تحليل إخباري | معركة قانونية بين كوثر بنحمو وإلياس العماري في مجلس الأمن حول قضية الصحراء
4 مايو، 2018
0 4 دقائق
على من تضحك قيادات الأحزاب السياسية المغربية؟
إعداد: سعيد الريحاني
بغض النظر عن تهمة “التآمر على الملكية” أو “تدخل حزب الأصالة والمعاصرة في احتجاجات الريف(..)، وبغض النظر عن كون ذلك كله محل تحقيقات قضائية(..)، فقد وقع إلياس العماري مثله مثل باقي زعماء الأحزاب السياسية، سواء المنتخبين أو المعينين(..) على “بيان العيون”، الذي يمثل أحد الردود المغربية على ما وصف باستفزازات البوليساريو للجيش المغربي، بالتزامن مع مناقشة قضية الصحراء من طرف مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة.
إلياس العماري، قال في مدينة العيون، التي لم يزرها منذ أيام المخيم الغامض “إكديم إزيك”(..): “إن حضورنا اليوم، هو رسالة إلى من يهمهم الأمر من الأصدقاء والخصوم، على أننا لا يمكن أن نسمح تحت أي مبرر، بتغيير الواقع والمعطيات على الأرض”، ولأن كل الحاضرين يسطرون على الكلمات، قال العماري: ((إن الصراع مع البوليساريو، لم يكن أبدا صراعا من أجل الحدود، بل كان وسيبقى صراعا من أجل الوجود))، وفي نفس اليوم (الإثنين 9 أبريل 2018)، وقع العماري، شأنه شأن عزيز أخنوش وإدريس لشكر وبنعبد الله… على “نداء العيون”.
يؤكد الموقعون على “نداء العيون”، والهدف منه هو الرد على تجاوزات البوليساريو في المناطق العازلة، أنهم متشبثون بحل قضية الصحراء في إطار الحكم الذاتي، كما ينوهون بمستوى التنمية في الأقاليم الجنوبية، كما يستنكرون الدور الجزائري المفضوح في تعقيد القضية، لكن ما درجة صدق هؤلاء السياسيين في ترجمة الخطاب السياسي إلى مستوى أفعال يمكن لمسها على أرض الواقع؟
تصوروا أن إلياس العماري، رئيس حزب الأصالة والمعاصرة كنموذج، هو موضوع مراسلة رفعتها العضو في نفس الحزب، كوثر بنحمو، إلى مجلس الأمن، وهي مراسلة ذات أبعاد خطيرة، حيث تتهم من خلالها إلياس العماري، بـ “دس” وثيقة خطيرة داخل ملف الصحراء الموجود لدى مجلس الأمن، وهي وثيقة أحال عليها التقرير الأخير، الذي رفعه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى مجلس الأمن، هذه الوثيقة تحمل الرقم “A/69/861-S/2015/240″، فماذا تتضمن هذه الوثيقة الملغومة؟
تقول كوثر بنحمو في رسالتها إلى رئيس مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن: ((أحيطكم علما أن الوثيقة “A/69/861-S/2015/240” التي توصلتم بها في مجلس الأمن وتحوزونها والمؤرخة في 27 أبريل 2015، والتي يحيل عليها كذلك تقرير الأمين العام للأمم المتحدة Antonio guterres في تقرير “s/2018/277” المرفوع إلى مجلس الأمن بتاريخ 29 مارس 2018، وهو ما توثق له الصفحة الثامنة منه، حيث أن الوثيقة سالفة الذكر (A/69/861-S/2015/240)، مطعون فيها لأنها بنيت على البلاغ الصادر عن الاتحاد الإفريقي بتاريخ 27 مارس 2015)).
الوثيقة سالفة الذكر، والمدسوسة في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة تحت غطاء أرقام أخرى(..) مطعون فيها، حسب بنحمو، لعدة أسباب، منها ((أنه بتاريخ 6 فبراير 2015، استقبلت رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي (سابقا) دلاميني زوما Dlamini Zuma ، إلياس العماري على أساس أنه نائب رئيس برلمان المملكة المغربية، وهو ليس كذلك في الحقيقة(..)، كما أن تزييف الحقيقة شاركت فيه زوما، حيث لم تكلف نفسها عناء إصلاح هذا الخطإ المتعمد عن سبق إصرار وترصد رغم بيان الحقيقة الذي توصلت به بمقر الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا بإثيوبيا بتاريخ 17 أبريل 2015 على الساعة 4 و30 دقيقة عن طريق شركة الإرساليات “Fedex”)).
باختصار، المشكلة كلها تكمن في كون زوما، قالت أنها اتفقت مع إلياس العماري على أن يتم حل قضية الصحراء داخل أجهزة الاتحاد الإفريقي، وهو الأمر الذي يرفضه المغرب رفضا باتا، ملكا وحكومة وشعبا(..)، ورغم أن الإشارة لهذا الأمر قد تمت في وقت سابق عبر وسائل الإعلام، إلا أن المعني بالأمر، العماري، لم يعلق على الموضوع، كما أن القضاء لم يفعل الشكايات المرفوعة إليه بهذا الصدد من طرف كوثر بنحمو، علما أن الموضوع موجود لدى رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالنيابة ورئيس النيابة العامة.
إذن، تكمن خطورة الوثيقة المذكورة في كونها تعتبر أن المملكة المغربية، موافقة على حل قضية الصحراء داخل أجهزة الاتحاد الإفريقي، وهو أمر غير صحيح، بل إن المغرب، رفض أي إمكانية لاستقبال مبعوث الاتحاد الإفريقي في هذا الملف إلى المغرب، علما أن الملك محمد السادس، ما فتئ يؤكد أن حل قضية الصحراء، مرهون بقرارات مجلس الأمن.
وللتذكير، فإن استراتيجية المغرب في قضية الصحراء، مبنية مؤخرا بشكل واضح، على أربعة شروط تضمنتها التوجيهات الملكية الواردة في الخطب الملكية، وهي رفض أي حل خارج السيادة الكاملة للمغرب على صحرائه والاستفادة من الدروس السابقة، فالمشكل لا يكمن في إيجاد حل بقدر ما يكمن في المسار الذي يؤدي إليه الحل(..)، أما الشرط الثاني فيعتبر أن حل هذا النزاع المفتعل، يكمن في الحكم الذاتي الذي سبق لكل القوى العظمى أن أشادت به، فيما يتمثل الشرط الثالث في الالتزام بالمرجعيات التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي، لمعالجة هذا النزاع الإقليمي المفتعل، باعتباره الهيأة الدولية الوحيدة المكلفة برعاية مسار التسوية، ثم الشرط الأخير الذي يمنع تجاوزه، ويتمثل في الرفض القاطع لأي تجاوز، أو محاولة للمس بالحقوق المشروعة للمغرب، وبمصالحه العليا.
الملك محمد السادس، والشعب المغربي إذن، ضد التدخل الإفريقي في قضية الصحراء(..)، لكن إلياس العماري وزوما، اتفقا على حل القضية داخل دواليب الاتحاد الإفريقي(..)، حسب الاتهامات، والغريب في الأمر، أن الحزب الذي يترأسه العماري، عقد مؤخرا اجتماعا لمجلسه الوطني تحت عنوان “دورة القضية الوطنية”، فلماذا لم يناقش المجتمعون المستجدات الأخيرة، علما أن القضية الوطنية، كانت مجرد غطاء لعدم مناقشة المشكلة العميقة في حزب الأصالة والمعاصرة، وهي مشكلة “استقالة” إلياس العماري التي قدمها في وقت سابق(..)؟
في بيان دورة القضية الوطنية، عبر المجتمعون عن استنكارهم لـ ((مناورات جبهة البوليساريو التي تسعى إلى تغيير الوضع الميداني بالمنطقة العازلة، وهو ما يعد خرقا سافرا لاتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991، وانتهاكا صارخا للمقررات الأممية ذات الصلة بقضية الصحراء المغربية، كما هاجموا الجزائر، وانتقدوا مضمون التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الناطق الرسمي باسم الأمم المتحدة بخصوص منطقتي بئر لحلو وتيفاريتي باعتبارهما -حسب زعمه- منطقتان خارج المنطقة العازلة، وهو ما يعتبر متناقضا مع الوضع بالمنطقة)).
هذا من حيث الشكل، أما من حيث المضمون، فقد فسح حزب الأصالة والمعاصرة المجال أمام أعضائه، ليتدخلوا بمواقف تصب في اتجاه البوليساريو، مثل ذلك الشاب الذي قال ((إن الجمهورية الصحراوية، حقيقة وليست وهما، ولو لم تكن كذلك لما استمرت 40 سنة)) حسب قوله، قبل أن يثني نفس المتدخل على تحركات أعضاء الجبهة الذين يشتغلون بـ “عصامية” بخلاف الدبلوماسيين المغاربة الذين يتقاضون الأجور بالأورو ولا يفعلون شيئا سوى جلب الهزائم، حسب قوله(..).
إن أول ضربة لـ “دورة القضية الوطنية”، تكمن في النقاش الدائر داخل الحزب، بل إن بعض التدخلات، أساءت للقضية الوطنية(..) في “دورة القضية الوطنية”، علما أن الحزب، الذي يقول أمينه العام، أنه يساند “تقرير المصير”، هو عضو في “لجنة الدفاع عن الحكم الذاتي”، وهي تحالف “وهمي” كان يجمع بين حزب الأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، وهو تحالف المعارضة باسم القضية الوطنية في عهد بن كيران، لكن أكبر دليل على سوء نية هذا التحالف(..)، هو عدم تنظيم أي نشاط أو تحرك، باستثناء الإعلان عن ميلاده(..).
إنه نفس الوهم الذي يجعل إدريس لشكر يطير إلى العيون ليوقع على “نداء العيون” باعتباره كاتبا أول لحزب الاتحاد الاشتراكي، بينما هو في الواقع، يتبنى أنشطة شبيبته الحزبية التي تحضر كل سنة لمؤتمر الأممية الاشتراكية، من أجل التصويت لصالح البوليساريو(..)، فعلى من تضحك قيادات الأحزاب المغربية؟