية)).

التلاعب بالكلمات لا يخفي العلاقة الودية بين هذا الحزب وبين جبهة البوليساريو، فهو الحزب الذي ينال رضى نشطاء البوليساريو، بل إن الجبهة لطالما أشادت بهذا الحزب منذ عهد عبد العزيز المراكشي، حتى أن منتسبيه يتلقون رسائل الجبهة في مؤتمراتهم(..).

لا يملك حزب النهج أي وزن انتخابي، وليس في صالحه الدخول في اللعبة الانتخابية، لذلك فهو يحاول أن يكسب بعض التعاطف باعتباره “حزبا شيوعيا”، وهذا ما يفسر إصرار مناضليه على المشاركة باسم المغرب في ملتقيات دولية، منها ملتقيات الحزب الشيوعي الصيني، ولحسن حظ النهج، أن الصينيين لا يعرفون حجم حزب النهج داخل المغرب، وإلا لما تقبل أي واحد منهم الكلام الكبير الذي شارك به زعيمهم البراهمة في الأيام الدراسية المنظمة من طرف الحزب الشيوعي الصيني أيام 9 – 11 نونبر 2020، حيث يقول أصحاب هذا الحزب، بأن النهج الديمقراطي، وانطلاقا من مرجعيته الفكرية المبنية على الجوهر الحي للماركسية ليس كعقيدة وإنما كأداة لتحليل المجتمع وكنظرية للتغيير الثوري، ينخرط في أربع سيرورات ثورية مترابطة ومتداخلة، وهي:

أولا: سيرورة بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين الذي سنعلن عن تأسيسه في مؤتمرنا الخامس في الصيف المقبل.

ثانيا: سيرورة بناء التنظيمات المستقلة للجماهير الشعبية.

ثالثا: بناء جبهة الطبقات الشعبية، وفي هذا الإطار، بادرنا كخطوة إلى بناء الجبهة الاجتماعية المغربية المشكلة من أربعين تنظيما من الأحزاب اليسارية والحركة النقابية المناضلة والحركة الحقوقية والحركة النسائية والمجتمع المدني، ونأمل أن تتوسع بانخراط الحركة الأمازيغية، وغيرها من الحركات المجتمعية المناضلة.

رابعا: بناء “أممية ماركسية”، وبناء “جبهة مناهضة للإمبريالية من أجل السلم والسلام في العالم”، وفي هذا الإطار، فإننا قد ساهمنا في بناء القمة العالمية للشعوب، ونحظى بعضوية سكرتاريتها كممثلين عن العالم العربي والمغاربي.

هذا الكلام الكبير للبراهمة، الحالم بالثورة، لا أثر له على أرض الواقع، ولعل البراهمة الذي يحاول مغازلة الصينيين، مطالب أكثر من غيره بالاطلاع على التجربة الصينية في مجال ضرورة احترام القرارات السيادية للبلاد، حيث لا يمكن لمواطن صيني أن يدعم تايوان ضد بلاده، ومعلوم أن مشكلة تايوان شبيهة بمشكل الصحراء بالنسبة للصينيين(..).

مظاهرة سابقة للمغاربة ضد الأمين العام للأمم المتحدة السابق بسبب عدم حياده

هذا من حيث الشكل، أما على أرض الواقع، فإن أكبر عدو لقضية الصحراء يكاد يكون هو الجهل، فتقرير المصير الذي يتحدث عنه حزب النهج لم يعد له أي أثر ضمن القرارات الأخيرة للأمم المتحدة، منذ سنوات خلت، فضلا عن كون تقرير المصير يتم عبر عدة أشكال منها: “البيعة” والانتخابات”، فالبيعة على سبيل المثال، توفر كافة العناصر لتأكيد مغربية الصحراء، ((فلا تقف أهمية البيعة عند حدود كونها نصوصا بالغة الأهمية من حيث بلاغتها اللغوية وقيمتها التاريخية، بل يمكن اعتبار نصوص البيعة من بين الوسائل التي تؤكد مغربية الصحراء، من خلال نصوص بيعة قبائلها للسلاطين والملوك العلويين، ومنها بيعة أهل الساحل وأولاد دليم وبربوش والمغافرة وأولاد مطاع وأولاد جرار.. وغيرها، للمولى إسماعيل سنة 1089م، وذلك بواسطة حركته لناحية سوس وصحرائها، حيث تزوج خناتة بنت بكار المغفرية، وتندرج في نفس السياق، بيعة أهل توات للسلطان مولاي عبد الملك بن مولاي إسماعيل سنة 1140 ميلادية، وبيعة الشيخ المختار الكتاني للسلطان مولاي عبد الرحمان، وبيعة ابنة الشيخ أحمد البكاي للسلطان نفسه، وبيعة إمام تندوف، الشيخ محمد بن المختار بن العمش الجنكي، التي يعلن فيها عن بيعة هذا الإقليم للسلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان، إلى غير ذلك من البيعات الصحراوية التي ظلت مسترسلة)) (المصدر: البيعة ميثاق مستمر بين الملك والشعب/ بهيجة سيمو).

الكلام عن البيعة باعتباره طقسا عريقا، لا يمكن أن يتقبله أعضاء في حزب مثل النهج الديمقراطي، رغم أن الصين التي يحاول هذا الحزب التملق لها، وصلت اليوم إلى الريادة العالمية بفضل حفاظها على خصائصها العريقة، بل إن كل مغربي اليوم مطالب بمعرفة التاريخ وشكل الدولة المغربية، لكي يفهم العمق التاريخي لتحرك الجيش المغربي في “الكركرات”، وفي الدفاع عن الوحدة الترابية بصفة عامة.

طبعا تروج وسائل الإعلام المعادية للوحدة الترابية، لمعارك وهمية تخوضها ميليشيات البوليساريو ضد الجيش المغربي، كما تروج بإصرار كبير، مغالطات تاريخية تروم التنقيص من الوحدة الترابية للمغرب، وهو ما يفرض التسلح بالتاريخ حتى لا يقع المواطنون ضحايا للبروباغندا الإعلامية، التي تروج باستعمال مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل، التي تحاول استعمال المصطلح البائد والكاذب الذي استعمله الأمين العام السابق للأمم المتحدة وهو يصف بلادنا بالبلد المحتل(..).

وقد سبق لـ”الأسبوع” أن طرحت السؤال المقلق، على باحث ذي وزن ثقيل في ملف الصحراء، هو الباحث نور الدين بلحداد، فقالت: كيف يمكن لمواطن مغربي أن يجيب عن السؤال عندما يقال له أنت محتل للصحراء كما فعل بان كيمون في وقت سابق؟ فقال بلحداد: ((الجواب بسيط بالنسبة لي كمتخصص، هذه أرضنا والتاريخ والأجانب يشهدون لنا بذلك.. أعطي أمثلة فقط، من أين جاءت خناتة بنت بكار زوجة السلطان مولاي إسماعيل (الفترة ما بين 1672 و1727)، السلطان الذي حكم المغرب 57 سنة، وحتى فرنسا طلبت وده، وخلقت حلفا عسكريا معه لكي يحمي حدودها في نزاعها مع الإسبانيين والبريطانيين.. من أين أتت هذه المرأة، ألم تأت من أعماق بلاد شنقيط وموريتانيا الحالية؟))..

نفس المصدر، أكد متسائلا: ((ألم يئن الأوان للمغاربة أن يطلعوا على أن الشيخ بكار هو الذي حضر مراسيم تزويج بنته من السلطان، وجدد البيعة أمام الملإ؟ ألا يعرفون أن هذه المرأة أنجبت ملكا للمغرب هو السلطان عبد الله ابن مولاي إسماعيل؟ ألم يعرف الجميع أن هذه المرأة هي جدة السلطان سيدي محمد الثالث الذي حكم المغرب ما بين سنة 1757 إلى سنة 1790؟ ألم يدر الجميع ومنهم بان كيمون، أن بلاد السويد اعترفت بمغربية الصحراء في معاهدة موثقة مع ملك المغرب محمد الثالث والملك السويدي غوستاف سنة 1764؟)) (المصدر: حوار الأسبوع الصحفي مع الباحث نور الدين بلحداد/ 17 مارس 2016).

ولمن لا يعرف التاريخ، فإن باحثا مثل بلحداد يقول: ((في سنة 1889، سيقوم السلطان بعمل لا نقف عنده اليوم، وهو الركيزة الأساسية في قضية الصحراء، حيث يعين الشيخ ماء العينين نائبا عنه بالصحراء ولا أقول قائدا أو عاملا، لأن هناك فرقا كبيرا، قبل مجيء الإسبانيين بـ 5 سنوات، وهي مدة طويلة، أين هي الإدارة الإسبانية في الصحراء والملك يعين نائبا؟ الوجود الإسباني كان مقتصرا على الحصن أي الثكنة، حتى أن الحاكم كان يعطي الأوامر للجنود بعدم الخروج من الحصن)).

هذه فقط بعض الأدلة على مغربية الصحراء، حيث تقوم وسائل الدعاية اليوم بمحاولة تزوير التاريخ، غير أن تدخل الجيش في “الكركرات” بكل حزم، فرض ويفرض الإلمام بالتاريخ لمواجهة الجهل بالحجة والبرهان(..).

‫2 تعليقات

  1. ازكى التحايا لشهداء هذا الوطن ولكافة الجنود المرابطين بالحدود المغربية وبالتكنات العسكرية … تحية لكل من يستحق التحية وتحية الخزي والعار لكل من من حاول ويحاول تزوير قضايا وطنه لصالح العدو
    تحية الخزي والعار لمن احتضن ويحتضن قاتلي شباب الوطن بالجامعات قتلة ازم والذي قال جده الشهيد عسو ابسلام ذات يوم “انا الان احمل السلاح لكي يحمل ابنائي غدا الاقلام ”
    ومنه اطالب من السلطات المسؤولة حل هذا الدكان الذي لايغنيولا يسمن من جوع

  2. Quarante millions des marocains et marocaines leurs Sahara c’est une question de la vie au la mort et une ligne rouge et personne d’autres n’a le droit de toucher cette terre autres choses c’est une perte du temps et d’énergie et ce n’est
    pas un régime en faillite totale qui a vendu son àme qui va changer l’histoire d’une montagne infranchissable marocaine ses vauriens ne peuvent rien faire contre la détermination du peuple brave marocain et ils le savent mieux que tout le monde pour nous ils resteront les champions de la trahison pas plus et d’ailleurs pour leurs peuple qu’ils vont leurs payer tôt ou tard

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى