ملف | هل تمهد الدعوة إلى “حذف” إمارة المؤمنين لتفكيك وحدة الشعب؟

الرباط ـ سعيد الريحاني
هل المغاربة رعايا أم مواطنون؟ ما الفرق بين المواطن و”الرعية”؟.. قد يشكل طرح مثل هاته الأسئلة في نظر البعض من جديد “عودة إلى الوراء” بثلاث سنوات على الأقل، ذلك أن نفس الأسئلة طرحت بمناسبة إطلاق المشاورات حول تعديل الدستور، سنة 2011، وبينما كان جل المتتبعين يعتقدون أن نقاشا من هذا النوع طوي بتصويت المغاربة على دستور 2011 بنسبة وصلت إلى 73.46 في المئة، استطاع المفكر عبد الله العروي تحريك المشهد السياسي من جديد عندما نسبت إليه عدة جرائد ومواقع إخبارية قوله بأن “المشاركين في حفل الولاء مجرد رعايا وليسو مواطنين”.
هل قال عبد الله العروي ذلك فعلا، ولماذا تحولت كلماته إلى مادة سياسية تهافت عليها الجميع، رغم أن الرجل ليس فاعلا في المشهد الحزبي؟ بالعودة إلى المحاضرة التي ألقاها المؤرخ عبد الله العروي، في المكتبة الوطنية في الرباط، قبل أيام، نجد أنه قال بالحرف ما يلي: “يشاهد بعضنا، على الشاشة، نقل حفل الولاء، فيقول: هؤلاء المبايعون موال وليسوا مواطنين.. هذا الشعور هو الذي يجب أن ننطلق منه بحثا عن ظروف نشأته. هل هو طبيعي؟ نعم، بدون أدنى شك، توجد جماعات كثيرة تجربه يوميا. كل عضو في هذه الجماعات يشعر بأنه أفاقي، خارج السرب، أنه مساكن مجاور، غير مشارك، غير مساهم، لا يتمتع بها غيره، الذي يحتل مكانة أعلى من مكانته. يجد أن وضعه ناقص، محتاج إلى تزكية، حتى يتخيل واقعا مناقضا للواقع الذي يعيشه، يحاول أن يكيف، فيعثر على كلمة مواطنة، بمعناها المستحدث، يتيقن أنها حق لكل إنسان بما هو إنسان، لو لم يجد هذه الكلمة جاهزة، لاستعار لفظة أجنبية، كما استعار من قبل لفظة ديمقراطية ولفظة برلمان”.
هكذا تحدث عبد الله العروي بلغة قد لا تفهمها إلا قلة قليلة من المتتبعين(..)، علما أن عددا كبيرا ممن حرصوا على نقل كلامه “تجاهلوا” قوله في ذات المحاضرة: “لا انفصام أبدا بين الحرية والتعقل، ولا مواطنة مع الدناءة والكذب والخيانة.. هذه الخصال مطلوبة في كل حال: في إطار الأسرة، والحرفة، والقبيلة، فأحرى أن تكون ضرورية لاستمرار الدولة”.
والنقاش الذي أثير في الفترة الأخيرة حول البيعة لم يرتبط بعبد الله العروي وحده، بل إنه ارتبط أيضا بعودة الحديث عن النائب البرلماني عادل تشيكيطو الذي رفض المشاركة في مراسم حفل الولاء السنة الماضية، هذا الأخير كان قد اشتهر بقوله: “غبت عن حفل الولاء لأنني أرفض الركوع لغير الله”، غير أن أول المنتقدين لتصريحاته كانوا هم إخوانه في حزب الاستقلال، “فأن يقول البرلماني تشيكيطو، أنه لم يذهب إلى حفل الولاء، وأنه لم يرتدي السلهام والجلابة.. حقيقة الأمر فيه شجاعة، ولكنها شجاعة مغلفة، ذلك أن هذه الشجاعة مبنية على تمثيلية، لم ينلها بشكل ديمقراطي مائة بالمائة، ذلك أنه استفاد من الريع السياسي، الذي مكنه من عضوية البرلمان باعتباره شابا، وهذا لا ينضبط وموقفه الداعي للديمقراطية الحقة ولعدم الانحناء للملك”، حسب ما صرح به “محمد طه” العضو في حزب الاستقلال (المصدر: موقع فبراير، 11 غشت 2013).

الحديث عن تشيكيطو لم يكن مرتبطا هذه المرة بانتقاده لطقوس البيعة، ولكن عاد للظهور مجددا بعد تورطه في فضيحة، تسريب شريط فيديو ظهر فيه وهو يمارس العادة السرية.. لتكتب المواقع التي سرب لها الشريط: “عادل تشيكيطو…البرلماني الذي رفض مبايعة الملك، يبايع عاهرة على الإنترنيت”، (موقع برلمان كوم، 11 دجنبر 2014).
ولم يجد المدافعون عن عادل تشيكيطو من طريقة للدفاع سوى “الإيحاء” بأن الأمر يتعلق بخطة انتقامية(..)، رغم أن المعني بالأمر نفسه أكد تعرضه للابتزاز من طرف شبكة مختصة في الإيقاع بهذا النوع من الضحايا(..)، علما أن البرلماني المشار إليه، يعد واحدا من البرلمانيين، المتورطين في تلقي “تمويل أجنبي” خصص لافتتاح مكتب للتواصل مع المواطنين، رغم أن القانون يشترط تمويل العمل الحزبي بأموال مغربية صرفة(..).
يمكن القول إن عادل تشيكيطو البرلماني الوحيد الذي رفض طقوس البيعة بشكل مكشوف، لكن ذلك لا يمنع من القول بأن الهجوم على إمارة المؤمنين يتم بشكل غير مباشر من داخل قبة البرلمان، فالدفاع عن “حرية المعتقد” مثلا يتعارض مع فلسفة إمارة المؤمنين، فضلا عن اصطفاف بعض البرلمانيين (وجلهم لم يصل إلى البرلمان عن طريق الانتخابات المباشرة) وراء قوانين محرجة لإمارة المؤمنين، مثل مقترح “إلغاء قانون إلغاء عقوبة الإعدام” الذي تحول إلى عريضة يحاول البعض جمع التوقيعات عليها غير أنها لم تلق إلى التجاوب المطلوب، وهي مبادرة مدعومة دوليا(..).
يمكن القول أيضا إن النتيجة الحتمية لاقتراح بعض القوانين هي إحراج إمارة المؤمنين، فما معنى أن يطالب بعض النواب بإصدار قانون يجرم التكفير؟ ألا يعني ذلك أن بعض النواب يسعون إلى امتلاك صلاحيات لطالما استأثر بها الملك بوصفه حكم؟ ألا يمكن القول إن تجريم فئة من المجتمع بحكم القانون، هو مدخل مداخل الفتنة؟ ما معنى أن يطالب بعض السياسيين بالمساواة في الإرث بين الرجال والنساء عن طريق القانون؟ كيف يمكن تطبيق ذلك في بلاد أمير المؤمنين؟
يمكن القول إن موقف بعض الناشطين في مجال “التأثير في صناعة القرار” هم أنفسهم المتحمسون دائما للتعديلات الدستورية، وغالبا ما تتسبب تحركاتهم في طرح بعض الأسئلة من قبيل ما مدى تعايش “البيعة” مع الدستور؟ هذا السؤال سبق طرحه على الأستاذ الجامعي محمد ضريف، مباشرة بعد اعتلاء الملك محمد السادس لسدة العرش، فأجاب: “هذه أول مرة يتم فيها انتقال العرش على ضوء وجود دستور مكتوب، فكما هو معروف، المغرب لم يكن يتوفر على دستور مكتوب، وبالتالي بعد وفاة الملك محمد الخامس لم يكن هناك نص دستوري ينظم انتقال الحكم، وتولي الملك الحسن للعرش تم بناء على ولاية العهد، فاعتلى العرش بناء على البيعة”.
المصدر نفسه قال: “إن النص الدستوري هو المكمل لتقاليد البيعة، ويلاحظ أنه بمجرد وفاة ملك تتم بيعة ولي عهده في نفس اليوم، فيوم وفاة الملك الراحل الحسن الثاني تلقى محمد السادس البيعة في نفس اليوم، في حين أن الجلوس على العرش لم يتم إلا بعد أول جمعة من وفاة الملك السابق”.
وبغض النظر على الهجوم على الدستور الجديد والذي بلغ أوجه خلال هذه السنة لدرجة أن بعضهم قال: “إن الدستور الذي صوت عليه المغاربة ليس دستورا”، كما أن البعض يعتقد بأن البيعة فوق الدستور و”الصواب هو أن البيعة ليست فوق الدستور ولا تحته، إنما هي الدستور نفسه، فقد اقتضى تطور التنظيمات السياسية الحديثة والانتقال من محورية الفرد الحاكم إلى نظام المؤسسات أن يتم التعاقد السياسي الذي يربط الحاكمين بالمحكومين في شكل وثيقة قانونية تكتسب صفة السمو بعد قبولها من طرف المواطنين في استفتاء شعبي ديموقراطي.. أما مفهوم أمير المؤمنين الذي جاء به دستور 1962 فلم يقصد منه تمكين رئيس الدولة (الملك) من سلطات خارقة تستمد عظمتها من التفويض الإلهي، بقدر ما كان إقحام أمير المؤمنين في الدستور تأكيدا على إسلامية الدولة وعلى ضرورة التزام الملك بصفته أميرا للمؤمنين بحراسة الدين وحماية مصالح المسلمين”، حسب ما يعتقده الأستاذ الجامعي، عبد العالي حامي الدين.
من جهته، يعتقد سعد الدين العثماني العضو في حزب العدالة والتنمية أن البيعة شكل تاريخي جوهرها تعاقد بين الأمة والحاكم، يقوم على إرادة حرة مستقلة وواعية، “وقد تطور الفكر السياسي الإنساني اليوم بالاتفاق على وضع دساتير مكتوبة. فإذا وافقت عليه الأمة، ونص على طريقة لانتقال السلطة، فهي المحققة للمراد الشرعي، وهو تغير في الشكل وثبات في المضمون، على أساس أن الوثيقة الدستورية هي ميثاق للتعاقد”.
ويلخص سعد العثماني الجدل حول البيعة في رأيين: “الرأي الأول، يذهب إلى الاستغناء عن الشكل التقليدي والانحياز للنموذج الحديث رأسا، حذرا من التشويش والاضطراب في الفهم، ومنعا لضياع المقاصد والمعاني مع تعدد الأشكال، والرأي الثاني، يذهب إلى الحفاظ على الشكل التقليدي، أي البيعة، وصلا للحاضر بالماضي، ولطبع الدولة بخصوصية الشخصية الوطنية.. ليس هناك مانع من تبني الرأي الثاني، فأعرق الديمقراطيات اليوم مثل بريطانيا، تحافظ على طقوس تقليدية كثيرة في انتقال الملك والاحتفالات الرسمية وغيرها. لكن الشرط في ذلك هو عدم الإضرار بالمقاصد والمعاني الأصلية”، (المصدر: البيعة والدستور.. جدل المبنى والمعنى، الكاتب سعد الدين العثماني).

تبعا لما سبق، يمكن القول إن عدة متتبعين لا يرون أي تعارض بين البيعة والمواطنة، لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للجميع، هل الإنسان المغربي مواطن؟ هذا السؤال سبق طرحه على الباحثة هند عروب، هذه الأخيرة بوصفها ناشطة ضمن معسكر المعارضة قالت، بصيغة شبيهة بما نسب للباحث عبد الله العروي: ((هل يوجد مواطنون في ظل الحكم المطلق، طبعا لا. والمغاربة ليسوا مواطنين بل هم رعايا راعيهم، والراعي من يملك رعية
– حسب ابن خلدون -، وهم رهن لإرادته وأهوائه. والرعية لا تملك سلطة محاسبة راعيها، كما أنها لا تعد مصدرا لشرعيته، بل إن الراعي يعتبر شرعيته ممتحة من السماء، وبذلك فهو ليس مسؤولا سوى أمام الله كما كان يردد الحسن الثاني دائما… أما الرعية فملزمة بالسمع والطاعة رغم القهر، يقول الأديب السلطاني محمد ابن الوليد الطرطوشي “إذا جار السلطان فعليه الوزر وعليك الصبر”)).
إذا كان الأمر كذلك، متى يكون المغربي مواطنا حقا؟ الباحثة نفسها تجيب: “حين يثور على خنوعه، جهله، عبوديته واستعباده، حين يجرؤ على المطالبة بحقوقه، حين يدرك أن الحقوق لا تهدى، ولا تجنى بالنيابة أو الوكالة، أو بانتظار المهدي المنتظر أو غودو، أو بـ”اذهب أنت وربك وقاتلا”، (حوار هند عروب مع هسبريس، الأحد 13 يونيو 2010).
هند عروب لم تحدد شكل الثورة وهي تنتقد البيعة(..)، لكن لماذا هذا الإصرار على انتقاد البيعة التي ينتج عنها تصنيف المواطنين ضمن خانة الرعايا(..) هل تتعارض البيعة مع الانتخابات التي تشكل دعامة المواطنة(..)، أليست البيعة نوعا من الانتخاب؟ هذا السؤال سبق طرحه على الباحث والمحلل السياسي محمد الساسي فأجاب: ((نحن أمام قواعد كونية وتقول بالانتخاب، هل البيعة انتخاب؟ لكي نعرف ذلك، هل هي تعبير عن إرادة؟ لأن الإرادة العامة هي سلطة مناط الحكم المعبر عنها بالانتخاب. هل البيعة تحقق معنى الانتخابات؟ لا، لأنه إذا أرادت البيعة أن تحقق الانتخاب فمن حق من يمنحون البيعة الدعاية لآرائهم والأمان الشخصي وحق اختيار من يبايعونه، وفي المقابل الأشخاص الذين لا يريدون منح البيعة من حقهم الأمان الشخصي والتعبير عن آرائهم والدعاية لها، هكذا يمكن للبيعة أن تحقق الانتخابات من الناحية المجردة)).
ما هو الحل إذن، كيف يمكن التوفيق بين نظام ديمقراطي والبيعة؟ الجواب على لسان الساسي: “يمكن لبعض الطقوس والتقاليد أن تبقى، ويبقى لها طابع ثقافي وليس لها معنى سياسي أي أن تنحصر في مجرد طقوس. ما هي الطقوس وما الغرض منها؟ تذكرنا بكيف كنا في الماضي وتمتعنا به، مثلا كيف كان الملك يخرج على متن الحصان، كيف يبايعه كذا، وحفل للولاء. أي الطابع الثقافي للشعوب التي هي في حاجة إلى معرفة تاريخها، بدون أن يعني ذلك الخضوع لذلك التاريخ، نتجاوز ذلك التاريخ سياسيا ومؤسسيا ويبقى عليه من الوجهة الثقافية، مثلا بعض الطقوس الإمبراطورية اليابانية فيها نوع من العبودية، ولكن لها طابع احتفالي ولا علاقة للسياسة بها”.
الساسي من خلال تصريحاته هاته يدعو إلى تحويل البيعة إلى مجرد طقس ثقافي؟ لكن تراعي مثل هذه الدعوات العمق التاريخي للبيعة في المغرب؟ هل يمكن أن تنال هذه الدعوات رضى الفاعلين السياسيين المغاربة؟ قد لا يكون هناك مجال لمثل هذه الاعتقادات، “إن النظام السياسي الدستوري الديمقراطي يقوم على مبدأين أساسيين هما: مؤسسة إمارة المؤمنين، ومؤسسة البيعة”، هذا ما يعتقده مثلا محمد خليدي الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة، هذا الأخير سبق أن اقترح على هامش المشاورات الدستورية إحداث “مجلس الملائمة مع الشريعة الإسلامية يضم علماء الشريعة وقواعد الفقه الإسلامي”.
باختصار تجد البيعة التي تعد إمارة المؤمنين إحدى تجلياتها سندها في الشريعة الإسلامية لكن الإرادة الإلهية تركت للمسلمين حرية طريقة اختيار خليفة للمسلمين، في هذا الصدد تقول الدكتورة وفاء الفيلالي، أستاذة القانون الدستوري إن التاريخ الإسلامي شهد عدة طرق لتولي الخلافة يمكن إجمالها في ما يلي: 1 – اختيار بعض أهل الحل والعقد لشخص ومبايعته فيبايعه بعد ذلك الخاصة والعامة، 2 – تعيين الخليفة لمن يخلفه من غير أبنائه، 3 – ترشيح الخليفة عدة مرشحين للخلافة على أن يحسموا في اختيار أحدهم، 4 – قد يبادر بعض العامة إلى مبايعة مرشح للخلافة ثم يطلب البيعة العامة.. 5 – قد ينتزع الخلافة راغب فيها بحد السيف..
وتؤكد الباحثة نفسها أن مشروعية الدولة قد تنبني على التاريخ أو التنمية أو الدين.. أما بالنسبة للتجربة المغربية: “فجذور البيعة بالمغرب ترجع إلى عهد الأدارسة وصولا إلى العلويين، ومرورا بالمرابطين والموحدين والمرينيين والوطاسيين والسعديين.. فحتى في أحلك المراحل التي عرفها التاريخ السياسي للمغرب لم يتم التخلي عن البيعة، فلما انعقد مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906 وتهددت الثغور المغربية واتضحت الاتجاهات الاستعمارية، انتفض المغاربة منهم العامة والخاصة، وبادر العلماء فنصحوا السلطان المولى عبد العزيز، فلما لم يجدو تأييدا من لدنه لمناهضة الهجومات الاستعمارية تم خلعه وتمت البيعة المشروطة للمولى عبد الحفيظ سنة 1907، وعندما سعى الاستعمار الفرنسي إلى تدمير الوحدة المغربية عبر الظهير البربري سنة 1930، كان من نتائج ذلك ازدياد تماسك العرب والبربر في مقاومتهم للمستعمر، وتظافر جهود الوطنية والسلفية إلى جانب المطالبة باحترام الروابط القائمة بين الملك والشعب”، (مقتطف من كتاب تأملات حول البرلمان والمواطنة للدكتورة وفاء الفيلالي).
تبعا لذلك فقد شكلت إمارة المؤمنين حصنا منيعا ضد تفتيت المغرب وجدارا عصيا على التسلق أمام المستعمر، لذلك لا غرابة أن نسمع أن “إمارة المؤمنين” هي التي ساهمت في تجنيب المغرب عاصفة الربيع العربي وما تلاها من موجات التخريب، “إن الفضل في حفاظ المغرب على هدوئه وأمنه واستقراره في خضم العديد من المتغيرات السياسية المحيطة به يعود بالدرجة الأولى إلى إمارة المؤمنين وتشبت المغاربة بالثوابت الدينية في إطار المذهب المالكي الحنيف”، (تصريح محمد يسف الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، دجنبر 2014).
لا غرابة أيضا أن نقرأ أخبارا عن كون إمارة المؤمنين تغري عدة دول، فعندما نقرأ أن شيوخا في السينغال جددوا البيعة للملك محمد السادس على هامش جولته لإفريقيا نفهم سبب استقبال محمد السادس بحفاوة منقطعة النظير، في الجولة التي قادته إلى مالي و ساحل العاج و الغابون و غينيا (..)، لا غرابة أن نقرأ أيضا أن الدول التي شهدت فوضى الربيع العربي تحن إلى عهد الملكية في ظل هذه الفوضى الكبرى، التي تقوم على أساس تفكيك مقومات وحدة الشعوب، ألم يدعوا علماء الأزهر إلى اختيار الرئيس بالبيعة بدل الانتخابات، ألم يقل علماء الأزهر: “إن الخروج على الحاكم حرام ما دام سيحدث فتنة حتى ولو لم يكن صالحا، ألم يقولوا “الأنسب لنا اختيار الحاكم بواسطة أهل الحل والعقد”.. قد يقول قائل إن النموذج الغربي ناجح وإن العلمانية هي الحل لكن ذلك لا يشكل حلا في نظر بعض العارفين بأسرار الدولة، والنموذج هنا من أحمد التوفيق هذا الأخير يقول: “أي دستور في أي بلد علماني لابد أن يتضمن مقتضيات تحمي الأنفس والعقول والأموال والأعراض، ويبقى الغائب عنه هو حماية الدين لأن الدين هو الغائب المأسوف عنه في الديمقراطية في البلدان العلمانية”، (مقتطف من محاضرة أحمد التوفيق خلال الدروس الحسنية).
يجب اعادة النظر في طقوس البيعة و ليس في مفهوم البيعة
ان الطقوس التي تمارس في حفل البيعة هي طقوس مخزنية تتم بالركوع و تقبيل يدي الملك بطريقة مذلة لكرامة الانسان انها طقوس العبودية التي تنتمي الى القرون و الوسطى و غير مقبولة في هذا العصر بل اصبحت مصدرا للاستهزاء و الاحتقار بالمغاربة فهذه الطقوس تسيء للمغرب ملكا و شعبا و غير مقبولة على الاطلاق. فلا يمكن تسويق المغرب الحداثي الديمقراطي امام العالم بوجود هذا النوع من الطقوس الاستعبادية
بخصوص تقبيل يد جلالته فهذا ليس انتقاص من قيمة المواطن بل احترام وتعظيم لامير المومنين حفيد نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم اما بخصوص امارة المومنين فهي فعلا الضامن الاول لوحدة الشعب
لا احد يجادل في كرامة المواطن , واحقيته في العيش الكريم في وطنه , وعبارة رعايا لاتحمل اي دلالة قدحية , او ماسة بقيمة المواطن , لان كل منا راع ومسؤول عن رعيته , الذي يمكن ان يكون مثار ايحاء بالاهانة والاحتقار , عند البعض ,هو بعض المظاهر الشكلية التي ورثناها والقادمة من عمق التاريخ , كما ورثنا الاشكال المعمارية , وانماط اللباس , وغيره , وكل هذا كان نتيجة نمط فكري ساد الحقبة التي اسست لهذه العادات الموروثة . ومن الطبيعي ان تعتريعا اخطاء , ونواقص , ومن الطبيعي ان لايستسيغها فكر الحاضر , وامر تعديل ما هو في حاجة الى تعديل , اوتغيير ما يحتاج الى التغيير , او حذف ما يجب حذفه , كل هذا طبيعي ولاضير فيه . المقلق هو ربط مثل هذه المواضيع , بتفتيت المغري , و و و وكان المغرب والمغاربة الى هذا الحد من الهشاشة , وعدم التماسك ,
الذي يجب التمسك به هو : الحرص على الشورى ولبدمقراطية , واحفاق الحقوق , الاقتصادية , والاجتماعية , والثقافية , والايمان بوحدة الامة والوطن , … اما الشكليات , فلا يجب ريط تغييرها بمصير امة تاريخها تمتد جذور تاريخها في عمق التاريخ .