تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | تعيين الحموشي رئيسا للمجلس الأعلى للأمن وأبو زعيتر يقوم بمهام حارس شخصي للملك

الفصل الأخير في هيمنة “الديسطي” على صناعة القرار الأمني

إعدد: سعيد الريحاني

ينتظر أن تشهد الأيام القادمة، تغييرات كبيرة على الترتيبات الأمنية للمملكة، بداية بتعيين عبد اللطيف الحموشي رئيسا للمجلس الأعلى للأمن، وتعيين مدير جديد للأمن الوطني، محسوب على الحموشي(..)، بالإضافة إلى تغييرات على مستوى المسؤولين الأمنيين في العاصمة الرباط، وفي مدن أخرى.

وتتوقع مصادر “الأسبوع”، أن تنتهي الترتيبات التي جرت مؤخرا على المستوى الأمني، بتعيين عبد اللطيف الحموشي، رئيسا للمجلس الأعلى للأمن، وهو أقوى هيئة أمنية تم التنصيص عليها في دستور 2011، في الفصل 54، والذي لم يتم تفعيله إلى حدود اليوم، شأنه شأن فصول أخرى تتعلق بالمجالس التي نص الدستور الجديد على إحداثها، بالنظر إلى تاريخ المصادقة عليه (سنة 2011)، ويبقى أهمها، مجلس الشباب، والعمل الجمعوي، ومجلس المناصفة، ثم مجلس الثقافات واللغات(..)، كما أن الفترة الحالية، تتميز بتغييرات ملحوظة على المحيط الأمني للملك محمد السادس، حيث تم إبعاد الحارس الشخصي، حسن الشراط، بالتزامن مع ظهور ملحوظ للمقاتل المغربي أبو زعيتر في كل التحركات الملكية.

فيما يلي، رسم لمسار الصعود الأمني الأخير للحموشي، وبعض ملامح الاهتمام الإعلامي بأبو زعيتر، صديق الملك(..):

حظي الحموشي بثقة كبرى ملحوظة في الفترة الأخيرة، توجت بزيارة الملك محمد السادس لمقر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني التي يوجد على رأسها عبد اللطيف الحموشي، يوم الثلاثاء 24 أبريل 2018، بل إن الزيارة كانت لها دلالات أخرى، تؤشر نحو المستقبل، بعد تدشين المعهد الجديد للتكوين التخصصي، بعين المكان، وزيارة مختلف مرافقه، وهو مركب أمني متكامل تم تشييده في سياق تطوير منظومة التكوين في مجال الاستخبارات، على مساحة إجمالية تبلغ 35 ألف متر مربع، ويضم على الخصوص، مدرجا للمحاضرات، وإحدى عشر قاعة للدراسة، ومختبرا لتحصيل اللغات الأجنبية، وقاعة للندوات، ومكتبة، علاوة على مرافق للمكونين والأطر الإدارية، كما يضم هذا المعهد، إقامة مخصصة للإيواء، تضم جميع المرافق، بما في ذلك، عيادة طبية وقاعة للتربية البدنية والرياضة (حسب ما تناقلته الصحافة).

وضع الحموشي على رأس مركب بهذا الحجم، في إشارة إلى تجميع المصالح المشتتة، لم يكن إلا تحصيل حاصل في أفق الترقي نحو منصب أكبر، بعد أن هيمنت “الديسطي” على مختلف التعيينات الحساسة بسلك الأمن الوطني، وسيطرة جناح الحموشي على كل الملفات الكبرى(..)، علما أنه قاد طيلة السنوات الأخيرة، مشروع تبييض وجه “الديسطي” من حيث الصورة الإعلامية، والسمعة لدى عموم المواطنين.

فقد شكل ظهور فرقة رجال الشرطة “الملثمين والمدرعين” التابعين لمكتب التحقيقات المركزي التابع لـ “DST”، مصدر إلهام للصحافة التي شرعت في الربط بين التجربة المغربية والتجربة الأمريكية، بل إن الجرائد الوطنية، أصبحت تتحدث عن “إف. بي. آي المغرب (FBI)”، رغم أن مكتب التحقيق الفيدرالي الأمريكي تأسس سنة 1908، وهو تابع لوزارة العدل الأمريكية ومقره بواشنطن، ويصنف من بين 10 أقوى أنواع المخابرات في العالم، أما في المغرب، فالمكتب المركزي للتحقيقات القضائية، الذي أسندت مهمة الإشراف عليه لوالي الأمن، عبد الحق الخيام، الرئيس السابق للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، فهو لا يتبع لوزارة العدل، بل إنه يشكل “الوجه المكشوف” لعناصر المخابرات التي كانت تشتغل تحت يافطة الإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني، والمعروفة اختصارا بـ”الديسطي”، مما يعني أن الجهاز المكلف بالتجسس، هو نفسه الذي يتولى الاعتقال وتقديم المتهمين للمحاكمة، وهنا يطرح سؤال: ألا يعني ذلك أننا أصبحنا في “دولة بوليسية”؟

“توصف الدولة بكونها بوليسية، لأن الاستخبارات الأمنية، تشكل جوهر قطب نظام الحكم الأمني، المدافع عن الحاكم والطبقة الحاكمة كجزء لا يتجزأ من الطبقات المسيطرة كأقلية مهيمنة، ثم إن هذا القطب الأمني، يشكل النواة المركزية للهرم المخزني القهري للدولة بتعداد أجهزتها الاستخباراتية..” (مقتطف من محاضرة ألقاها عبد السلام شاوش، عضو مرصد العدالة بالمغرب في مارس 2012).

وجهة النظر الحقوقية للدولة البوليسية، ليست في الواقع إلا جزء من نقاش سياسي كبير، تم إعدامه في عهد الحموشي، وهو أهلية “الديسطي” للقيام بمهام الضبط الأمني، بل إن واحدا من الوزراء الحاليين، وهو وزير الدولة مصطفى الرميد، كان من أشهر معارضي منح الصفة الضبطية لعناصر المخابرات(..)، ((إنها نقطة سوداء في مشروع القانون الذي يغير ويتمم قانون المسطرة الجنائية، ويتعلق الأمر بإسناد صفة الضبطية القضائية إلى المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني)).. هكذا كان يتحدث مصطفى الرميد في شهر أكتوبر من سنة 2011، عندما كان رئيسا لفريق العدالة والتنمية بمجلس النواب..((نحن نعتقد أن الحكامة الأمنية الديمقراطية، تقتضي أولا طرح مؤسسات ذات اختصاص، ومنحها إمكانية الرقابة ووسائلها على الأجهزة الأمنية عموما)).. (المصدر: هسبريس، 13 أكتوبر 2011).

صعود الحموشي نحو قمة الهرم الأمني في المملكة، وهو الصعود المرفوق بصناعة إعلامية قوية، وإشارات الثقة الكبرى، داخليا وخارجيا، من خلال التوشيحات الدولية (في فرنسا على سبيل المثال)، تضمن تكريسا لـ”تهميش لادجيد”، أو التوجه نحو تحجيمها، خاصة مع بداية الحديث عن إمكانية تنقيل ياسين المنصوري إلى منصب جديد(..)، والحديث عن اختزال مؤسسة “لادجيد”، في “مكتب دراسات”، علما أن قوة “لادجيد” التي مارست في عهد ياسين المنصوري، أدوارا كبيرة على مستوى الملفات الخارجية، بما فيها تدبير تنقلات الملك محمد السادس إلى إفريقيا، وما واكب ذلك من ملفات أمنية، (قوتها) لا تكمن في هيكلتها، لأنها تتعامل مع شخصيات يتم استقدامها من أجهزة أخرى مثل مؤسسة الجيش أو الدرك، أو بعض الفاعلين، ولكنها تكمن في الملفات التي يتم الاشتغال عليها(..)، مما يطرح سؤالا مصيريا حول العلاقة المستقبلية بين “الديسطي” و”لادجيد”، وهما الجهازان اللذان طالما تميزت علاقاتهما بالتنافس، في ما يتعلق بالوصول للمعلومة(..)، لكن هذا التنافس، قد يحسم اليوم بشكل جذري مع تكليف الحموشي بالمجلس الأعلى للأمن.

تعيين الحموشي على رأس المجلس الأعلى للأمن، هو تطبيق جد متأخر لبنود الدستور الذي يجعل من هذه الهيئة، أداة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وتدبير حالات الأزمات، والسهر أيضا على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية الجيدة، وهو المجلس الذي يضم في تشكيلته، عددا كبيرا من المدنيين، ((فعلاوة على رئيس الحكومة،  يضم المجلس في تركيبته رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والوزراء المكلفين بالداخلية، والخارجية، والعدل، وإدارة الدفاع الوطني، وكذا المسؤولين عن الإدارات الأمنية، وضباط سامين بالقوات المسلحة الملكية، وكل شخصية أخرى يعتبر حضورها مفيدا لأشغال المجلس)).

المقاتل أبو زعيتر في قصور الملك محمد السادس.. صديق أم مكلف بمهمة؟ 

لم يعد حضور المصارع المقاتل المغربي أبو زعيتر، يقتصر على الظهور في صور إلى جانب الملك محمد السادس، كما أن هذا الظهور، أصبح يأخذ حجما أكبر من الصداقة، بحيث تؤكد جل المصادر، أن أبو زعيتر، بات يرافق الملك محمد السادس في عدد من جولاته الاعتيادية بعدد من المدن الكبرى، كما أن أبواب القصر باتت مفتوحة أكثر من أين وقت مضى في وجه أبو زعيتر وإخوانه، حتى أن بعض المصادر، أصبحت تروج إمكانية تعيينه حارسا شخصيا للملك محمد السادس، خاصة بعد إبعاد الحارس حسن الشراط، منذ الزيارة الملكية للإمارات، بسبب خطإ في البرتوكول.

صعود أبو زعيتر الذي يتزامن مع إبعاد حارس شخصي للملك محمد السادس، هو حسن الشراط، وظهورهما معا في وسائل الإعلام(..)، والحديث عن عودة الحارس الشخصي للملك، عبد العزيز الجعايدي، إلى دائرة الضوء، كان من نتيجته اهتمام مغربي متزايد برياضة “MMA”، وهي اختصار لـ “فنون القتال المتنوعة”، كما تهافتت وسائل الإعلام على تتبع أخبار أبو زعيتر، المصارع المغربي المولود في ألمانيا، ذو التكوين “المحافظ”..

لم يعد الأمر يقتصر على الحديث عن أبو زعيتر كمكلف بالحرص على دروس اللياقة البدنية للملك محمد السادس، بل إن وسائل الإعلام، أصبحت ترصد بين الفينة والأخرى، تحركات “الإخوان أبو زعيتر”، وليس أبو بكر وحده، إلى جانب الملك محمد السادس، في أكبر قصوره، حتى بمناسبة حفل الولاء(..).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى