تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | لماذا أصبح “الحريك” مجانا وعصابات “تجارة البشر” تنقل  أنشطتها بالفيديوهات جهارا ومباشرة عبر “الفايسبوك”؟

إعداد: رشيد بغا

بالصوت والصورة، وبالنقل المباشر عبر عشرات “الفيديوهات” على مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت عمليات الهجرة غير الشرعية تتم في واضحة النهار وبالمجان أحيانا، بشكل غير مسبوق، بل وأن الحالمين بضفاف “الورد والخبز والنساء” الموهومة، أصبحت أمامهم صفحات “فايسبوكية” تنقل الأخبار على رأس كل ساعة، وأحيانا كل دقيقة، كما تعلن عن مواعيد الرحلات ومحطاتها، وبطبيعة الحال، مصحوبة بإعلانات إشهارية، وتحريضية من شبكات الاتجار في البشر التي تقف خلفها وتحرك كل شيء لمصلحتها عن طريق إعلانات بحمولات سياسية واجتماعية، اختيرت بعناية لجذب الزبناء “المسطولين” من الشباب والقاصرين، والتغرير بفئات من المجتمع المغربي، تحمل في قلوبها حقدا على وطنها المغرب أو “البلاد التي لم ولن تقدم لهم شيئا على مستوى التشغيل والتعليم والحياة الرغيدة التي يرغبون فيها..” على حد تعبير بعض المدونين(..).

أمام هول ما يحدث، وما يكتنفه التصعيد الخطير لشبكات “الاتجار في البشر والمخدرات، وتنويرا للرأي العام في حدود الممكن الأجود، حاولت “الأسبوع” رصد العشرات من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وأول شيء يقطع الأنفاس، ويحز في النفس وقفنا عنده بتأمل عميق، هي التدوينات الدعائية – التي يتلقاها آلاف الشباب المغربي عبر هذه الصفحات – فهي مجتمعة تحرك حقدا أسود واضحا، وأن الذي يقف خلفه، عدو للمغرب وخصم سياسي يدرك أهدافه بدقة، ويلعب جيدا على الأوتار الحساسة لفلذات أكباد المغاربة.. نعم، تدوينات تستهدف بلا لبس ضرب استقرار المغرب السياسي وأمنه من  خلال تأجيج الاحتقان الاجتماعي الذي لا يمكن أن ينكر أحد أنه مأزوم، والقلاقل الاجتماعية تزايدت أمام عجز واضح للحكومة التي يرأسها سعد الدين العثماني، دون أن ننسى ما قدمه حزب العدالة والتنمية في الحكومة السابقة بقيادة عبد الإله بن كيران من ضرب لكل المكتسبات الاجتماعية، والهجوم العنيف والتاريخي على القدرة الشرائية للمغاربة، على جميع المستويات المعيشية(..).

“السفينة التي لا تسافر، يأكلها الصدأ وكذلك الإنسان” .

“14 كيلومترا فقط تغير حياتك من الجحيم إلى بلاد الحق والقانون”.

“الواحد هو لغامر بأي حاجة المهم يخوي البلاد”.

“إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أَن يرحل من هذا البلد”.

بهذه التدوينات المسمومة، يتم استدراج الشباب والقاصرين وإغراؤهم بواسطة صفحات بتسميات مختلفة لم نستطع حصر أعدادها، لكن نسوق منها على سبيل المثال وليس الحصر: “الهجرة من المغرب إلى أوروبا 100 بالمائة”، و”حراكة طنجة سبتة ومليلية” و”هجرة”، إلى غير ذلك من الصفحات التي تقدم لأزيد من 20 ألف متتبع، خدمات ومواعيد للرحلات بشكل لا يخلو من تنافسية وإغراء بالصور و”الفيديوهات”، وكذا التعاليق التي تحمل أرقاما هاتفية لحجز مقاعد في الزوارق المطاطية أو ما يسمى بـ “الزودياك”، ومعرفة مكان الرحلة وموعدها، كما أن الغريب، هو الراغبين في الهجرة السرية التي أصبحت علنية على مواقع التواصل الاجتماعي، هو تبادل الآراء والنصائح، بين الحالمين الجدد بـ “الحريك” وبعض الذين قطعوا افتراضيا مضيق البوغاز بنجاح مزعوم، لأن المافيات التي تحرك خيوط هذا العمل الإجرامي في شموليته، لا تتحدث عن الذين غرقوا وماتوا ليصبحوا طعاما لأسماك القرش واللوركا في مقبرة البحر الأبيض المتوسط، أو “عار” البشرية الجديد في الألفية الثالثة إذا شئنا تدقيق التعبير عن المأساة الحديثة، منذ انتقل جدار برلين الحديدي والإسمنتي الذي انهار بعد الحرب الباردة بين الغرب الرأسمالي والشرق الاشتراكي إلى بحيرة البحر الأبيض المتوسط الهادئة، ليحولها إلى جدار بحري من نوع آخر، تعيش البشرية مآسيه كل دقيقة، ويفصل بين الشمال المتخم بالرفاهية الاقتصادية والجنوب العالمي الفقير حيث الأوبئة والحروب وويلات الجهل، بسبب مخلفات الاستعمار الغربي الذي استنزف ثروات البلدان الفقيرة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وكذا آسيا، وتركها تواجه مصيرها الأسود بعد إغراقها في المديونيات الثقيلة التي تسلبها حق تقرير المصير وبناء المستقبل الزاهر لأبنائها(..).

وإلى حدود كتابة هذه السطور، لم تتوقف الصور و”الفيديوهات” لشباب مغربي يعانق الموت باسما وضاحكا وفرحا، وحسب تقرير إعلامي لصحيفة “القدس العربي”، فإن “مصلحة الإنقاذ البحري الإسباني، أنقذت في يوم واحد، 243 شخصا، أغلبهم مغاربة في مياه إقليمي غرناطة وألميريا شرق الأندلس فقط، بينما وصلت قوارب أخرى إلى شاطئ مضيق جبل طارق الممتدة ما بين الجزيرة الخضراء إلى قادس، ثم منطقة مالقا شرقا، وهذا يعني وصول الرقم إلى 400 مهاجر في يوم واحد، ويتعلق الأمر بالقوارب التي يجري رصدها واعتراض المهاجرين، بينما هناك قوارب أخرى لا يتم رصدها، وينجح المهاجرون في التسلل إلى إسبانيا، ما يجعل الرقم يتضاعف”.

ويضيف المصدر ذاته، أن “الجديد في ظاهرة الهجرة، هو تراجع هجرة مواطني جنوب الصحراء، مثل الماليين والسنغاليين، بعدما قامت السلطات المغربية بترحيل الآلاف منهم من شمال البلاد إلى جنوبه في ظروف أثارت احتجاج بعض الجمعيات الحقوقية، وفي المقابل، يحدث ارتفاع الهجرة المغربية بشكل لافت”.

لكن المثير في موجة الهجرة السرية الجديدة، هو أن “شباب منطقة الريف، هم محور الهجرة الجديدة هذه الأيام، ما يعطي للهجرة هذه المرة طابعا خاصا يقترب من السياسي، بحكم أن نسبة منهم يطلبون اللجوء السياسي في إسبانيا وباقي الدول الأوروبية، مبررين طلبهم بالملاحقة القضائية والعنف في منطقة الريف جراء الحراك الشعبي”.

نفس الشيء رصدته الصحافة الإسبانية ووسائل الإعلام هناك، حيث كشفت أن “عدد الحراكة القادمين من الريف الذين سجلتهم مدريد هذه السنة، كانوا أكثر من أي وقت مضى، مشيرة من خلال تواصلها مع عدد من النشطاء، إلى أن بعضا من المعتقلين السابقين الذين عفا عنهم الملك محمد السادس خلال عيد الأضحى الأخير، قد تمكنوا من الوصول إلى السواحل الأندلسية بعد ركوبهم قوارب الموت”.

وذكرت المصادر الصحفية، أن “المهاجرين ينسقون مع أفراد آخرين متواجدين بالديار الإسبانية، يقومون باستقبال وإيواء وإطعام الواصلين، في أفق تمكنهم من فرصة شغل أو الهجرة صوب بلد مجاور، مؤكدة أن العائلات الريفية تسجل أن أبناءها يذهبون في أيد أمينة ويصلون سالمين لوجهتهم”.

إلا أن المثير الجديد، ما رصدته “الأسبوع” على “الفايسبوك”، حيث “يقوم عدد من الحراكة بتقديم النصيحة للملتحقين بهم في العمليات القادمة والمفترضة، بأن يقدموا أنفسهم للحرس الإسباني كقادمين من الريف وليس المغرب، ويكفي النطق بكلمة ريف، ليتم استقبالهم كلاجئين سياسيين وفق القانون الدولي الذي ينظم حق لجوء الهاربين من منطقة مشتعلة أو تعيش قلاقل سياسية تشكل خطرا على حياتهم، وبعد الإقرار بأنهم قادمون من الريف، يتقدمون مباشرة إلى قسم خاص بطلب حق اللجوء السياسي، فيما الذين يقدمون أنفسهم على أساس أهم مغاربة أو من دول أخرى، يتم احتجازهم في مراكز للإيواء، إلى حين إرجاعهم إلى بلدانهم الأصلية”..

 تعامل السلطات الإسبانية بحسب العالم الافتراضي، يجعلنا نطرح سؤالا نجده مشروعا إلى حد ما: هل إسبانيا تسعى بتصرفها هذا إلى تجزيء المغرب منهجيا، بتفكيك وحدة شعبه من خلال الحريك أولا، ثم ولضرب وحدته الترابية والوطنية في الشمال ثانيا، أم أنها ورقة ضغط جديدة لممارسة ابتزاز سياسي على سيادة القرار المغربي في موضوع الهجرة الذي أعلنه وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت حين قال: “بالرغم من كل المجهودات الجبارة المبذولة لتسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين، فإن المغرب لن يقبل أن يتحمل العبء لوحده، ولن يسمح بأن تصبح أراضيه مرتعا لأنشطة مهربي البشر، كما أنه لن يقبل يلعب دور الدركي بالمنطقة، مشيرا إلى أن المغرب ما فتئ يدعو إلى تفعيل مبدإ المسؤولية المشتركة، ونهج مقاربة تضامنية مع مختلف الدول المعنية لمعالجة إشكالية الهجرة غير الشرعية، كما أنه يدعو كافة الشركاء إلى الارتقاء بمستويات التفاعل والتواصل لتحقيق الأهداف المرجوة”؟ أم هي أمور أخرى تتعلق بالشأن السياسي الداخلي الإسباني، خاصة إذا علمنا أن الهجرة السرية أو غير القانونية، تحولت إلى موضوع للمواجهة بين حكومة مدريد والمعارضة، وخاصة الحزب الشعبي، الذي بدأ يتبنى مواقف قريبة من الحركات القومية المتطرفة الرافضة للمهاجرين في الوقت الذي يأمل فيه رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، الانتقال إلى الرباط لمعالجة الموضوع مع الملك محمد السادس، وأجندة هذا الأخير لا تسمح باستقباله إلى حين(..)؟

محمد صلاح: من الصعب اعتبار الأمر تصفية حسابات سياسية بين المغرب وإسبانيا ..

من أجل تسليط الضوء أكثر على الموضوع، أجرينا الحوار التالي مع الفاعل الجمعوي، محمد صلاح، الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية وخريج المدرسة المواطنة للدراسات السياسية وعضو “الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب” كما أنه عضو “منتدى الشباب الإفريقي للحوار والسلام”، حيث أكد أنه “لا يمكن الاعتماد فقط على كون أغلب المهاجرين من أبناء الريف للقول بذلك، حتى ولو كان من بين المهاجرين، نشطاء ومعتقلون سابقون على خلفية أحداث الريف، فالأمر يمكن تفسيره بالظهور المفاجئ للهجرة السرية بهذه الطريقة”..

*كيف تفسرون العودة للهجرة السرية للشباب والقاصرين أو “الحريك” في المدة الأخيرة؟

– دعنا نتفق أولا على أن الهجرة السرية للشباب المغاربة في اتجاه الديار الأوروبية، ليست ظاهرة جديدة، بل هي تعود لسنوات خلت، نتيجة الواقع الاجتماعي الصعب الذي يعيشه الشباب المغربي، بسبب ارتفاع البطالة وضعف الخدمات الاجتماعية، غير أن الجديد في ما يقع اليوم، هو توثيقها عبر صور وفيديوهات وتناقلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن إقدام جهات مجهولة، على تنقيل الشباب المغربي إلى الجارة الإسبانية بشكل مجاني وعلني وفي واضحة النهار، الأمر الذي دفع العديد من الشباب إلى استغلال الفرصة والهجرة، وبالتالي، بروز الظاهرة بهذه الحدة، إذ في السابق كان من الصعب على الراغبين في الهجرة الوصول إلى شبكات التهجير السري، زد على ذلك، المبالغ المالية الكبيرة التي تطلبها هذه الشبكات.

*أليس هناك سببا سياسيا في العلاقات المغربية الأوروبية، خاصة المغربية الإسبانية، يمكننا أن نفسر به هذا المعطى الجديد؟

– أعتقد أن العلاقات المغربية الأوروبية في الوقت الراهن، عادية جدا، يطبعها التعاون على جميع المستويات، الاقتصادي والسياسي والأمني، بما في ذلك مواجهة ظاهرة الهجرة السرية، باستثناء قرار إغلاق المعبر التجاري الحدودي بمليلية، والذي أثار حفيظة السلطات الإسبانية، إلا أنه لا يمكن اعتباره سببا يمكن به تبرير ما يحدث.

غير أن الإقدام على تهجير الشباب المغربي نحو الديار الإسبانية بهذه الحدة وبشكل مجاني، يثير الاستغراب، ويفتح الباب أمام جملة من الفرضيات، منها نشاط شبكات الاتجار الدولي في المخدرات، كما سبق وأشارت بعض المنابر الإعلامية.

*تحدثت عدة وسائل إعلام عن كون الهجرة الجديدة عبر قوارب الموت، هي امتداد لحراك الريف؟

– في نظري، القول بأن الهجرة السرية بهذه الحدة امتداد للاحتقان الاجتماعي بالريف، مجانب للصواب، فلا يمكن الاعتماد فقط على كون أغلب المهاجرين من أبناء الريف للقول بذلك، حتى ولو كان من بينهم نشطاء ومعتقلون سابقون على خلفية أحداث الريف، فالأمر يمكن تفسيره بالظهور المفاجئ للهجرة السرية بهذه الطريقة، مما جعل أغلب المهاجرين، من مدن الشمال باعتبارها نطقة الانطلاق، لكن بعد استمرار الهجرة لعدة أيام، بدأ يتقاطر على مدن الشمال العديد من الشباب القادم من مختلف المدن المغربية لأجل الهجرة، بدليل أن السلطات المغربية، ما إن بدأت حملتها الأمنية حتى أوقفت العديد من الشباب المغربي القادم من مدن أخرى قصد الهجرة.

أما بخصوص الأسباب والدوافع، كما أشرت في السؤال الأول، الوضع الاجتماعي المأساوي الذي تعرفه جميع مناطق المغرب، وارتفاع نسبة البطالة وفقدان الأمل وتسرب اليأس للشباب المغربي، هو ما يدفعهم إلى الهجرة أملا في حياة أفضل.

*استعمال مواقع التواصل الاجتماعي من طرف تجار البشر.. كيف تفسرونه؟

– أعتقد أن توثيق مختلف الأحداث، أصبح أمرا ثابتا لدى مستعملي ورواد موقع التواصل والاجتماعي “الفايسبوك”، فما من حدث كبيرا كان أو صغيرا، إلا ويتم توثيقه وتداوله، لكن الحدة التي يتم بها تداول الفيديوهات والصور المتعلقة بالهجرة السرية، وطبيعة التعليقات التي ترافقها، غريبة وغير مسبوقة، تجعلنا نتساءل عن هوية الجهات التي تقف وراءها وأهدافها.

فرضية تطور الاتجار بالبشر، أظن أنها ضعيفة جدا، خاصة وأن عملية التهجير تتم بشكل مجاني، زد على ذلك، أن هذه الجهات، تكتفي بنقل المهاجرين إلى إسبانيا دون استغلالهم لفائدة جهة معينة أو توظيفهم في نشاطات ما، لتبقى فرضية توظيفها من طرف جهات معادية للمغرب، الأكثر ترجيحا، وربما أعداء الوحدة الترابية هم المسؤولون عن ترويجها، بغية تشويه صورة المغرب أمام المنتظم الدولي، خاصة وأننا نعرف تواجدهم القوي بالجارة الإسبانية.

* تحركت وزارة الداخلية ووزارة العدل بشكل مكثف لتوقيف الظاهرة، فماذا عن المقاربة الأمنية.. هل هي كافية؟

– صحيح أن الحكومة المغربية تحركت في اتجاه محاصرة هذه الظاهرة ووضع حد لها، استنادا إلى المقاربة الأمنية، غير أن ذلك في نظري، سيبقى عديم النفع، لأن المقاربة الأمينة وحدها غير كافية، بل يجب التفكير في اتخاذ إجراءات وتدابير عملية ترمي إلى اجتثات الأسباب المؤدية للهجرة السرية، سواء السياسية أو الاجتماعية، ويجب النهوض بالتعليم والصحة والسكن وبلورة سياسات عمومية بهدف حل الإشكالات الاجتماعية الكبيرة التي يتخبط فيها المواطن المغربي، كما يجب إطلاق مشاريع استثمارية وتنموية قصد خلق فرص الشغل بالشكل الكافي والنهوض بوضعية الشباب في مختلف مناحي الحياة العامة، وتمكينهم من خدمة بلدهم عوض التفكير في هجرته.

*إسبانيا تستقبل شباب الريف بمعزل عن الشباب المغاربة، وقد تم رصد قارب إسباني جديد بالمنطقة لترحيل مهاجرين بالمجان طاردته البحرية الملكية.. هل هي تصفية حسابات بين المغرب وإسبانيا؟

– سبق وأشرت إلى أن العلاقات المغربية الأوروبية، بما فيها إسبانيا، عادية جدا، ولا وجود لأي أزمة ظاهرة يمكن القول بأنها السبب وراء هذا الإجراء، غير أن الاهتمام الإسباني بالشباب المنحدر من منطقة الريف دون غيرهم، يمكن أن أفسره بالصيت الدولي الذي حظي به حراك الريف، ويمكن أن يكون الطرف الإسباني يستغل ذلك في محاولة للضغط على المغرب من أجل دفعه إلى بذل المزيد من الجهد في محاربة ظاهرة الهجرة السرية، فكما هو معروف، دائما ما كان ينظر الطرف الأوروبي والإسباني على وجه الخصوص، إلى المغرب كدركي الحدود ويعتمد عليه بشكل كبير في الجانب الأمني بالمنطقة الإقليمية، سواء في ملف الهجرة السرية أو محاربة الاتجار الدولي في المخدرات أو الإرهاب، كما يمكن أن يكون الاهتمام بالشباب المنحدر من الريف، نتيجة لضغط بعض المنظمات الحقوقية الداعمة للحراك أو تلك المعادية للمغرب، لكن الصعب اعتبار الأمر تصفية حسابات سياسية بين المغرب وإسبانيا كما جاء في سؤالكم، لهذا، فما يحدث في نظري، هو في الغالب تمويه من لدن شبكات الاتجار في المخدرات للتغطية على نشاطها وتسهيل عملية نقل المخدرات، وهذا الأمر يسيء للمغرب بشكل كبير، ويضعه في موقف حرج أمام المنتظم الدولي، لذا لا أعتقد أنه سيستمر لمدة طويلة، حيث بدأت السلطات المغربية في شن حملات أمنية واسعة جدا لإنهاء الموضوع في أسرع وقت ممكن، لكن المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي، إذ ستستمر الهجرة السرية بشاكلتها القديمة، وسيستمر نشاط شبكات التهجير السري في العمل بالأسلوب السابق، مادام هناك شباب يرغب في بلوغ “الفردوس” الأوروبي، ومادات الأوضاع الاجتماعية متدهورة بالمغرب، إذن، فلا مناص من تحمل الحكومة مسؤوليتها في النهوض بأوضاع الشباب.

* أي مستقبل ننتظره على مستوى هذا الموضوع؟

– الهجرة ظاهرة قديمة، غير أن الجديد في الموضوع هو “الفايسبوك” الذي أصبح بمثابة سلطة خامسة يراقب العمل الحكومي ومختلف الاختلالات والظواهر والقضايا التي تبرز بالمجتمع، فما يحدث الآن، هو التعرية عن واقع موجود يحتاج إلى حلول تشاركية، وعلى قدر من المساواة والندية بين المتضررين جميعا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى