تحليلات أسبوعية
تحليل إخباري | الحوار بين فرقاء ليبيا.. يوجد في بوزنيقة ما لا يوجد في ألمانيا
الاتفاقات الأخيرة ما قبل نهاية السراج وسقوط الجنرال حفتر
استعاد المغرب زمام المبادرة في الملف الليبي، ونجح فيما فشلت فيه بعض الدول الكبرى التي لا تعرف العمق الليبي(..)، وقد استطاع المغرب أن يعطي دفعة جديدة لإحياء اتفاق الصخيرات في كافة المقررات المقبلة، لتنجح مدن صغيرة مثل الهرهورة وبوزنيقة والصخيرات في ما فشلت فيه عواصم كبرى مثل باريس وبرلين.. فقد اختتم وفدا المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبيين، مفاوضاتهما يوم الثلاثاء الماضي، بتبادل المحاضر حول خلاصات المشاورات التي تمهد للتوصل إلى اتفاق حول المادة 15 المتعلقة بالمناصب السيادية.
ولمن لا يعرف المناصب السيادية التي يتحاور بشأنها الفرقاء الليبيون، فهي 7 مناصب تتمثل في: محافظ المصرف المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات، ورئيس المحكمة العليا، والنائب العام.
إعداد : سعيد الريحاني
طبعا، لم تتسرب أي معطيات عن الأسماء المرشحة لهذه المناصب، ومثل هذا الإعلان تم تأجيله لعرضه في عاصمة من العواصم الكبيرة، لتفادي سوء الفهم، ولتفادي التقليل من شأن الدول الكبرى في الأزمة الليبية(..)، لكن بوزنيقة نجحت في المهمة، بعدما كان التوجه هو إقصاء المغرب من الملف الليبي، وها هم الفرقاء الليبيون يصرحون من الهرهورة، ضواحي العاصمة الرباط، وبحضور وزير الخارجية ناصر بوريطة، بأن ((المفاوضات اتسمت بروح المسؤولية وتغليب المصلحة العامة، وأكدوا أن جولات الحوار بالمغرب تشكل رصيدا يمكن البناء عليه للخروج بالبلاد إلى الاستقرار وإنهاء حالة الانقسام المؤسساتي، كما عبر الوفدان عن عزمهما الاستمرار في لقاءاتهما التشاورية بالمغرب، لإنهاء الخلاف حول المؤسسات السياسية والتنفيذية والرقابية، بما يضمن إنهاء المرحلة الانتقالية، وتم تدوين الاتفاقات التي جرى التوصل إليها في محاضر رسمية، لرفعها إلى رئاسة المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبيين، من أجل إبداء الكلمة الأخيرة في الخلاصات المتوصل إليها، ونجحت الوساطة والأجواء الإيجابية التي وفرها المغرب في إنجاح الجولة الثانية من الحوار الليبي – الليبي)) (المصدر: هسبريس. 6 أكتوبر 2020).
بغض النظر عن مضامين الاتفاق، العلنية والسرية(..)، فإن الأزمة الليبية دخلت منعطفا جديدا، وقد يكون العنوان الأبرز، هو نهاية مرحلة فايز السراج الذي يعود الفضل لمدينة الصخيرات في تنصيبه رئيسا معترفا به على المستوى الدولي، وقد كتبت وسائل الإعلام الدولية وهي تواكب مفاوضات بوزنيقة والهرهورة ما يلي: ((توشك ليبيا على دخول مرحلة حاسمة لحل أزمتها المتشعبة، بالنظر إلى حدثين مهمين، الأول هو احتمال تسليم فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، السلطة التنفيذية لقيادة جديدة، والثاني هو انتهاء مهمة ستيفاني وليامز، الرئيسة بالإنابة لبعثة الأمم المتحدة في البلد العربي الغني بالنفط.. وبين هذين الحدثين، يعج شهر أكتوبر بمبادرات تجمع أطراف الأزمة الليبية، على غرار الجولة الثانية الراهنة من مشاورات مدينة بوزنيقة المغربية، التي من المنتظر أن تحسم مسألة التعيينات في المناصب السيادية السبعة، رغم الجدل بشأن إصرار أنصار الجنرال الانقلابي، خليفة حفتر، على الاستئثار بمنصب محافظ البنك المركزي، كما سيُعقد ما يمكن تسميته “مؤتمر برلين 2″، عبر التواصل المرئي يوم الإثنين، برعاية ألمانيا والأمم المتحدة، وبمشاركة وزراء وممثلين عن الدول والمنظمات الدولية والإقليمية نفسها التي حضرت مؤتمر برلين، في 19 يناير الماضي، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار القائم منذ 21 غشت الماضي..)) (المصدر: وكالة الأناضول. 5 أكتوبر 2020).
ولا تغفل المصادر الإعلامية، أن إمكانية عقد مؤتمر “برلين 2” من أجل ليبيا قد يصطدم بصعوبات لوجستيكية، ما يحتم إمكانية نقله إلى منطقة قريبة قد تكون مدينة جربة التونسية، كما لا يمكن إغفال الحسابات العسكرية في المنطقة، حيث يواصل المحور المصري دعم الجنرال حفتر(..)، وتقول وسائل الإعلام: ((رغم أجواء التفاهم التي عبر عنها يوم أمس السبت، المشاركون في الجلسة الثالثة من الجولة الثانية للحوار الليبي، في مدينة بوزنيقة المغربية، حول معايير تولي المناصب السيادية، ما تزال مسارات البحث عن حل ليبي شامل متشعبة، وتواجه تحديات وعراقيل، لاسيما في شقها العسكري، لارتباطه بوضع اللواء المتقاعد، خليفة حفتر)) (المصدر: العربي الجديد. 4 أكتوبر 2020).
ويبقى أكبر تهديد لنجاح الحوار الليبي، هو الحسابات العسكرية، حيث قالت مصادر إعلامية أن ((الانفراجة التي حدثت في بوزنيقة، بعد محاولات لعرقلة استئناف اللقاءات، الأسبوع الماضي، قابلتها عراقيل جديدة في المسار العسكري، وسط بروز مقترح أمريكي جديد يقضي بنقل صلاحيات اختيار أعضاء المجلس العسكري المنتظر للبعثة الأممية، ويهدف المقترح إلى تسريع التوصل إلى توافق بين أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة حول تثبيت وقف إطلاق النار ونقله إلى اتفاق نهائي لوقف القتال في كافة أنحاء البلاد)) (نفس المصدر).
هكذا إذن، يتضح أن الجنرال حفتر، على سبيل المثال، لا ينظر بعين الرضا إلى مبادرات التسوية بغض النظر عن المنطقة التي عقدت فيها، طالما أنها تعقد بحسابات غير حساباته في المنطقة، فالجنرال حفتر هو “عقبة أي نجاح في المنطقة”، حسب تعبير بعض الباحثين، حيث تقول بعض منابر الصحافة، أن إصرار الجنرال الانقلابي خليفة حفتر على الحل العسكري في ليبيا، سيشكل “العقبة الأكبر” أمام التوصل لاتفاق ليبي في المغرب، جاء ذلك في تصريح لـ”الأناضول” من الخبير سلمان بونعمان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيدي محمد بن عبد الله، وقال: ((إن العقبة الأكبر أمام التوصل لاتفاق سياسي بالحوار الليبي في المغرب، سيكون الجنرال خليفة حفتر وداعميه، الذين يصرون على الحل العسكري، وأضاف بونعمان أن هناك جهودا (لم يحددها) لإجهاض وعرقلة مجهودات المغرب في التوصل لحل سياسي متوافق عليه وفاعل في إدارة الأزمة الليبية، ولفت إلى أن بعض الدول المعروفة لا يروقها التوصل لحل سياسي، لأنها تستثمر لإدامة الأزمة بدعم حفتر، لكنه لم يسمها، واعتبر أن ذلك يأتي على الرغم من أن المغرب يحظى بدعم وقبول دولي، كوسيط نزيه ومحايد بين مختلف الأطراف، ومقاربته تسعى إلى أن يكون الحل من داخل الحالة الليبية)) (المصدر: اليوم 24. 9 شتنبر 2020).
ولأن الحسابات العسكرية للجنرال حفتر (قال إن اتفاق الصخيرات انتهى) لا تمثل كل الليبيين، فقد كان من الطبيعي أن تكون هناك أصوات عسكرية لا تنظر بعين الرضا لهذا التصعيد العسكري، والمثال على ذلك، من اللواء أسامة جويلي، آمر المنطقة العسكرية الغربية في الحكومة الليبية، الذي دعا في تصريح لقناة “ليبيا الرسمية”، إلى ((الاستفادة من نتائج مشاورات مدينة بوزنيقة المغربية في قطع الطريق أمام داعمي الحرب في ليبيا)).
و((طالب جويلي وفدي المجلس الأعلى للدولة، ومجلس نواب طبرق (شرق)، بضرورة الإسراع في تحويل التفاهمات التي جرى التوصل إليها في المغرب إلى خطوات عملية تسهم في قطع الطريق أمام داعمي الحرب بين الليبيين، وتتهم الحكومة الليبية دولا، في مقدمتها الإمارات ومصر وفرنسا وروسيا، بتقديم دعم عسكري واسع لمليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، في عدوانه على طرابلس ومدن الغرب الليبي، وقال إنه تابع بارتياح النتائج الإيجابية للحوار السياسي الليبي في بوزنيقة، معتبرا أن ذلك يبعث أملا لدى الجميع (في ليبيا) بإمكانية تحقيق الاستقرار وحل المشاكل المعيشية التي يعاني منها الشعب.. وشكر جويلي المغرب، وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا، و”مركز الحوار الإنساني” (منظمة دولية غير حكومية)، على جهودهم في جمع الفرقاء على طاولة واحدة لحل مشاكلهم سلميا)) (المصدر: رأي اليوم. 11 شتنبر 2020).
هكذا إذن، تساوي حسابات حفتر الحرب، بينما نجحت بوزنيقة والهرهورة والصخيرات في ترسيخ التوجه نحو الحل السياسي، وقد كان من نتائج استعادة المبادرة في الملف الليبي، الإشادة الدولية بالمواقف المغربية إزاء الأزمة الليبية، وتحدثت الأمم المتحدة عن “الدور البناء” الذي اضطلع به المغرب، وأكد المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الأممية، ستيفان دوجاريك، أن ((الاتفاق السياسي الليبي الموقع سنة 2015 في الصخيرات، يبرهن على التزام المغرب الراسخ بإيجاد حل للأزمة الليبية إلى جانب الأمم المتحدة، كما نوهت فرنسا، بدورها، بجهود المغرب من أجل إعادة إطلاق الحوار بين الليبيين، واعتبرت، على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها، أن المبادرات المتخذة لفائدة المحادثات السياسية الدامجة في ليبيا، خاصة تلك التي تقوم بها بلدان المنطقة، أساسية للتمكن من إيجاد مخرج للأزمة، وأن الجهود التي يبذلها المغرب تساهم في تمهيد السبيل لإيجاد حل سياسي للأزمة في هذا البلد المغاربي، وأشادت بلجيكا بالجهود التي يبذلها المغرب وبانخراطه في إعادة إطلاق الحوار الليبي بهدف إيجاد حل للأزمة الليبية، مذكرة بأن المغرب كان قد انخرط بالفعل في هذا المسعى من خلال توقيع اتفاق الصخيرات السياسي عام 2015، واعتبرت بروكسيل أن الجهود التي يكرسها المغرب لهذه المبادرة، تأتي في وقت مناسب للغاية من أجل دعم الجهود حول الحوار السياسي الليبي بقيادة منظمة الأمم المتحدة بهدف التوصل إلى حل سلمي لهذا النزاع، وأكدت المملكة الإسبانية، من جانبها، على “القيمة الإيجابية” للديناميات والمبادرات التي مهدت الطريق لإطلاق الحوار الليبي بهدف التوصل إلى حل سلمي للنزاع في ليبيا، وشددت على أن هذه المبادرات كفيلة بدعم وتعزيز الحوار السياسي والمصالحة الوطنية بين مختلف الأطراف)) (المصدر: عدة مواقع).
تتمة المقال تحت الإعلان