تحليل إخباري| هل يتسبب “التمويل الأجنبي” في تفجير الأوضاع بالصحراء
31 يناير، 2016
0 5 دقائق
التقارير تتحدث عن فساد بان كيمون ومبعوثي الأمم المتحدة
إعداد: سعيد الريحاني
تصوروا عطلة أحلام في فنادق خمسة نجوم، وسط الصحراء، أو غيرها من مناطق النزاع، والزبائن يستمتعون بما لذ وطاب من المأكولات وفواكه البحر، وأشياء أخرى(..)، إنهم زبائن من طينة خاصة، تصور أن بعض هؤلاء الزبائن هم الذين تتحدث الصحف والتقارير الدولية عن فسادهم، فهم أبطال “الدهاليز المظلمة، والصفقات المشبوهة، والمسهلون لتحركات القوى الدولية وتجاوزات القانون الإنساني”..
هؤلاء ليسوا أبطال فيلم سينمائي، بل هم جزء من عالم “مبعوثي الأمم المتحدة إلى دول العالم التي ابتليت بنزاعات معرقلة للتنمية”، حيث أشار تقرير سابق صادر عن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالشؤون الإدارية “يوكيو تاكاسو”، إلى “وجود انحرافات فاضحة وسلوكات مشينة لعدد من موظفي الأمم المتحدة.. منها التسويق والترويج لصور إباحية، وتهريب وتعاطي الماريخوانا، بالإضافة إلى التهديد بالقتل والهجوم بالسكاكين وسرقة الأموال”. وأشار التقرير إلى أنه تم طرد 6 موظفين فقط، من أصل 60 حالة سوء سلوك وجنح مفترضة ارتكبها ما يقارب 40 ألف موظف تابعين للأمم المتحدة خلال الفترة ما بين شهري يونيو ويوليو الماضيين (المقصود يوليوز 2014).
الرئيس المفترض لهؤلاء الموظفين الذين يجوبون العالم بمبرر نشر السلام، هو بان كيمون، هذا الأخير قضى حتى الآن حوالي 10 سنوات على رأس منظمة الأمم المتحدة، وهو اليوم يحزم حقائبه مستعدا للرحيل، لينضاف إلى مجموعة المسؤولين الأمميين الذين لم يقدموا حلا لقضية الصحراء، وربما لن تطأ قدماه الأقاليم الجنوبية بصفته أمينا عاما للأمم المتحدة بعد أن تأكد أن مكتبه ألغى كل الترتيبات من أجل زيارة كانت محتملة، “بان كيمون لن يزور الصحراء، بعدما شاهد بعينيه تفاعل سكان مدينة العيون وغيرها مع زيارة الملك محمد السادس”، تقول مصادر “الأسبوع”، بل إن كيمون أظهر في بعض اللحظات انحيازه للأطروحة الانفصالية، في تقارير كما حصل سنة 2014، عندما طالب بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل حقوق الإنسان، وقد سجلت الصحافة وقتها على لسان محمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان قوله: “إن تقرير بان كيمون الذى تضمن حديثا عن توسيع صلاحيات بعثة الأمم المتحدة للسلام في الصحراء (المينورسو) لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، لا منطق يحكمه، ومنحاز بشكل كبير للبوليساريو، علما أن توسيع مهام البعث الأممية لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في المنطقة، لا يمكن السماح به، إلا إذا كانت المنطقة تعيش حربا أهلية، أو بسبب انهيار النظام”.
بان كيمون لن يزور الأقاليم الجنوبية، وهو اليوم يقضي آخر أيامه من الولاية الثانية على رأس الأمم المتحدة، وكانت التقارير قد كتبت بأن “إينغا بريت الينوس، المسؤولة في مكتب خدمات المراقبة الداخلية المكلف بمكافحة الفساد في الأمم المتحدة قدمت تقريرًا اتهمت فيه الأمين العام بإعاقة عامة، وخاطبت الأمين بالقول بأن أعماله ليست مؤسفة فقط، بل تستحق العقاب” (المصدر: وكالات)، فهل ما فعله في الصحراء لا يستحق العقاب؟ بعد كل التقارير، وبعد الانحياز، علما أن مبعوثه كريستوفر روس إلى الصحراء لا يقل عنه انحيازا إلى الأطروحات الجزائرية، والسبب معروف في الكواليس من خلال علاقاته مع شركات الغاز(..)، هذا الأخير لن يعود بدوره إلى الأقاليم الجنوبية، علما أن زيارة له إلى المغرب كانت على متن طائرة أجنبية وضعته في الرباط وحملته من الرباط، بعد منعه من دخول تراب الأقاليم الجنوبية(..).
لا تتعلق مشكلة بالصحراء بمنظمة الأمم المتحدة وحدها، وكثير من المحللين والباحثين، تعبوا من طرح الأسئلة حول جدوى استمرار تواجد المينورسو بالعيون، وسط مطالب كبيرة برحليها، بل وصل الأمر إلى حد التظاهر ضدها بـ “300 ألف مواطن”، على هامش الزيارة الملكية الأخيرة إلى الأقاليم الجنوبية، بل إن ملف الصحراء قد يعرف تطورات خطيرة بعد فسح المجال لتأسيس الجمعيات الانفصالية، قد يقول قائل إن تأسيس هذه الجمعيات يدخل في إطار حرية التعبير، لكن ماذا لو حصلت هذه الجمعيات على تمويل لتنظيم أنشطة معادية للمغرب بإمكانية أكبر؟
يمكن القول إن المغرب فرض ضوابط كبيرة على التمويل الأجنبي لأنشطة الجمعيات، أو ما تسميه وزارة الداخلية كيانات لضرب الاستقرار، لكن لا أحد يعرف ما إذا كانت هذه الجمعيات قد تجد ضالتها، مثلا، في التمويل الأمريكي المخصص للأقاليم الجنوبية، “فقد لقيت مبادرة الولايات المتحدة الأمريكية صدى طيبا، فيما يتعلق بمشروع تأهيل كفاءات فردية صحراوية فاعلة في المجتمع المدني بالأقاليم الصحراوية، بمبلغ مليون دولار”، هذا ما يقوله المتفائلون بالدعم والذين يعتبرونه اعترافا بمغربية الصحراء بينما قد يتحول إلى مقدمة لنسف الملف(..)، بعد أن تم السماح للجمعيات الانفصالية بالحق في التأسيس والنشاط(..)، بل إن بعض سكان الأقاليم الجنوبية شاركوا في المؤتمر الأخير لجبهة البوليساريو بدعوى حرية التعبير(..).
وقد دخل المغرب منذ فترة في حرب على التمويل الأجنبي للجمعيات، بعد أن وصل لأرقام خيالية، بدعوى نشر الديمقراطية “ففي الوقت الذي سبق أن أعلن فيه إدريس الضحاك، الأمين العام للحكومة، أن الأمانة العامة لا تملك من معطيات حول التمويل الأجنبي للجمعيات إلا ما تصرح به الجمعيات نفسها بشكل طوعي، أكد ذات المسؤول الحكومي أن الأمانة العامة للحكومة تلقت خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير 2015 إلى متم شهر شتنبر 2015، 881 تصريحا من قبل 194 جمعية بشأن استفادتها من مساعدات أجنبية بلغت قيمتها الاجمالية إلى غاية شهر شتنبر 2015 ما يناهز 26 مليار سنتيم” (المصدر. موقع حزب العدالة والتنمية).
194 جمعية حصلت على 26 مليار سنتيم، ما هو العمل الذي تقوم به الجمعيات، علما أن المبالغ غير مصرح بها كاملة، لأنه لا توجد آلية تشريعية لضبط ذلك، وكان فضيحة التمويل الأجنبي قد لاحقت في الفترة الأخيرة، البرلمان المغربي نفسه، و”الأسبوع” كانت سباقة إلى فضح برلمانيين تلقوا التمويل الأجنبي على نشاطهم، وسبق أن رفض فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب مقترح الدعم الذي تقدم به المعهد الديمقراطي الأمريكي، الذي أسسته وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت، علما أن حزب العدالة والتنمية له علاقات مع هذا المعهد واستقبله في مقره عدة مرات حول موضوع “التحول الديمقراطي”، ولا شك أن حزب العدالة والتنمية، أخطأ بين التفريق بين الدعم المادي الذي يتعارض مع قانون الأحزاب والدعم اللوجيستي الذي يقبله(..).
إلى هنا يطرح سؤال ماذا لو تبنت بعض الأحزاب المغربية، أو بعض النواب الحاصلين على التكوين والدعم الأجنبي مقترحا ضد مغربية الصحراء، ماذا لو رفضوا الحكم الذاتي، قد يقول قائل إنه لا مجال لذلك لأن القضية قضية إجماع، لكن هل يوجد في المغرب حزب من الأحزاب الكبرى يتحرك من أجل مغربية الصحراء، هل يوجد من يدافع عن الحكم الذاتي، رغم التوجيهات العليا؟ بل إن بعض الأحزاب انفجرت داخلها أزمة تمويل مجهولة المصدر كما حصل داخل حزب الأصالة والمعاصرة، بعد أن أكدت كوثر بنحمو القيادية في حزب الأصالة والمعاصرة أن هذا الحزب دبج مؤامرة لخلق مركز ابن رشد، الذي توبع بسببه المعطي منجب في قضية تمويل مجهول، هذه الأخيرة عادت لتفضح من جديد لتهاجم حكيم بنشماس الذي وضع التوطئة لقبول التمويل الأجنبي في مجلس المستشارين، ليظهر أن أخطر ما يواجه قضية الصحراء اليوم هو مشكل التشريع والتمويل الأجنبي، فالتشريع سواء في الغرفة الاولى أو الثانية هو الذي قد يضع حدا للتسيب وهو نفسه الذي قد يؤدي فوضى غير مسبوقة في ملف الصحراء مثلا، وباقي الملفات الحساسة(..).
تقول كوثر بنحمو وقد أمهلت المكتب السياسي 5 أيام قبل حل الحزب(..) فيما يتعلق بتصريحات بنشماس: “لا يا حكيم، لا يا رئيس مجلس المستشارين، لا وألف لا يا رئيس المجلس الوطني لحزبنا حزب الأصالة والمعاصرة، ليس باسم القضية الوطنية، ولا باسم الدستور، ولا حتى باسم حقوق الإنسان، فأنت يا حكيم بنشماس لم تكلف نفسك الدفاع عن القضية الوطنية ولا عن الدستور ولا حتى عن حقوق الإنسان في تنظيم حزبي أنت رئيس مجلسه الوطني وعضو مكتبه السياسي وكنت رئيس فريقه بمجلس المستشارين.. ولماذا خرست لما كانت تصدر كل 6 نونبر ولسنتين على التوالي في 2014 و2015 تقارير عن -HUMAN RIGTS WATCH – وعن – FRONT LINE DEFENDERS– تهاجم كل ما حققه المغرب على مستوى حقوق الإنسان، ومن خلال ذلك ضرب الوحدة الترابية للمملكة في عيد المسيرة الخضراء”.
نفس المتحدثة قالت عن التمويل الأجنبي في رسالة لحكيم بنشماس: “ما أسميته بخطة استراتيجية وضعتها لتأهيل مجلس المستشارين وتريد باسمها التسول لدى مؤسسات أجنبية بحثا عن التمويل ما هو إلا تمويل سياسي من هيئة أجنبية لاستراتيجية ملغومة ومدخل لتطويع البرلمان وممارسة الضغط عليه وجعله أداة لخدمة مصالح أجنبية وربما لضرب وحدتنا الترابية من داخل مؤسسة تشريعية عن طريق الفيدرالية.. فرؤساء الجهات الذين تنوي استقبالهم لإشراكهم في التشريع عليهم أن يكونوا أولا مع الدستور.
هل تعلم أن التمويل السياسي الأجنبي جرمته جميع قوانين الدول الديمقراطية حفاظا على حقوق شعوبها حتى الدول التي كونت تلك المؤسسات التي كنت تنوي طرق بابها.. فبأي حق يا رئيس مجلس المستشارين تريد أن تهضم حقوق أمة أنت نفسك تستمد نيابتك منها وتريد اغتصاب سيادتها بتمويل سياسي من هيئة أجنبية؟ ألا تعلم أن التمويلات لا تتم بدون مقابل ودائما ما يكون وراءها تحقيق أهداف تستحيي من ذكر نفسها لهول ما ترمي إليه؟