ملف الأسبــــــوع | غضبة الصحراويين تعجل بإقبار مشروع تنمية الصحراء
إعداد: سعيد الريحاني
“النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية”، تحت هذا العنوان، ترك رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي السابق شكيب بنموسى، تقريرا خطيرا حول الوضع في الصحراء قبل أن يرحل إلى مقر السفارة المغربية في باريس، ليرث نزار بركة الرئيس الجديد للمجلس هذا التقرير الذي استنفر كل الفعاليات في الصحراء، ودفعها لتقود هجوما غير مسبوق على هذه المبادرة الغير مسبوقة للدولة.
مصادر “الأسبوع” تؤكد أن نزار بركة بادر بمجرد توليه مهام رئاسة المجلس بتكليف ملكي إلى إنهاء ارتباط المجلس مع شركة متخصصة في التواصل(..) كانت قد تكلفت بالترويج للمشروع في بدايته، وأعلن انفراده رفقة طاقمه بطريقة تواصلية جديدة، خالية من “البروباغندا”، وربما يهدف بركة إلى إقبار هذا المشروع بطريقة هادئة.
وإذا كان جل أعيان الصحراء وبرلمانيوها والمستفيدون من الوضع قد وضعوا كل العراقيل ليضمنوا التشويش على مقترحات بنموسى في وقت سابق، رغم عدم انتمائه الحزبي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف سينجح نزار في الدعاية لأفكار المجلس الاقتصادي والاجتماعي في هذه الربوع التي فضل كثير من زملائه في حزب الاستقلال العزف على النغمة التي يعزفها حمدي ولد الرشيد الذي سخر كل إمكانياته لمساندة، حميد شباط، عدو نزار بركة.
——————
كيف يمكن المضي في مشروع “تنمية الأقاليم الجنوبية” والحال أنه كان وراء تحالف كبير لبرلماني الصحراء من مختلف الحساسيات السياسية، لأنهم يعتبرون أنفسهم مقصيين من صياغة هذه الورقة، وهو ما جسدته الرسالة التي وقعها كل من: إبراهيم الجماني نجل القطب الصحراوي سعيد الجماني، وكجمولة منت أبي، والنائب محمد سيدي إبراهيم خي، والنائب سيدي محمد الشيكر والنائب عبد الله أكناس، والنائب مولود أجف(..) والتي تضمنت عتابا لشكيب بنموسى على سرعة صياغة مشروع بهذا الحجم.
حساسية مشاكل الصحراء تعكسها من زاوية نظر البرلمانيين حساسية الوضع العام في المنطقة، فـ”البوليساريو تصرف على التظاهرات اليومية في مدينة العيون مثلا وعلى الأسر التي لا تشتغل” “تصريح البرلماني حسن الدرهم: 10 نونبر 2013″، كما أن تصور المجلس الاقتصادي والاجتماعي لمشروع تنمية الأقاليم الجنوبية لم يسلم هو الآخر من الانتقادات، لاسيما فيما يتعلق بالأرقام التي أعلنها، “فرقم 145 مليار درهم التي خصصت لتنمية الصحراء منذ سنة 1975 ليس صحيحا(..) وساكنة مدينة بحجم السمارة مازالت تعيش مشاكل مع الماء الشروب، فأي رفاهية هذه؟ وعن أي تجهيز وأي بنية تحتية، يتحدث بنموسى؟، هذا الأخير جاء على لسان النائب البرلماني إبراهيم الجماني.
يمكن القول إن تقرير بنموسى اغضب جل فعاليات الصحراء وقد امتد الأمر إلى درجة مقاطعة بعض الجمعيات المحلية للقاءات التشاورية التي عقدها المجلس، بل إن المجلس الاستشاري لشؤون الصحراء لم يكن حاضرا في إعداد هذه الورقة، ليطرح السؤال عن شرعية هذه الورقة التي لم تحظى لا باعتراف الفعاليات الرسمية ولا غير الرسمية، أليست مبادرة محفوفة بالمخاطر؟ لماذا لم يظهر ذلك الإجماع الذي تحدث عنه أصحاب المشروع عندما قالوا إن مجهودهم هو ثمرة لقاءات عقدت مع أكثر من 1500 شخص يمثلون المنتخبين والإدارة المركزية والترابية، والمنظمات النقابية، والفاعلين الاقتصاديين؟
ربما يكون للأمر علاقة بالتحركات الأخيرة الموحى بها، فمقاطعة بنموسى بكل من العيون والداخلة، “تعطي إشارة سلبية حول وقوف جهات، ظلت تستفيد من ريع الوضعية الاستثنائية في الصحراء، للاغتناء، إذ ظهرت فئة اجتماعية يطلق عليها الصحراويون أغنياء الحرب، تستعد لمجابهة كل تحول قد يمس بمصالحهم الاقتصادية ووضعيتهم الاجتماعية التي اكتسبها بعضهم من الدولة التي تبقى المستثمر الأول والمشغل الأول في الأقاليم الجنوبية “الصباح، عدد: 23 يناير 2013″(..) مثل هذه الضغوط والمصالح الأخطبوطية هي التي قد تعجل بإقبار مشروع تنمية الأقاليم الجنوبية في عهد نزار بركة، وربما تكون هذه هي مهمته التي جاء من أجلها (..)