تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | أوزين ينقلب ضد العنصر كما انقلب العنصر على أحرضان

إعداد: سعيد الريحاني

سبق للوزير الحركي السابق، محمد مبديع، أن وجد نفسه في قلب العاصفة، بعد أن نشرت جريدة يومية، خبرا قالت فيه ((إن محمد مبديع دفع 300 مليون سنتيم مقابل استوزاره في حكومة عبد الإله بن كيران الثانية)).. لكن المرأة القوية في حزب الحركة الشعبية، حليمة العسالي، اختارت أن ترد على الاتهامات، ودافعت عن مبديع في حوار صحفي مكتوب، حيث قالت: ((إن مبديع ليس هو الغني الوحيد في الحكومة، فهو برلماني لأربع ولايات ورئيس مجلس بلدي لنفس المدة، ورئيس لجنة منذ 20 عاما.. ألا يستحق استنادا لهذا الرصيد النضالي، أن يكون وزيرا؟))، وقتها قالت حليمة بلهجة صارمة: ((أنا أغنى من مبديع، وعائلتي ثرية أبا عن جد، وأنا لا أقبل درهما واحدا من أحد، فبالأحرى أن يشتريني مبديع)) (المصدر: أخبار اليوم. عدد 8 فبراير 2014).

فقد مبديع مقعده الوزاري، لكنه حقق لنفسه لقبا جديدا في الفقيه بنصالح، حيث مازال سكان مدينته ينادونه بالسيد الوزير(..)، والواقع، أن مبديع كان ينجو من مطب فيدخل آخر، والجميع يتذكر كيف وجد نفسه في قلب الفضيحة التي هزت إيطاليا، عندما تم اتهام برلوسكوني باستغلال المغربية “روبي” وهي قاصر.. ((فقد ترك الوزير مهامه الوظيفية، والأزمة التي يعيشها القطاع بفعل حالة التخمة العددية، ومظاهر الفساد الإداري والريع والموظفين الأشباح الذين يغزون المؤسسات العمومية، وتفرغ للحديث عن البطولات الجنسية لابنة بلدته روبي، بثقة في النفس، وحرص كبير على المصالح الوطنية، التي يبحث عنها بعض الساسة في مؤخرات النساء، حشر الوزير مبديع البلاد في فضيحة سياسية، تهز إيطاليا منذ شهور، أطاحت بالرئيس برلسكوني، وقد تطيح به من كرسي الوزارة إذا ما استمرت تفاعلات القضية، وجرته إلى الإدلاء بشهادته أمام القضاء، ليحق عليه القول العربي الشهير “على نفسها جنت براقش”، ولكم أن تتصوروا أن وزيرا في الحكومة الإسلامية، يقف أمام القضاء ليقول كلمة حق في مغامرات روبي الجنسية، ويقسم بأغلظ الأيمان أن الفتاة لم تكن قاصرا حين اقتسمت السرير مع السيد الرئيس، وأنها فعلت ذلك في سن قانونية، وهي فوق سن الثامنة عشر لا تلام . وإذا سلمنا فعلا أن وزير الوظيفة العمومية وتحديث القطاعات، محمد مبديع، هو من وقع شهادة ميلاد سنة 1992، بصفته رئيسا للمجلس الجماعي للفقيه بنصالح، وقد نسي الوزير أنه لم يصبح رئيسا للمجلس المذكور إلا سنة 1997)) (المصدر: جريدة الصباح. عدد 30 فبراير 2014).

نفس “الوزير” الذي شغل الفقيه بنصالح والمغرب مؤخرا، بإقامته لعرس فاخر لابنه، أغلقت أبواب المدينة كاملة على إثره، عاد اسمه للتداول مؤخرا، باعتباره بطلا لتقارير “حماية المال العام”، بينما توزعت التقارير الصحفية بين من ذكره بالاسم ومن أشار إليه بالإشارة فقط بلغة الإشارة الواضحة التي لا تقبل التأويل، فـ((بالتزامن مع صدور تقرير أسود أنجزته المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، رصد اختلالات وخروقات مالية بالجماعة التي يترأسها منذ سنوات، كشفت مصادر مطلعة، أن شبهة تهريب الأموال إلى الخارج تلاحق وزيرا سابقا كلفه رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بن كيران، بمحاربة الفساد.. وحسب وثائق تتوفر عليها “الأخبار”، فإن ابن الوزير المعني، المزداد سنة 1990، أقام مؤخرا حفل زفاف فاخر دام ثلاثة أيام، بعد عقد قرانه على أجنبية، وأسس شركة بفرنسا رفقة شريك والده بالمغرب وينحدر من الجماعة نفسها التي يترأسها الوزير السابق، ويملك عدة شركات متخصصة في أنشطة مختلفة، وما يثير الشبهات، أن الشركة تأسست سنة 2014، وكان ابن الوزير حينها مازال طالبا يتابع دراسته بفرنسا، في حين كان والده يتقلد منصب وزير في عهد حكومة بن كيران السابقة، وكلفه هذا الأخير بمحاربة الفساد.. وحسب النظام الأساسي لهذه الشركة، فإنها متخصصة في عدة مجالات، تشمل الدراسات المتعلقة بالبيئة والطاقة والأمن والمعلوميات، وكل العمليات التجارية والصناعية، ما يطرح أسئلة حول كيفية إخراج أموال من المغرب لتأسيس شركة بفرنسا من طرف طالب يتابع دراسته بمدرسة عليا فرنسية، وكان عمره آنذاك لا يتجاوز 24 سنة، وهل خضعت هذه الأموال لمكتب الصرف؟)) (المصدر: جريدة الأخبار. الإثنين 17 فبراير 2020).

المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته، والكلمة اليوم بيد القضاء، خاصة بعد دخول المجتمع المدني لحماية المال العام على الخط، وهو ما يؤكده مبديع نفسه، لكن هذا الأخير، الذي دافعت عنه حليمة العسالي بالأمس، ربما لن يجد من يدافع عنه اليوم، بعد أن وضع يده في يده محمد أوزين، الوزير السابق، الذي أخرجته فضيحة الكراطة من الحكومة، والهدف هو الإطاحة بامحند العنصر، وكما شق مبديع عصا طاعة حليمة، فقد شق عصا الطاعة أوزين، الذي تجمعه علاقة مصاهرة مع حليمة، وبات أكثر حضورا في اللقاءات التنسيقية للانقلاب على العنصر، وهي اللقاءات التي يتزعمها مبديع تحت عنوان “التشاور”، حسب مصادر مطلعة.

بالأمس، قالت حليمة: ((أنا من أحضرت أوزين للحزب مثلما أحضرت قياديين آخرين.. أنا لدي قناعة، اللي عندي فيه الضو في عائلتي لا يمكن أن أتركه يمضي لحزب آخر ويصير منافسي.. أوزين شاب مكون وطموح أثبت وجوده، أنا اقترحته على العنصر ورحب به، وكان أوزين أهلا للثقة، بحيث أثبت وجوده وخاض تجربة الانتخابات الجماعية والبرلمانية ضمن أقوى دوائر الموت..)) (المصدر: أخبار اليوم. عدد 8 فبراير 2014).. لكنها اليوم، قد لا تنظر بعين الرضى لصهرها، الذي شرع في تحركات سياسية ضدها وضد الأمين العام امحند العنصر فـ((في الوقت الذي بدأت فيه مجموعة من الأحزاب السياسية بالمغرب لملمة شتاتها وتوحيد صفها الداخلي استعدادا للمعركة الانتخابية القادمة، يبدو أن العكس هو ما يحصل حاليا بحزب الحركة الشعبية، والتي يوجد على رأسها امحند العنصر.. وفي هذا الصدد، أفادت مصادر مطلعة أن محمد أوزين، الوزير السابق، الذي يعتبر من بين قادة “السنبلة”، قد وضع طلب تجميد عضويته لدى الأمانة العامة للحزب، وذلك لأسباب غامضة)) (المصدر: عدة مواقع إخبارية).

لم يتحدث أوزين عن أسباب تجميد عضويته، رغم ميله للإعلام، ليترك الباب مفتوحا أمام التأويل، والتأويل يأتي من الصور التي يظهر فيها محمد مبديع (انظر الصورة)، والمصادر التي تتحدث عن تحالف للإطاحة بالعنصر، فقد ((اختار برلمانيو حزب الحركة الشعبية، تنظيم خلوة مطولة بمدينة مراكش بين الأعضاء الحاضرين والذين تجاوز عددهم 13 عضوا من أصل 24 نائبا الذين يتكون منهم الفريق بمجلس النواب..)) حسب ما أكدته بعض المواقع الصحفية التي قالت ((إن الحاضرين تطرقوا للنقاش الداخلي الذي يشهده الحزب، حيث تم الاتفاق بين الحاضرين على تفعيل قوانين الحزب ومؤسساته، بالإضافة إلى الاستعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وأن اللقاء حضره 9 نواب برلمانيين، يشغلون في الوقت ذاته عضوية المكتب السياسي للحزب، كما حضره رئيس الفريق محمد مبديع، وكذا محمد أوزين)) (المصدر: موقع بلبريس).

هكذا تحدث الإعلام عن “خلوة” لتنقية الأجواء، بينما الأصل، أن يوضح حزب الحركة الشعبية مصير محمد أوزين بعد تقديم طلب تجميد عضويته، وهو إجراء شكلي لا قيمة له في ظل عدم اجتماع المكتب السياسي للبت في الطلب، وطالما أن الأمر يتعلق باجتماع حزبي يتضمن عددا كبيرا من أعضاء المكتب السياسي، فلماذا لم يتم الاجتماع في إطار المكتب السياسي؟ كل ذلك لا يوجد تفسيره إلا في المعطيات التي تؤكدها مصادر حركية تتحدث عن بداية الانقلاب على العنصر كما سبق للعنصر أن نظم انقلابه ضد القائد التاريخي لحزب الحركة الشعبية، المحجوبي أحرضان، الموجود اليوم على فراش المرض، مخلفا وراءه ملفات ضخمة(..).

ويبقى التشابه بين الأمس واليوم، هو أن أحرضان جلب الشاب العنصر للحركة الشعبية باعتباره شابا طموحا، فانتهى الأمر بإقالة أحرضان من الحركة، سنة 1986، قبل أن يؤسس حركة جديدة، أثبت من خلالها أنه “الزايغ”، واليوم عمل العنصر على جلب شاب طموح اسمه محمد أوزين، والنتيجة قد تكون هي سحب البساط من تحت أقدام امحند العنصر.. فما أشبه الأمس باليوم في حزب الحركة الشعبية، الذي قد يقلد الموجة الجديدة التي بدأها حزب الأصالة والمعاصرة، وخلصت إلى انتخاب عبد اللطيف وهبي ضد كل التوقعات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى