تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | حكومة أخنوش تمهد لإطاحة حكومة العثماني باستعمال “كورونا”

التمهيد لإقالة وزير العدل شجرة تخفي الغابة

إعداد : سعيد الريحاني

    لن يتردد عزيز أخنوش في الدفاع عن تعيين إدريس لشكر خلال أي تعديل حكومي مقبل، كعضو في الحكومة، سواء تعلق الأمر بـ”بحكومة الوحدة الوطنية” التي يطمح لها الثنائي، أو التعديل الحكومي المنتظر والمروج له على نطاق واسع، بهدف التخلص من عبء الوزراء الذين فشلوا أمام الرأي العام في تدبير جائحة “كورونا”، لهذا لم يعد غريبا أن تمهد التوقعات الإعلامية لتعديل من هذا النوع، الذي يبدأ برأس وزير العدل محمد بنعبد القادر، لتقرأ عنوانا من قبيل: ((لشكر يقنع معارضيه بالاتحاد الاشتراكي، بإعفاء وزير العدل في تعديل حكومي قبل عيد العرش))، وفي التفاصيل، يقول أصحاب الخبر، نقلا عن مصادر عليمة، أن ((سبب الهدنة التي وافق عليها بعض أعضاء المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي وتراجعهم عن المطالبة برأس وزير العدل محمد بنعبد القادر، تعود إلى وعود التزم بها إدريس لشكر، تتضمن قرب إجراء تعديل وزاري داخل حكومة العثماني دون أن يفصح عن مضمونه، وأضافت ذات المصادر، أن بعض أعضاء المكتب السياسي تلقوا ضمانات بانتهاء انتداب وزير العدل خلال التعديل الحكومي الذي قد يجري قبل عيد العرش المجيد، مؤكدة أن الملك محمد السادس غير راض عن أداء العديد من وزراء حكومة العثماني خلال جائحة كورونا)) (المصدر: موقع الزنقة 20 / 31 ماي 2020).

هكذا إذن، تكون الحكومة المرقعة مثل “هيضورة الهداوي”، مرشحة لتعديل آخر، وقد لا يكون مصير بنعبد القادر أحسن حالا من مصير الوزير السابق حسن عبيابة، الذي كان يعد العدة للإطاحة بساجد من قيادة حزب الاتحاد الدستوري، قبل أن تتم الإطاحة به من الحكومة، وهي الإطاحة التي قضت على كافة حظوظه في الوصول إلى رئاسة حزب “الحصان”، تماما كما قد تساهم الإطاحة بنعبد القادر في القضاء كل التكهنات التي كانت تعطيه بعض الحظ في إمكانية تولي منصب الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، وها هي الأقدار تغيب عبد الرحمان اليوسفي، وبالتالي، تعقيد وضعية الوزير بنعبد القادر، المحسوب على الكاتب الأول السابق محمد اليازغي(..).

وكان إدريس لشكر قد تكلف بالدعاية للنموذج المرفوض، والخطير(..)، لمقترح تأسيس حكومة وحدة وطنية، بالتزامن مع انتشار وباء “كورونا”، ونقلت عنه الصحافة قوله: ((ألن نحتاج، إذا ما طالت حالة الطوارئ الصحية التي يعرفها المغرب بسبب وباء “كورونا”، إلى حكومة وحدة وطنية، على اعتبار أن مثل هذه التساؤلات يجب أن نطرحها ونستحضرها، دون أن يكون لطرحها ادعاء أن هذا ما يجب أن يكون)).

بغض النظر عن خلفيات الدعوة إلى حكومة وحدة وطنية، وهي الخلفيات التي تتجاوز “كورونا” بكثير، فإن دعوة لشكر لحكومة وحدة وطنية، تأخذ قيمتها في المشهد السياسي، لكونها لا تخرج عن السياق المستمر لتحالف حزبي الأحرار والاتحاد الاشتراكي، وهو التحالف الذي عقد مهمة رئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران، الذي رفض دخول الاتحاد الاشتراكي لحكومته، فأدى الثمن، كما أنها لا تخرج عن سياق التنكيل بمؤسسة رئيس الحكومة المحسوب على حزب العدالة والتنمية، الذي لا يريد لشكر وأخنوش استمراره في رئاسة الحكومة، فلو كان لشكر وأخنوش عضوين في حكومة لا يوجد فيها حزب العدالة والتنمية، لما صدرت هذه الدعوة إلى حكومة وحدة وطنية، عن قائد حزب من أحزاب الأغلبية، وانظروا لمكر الزمن، حيث يصبح عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، من المدافعين عن استمرار حزب العدالة والتنمية في قيادة الحكومة، ودون الحاجة إلى حكومة وحدة وطنية(..).

فقد قال عبد اللطيف وهبي: ((إن المغرب ليس بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية لتدبير أزمة تفشي وباء فيروس كورونا في المغرب))، ورغم أن مطلب الحكومة الوطنية قد يكون أقصر الطرق لإسقاط العثماني، فقد قال الأمين العام لـ”البام”، أن ((رئيس الحكومة أخبر زعماء الأحزاب السياسية، في اللقاء الذي جمعه بهم هذا الأسبوع، أنه لازال يجمع المعطيات بشأن الوضع الاقتصادي وكيفية الخروج من الأزمة في المغرب، معتبرا أنه لا يملك جوابا))، كيف يمكن التشبث بإعطاء رئاسة الحكومة لشخص لا يعرف أي جواب حول مستقبل التعاطي مع أزمة كبرى(..).

إن ما يعطي لمطلب الحكومة الوطنية تفسيرا بكونه ليس سوى مطية لإسقاط الحكومة الأصلية الناتجة عن صناديق الانتخابات، والممثلة للإرادة الشعبية، هو أن استعمال ورقة حكومة الوحدة الوطنية، لازم كل مفاوضات تشكيل الحكومة التي شارك فيها أخنوش وإدريس لشكر، وهو نفس الأمر الذي حصل مع بن كيران سنة 2016، وانظروا لما كانت تكتبه الصحافة سنة 2016، بعد “البلوكاج” الشهير: ((أفاد مصدر مقرب من مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة أن عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة المكلف، سيعمد إلى استئناف المفاوضات المجمدة منذ فترة زمنية غير قصيرة.. تعثر مشاورات الحكومة الجديدة، الذي بات يقارب من الناحية الزمنية ما قضاه عبد الرحمان اليوسفي في تشكيل حكومة التناوب سنة 1998، دفع أصواتا إلى اقتراح حل يتيح حلحلة الوضع، من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية، وهو ما انبرى له حزب العدالة والتنمية بالرفض الشديد.. واعتبر رئيس المجلس الوطني لحزب “المصباح”، سعد الدين العثماني، في تصريحات صحافية، أنه لا يوجد مسوغ منطقي يبرر سيناريو تشكيل حكومة وحدة وطنية، مبرزا أن اللجوء إلى مثل هذه الإمكانية، يكون في حالة استفحال أزمة سياسية، وهو الأمر الذي لا تعيشه البلاد)) (حدث ذلك سنة 2016/ المصدر: هسبريس 10 دجنبر 2016).

صورة استقبال إدريس لشكر من طرف الملك محمد السادس عقب انتخابه كاتبا أولا للاتحاد الاشتراكي.. قد تتكرر إذا نجح مقترح التخلي عن وزير العدل الحالي محمد بنعبد القادر

إن الدعوة إلى حكومة وحدة وطنية، بغض النظر عن مخاطرها السياسية، فهذا النوع من الحكومات هو الحكومات التي يتم التحكم فيها من الخارج، بالنظر لغياب التوافق بين المكونات السياسية، المدفوعة لذلك(..)، فإن تطبيق هذه النظرية يحمل في طياته دعوة إلى تأجيل الانتخابات، وهو ما سبق أن وضحه  إدريس لشكر بنفسه عندما قال أن ((حكومة الوحدة الوطنية ستؤجل ولاشك، الانتخابات القادمة))، لكن هذا الأمر يتعارض مع الخيار الديمقراطي الذي كرسه المغرب كأحد أسس دستور 2011، حيث يرى الخبير في الشؤون الدستورية والبرلمانية، رشيد لزرق، أن ((المغرب حسم في الخيار الديمقراطي بشكل لا رجعة فيه، وهذا ما يجعل فكرة تأجيل الانتخابات غير مقبولة، لانعكاس ذلك على التجربة الديمقراطية المغربية))، ثم يضيف أن ((تأجيل الانتخابات القادمة، هو بمثابة عملية ضرب للخيار الديمقراطي، ويحاول فيه البعض ترويج فكرة تأجيل الانتخابات على خلفية جائحة كورونا، والبعض الآخر يدعو لحكومة وحدة وطنية، ولكن هناك مؤسسة ملكية هي الضامنة للخيار الديمقراطي، وما عبر عنه الملك من وجاهة وحسم في تفعيل الخيار الديمقراطي، يؤشر على عدم التوجه نحو تأجيل الاستحقاقات القادمة)).

نفس المصدر، أكد أنه ((ليس من مصلحة المغرب تأجيل الانتخابات))، مشيرا إلى أن ((الضجيج الذي تحاول خلقه بعض فلول القيادات الشعبوية التي تسعى إلى عرقلة المسار الديمقراطي، أضحى أمرا ثابتا عن طريق خلق إرباك  حكومي، عبر تصرفات عبثية وتصرفات غير أخلاقية، بالتطاحنات والصراعات السياسية التي أنهكت الدولة، وبات لها تأثير على المواطن، في حياته اليومية)) (المصدر: موقع نون/ 6 مايو 2020).

لقد بلغت ذروة الصدمة في اقتراح حكومة وحدة وطنية أوجها، باقتراح الجمع بين نبيلة منيب عن الحزب الاشتراكي الموحد وعبد الصمد عرشان في حكومة واحدة، ليكون المنطق السياسي في هذه الحالة، عنوانا للصراع الذي لا يخدم المواطن، لكون النموذج المغربي يبقى حبرا على ورق بسبب هذا النوع من السياسيين: ((إن النموذج المؤسسي المغربي، من الأنظمة السياسية المتقدمة، إلا أنه يبقى في معظمه حبرا على ورق، والمشكل يكمن في التطبيق على أرض الواقع، وإني أحرص كل الحرص على احترام اختصاصات المؤسسات، وفصل السلط، ولكن إذا تخلف المسؤولون عن القيام بواجبهم، وتركوا قضايا الوطن والمواطنين عرضة للضياع، فإن مهامي الدستورية تلزمني بضمان أمن البلاد واستقرارها، وصيانة مصالح الناس وحقوقهم وحرياتهم، وفي نفس الوقت، فإننا لن نقبل بأي تراجع عن المكاسب الديمقراطية، ولن نسمح بأي عرقلة لعمل المؤسسات، فالدستور والقانون واضحان، والاختصاصات لا تحتاج إلى تأويل.. وعلى كل مسؤول أن يمارس صلاحياته دون انتظار الإذن من أحد، وعوض أن يبرر عجزه بترديد أسطوانة “يمنعونني من القيام بعملي”، فالأجدر به أن يقدم استقالته، التي لا يمنعه منها أحد، فالمغرب يجب أن يبقى فوق الجميع، فوق الأحزاب، وفوق الانتخابات، وفوق المناصب الإدارية)).. هكذا تحدث الملك محمد السادس في الذكرى 18 لخطاب العرش، ولعل قراءة هذه الفقرة بتمعن، كافية لمعرفة أنه لا مستقبل لحكومة وحدة وطنية إذا استمر الحال على ما هو عليه، ((إن بعض الأحزاب تعتقد أن عملها يقتصر فقط على عقد مؤتمراتها، واجتماع مكاتبها السياسية ولجانها التنفيذية، أو خلال الحملات الانتخابية.. ولم يخطر لي على البال، أن يصل الصراع الحزبي، وتصفية الحسابات السياسوية، إلى حد الإضرار بمصالح المواطنين)) (المصدر: الخطاب الملكي في الذكرى 18 لعيد العرش).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى