تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | خطة بن كيران لإسقاط الحكومة وإعادة الانتخابات

من هم الوزراء الذين يزودون بن كيران بأسرار اجتماعات المجلس الوزاري والمجلس الحكومي؟

إعداد: سعيد الريحاني

لا تقاعد سياسي ولا هم يحزنون، فقد سرق رئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران، الأضواء من رئيس الحكومة الحالي سعد الدين العثماني، الذي لا طعم ولا لون له(..)، وذلك إثر تناوله الكلمة خلال انعقاد الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني السادس لشبيبة حزب العدالة والتنمية، نهاية الأسبوع المنصرم بالرباط، رغم أن العثماني حاول استمالة الجمهور الحاضر من خلال الحديث عن “محاولة الإضرار بموقع الحزب وبموقع حليفه حزب التقدم والاشتراكية”، إلا أن وقع كلمات بن كيران، كان أقوى، حيث اختار الحديث بلغة مباشرة.

في ذات اللقاء، قال بن كيران حرفيا (حسب ما نقلته الصحافة): ((إن حزب العدالة والتنمية مستعد لحل نفسه، ولكن إيلا سيدنا هو اللي قال هاذ الكلام، ماشي شي حد آخر، لأن هاذوك اللي دايرين بيه غادي نقول ليهم، براكة من البسالة، راهم عيقو علينا))، فماذا يقصد بن كيران بهذا الكلام.

“اللي دايرين بالملك” هم مستشاروه، ولاشك أن كلام بن كيران ليس موجها لياسر الزناكي أو أندري أزولاي.. بل إن كلامه موجه لفؤاد علي الهمة تحديدا، باعتباره المستشار المكلف بالشؤون السياسية، والذي ساهم في إنجاح تعديل الحكومة التي قادها بن كيران سابقا، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو كيف تم إعطاء الكلمة لبن كيران في مؤتمر شبيبة حزب العدالة والتنمية وهو لا يتوفر على صفة تنظيمية، بل إن منظمي المؤتمر، حرصوا على الاحتفاء ببن كيران ورفعوا لافتة كتبوا عليها “بن كيران ديال المغاربة كاملين”، ورددوا شعار “الشعب يريد عودة بن كيران” ليرد هذا الأخير بأن بن كيران “سيعود إذا أراده الشعب ولو كان في القبر”.

لم يكتف رئيس الحكومة السابق، المعفي من مهمته بظهير بعد “إفشال” مهمته في تشكيل الحكومة رغم فوزه بالانتخابات(..) بالهجوم على مستشاري الملك، بل إنه خصص حيزا مهما من مداخلته لمهاجمة عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، حيث قال ((إن زواج المال والسلطة، خطر على الدولة))، وتهكم على التوقعات التي تفترض فوز حزب الأحرار بالرتبة الأولى في انتخابات 2021، بقوله: ((شكون الشوافة اللي قالت ليه (المقصود أخنوش) بأنه سيفوز في الانتخابات)).

كلام بن كيران يبدو منطقيا، لو أن حزب العدالة والتنمية كان في المعارضة، لكن أن يكون هذا الكلام صادرا عن عضو في حزب رئيس الحكومة التي تضم حزب التجمع الوطني للأحرار، فالأمر لا يخرج عن أحد أمرين، أولهما، ينبغي التصديق بأن هناك خصومة بين بن كيران والعثماني، وهو ما يتنافى مع مبادئ الحركات الدينية(..)، أو أننا إزاء تقاسم أدوار بين رئيس الحكومة الحالي ورئيس الحكومة السابق، لتدبير المرحلة، بشكل يجنب الحزب الإحراج مع توجهات الدولة، ويضمن لها الاستمرار في نيل رضى الشارع من خلال الإيحاء بإمكانية عودة بن كيران في أية لحظة.

يقول مصدر مطلع على الشأن الداخلي لحزب العدالة والتنمية، أن احتمال وجود خلاف بين العثماني وبن كيران، يبقى ضئيلا، طالما أن العثماني يحظى بعطف بن كيران المتحكم في التنظيم، فلو لم يكن بن كيران لما نجح العثماني في الوصول إلى الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، بل إن كلماته هي التي ساهمت في نجاح المؤتمر، كما أن بن كيران هو الذي دافع عن التوجه “الإيجابي” في التعاطي مع القرار الملكي بإعفائه من رئاسة الحكومة بناء على المقتضيات الدستورية، فلو أراد بن كيران، لكان قد اختار المعارضة، عندها لن يكون هناك شخص اسمه العثماني في رئاسة الحكومة أو الأمانة العامة، حسب نفس المصدر.

لا ينفي مصدر “الأسبوع” وجود تمرد داخل حزب العدالة والتنمية من طرف بعض القياديين ضد بن كيران، لكن يعتبر أن قوتهم لا تكفي لمواجهة “رجل التنظيم” بن كيران، القادر على جمع المجلس الوطني والدعوة لمؤتمر وطني استثنائي وإسقاط الأمانة العامة(..)، فبالإضافة لكون أغلبية أعضاء المجلس الوطني محسوبين على بن كيران، وهو ما أدى إلى انتخاب صديقه الأزمي رئيسا لهذا المجلس، فقد أسدل الستار عن انتخاب مقرب من الأمين العام السابق، رئيسا لشبيبة العدالة والتنمية، ما يعني أنه يملك أغلبية أيضا داخل الشبيبة.

المحامي الشاب محمد أمكزاز، الكاتب الوطني الجديد لشبيبة حزب العدالة والتنمية، محسوب على بن كيران، وقد حاول أعضاء من الأمانة العامة التخلص منه، باستعمال القانون الداخلي الذي يمنح للأمانة العامة، حق اختيار شخص آخر، ولكن حصوله على أزيد من 80 في المائة من الأصوات، جعل مهمة إبعاده صعبة، وتهديد مباشر لمستقبل الحزب.

بصيغة أخرى، يملك عبد الإله بن كيران 80 في المائة من أصوات أعضاء شبيبة حزب العدالة والتنمية، ونسبة مشابهة من أعضاء المجلس الوطني، ونسبة أخرى تنقص وتزيد حسب الحالات فيما يتعلق بالفريق البرلماني للحزب، وقد لاحظ المتتبعون كيف أن الفريق البرلماني، تمرد على توجهات وزير الدولة في الحكومة، مصطفى الرميد، رغم أنه ينتمي للحزب “الأغلبي”، ((فقد اندلعت بين الحكومة وأغلبيتها في البرلمان، أزمة غير مسبوقة، عندما صوت برلمانيون من العدالة والتنمية وفرق الأغلبية الأخرى، ضد إرادة الحكومة في لجنة العدل والتشريع، بشأن التعديلات على مشروع قانون المجلس الوطني لحقوق الإنسان.. الأغلبية تحالفت مع المعارضة ضد الوزير مصطفى الرميد، ما جعل هذا الأخير يهدد بطرح مسألة الثقة في الحكومة أمام البرلمان لربط استمرار الحكومة في مهامها بتصويت المجلس على المشروع قائلا: “لو كان الأمر بيدي لطرحت مسألة الثقة وحينها سنرى موقفكم”، متسائلا: “هل لهذه الحكومة أغلبية في البرلمان؟”)) (المصدر موقع الزنقة 20/ نقلا عن أخبار اليوم).

أي أغلبية هاته؟ وأي حكومة هاته؟ ما معنى أن يصوت نواب العدالة والتنمية ضد حكومتهم؟ وما معنى أن يتحالف العثماني مع أخنوش، ثم يتم إعطاء الكلمة لبن كيران كي يهاجم أخنوش؟ هل حقا عندما يتحدث بن كيران، يعبر عن طبيعته الشخصية، أم أنه حصل على الضوء الأخضر من الجهات التي أزعجها صعود أخنوش، والسيناريو الأقرب إلى التحقيق في هذه الحالة، هو سقوط الحكومة، بعد سحب الثقة من العثماني داخل الحزب(..)؟

هكذا إذن، قرر بن كيران العودة لحلبة الصراع السياسي، من بوابة الشبيبة، ولديه طاقم كامل من الوزراء والأتباع الذين يزودونه بالمعلومات، عن كل صغيرة وكبيرة، سواء داخل المجلس الحكومي أو المجلس الوزاري، أو داخل مفاصل حزب العدالة والتنمية، وها هي وسائل الإعلام تعلق على المشهد بأن أنصار بن كيران، لم يستوعبوا إبعاده بعد، إذ ((لم يستوعب أنصار الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بن كيران، رحيله من رئاسة الحزب، وهو ما عكسته الشعارات التي رفعوها خلال أعمال الجلسة العامة للمؤتمر الوطني السادس لشبيبة الحزب التي انعقدت يومي السبت والأحد بالعاصمة المغربية الرباط.. ورفعت شبيبة الحزب شعارات تمجد الأمين العام السابق على غرار “بن كيران يا رفيق.. ما زلنا على الطريق” و”الشعب يريد بن كيران من جديد”، وهو ما أحرج الأمين العام الحالي للحزب سعد الدين العثماني، ويعكس تعمق الانقسامات داخل الحزب، ورحب بن كيران بتلك الشعارات قائلا: “إذا كان الشعب يريد بن كيران من جديد، فإنه سيرجع ولو كان في قبره”)) (المصدر: جريدة العرب الدولية).

إن وضعية الحكومة الحالية، لا تبشر باستمرارها لمدة طويلة، نتيجة الخلافات المصطنعة(..)، ((فقد عصفت خلافات إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وسعد الدين العثماني، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، باجتماع قادة أحزاب الأغلبية يوم الخميس الماضي، خاصة بعدما شهد الاجتماع ما قبل الماضي، مشاداة كلامية بلغت حد الصراخ بين العثماني ولشكر، الذي احتج بقوة على موقف فريق العدالة والتنمية من إصلاح صندوق تقاعد البرلمانيين، وتقديم مقترح يقضي بإعدام هذا الصندوق نهائيا.. وقد بلغت احتجاجات الكاتب الأول للاتحاد الإشتراكي على سعد الدين العثماني، مستوى، جعل مصطفى الرميد ينسحب من الاجتماع محتجا..)) (المصدر: الأحداث المغربية عدد 16 يناير 2018).

هذا هو حال الأغلبية والحكومة، وقد لاحظ المتتبعون إلمام بن كيران بكل صغيرة وكبيرة سواء داخل المجلس الحكومي أو المجلس الوزاري أو اجتماعات الأغلبية، ليطرح السؤال عن سبب تزويد بن كيران بهذه المعلومات، ولأية غاية، إذا لم يكن الأمر يتعلق بمخطط لإسقاط الحكومة الحالية، واستعادة المبادرة الشعبية، طالما أن إجراء انتخابات سابقة لأوانها لن يساهم إلا في إفراز فوز جديد لحزب العدالة، إذا أعطيت الكلمة لبن كيران(..).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى