اللجنة المنظمة لا تعترف بمغربية الصحراء ورئيس لجنة الخارجية يخلط بين أختام الدولة ومقاطعة أكدال
6 فبراير، 2016
0 5 دقائق
المنقلبون على الهمة يقولون: فؤاد ظاهرة إعلامية فقط وزوجة العماري هي صاحبة مشروع الأصالة والمعاصرة
إعداد: سعيد الريحاني
بغض النظر عن حكاية الأحزاب الإدارية أو الأحزاب المناضلة، وبغض النظر عن تصنيف الأحزاب إلى أحزاب جادة وأخرى غير جادة، فإن أسرع عملية انتخاب أمين عام لحزب سياسي هي تلك التي شهدتها بوزنيقة مساء يوم الأحد الماضي، والتي توجت بـ “تنصيب إلياس العماري أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة”.
وسط قاعة مكتظة عن آخرها، لا يمكن التمييز فيها بين المؤتمرين وغيرهم، قالت فاطمة الزهراء المنصوري، من خلال مكبر الصوت، من سيصوت على إلياس العماري؟ فهتف البرلماني الشاب المهدي بنسعيد ورئيس لجنة الخارجية والدفاع بمجلس النواب: إلياس إلياس، ليتبعه الباقون، فقالت فاطمة الزهراء المنصوري: “لقد أصبح إلياس العماري أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة”.
“البرلماني المهدي بنسعيد كان قد تلقى إشارة من جهة ما(..)”، وواحد من “الشاردين” هو محمد الشيخ بيد الله رئيس مجلس المستشارين، “استغرب في تصريح مقتضب لوسائل الإعلام، كثرة حديث الإعلاميين عن إلياس العماري، كأمين عام للحزب، معتبرا أن ما يدور داخل كواليس مجلس البام هو الحفاظ على القيادة نفسها، أي مصطفى الباكوري، الشيخ بيد الله كان يتكلم بثقة كبيرة سرعان ما بدت أنها سداجة لا أقل ولا أكثر، فإلياس هو الأمين العام، هكذا دون انتخاب، بل رجل محمول على الأكتاف تحت وابل من أضواء الكاميرات، بدت معها كلمات بيد الله حول المقاربة التشاركية مجرد كلام في كلام..” (المصدر: جريدة الأحداث المغربية عدد 26 يناير 2016).
وكانت اللجنة المنظمة، قد رسمت مسارا وصف بالأنيق لمسار المؤتمر، غير أنها أهملت بعض الجزئيات التي قد لا تغتفر في نظر البعض، منها الغياب التام لصناديق التصويت على المرشحين، بل إن سير الأشغال كان يوحي بأن العملية لن تحتاج إلى تصويت، كما أن الأناقة التي ظهرت بها بعض أجنحة المؤتمر لم تكن عامة، فبخلاف بعض القاعات المخصصة للنقاش كقاعة الراحل إدريس بنزكري، أو قاعة الراحلة ليلى علوي المخصصة للإعلاميين، والقاعة الكبرى والمراحيض المتنقلة.. لم يكن شكل المطبخ المخصص لإطعام أزيد من 4000 مشارك مبعثا للثقة، من حيث طريقة تحضير الأكل بشكل بدائي، ومن خلال طريقة توزيعه على الصحون، و”البانويات” (أنظر الصور التي تنفرد “الأسبوع” بنشرها)، وقد خصص لعملية إطعام الحاضرين جيش أسود (نسبة إلى لون اللباس في الصورة رفقته) من النادلين.
شكل المطبخ الداخلي كان بدائيا(..) والمنظمين مع ذلك وفروا الأكل للجميع، طيلة ثلاثة أيام، مرت بسلام.. ولكن التوافق حول شخص إلياس العماري كأمين عام وواحد من “هبش”، حسب وصفه من لدن بعض الصحفيين الذي قالوا إن مصدر معلوماتهم، مصدر قريب في دائرة الدولة(..)، أعاد طرح السؤال حول مذهب الحزب، ليجيب العماري: “نحن نتموقع في يسار الوسط”، وهو الموقع الذي لا يستطيع أحد تحديد مكانه بالضبط في الخريطة السياسية، وتبقى أقوى تصريحات إلياس العماري، هي التي قال فيها، إن حزبه جاء “ليساهم في مواجهة الإسلاميين، دفاعا عن المسلمين”، وقوله بأن: “المغرب بلد مسلم، ونحن ندافع عن الدين، وليس الفكر الديني، وسبق لنا أن حذرنا من خوصصة المشترك، وأكدنا أن عدم الفصل بين السياسة والدين سيؤدي إلى أمور سيئة..”.
كيف يمكن لإلياس العماري أن يحارب الإسلاميين؟ ألا ينطوي هذا التصريح على خطورة كبيرة؟ كيف يمكن القضاء على خصم سياسي موجود في الساحة بكل سهولة، بينما الواقع يؤكد أن الدول التي دخلت أطرافها السياسية في مواجهة مباشرة بين الإسلاميين وخصومهم هي نفسها الدول التي تشهد اليوم عدم الاستقرار.. ثم ما معنى أن يقول إلياس إنه سيساهم في الدفاع عن المسلمين، أليست حماية المؤمنين اختصاصا ملكيا، منبعه إمارة المؤمنين، كما هو موضح دستوريا، حيث يقول الفصل 41 من الدستور، إن الملك هو: “أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية”.
طيلة المؤتمر، لم يكن هناك أي حديث على الإطلاق عن المؤسس فؤاد علي الهمة، بل إن مقربين من إلياس العماري ومتعاطفين معه، كانوا يرددون بأن الهمة “مجرد صناعة إعلامية تكتب عنه الصحافة وبأن محرك مشروع الأصالة والمعاصرة كان هو إلياس العماري”، يقول مصدر “الأسبوع” المقرب من إلياس العماري، إن الهمة كان ظاهرة إعلامية فقط، وبأن تسمية حزب الأصالة والمعاصرة، وهذا ما لا يعرفه كثيرون، تقف وراءها زوجة إلياس العماري، وهي التي اختارت الاسم، بعد جدل كبير حول ذلك في بداية مشروع الحزب”.
وبخلاف زوجة بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية والتي ظهرت معه في أكثر من لقاء، فإن الصحافة الوطنية نادرا ما تتحدث عن زوجة إلياس العماري، فمن المرات القليلة التي تحدثت عنها المواقع كانت في مهرجان التضامن مع الصحفي علي أنوزلا، “المهرجان عرف أيضا حضور زوجة القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، إلياس العماري، والذي أثيرت أخبار في الساحة الإعلامية حول تدخله في ملف أنوزلا، بعد تولي المحامي حسن السملالي لملفه، وانسحاب هيأة الدفاع التي كانت مشكلة من أربعة محامين، على إثر ذلك، “تفاديا للتشويش على الملف”، حسب البيان الصادر عنهم، ولا يعرف ما إن كان حضور زوجة العماري تأكيدا لـ “تدخل” نائب الأمين العام للـ”PAM” في قضية أنوزلا، أم بصفتها نائبة أولى لرئيس منظمة العفو الدولية “أمنستي”، فرع المغرب” (هسبريس: الثلاثاء 29 أكتوبر 2013).
وبالتزامن مع المؤتمر، تداول بعض المؤتمرين فيما بين رسالة خاصة على هواتفهم النقالة بواسطة “الواتساب”، الرسالة عبارة عن وثيقة موقعة باسم “المستشار في جماعة أكدال الرياض”، المهدي بنسعيد، هذا الأخير كان قد استعمل الخاتم الخاص بمجلس النواب، واستغل صفته كرئيس لجنة الخارجية والدفاع، ليوقع به مراسلة موجهة إلى رئيس مجلس مقاطعة أكدال الرياض، يتحدث فيها عن اتصالات المغرب وبنك المغرب، ويتحدث عن شركات خاصة، مثل الشركة الفرنسية “بول” التي قال إن الجماعة لم توفر لها رصيفا خاصا بالسيارات في مجمع الرياض، بالإضافة إلى الحديث عن الحفر والأزبال.. ما علاقة خاتم رئاسة لجنة الخارجية والدفاع الذي يفترض أن توقع به المراسلات الموجهة إلى الدبلوماسيين بمشاكل النظافة والحفر في الجماعة، وما يقول القانون في ذلك؟ المهم أن الرسالة تداولها في المؤتمر، في انتظار توضيح من المهدي بنسعيد (أنظر المقتطف).
من زلات مؤتمر حزب الأصالة والمعاصرة كذلك، ما تم نشره في الفيسبوك، حول المؤتمر، لا سيما، ما نشر في صفحة الحزب تحت عنوان: “حزب الأصالة والمعاصرة يعقد 22 لقاءا تواصليا لشرح مضامين أوراق المؤتمر الوطني الثالث”، حيث يظهر من الصورة نشر خريطة المغرب مجزأة وقد كتب على الأقاليم الجنوبية وبالبند العريض “الصحراء الغربية”، ولا يعرف ما إذا كان النشر عن طريق الخطإ أم في إطار مسايرة توجه جديد وغير معلن(..)، لا سيما أن إلياس العماري سبق أن عبر عن اصطفافه إلى جانب أصحاب أطروحة تقرير المصير، وليس الحكم الذاتي، بل إنه يعتبر “الاستفتاء أرقى أشكال الممارسة الديمقراطية”، ولم يسبق لإلياس العماري أن أكد أنه مع خيار الحكم الذاتي على سبيل المثال.
من سنة 2008 إلى سنة 2016، انتقل مشروع حزب الأصالة والمعاصرة من مشروع تشكل “حركة لكل الديقراطيين قاعدته الصلبة” إلى “مشروع منحرف” كما وصفه فؤاد علي الهمة، وهو المؤسس، ذات يوم عندما قال: “.. المشروع السياسي الذي على أساسه تم بناء الحزب، تعرض لانحرافات كثيرة، ولم تستطع خلاصات الخلوات المتكررة تجاوزه، إضافة إلى أن الجو السائد اليوم داخل المكتب الوطني، يجر تجربتنا إلى وضع المأزق، مما يشكل انهيارا للآمال المعلقة عليها في لحظة سياسية دقيقة تمر منها بلادنا..” (من رسالة استقالة فؤاد علي الهمة المرفوعة إلى بيد الله بتاريخ 14 ماي 2011).
من 2008 حيث كان إلياس في الصفوف الخلفية(..)، شكل مؤتمر بوزنيقة الأخير، إعلان وفاة تيار حركة لكل الديمقراطيين، ونهاية من كانوا يدورون في فلك صاحب المشروع، وكأنه انقلاب على “المؤسس، لم يظهر حسن بنعدي، الذي استبق المؤتمر بقوله: “إن صعود العماري يعد استفزازا”، ولم يظهر اسم المحامي عبد اللطيف، الذي تحدث عن “العصبية القبلية” إلا إلى جانب فاطمة الزهراء المنصوري، باعتباره واحدا من المرشحين لقيادة المجلس الوطني لكنه سرعان ما انسحب، لينقلب بـ 180 درجة في موقفه، بين عشية وضحاها، وهو يقول: العماري شخصية قوية وسيصبح رئيسا للحكومة وأتحدى بن كيران أن يحترم الديمقراطية..”.
على وقع الجدل أسدل الستار على مؤتمر حزب الأصالة والمعاصرة، ولم يتم الحسم في تشكيلة المكتب السياسي، وحصل العماري على تهنئة ملكية، جاء فيها: “.. ولاشك أنك، بفضل ما تتحلى به من خصال إنسانية، وما هو مشهود لك به من كفاءة وروح المسؤولية، وما هو معهود فيك من تشبث مكين بمقدسات الأمة وثوابتها، لن تذخر جهدا في قيادة حزبك من أجل تعزيز مكانته في المشهد السياسي الوطني، للنهوض بفعالية بمهامه الدستورية في تأطير المواطنين، ومواصلة إسهامه الواعي والمسؤول، على غرار الهيئات السياسية الوطنية الجادة، في المجهود الجماعي لإنجاز أوراش التنمية والتحديث المهيكلة، وطنيا وجهويا ومحليا، لما فيه خدمة المصالح العليا للوطن والمواطنين”.
غير أن إلياس العماري هو نفسه الشخص الذي قال عنه بن كيران، “خادم الفساد والاستبداد”، “السلكوط”، “موقد الفتنة”، ويصف مشروعه الإعلامي بالمشروع الظلامي، و”ستالين الجديد، ليطرح السؤال، ألا يوجد طريق ثالث بدل هادين الرجلين(..).