تحليل إخباري | الأسئلة العالقة في قضية سقوط المليارديرة المغربية هند العشابي في مواجهة سفير كويتي
20 أبريل، 2018
0 5 دقائق
إعداد: سعيد الريحاني
في شهر ماي 2017، تهافتت وسائل الإعلام الوطنية والدولية على نشر الحكم الصادر بسجن سيدة الأعمال المغربية، المليارديرة هند العشابي، على خلفية دعوى قضائية كان قد رفعها ضدها زوجها السابق، سفير الكويت بالنمسا، متهما إياها بإقامة علاقة مع رجل مغربي مقيم بالدار البيضاء يدعى محسن كريم بناني.
الخبر انتشر كالنار في الهشيم، عن امرأة تزوجت رجلين في وقت واحد(..)، لا سيما في وسائل الإعلام الخليجية(..)، التي أكدت أيضا، ((أن الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بالرباط، قضت بخفض العقوبة من ثلاث سنوات إلى سنتين سجنا بعد أن حكمت المحكمة عليها بثلاث سنوات خلال المرحلة الابتدائية، فيما حكمت على زوجها كريم بناني، بتخفيض العقوبة في حقه من ثلاث سنوات سجنا إلى سبعة أشهر. غادر على إثر الحكم زنزانته بالسجن المدني بسلا بعدما تجاوزت فترة الاعتقال الاحتياطي في حقه العقوبة المنطوق بها)).
وقد كان من الطبيعي، نظرا للحجم المالي والاقتصادي للأسماء المذكورة، أن تحظى القضية بمتابعة إعلامية واسعة(..)، فمن تكون هند العشابي التي تستعد لمغادرة السجن؟ وما قصتها مع السفير الكويتي، صادق المعرفي؟ ومادمنا نتحدث عن علاقة زواج، ما علاقة السفارة الكويتية في الرباط بالأمر؟ وما دخلها في دعوى من هذا النوع لتنتصب بصفتها طرفا مدنيا، علما أن الزوج طالب خلال أطوار المحاكمة، بتعويض قدره 200 ألف دولار(..)؟
((كان السفير الكويتي، قد اتهم العشابي وبناني (الذي غادر السجن ولم يظهر له أثر بعدها) بالخيانة الزوجية في حقه، بعد أن قدم وثائق تثبت زواجه من سيدة الأعمال المغربية، وأوضح أنها تقيم معه في فيينا، وبعد شكه في أن زوجته حامل من شريكها الثاني، قام بكشف جيني تبين له أنه ليس الأب البيولوجي للطفلة الثانية)).. هكذا لخصت وسائل الإعلام التهمة الموجهة لهند العشابي، غير أن كثيرا من الإعلاميين، لم تتح لهم فرصة متابعة أطوار المحاكمة من الداخل بسبب صمت السفارة الكويتية ورفضها التعليق عن الموضوع، وكذا لتغيير المحامين المتابعين للقضية(..).
“الأسبوع”، تمكنت من الحصول على إحدى المرافعات التي تتضمن بعض خيوط القضية، وهي المرافعة الموقعة باسم الأستاذ محمد الحسيني كروط، المحامي بهيئة الرباط المقبول من طرف محكمة النقض، هذا الأخير، قال للمحكمة، بأن العارضة (هند العشابي)، سيدة أعمال ناجحة على مستوى التجارة، حيث أن لها عدة مشاريع على عدة مستويات، ولها عدة شراكات، لاسيما شركة “داليا” للطيران، وفي هذا الإطار، كانت لها عدة علاقات مع عدة دول، وكانت دائمة التنقل ولها عدة أماكن سكنى في بقاع العالم، وسبق لها أن تزوجت من “آل سعد” الذي أنجبت منه الابن “صادق” خلال سنة 2007، حيث كان صادق المعرفي المشتكي (السفير الكويتي) حاضرا في الولادة باعتباره صديق العائلة، ونظرا للصداقة المتينة التي كانت تجمعه مع العائلة، تمت تسمية الابن صادق باسمه، (هذا الأخير ظهر على موقع اليوتوب وهو يناشد الملك قصد التدخل في قضية والدته)، غير أن العشابي طلقت من زوجها، ليبقى الرابط بينها وبين السفير الكويتي، هو علاقة الصداقة التي تحولت فيما بعد إلى علاقة زواج.
((إن العارضة، وبحكم علاقتها مع مسؤولي دولة الكويت، رجالا ونساءا، كانت تتنقل هناك، وبعد مدة من الزمن، ونظرا لارتباط ابنها بالمشتكي (السفير الكويتي)، الذي عوض الابن نقصان حنان أبيه، وبإلحاح من المشتكي، أبرمت معه عقد زواج، حيث تمكن من إقناعها للمجيء ساعتين إلى الكويت حيث علاقاته هناك قوية، وانتقلت إلى هناك، وفي ظرف ساعتين، تم إبرام عقد زواج ودون حضور وليها ولا إدلائها بالشهادة الطبية ولا علمها بأنه متزوج، ثم غادرت الكويت وبفضلها، تم تعيينه سفيرا (جزئيات لم تناقشها المحكمة)، ولم تكن علاقة الزوجية هي الهدف، لأنه حتى بيت الزوجية لم يكن موجودا..
يضيف المحامي كروط في مذكرته الضخمة(..)، تبين أن هند وصادق، لا يصلحان كزوجين رغم معرفتهما ببعضهما البعض لمدة تزيد عن 17 سنة، وعلى إثر نزاع في اليخت سنة 2014، قام الزوج برمي الطلاق على زوجته بحضور أختها نزهة، وعدد من الأشخاص الذين طلبت العارضة من المحكمة استدعاءهم والاستماع إليهم، إلا أن المحكمة لم تجب عن هذا الطلب(..))).
في هذه الجزئية، يريد المحامي إثارة انتباه المحكمة إلى كون الزواج الذي كان يربط صادق المعرفي وهند العشابي، زواج شيعي، يفسخ بطلاق شفوي(..)، وهو ما يطرح سؤال كيف للمحكمة المغربية، التي تحكم بناء على مقتضيات الفقه المالكي، أن تأخذ بعين الاعتبار، عقد زواج شيعي، حسب التوثيق الجعفري(..)، علما أن محامي هند العشابي، أثار جزئية غريبة، تطرح أكثر من سؤال، منها قوله بأن هند كلفت زوجها آنذاك باتخاذ الإجراءات الخاصة بالطلاق الذي نطق به في دولة الكويت، وهو ما مكنها من وثيقة تفيد الطلاق، هذه الوثيقة سلمها إياها بدولة أمريكا، ووضعتها في الخزانة الحديدية ولم تتمكن من إحضارها لكون الشرطة أغلقت الحدود في وجهها، كما أنها حاولت أن تستصدر إذنا من المحكمة لتوكيل محامي كويتي لإحضار وثيقة الطلاق، وذلك بسبب انعدام أي اتفاقية للتعاون القضائي بين المغرب والكويت، ونظرا لكون قانون المحاماة الكويتي، يستلزم وكالة من الموكل للوكيل، حسب وثائق المرافعة.
نفس الوثائق، تتحدث عن بعض الجزئيات التي لم تتسرب للصحافة، منها قضية اعتقالها في مصحة أثناء الولادة، فهند العشابي كانت حامل وفي فترة الولادة، ويقول محاميها إنها تعرضت للضغط الذي مورس عليها من طرف الشرطة القضائية، في حضورها إلى المصحة وإخراجها والاستماع إليها ومنعها من إرضاع البنت والتنقل معها إلى مراكش، وكل ذلك تم بسرعة قياسية، للاستجابة لطلبات المشتكي (السفير الكويتي)، وهنا يطرح سؤال، لماذا لم يتم تقديم الشكاية إلى وكيل الملك، كما يفعل المغاربة(..)؟
القضية لم تسلط فيها الأضواء بشكل كبير إلا على هند العشابي، ليطرح السؤال، ما محل زوجها كريم بناني رجل الأعمال المغربي، من الإعراب، ولماذا لم يسمع له صوت في القضية؟ وتقول مذكرة المحامي، إن العارضة تعرفت على محسن كريم بناني الذي تزوجها على سنة الله ورسوله، بعد علم وإذن زوجتيه ثم إبرام الزواج بالوكالة في دولة مالي، ثم بعد ذلك، تم تذييله بالصيغة التنفيذية وأنجبت منه العارضة (هند العشابي) بنتين، وبقي الحال على ما هو عليه إلى أن قامت بإلغاء وكالتين كانتا للمشتكي (السفير الكويتي في فيينا)، بتاريخ 29 مارس 2016 واللتين كانتا تعطيان الحق للمشتكي بحق التصرف في حسابين بنكيين بسويسرا(..)، وبعد مرور 5 أيام على الإلغاء، وكرد فعل على ذلك، قام المشتكي بتقديم شكاية بتاريخ 6 أبريل 2016، واستمع إليه أربع مرات، وفي كل مرة يدلي بتصريح مخالف للأول ويضيف وقائع، بل ويتناقض في تصريحاته سواء بالنسبة لآخر معاشرة زوجية أو بالنسبة لتاريخ العلم بزواجها أو بمصدر العلم بزواجها أو في إنكاره لواقعة الطلاق، أو في ادعائه أشياء مستحيلة، كزعمه بوفاة أفراد عائلتها جميعا أو زعمه قيامها بالتهريب(..)، حسب ما قاله محامي هند العشابي، وهي الأقوال التي لم يرد عليها المشتكي صادق المعرفي، وسكتت عنها أيضا سفارة الكويت، مما زاد القضية غموضا.
العشابي إذن، تستعد لمغادرة السجن، لكن الأسئلة العالقة التي رافقت هذه القضية، لازالت ترخي بظلالها على الموضوع ككل، ومنها كيف يمكن البت في ملف دون حضور الطرف المشتكي(..)؟ وكيف يمكن لسفارة بحجم سفارة دولة الكويت، أن تكون طرفا في ملف أساسه علاقة زوجية بين شخصين؟
أحد أوجه “محنة” هند العشابي، يجسده أبناؤها في شخص الطفل صادق، الذي تحدثت عنه عدة مواقع، عندما وجه نداء للملك، حيث قالت وسائل الإعلام: ((بصوت رصين يملؤه الشجن، وملامح بريئة فاقت سنها، تحدث الطفل صادق، الابن الأكبر لهند العشابي، سيدة الأعمال المغربية، القابعة وراء القضبان، في فيديو يطلب من خلاله الملك مساعدة والدته على تجاوز محنتها، والعودة إلى أبنائها)).. وظهر صادق، الطفل الذي لم يتجاوز عمره السنة العاشرة، في فيديو رفقة شقيقتيه من والدته، يصف من خلاله، معاناتهم منذ إلقاء القبض على والدتهم، والحكم عليها في قضيتين، وجههما إليها طليقها السابق، السفير الكويتي في فيينا، صادق صالح المعروفي، وقال صادق الابن في الفيديو المصور: ((إن والدته القابعة في سجن العرجات في مدينة سلا، تعرضت للظلم، بسبب أشخاص أرادوا بها وأطفالها سوءا، ونحن الآن عاجزين أمام ما يحصل، ولا نستطيع القيام بأي شيء من دونها)).. وأضاف الطفل صادق، الذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، في رسالته: ((لا أعرف لماذا فعلوا بأمي كل هذا وأبعدوها عن أطفالها، أنا وأختاي، الأولى، التي تبلغ من العمر سنتين، والثانية سنة واحدة)).. وبنبرة الصوت الحزينة التي تقطعها حركات الأخ الأكبر وشقيقتيه، قال: ((علمتني أمي الافتخار بانتمائي للمملكة المغربية، وربتني على التسامح الإسلامي، والثقة في أبناء هذا البلد)).. هكذا تحدث صادق في قضية يتداخل فيها صراع النفوذ، مع الصراع الشخصي (المصدر: موقع “اليوم 24”. 24 يوليوز 2017).