تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | هل يمتد التحقيق مع ساركوزي في فرنسا إلى حصد رؤوس مغربية؟

أسبوع الأخبار المتشائمة في بلاد الأنوار

قطع وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، زيارته إلى المغرب، يوم الجمعة الماضية، وعاد فورا إلى باريس، بعد صدور أخبار تتحدث عن حادثة قطع رأس أستاذ ضواحي باريس، وكانت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب في فرنسا، قد أفادت أنها قامت بفتح تحقيق إثر قطع رأس رجل في “كونفلان سان أونورين”، قرب باريس، وإصابة المشتبه به بجروح بليغة برصاص الشرطة في مدينة مجاورة أدت إلى مقتله، كما أكدت الشرطة الفرنسية أن الرجل الذي تعرض للاعتداء، أستاذ للتاريخ عرض مؤخرا رسوما كاريكاتورية للنبي محمد في حصة دراسية حول حرية التعبير.

إعداد : سعيد الريحاني

    لا تقف الأخبار المشؤومة(..) في فرنسا عند حدود التوجه نحو المجهول في علاقتها مع المسلمين، انطلاقا من أخبار الحوادث وأخبار تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون، بل إن ما يحدث في فرنسا من تغييرات كبرى، نتج عنه تطور غير مسبوق في التحقيقات مع الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، الذي يعد صديقا للمغرب(..).

فقد قالت وسائل الإعلام الدولية، أن النيابة المالية في باريس وجهت تهمة تشكيل عصابة إجرامية إلى الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، في إطار التحقيق في احتمال أن يكون قد حصل على تمويل ليبي لحملته الانتخابية في العام 2007، وجاء توجيه التهمة بعد جلسات استجواب دامت أربعة أيام، حيث تضاف هذه الملاحقة الجديدة إلى ثلاث تهم أخرى وجهت إلى ساركوزي في إطار الملف نفسه في شهر مارس 2018.

وأوضحت عشرات الصحف التي تداولت نفس القصاصة، أن ((ساركوزي علق على القرار عبر الفيسبوك، مؤكدا أن براءته قد امتهنت))، مضيفا: ((صعقت بهذه التهمة الجديدة، امتهنت براءتي مجددا بقرار لا يقدم أي دليل على تمويل غير مشروع)).

وكان الرئيس الفرنسي الأسبق قد اعتبر أنه ضحية “مؤامرة”، عندما وجهت إليه تهم “الفساد” و”اختلاس أموال عامة” و”تمويل غير قانوني لحملة انتخابية” في العام 2018، حيث قال فانسان برينغارث، محامي جمعية “شيربا لمكافحة الفساد”، وهي مدعي بالحق المدني في إطار هذا الملف: ((الجميع يرى أنه قرار غير مسبوق يتماشى مع التحقيقات المنجزة، والإجراءات القانونية متواصلة، وجمع المحققون خلال سبع سنوات سلسلة من المؤشرات أفضت إلى هذه الفرضية، ومنها شهادات لمسؤولين ليبيين ووثائق للاستخبارات في طرابلس واتهامات وسيط، إلا أنه لم يعثر على أي دليل حسّي، مع أن تحويلات مالية مشبوهة أفضت حتى الآن إلى توجيه 9 اتهامات، وكان الرئيس الفرنسي الأسبق وكلود غيان وإريك فورت وبريس أورتوفو، وهم وزراء سابقون في حكومته، الذين وجه إليهم الاتهام باستثناء الأخير، طعنوا في عدة إجراءات متعلقة بهذه التحقيقات، ورفضت محكمة الاستئناف في باريس غالبية الشكاوى التي تقدم بها ساركوزي ومقربون منه طعنا في التحقيق حول وجود شبهات بحصول تمويل ليبي لحملته الانتخابية الرئاسية، وكان ساركوزي وعدة مقربين منه الواردة أسماؤهم في التحقيق، قد لجأوا إلى محكمة الاستئناف التي أكدت مشروعية التحقيق الذي بوشر قبل ثماني سنوات في هذا الملف المتشعب جدا)) (المصدر: عدة وكالات).

وكانت لعنة القذافي قد أصابت ساركوزي قبل وفاته، حيث قال في مقابلة تلفزيونية: ((عندما كان ساركوزي وزيرا للداخلية (2007)، أتى إلي وطلب نقودا، وأنا بدوري أعطيته، وبفضلي فاز في الانتخابات))، وفي سنة 2016، قال رجل الأعمال الفرنسي اللبناني الأصل، زيد تقي الدين، إنه ((أحضر 5 ملايين يورو من ليبيا إلى ساركوزي أواخر 2006)).

ويعد هذا أخطر تطور في التحقيق مع ساركوزي، فتوجيه تهمة تشكيل عصابة إجرامية إلى الرئيس ساركوزي، تعد تهمة خطيرة، وقد تتسبب في فتح تحقيقات أخرى بشأن الصفقات الكبرى التي لعب فيها دورا كبيرا، والكل يعلم الدور الذي لعبه في صفقة القطار فائق السرعة في المغرب على سبيل المثال، وكانت عدة جهات قد أحاطت صفقة “تي. جي. في” بهالة من السكوت، بدأت مع سكوت مجموعة “سطوب تي. جي. في”، حيث أصبح زعيمها عمر بلافريج برلمانيا فيما بعد(..)، ووصلت إلى حد تجاهل التقارير والكتب الخطيرة التي صدرت حول “alstom”، الشركة الفرنسية صاحبة المشروع، ويدخل في ذلك، التكتم حول الكتاب الفرنسي الذي يتحدث عن “30 سنة من التي. جي. في” في فرنسا، لصاحبه MARC FRESSOZ، رغم أن المعطيات التي تضمنها هذا المؤلف الصادر سنة 2011، صادمة وتتطلب أكثر من تحقيق (سبق نشر بعض تفاصيله من طرف جريدة الأسبوع).

 

يقول مارك: ((بمجرد صعوده في الانتخابات الرئاسية لسنة 2007، وضع الرئيس نيكولا ساركوزي نفسه في خدمة “الأبطال الوطنيين”، ويقصد بهم الشركات الفرنسية العملاقة مثل “ألستوم”، و”أريفا”، والتي تحظى بالدعم على الساحة الدولية، من أجل تشجيع قدرتها التنافسية))، ويوضح بأن ((مجموعة “ألستوم” التي باعت القطار السريع للمغرب، كانت مهددة بالإفلاس منذ سنة 2000، ولكن ساركوزي قام بعدة مجهودات لإنقاذها منذ تعيينه من طرف جاك شيراك رئيسا للحكومة)).

الكاتب نفسه، أكد أن “ألستوم” كانت بمثابة مجموعة مدللة لدى ساركوزي، رغم النقاشات الحادة التي رافقت عملها، مثل ما حدث داخل اللجنة الأوروبية، بين العمدة السابق لدائرة “نويي”، وماريو موتي، وزير الاقتصاد والمالية الإيطالي، الذي كان يطالب بتفكيك هذه الشركة.

من خلال كلام مارك، يتضح أن المجموعة التي فازت بصفقتي الترامواي في الدار البيضاء والرباط، وصفقة “التي. جي. في”، وصفق لها المغاربة، كانت في الحقيقة شركة على حافة الإفلاس، فـ((زيادة على دعم الأبناك، قامت الدولة الفرنسية بشراء نسبة 21 في المائة من رأسمال “ألستوم”، ما يعني ضخ 720 مليون أورو في صناديقها، بالمقابل قام باتريك كرون، المدير العام للشركة في تلك الفترة والمقرب من ساركوزي، بالتخلص من العبء الذي كان يسببه الاشتغال في بعض المجالات، مثل توزيع الطاقة والموانئ، واحتفظ ببناء المحطات الكهربائية والسككية لـ”تي. جي. في”، وبذلك تم إنقاذ المجموعة من سيناريو كان يرمي إلى إدماجها في شركة “سيمانس” الألمانية، وعلى إثر ذلك، هبط رقم المعاملات إلى أقل من 17 مليار أورو سنة 2007، بعد أن كان يساوي 24 مليارا ونصف.. وبعد مرور هذه الدوامة، عادت الدولة لتبيع حصتها في “ألستوم” محققة قيمة مضافة تتجاوز 1 مليار و200 مليون أورو، وجرى البيع لصالح شركة “بويغ” التي كان يديرها مارتان بويغ سنة 2007، هذا الأخير اشترى نسبة 25 في المائة من رأس المال، وكان يسعى من وراء ذلك، إلى عملية التنويع في اهتمامات الشركة، من خلال الاستثمار في مجال مقاومة الغازات المسببة للاحتباس الحراري، حسب الكتاب، خصوصا في سياق التقارب بين “ألستوم” و”أريفا”، مما سيمكنه من ولوج مجال الطاقة النووية، أما في قطاع النقل، فإن “ألستوم” تملك أوراقا حقيقية، وقد توقعت أن تقوم مجموعة من الدول بالتحول من قطاع السيارات إلى قطاع السرعة الفائقة، ومن بين تلك الدول: العربية السعودية، البرازيل، الولايات المتحدة، الهند، وروسيا، بل إن دولا أقل غنى تحلم يقينا بـ”تي. جي. في” مثل المغرب)) (مقتطف من كتاب مارك فريسوز).

في المغرب، كانت هناك عدة أطراف تطالب بإيقاف مشروع “تي. جي. في” ممثلة في بعض الجمعيات، مثل “مبادرة بي. دي. إس”، “كابديما آفاق الديمقراطية”، جمعية “محاربة الرشوة”، “ترانسبارانسي المغرب”، “منتدى بدائل المغرب”، “أطاك المغرب”، و”الشبكة العالمية لإلغاء ديون العالم الثالث”.. إلا أن “تي. جي. في” الفرنسي مر فوق الجميع..

ورغم ذلك، يستحق الكتاب الذي أصدره مارك فريسوز، أكثر من وقفة للتأمل، بل إنه يتطلب دخول الأطراف المعنية بالمشروع على الخط، لتصحيح أو تكذيب المعطيات الخطيرة الواردة فيه، وربما لن يقبل أحد ذلك الاستفزاز عندما قال في كتابه ((بعد ثلاث سنوات من التملق على حساب أعصاب الفرنسيين، كان هناك ارتياح كبير في دجنبر سنة 2010، عندما تم توقيع عقد “تي. جي. في” بين المدير العام لشركة “ألستوم”، وكريم غلاب..)) (المصدر: الأسبوع الصحفي/5 أبريل 2014).

ويبقى أخطر ما صرح به صاحب الكتاب المذكور، هو كيف أن فرنسا استعملت كل الوسائل كي لا تفلت صفقة “تي. جي. في” من بين يديها، لاسيما وأنها كانت ستعزز البعد الجيوستراتيجي لهذه الدولة تجاه دول جنوب المتوسط، أليست فرنسا هي صاحبة فكرة “اتحاد المتوسط”، ذلك المشروع الذي أطلقه مستشار الرئيس ساركوزي، هنري، علما أن الدولة الفرنسية استعملت أسلوب “دفاتر الشيكات”، من أجل فك الشيفرات، حسب قول صاحب الكتاب، الذي لم يشرح المقصود بهذا الأسلوب(..).

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى