تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | “المنبوذون” يتحولون إلى “ذباب إلكتروني” لخدمة أجندة إسرائيل والبوليساريو

أكبر خدعة في زمن "كورونا"

إعداد : سعيد الريحاني

    قال الإمام الشافعي، وهو من أهل مكة (وأهل مكة أدرى بشعابها):

يخاطبني السفيه بكل قبح     فأكره أن أكون له مجيبا

يزيد سفاهة فأزيد حلما         كعود زاده الإحراق طيبا

وقال أيضا:

إذا نطق السفيه فلا تجبه     فخير من إجابته السكوت

فإن كلمته فرجت عنه          وإن خليته كمدا يموت

وتبقى أكثر أبيات الإمام الشافعي بلاغة في الرد على سفهاء القوم، قوله:

أعرض عن الجاهل السفيه       فكل ما قاله فهو فيه

فلا يضر نهر الفرات يوما            إذا خاض بعض الكلاب فيه

لو كل كلب عوى ألقمته حجرا   لصار الصخر مثقال بدينار

مناسبة هذا الكلام، هو الحديث عن منتحل صفة إعلامي، تم ترويج كلامه الساقط(..) على مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الإلكترونية، باعتباره “إعلاميا سعوديا”، والحقيقة، أن الرجل الذي يطل علينا، لم يعرف له أصل في الإعلام والصحافة، وكل خرجاته “الاستفزازية”، موثقة بتقنياته الخاصة، لذلك، لا غرابة أن تجد أن أول من يتبرأ من المدعو “فهيد الشميري”، هو الإعلاميون السعوديون أنفسهم(..).

بغض النظر عن المكان الذي يتكلم منه الشميري(..)، وبغض النظر عن الأصل التجاري(..)، فغياب الأصل الإعلامي عنده يقابله غياب الأصل القبائلي، ومعروف عن المجتمع السعودي الأصيل، أن من لا قبيلة له، لا أصل له(..)، وهذا الذي “شمر” على لسانه ليهاجم المغاربة والمغربيات، منبوذ، مطرود من القبيلة التي يحمل اسمها، والسبب: سخافته، فقبل أن يهاجم المغرب، سبق له أن وصف الفلسطينيين، السنة الماضية، بالشحادين، بل إن الرجل الذي جند نفسه في أرذل العمر للعمل ضمن خلايا “الذباب الإلكتروني”، أطلق العنان للسانه ليصف الفلسطينيين في مقطع فيديو، بأنهم “شحادون بلا شرف”، وأضاف بلغة كفيلة بجلب “الذباب الإلكتروني”(..)، أن قضية الفلسطينيين ليست قضية، وأنها لن تُحل، “لأنه لا مصلحة لأحد بأن تُحل المشاكل بين الشحادين”، ولأنه لا يعرف التاريخ، فقد تساءل بشكل سطحي: ((إلى متى ستبقى السعودية تدفع للفلسطينيين؟)).. وتساءل بشكل أكثر سطحية: ((المسجد الأقصى، معبد يهودي، فهو أمام كنيسة وحائط مبكى، ما الذي جاء بالمسجد عند المعبد والكنيسة؟ هل ضاقت الأراضي؟)).. قبل أن يختم أسطوانته بالقول: ((إن فلسطين ليست لمن فيها، فهم أمم مهاجرة من الشتات، من التتار والرومان السلاجقة، فما دخلنا نحن لندفع لهم؟)) (المصدر: عدة مواقع وتسجيلات على اليوتيوب).

هذا الكلام الساقط الذي تغيب عنه المعطيات التاريخية، والتاريخ لمن لا يعرفه، هو أن السعودية كانت دائما إلى جانب الفلسطينيين، بل إن السعودية، على غرار بلدان إسلامية أخرى، ربطت سياستها الخارجية منذ تأسيسها، بالقضية الفلسطينية، وقد نسي الشميري وأمثاله، أن أقوى مبادرة عربية لمواجهة السياسة الصهونية، تجسدها مبادرة السلام العربية، وهي المبادرة المعروفة تحت عنوان “الأرض مقابل السلام”، وهي مبادرة أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية الراحل، بهدف الاعتراف بدولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل.. وقتها لم يكن هناك “ذباب إلكتروني”، وكان بالإمكان الحديث عن صف عربي(..).

كبير مستشاري الملك محمد السادس، الهمة في لقاء مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان

وحتى لا تؤخذ القبيلة بذنب رجل واحد(..)، فقد أصدرت قبيلة شمر في المملكة العربية السعودية، بيان براءة من تصريحات المدعو “فهيد الشميري”، وأكد  الدكتور معن الجربا، رئيس اتحاد القبائل والأعيان في البلاد العربية، في بيان صدرعن قبيلة شمر، أن ((هذه التصريحات لا تمثل أبناء قبيلة شمّر، ولا تمثل أخلاق العرب والمسلمين، بل وإنها ليست من أخلاقنا ولا من شيمنا أن نتنكر لما قدمه الشعب الفلسطيني الحبيب من دروس في التضحية والمقاومة))، وأضاف الجربا: ((إنني، وباسم الشرفاء من قبيلة شمّر، التي يشهد لها التاريخ بمحاربة الاحتلال الانجليزي للبلاد العربية وبمحاربة مخططات استيلاء العدو الصهيوني على الأراضي الفلسطينية بمساعدة بعض حكام العرب، نتبرأ من المدعو فهيد الشميري، الذي لا يمثلنا ولا يمثل تاريخنا ولا ديننا ولا عروبتنا)) (المصدر: عدة مواقع عربية وفلسطينية/ يوليوز 2019).

الشيمري إذن، واحد من أعضاء المجموعات الشاردة، التي باتت في كل دولة (وهم عندنا أيضا)، وإن غابت عنك معرفتهم بالاسم، فهي المجموعات التي تتقاسم الأدوار بين المواضيع التالية، محاولة تشبيه القضية الوطنية والصراع مع البوليساريو بالصراع العربي الإسرائيلي (مع ما ينطوي عليه ذلك من مغالطات)، الدعاية للجناح الصهيوني لإسرائيل، وهو الجناح الذي يعمل على العبث في الشأن الداخلي للدول(..)، بالإضافة إلى مواضيع أخرى تنصب على “الهوية” و”الدين” و”التشكيك في المقاومة والتاريخ (التلاعب بين المعطيات الصحيحة والمعطيات الخرافية)”(..).

وقد غاب عن كثير من المغاربة، الذين علقوا على الشميري وتداولوا فيديوهاته، بشكل مستهجن (وهذه هي الخطة)، أن المعني بالأمر “مجند” مثله مثل نشطاء البوليساريو، وإلا ما معنى أن يسافر إلى البوليساريو، ويزور المخيمات، ثم يقوم بالدعاية لكيان وهمي، في محاولة لاستمالة الجاهلين بالتاريخ، والجهل بالتاريخ أكبر أبواب المغالطة(..).

وانظروا لما كتبته دعاية البوليساريو حول هذا الشميري: ((حل بالأراضي المحررة من الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية مؤخرا، فهيد الشميري من المملكة العربية السعودية، وطاب له المقام بين ظهران شعبها المضياف، الذي لازال على سجيته، فأطلق لقلبه العنان معبرا عن امتعاضه الشديد من احتلال المغرب للصحراء الغربية وتشريده لشعبها، ومعلنا تضامنه مع الشعب الصحراوي بالقول: ليش تستعمرون الصحراء الغربية على أمل طلعون نفطها وغازها، هاذي الله حاميها لأهلها، والله ما طلعون نقطة غاز إلا لما تروحون عنها..)).

فهيد الشميري، “المنبوذ” منتحل صفة إعلامي

سفاهة الشميري جعلته يحجز مكانا عند البوليساريو، وعلى أعتاب أبواب التملق الجديدة(..)، لذلك، كان من الطبيعي أن يواصل هجومه المدفوع على المغرب، وهو يعرف أن المغرب هو رئيس “لجنة القدس”، ويعرف أكثر من غيره أن ملك المغرب وشعب المغرب جزء من النسيج العالمي الرافض لـ”صفقة القرن”، التي تقضي بالتخلي عن القدس الشريف، وحتى لو غابت عنه المعطيات، فإن أكبر إحراج للحركة الصهونية العالمية، جسده المغرب، بخروجه عن سياسة ترامب فيما يتعلق بـ”صفقة القرن”، بل إن المغرب من الدول القلائل التي فتحت أبوابها للتعايش وزيارة البابا، وهي الزيارة التي ترتب عنها إطلاق “نداء القدس”.

ولتذكير الشميري وغيره، فقد وقع الملك محمد السادس، رئيس “لجنة القدس”، والبابا فرانسيس، بقاعة العرش بالقصر الملكي بالرباط، على “نداء القدس”، وهو النداء الذي لا يستطيع أن يهاجمه ترامب، ويؤكدان فيه (الملك والبابا) على  أهمية المحافظة على مدينة القدس الشريف، باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية، وبوصفها، قبل كل شيء، أرضا للقاء الأديان والشعوب، ورمزا للتعايش السلمي بالنسبة لأتباع الديانات التوحيدية الثلاث، ومركزا لقيم الاحترام المتبادل والحوار.. وقد حصل ذلك بالتزامن مع التحضير لـ”صفقة القرن” الفاشلة(..).

خلاصة القول، لا قيمة لكلام شخص منبوذ مثل الشميري، ولولا “الذباب الإلكتروني”، لما عرفه أحد، فالعلاقات بين المغرب والخليج أقوى من تشويش المشوشين، وحتى إن كان هناك خلاف حول “عاصفة الحزم”، والمقاطعة، والممانعة.. فإن السياسة الرسمية للدول تطبخ على نار هادئة، قوامها التاريخ والمصالح المشتركة، ومدى التقارب بين الشعوب (هذا ما يحاول تدميره، أمثال الشميري)، ففي عز “حديث الذباب” عن توتر العلاقات بين الرباط والرياض، التقى كبير مستشاري الملك محمد السادس، فؤاد عالي الهمة، مع ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، وكان الغرض هو تبادل رسائل كبرى، ولكن الدبلوماسية اقتضت أن لا يعرف أحد مضمون تلك الرسائل(..).

إن أكبر دليل على تفاهة الشميري، هو إصداره لبلاغ يعتذر فيه للمغاربة، وقوله بأن الضغط الذي تعرض له يهدف إلى زرع الفتنة، والواقع، أنه هو نفسه متزعم الفتنة، ولكنه تلقى الدرس المغربي البليغ، بقوله إنه لن يتدخل مجددا في الشأن المغربي (..).

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى