تحليلات أسبوعية

هل يؤسس الملك لجنة عليا لمكافحة الفساد على غرار السعودية؟ 

 نتائج الاستهانة بالنظام الملكي.. اعتقالات لا تفرق بين الأمير والوزير

اعداد: سعيد الريحاني

أياما فقط بعد الزلزال السياسي الذي أطلقه الملك محمد السادس، بإعفاء 4 وزراء من حكومة سعد الدين العثماني، وبينما تتواصل التحقيقات، مما ينذر بمفاجآت أخرى(..)، أطلقت سلطات المملكة العربية السعودية، التي تعتبر أقوى دولة ملكية في الخليج، وربما سيتبعها المغرب(..)، ليلة السبت الماضي، أكبر عملية “تطهيرية” وحملة اعتقالات شملت 11 أميرا وأربعة وزراء، والعشرات من الوزراء السابقين.. ليطرح السؤال كيف استطاعت السعودية، أن تجمع كل هذه المجموعة دفعة واحدة، دون الحاجة إلى إصدار أية مذكرات دولية في حق المعتقلين؟ بل إن السؤال الذي يطرح نفسه، كيف اجتمع كل هؤلاء دفعة واحدة وفي ليلة واحدة بالرياض، ليتم إلقاء القبض عليهم مجتمعين، في نفس الليلة، وفي نفس “الكمين”؟ حيث تم إلقاء القبض على أشخاص يتحكمون في ملايير الدولارات منهم الأمير الوليد بن طلال، البالغة قيمة ثروته، أزيد من 20 مليار دولار، وهو الأمير الذي أتاح له نفوذه الزواج بـ 8 أميرات طلقهن كلهن، وسبحان مبدل الأحوال، وقد كان الوليد، عضوا نافذا في العائلة الملكية، فهو ابن أخ الملك سلمان وابن عم ولي العهد الحالي، ولم تقف لائحة الاعتقالات عنده، بل إن الصحف العالمية تناقلت أسماء باقي الأمراء والشخصيات التي تم اعتقالها، ويتعلق الأمر باثنين من أبناء العاهل السعودي الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهما الأمير متعب وزير الحرس الوطني، والأمير تركي أمير منطقة الرياض، كما اعتقل أيضا بحسب المصدر ذاته، الأمير تركي بن ناصر، الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة السابق، والأمير فهد بن عبد الله بن محمد، نائب وزير الدفاع السابق.

تتمة المقال تحت الإعلان

أغلب التخمينات حسب مصادر إعلامية، تقول بأن الموقوفين، تلقوا دعوة “وهمية” مفادها أن الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، يريدان الاجتماع بهم في لقاء عمل، ليجتمعوا كلهم في فندق كبير وسط الرياض، اسمه “ريتز كارلتون”، وبعدها صدرت الأوامر الصارمة بمنع أي طائرة خاصة من التحليق، لكن صورة الكمين، لن تتضح بجلاء إلا بعد قطع الاتصالات عن الفندق، ومحاصرته بقوة خاصة من الحرس الأميري.

الموقوفون، وهم زبناء من الدرجة الأولى (first class)، قرؤوا الإعلان التالي الممهد لاعتقالهم ولكنهم اعتقدوا أن ذلك يدخل في إطار إجراءات الترحيب، ويقول الإعلان الذي نشرته إدارة الفندق: ((نظرا لظروف خارجة عن إرادتنا، نود إحاطتكم، أنه يتعين علينا الموافقة على طلب من الجهات العليا، بأن يكون آخر موعد للمغادرة، الليلة 11 مساء، ولن يتم تمديد أي طلبات للبقاء بسبب إجراءات أمنية مشددة)).. هكذا إذن تم إخلاء الفندق الذي حصل أغلب مستخدميه على عطلة استثنائية دون أن يشك أحد في الأمر.

الصحف العالمية ومنها “الدايلي ميل”، تناقلت صورة الأمراء وهم يفترشون الأرض بشكل مهين بعد أن حصلت على صورة من داخل فندق “ريتز كارلتون” بالرياض، وكتبت عنهم بأنهم: “نائمون على الأرض في سجنهم الفاخر”.. وقالت الصحيفة البريطانية: إنها ((حصلت على صورة لهؤلاء الرجال في فندق ريتز كارلتون بالرياض، نائمون على مراتب على الأرض، داخل واحدة من الغرف التي تتميز بالفخامة والرقي، وأضافت الصحيفة أن صورة الأمراء وهم نائمين على المراتب في إحدى الغرف الخاصة بالفندق، توضح كيف وصل بهم الحال؟ وكيف أصبح وضعهم الحالي؟ فهي تشير إلى أن مكان نومهم، بعيد كل البعد عن أي مظهر من الفخامة أو الرفاهية، وتابعت أن من بين المفارقات أن هذه الغرفة كانت قد استضافت الشهر الماضي، مؤتمر الاستثمار، الذي تجمع فيه العديد من قادة الأعمال من بينهم بعض المعتقلين الحاليين، كما تمت أيضا، استضافة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في هذا الفندق، عندما زار المملكة في أول رحلة خارجية له في وقت سابق من هذا العام، حيث التقى بولي العهد السعودي محمد بن سلمان)) (المصدر: هوف بوست عربي).

تتمة المقال تحت الإعلان

مع اعتقال هذا العدد الكبير من الأمراء في السعودية، يطرح سؤال حول ما إذا كان الأمر يتعلق بخلاف سياسي داخل العائلة الملكية، بينما الواقع، أن الأمور لم تعد تسير على ما يرام منذ إصدار الملك سلمان أمرا بإعفاء ولي عهده السابق، محمد بن نايف من منصب ولي عهد البلاد ومن منصب رئيس مجلس الوزراء ومنصب وزير الداخلية، ليحل محله الأمير محمد بن سلمان، هذا الأخير، وإن كان قد حصل على أغلبية أصوات هيئة البيعة، إلا أن ثلاثة أعضاء على الأقل، لم يكونوا موافقين على مبايعته(..)، وهو ما يدفع البعض إلى الاعتقاد بأن حملة الاعتقالات والتغييرات في هرم السلطة، تروم بسط طريق آمن لولي العهد من أجل الجلوس على العرش، بل إن هناك من يتوقع تنازل الملك سلمان عن العرش قريبا لولي عهده بعد أن تهدأ الأمور، حيث سيستفيد الملك المقبل، من دعم الشباب المتطلع إلى محاربة الفساد(..)، غير أن هذه الخطوة تصطدم برفض عدد من أفراد الأسرة الحاكمة، الذين اعترضوا على عزل ولي العهد السابق، الأمير محمد بن نايف، وتضم اللائحة المسربة للرافضين الذين تم اعتقال بعضهم في ما بعد، كل من الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز، والأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز، والأمير تركي الفيصل، والوليد بن طلال بن عبد العزيز، وعبد العزيز بن سعود بن نايف، ومحمد بن نواف بن عبد العزيز.. وأمراء آخرين (انظر صورة الوثيقة رفقته).

جدير بالذكر أن حملة الاعتقالات، أشرف عليها ولي العهد، محمد بن سلمان شخصيا، من خلال رئاسته للجنة مكافحة الفساد التي تشكلت في نفس اليوم (السبت) بأمر من الملك سلمان، لتلقي القبض على أمراء ووزراء في نفس الليلة، مما يعني أن تشكيلها كان مجرد إجراء شكلي، وكانت الاعتقالات قد امتدت أيضا لتطال عددا كبيرا من الوزراء، أبرزهم إبراهيم العساف، وزير الدولة الحالي ووزير المالية السابق، بالإضافة إلى وزراء سابقين، منهم عادل فقيه وزير الاقتصاد والتخطيط، عبد الله السلطان قائد القوات البحرية، وخالد التويجري رئيس الديوان الملكي السابق، ومحمد الطبيشي رئيس المراسيم الملكية في الديوان الملكي السعودي سابقا، وعمرو الدباغ محافظ هيئة الاستثمار السابق، وسعود الدويش الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة الاتصالات السعودية، حسب مصادر إعلامية.

الزلزال السعودي الذي امتد إلى الخارج عبر إرغام سعد الحريري على الاستقالة من رئاسة الوزراء اللبنانيين، هو نسخة مزيدة ومنقحة من الزلزال الملكي المغربي، بل كان من نتائجه، اعتقال عدد كبير من رجال الأعمال الحاملين للجنسية السعودية، أبرزهم  صالح كامل، والوليد الإبراهيم، مالك مجموعة “MBC”، وخالد الملحم، المدير العام لشركة الخطوط الجوية السعودية السابق، وبكر بن لاذن رئيس مجموعة بن لاذن، ورجل الأعمال محمد العامودي، هذا الأخير ربما جاءته الضربة الكبرى من المغرب، بعد أن تسبب في إفلاس محطة “لاسامير” لتكرير البترول، مما جعلها في وضعية التصفية القضائية، وكان العامودي هذا، قد طلب تدخل الملك سلمان في مواجهة المغرب الذي يطالبه بدفع 4.3 مليار دولار، ولكن الملك سلمان رفض التدخل، بل إنه رفض استقبال العامودي عندما كان يقضي عطلته هنا في المغرب خلال فصل الصيف، ومن يدري، ربما كان الملك سلمان وولي عهده، قد رتبا كل أمور “الزلزال الملكي السعودي” هنا في المغرب انطلاقا من طنجة(..).

تتمة المقال تحت الإعلان

وها هو الملك محمد السادس، بعد تدشينه للزلزال المغربي، سيسافر إلى “طرفي النقيض” في الخليج العربي، فقد ((غادر الملك محمد السادس، مرفوقا بالأمير مولاي إسماعيل، مطار الرباط سلا، مساء يوم الإثنين (أي يوما واحدا بعد الزلزال السعودي) متوجها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وفق ما ذكره بلاغ وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، والذي أشار إلى أن الملك محمد السادس سيقوم أيضا بزيارة رسمية لدولة قطر ابتداء من يوم الأحد المقبل)).. وهنا يطرح سؤال عن الدور الذي يمكن أن يلعبه الملك المغربي (أول المهنئين لتولي محمد بن سلمان لولاية العهد) في الخليج العربي، الذي دخل في أزمة غير مسبوقة منذ أن قطعت البحرين والسعودية والإمارات ومصر علاقاتها مع قطر، ومن يدري، ربما يستلهم العاهل المغربي فكرة “الزلزال السعودي” لتنفيذها في المغرب، طالما أن “خصوم الملكية” يوجدون في المغرب كما يوجدون في السعودية؟

إن الاعتقالات التي شهدتها المملكة العربية السعودية، وإن كانت توحي بترتيب البيت الداخلي، إلى أن بعض المحللين، يدرجون ذلك، ضمن صراع إقليمي ضخم فـ ((منطقتنا تقف على حافة الحرب، ويجب علينا ألا ننشغل بالتفاصيل الصغيرة، مثل استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية، أو اعتقال الأُمراء والوزراء السابقين، عن التطورات الحقيقية التي تجري في الخفاء، والمرحلة التالية التي ستتبع عملية “التطهير” التي يقوم بها الأمير محمد بن سلمان في الجبهة الداخلية السعودية، وهي الأخطر، لأن عمليات “التطهير” هذه، ما هي إلا مقدمة لسيناريوهات حرب إقليمية قد تكون الأخطر في تاريخ المنطقة، ونعني ما نقول.. كل ما يجري حاليا، يتم في إطار مخطط مدروس ومحبوك بعناية، ومقدمة لحرب طائفية بغلاف “قومي عربي”، والهدف الأساسي، هو القوة الإيرانية “الشيعية” الصاعدة، وقصقصة أذرعها الضاربة في اليمن ولبنان والعراق، وبدعمٍ أمريكي وإقليمي وإسرائيلي.. السعودية القديمة انتهت، والوهابية في النزع الأخير، إن لم تكن قد جرى دفنها في أُمهات الكتب والمراجع كلحظة تاريخية، والدولة السعودية الرابعة، بثوب عصري جديد، وتحالفات جديدة، تطل برأسها عندما يعلن الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، ورجل المرحلة الذي يريد أن يكون مؤسسها، “أن إمداد إيران فصائل اليمن بالصواريخ، يشكل عدوانا عسكريا مباشرا قد يرقى إلى عمل من أعمال الحرب”، وذلك في مكالمة هاتفيّة مع بوريس جونسون، وزير خارجية بريطانيا، ويجد دعما ومساندة من البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية)، ونيكي هيلي، مندوبة الولايات المتحدة في المنظمة الأممية، فإن هذا يعني أن تحالفا يتبلور في المنطقة بقيادة أمريكية)) (المصدر: تعليق الصحافي عبد الباري عطوان).

 

تتمة المقال تحت الإعلان

 

 

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى