المنبر الحر | الجزائر خارج “البريكس”.. ويتبخر الحلم

بقلم: بنعيسى يوسفي
صفعة تلو أخرى تتلقاها الجزائر في المحافل الدولية، آخرها تلك التي تلقتها في جنوب إفريقيا مؤخرا حينما تم رفض طلب انضمامها إلى منظمة “البريكس”، التي كانت الجزائر تمني النفس بالانضمام إليها، لكن المحاولة باءت بالفشل وتبخر الحلم، إذ لم نقل الوهم الذي كان يبيعه رئيسها لشعبه لمدة طويلة إلى درجة أن هذا الشعب انطلت عليه أكاذيب وبروباغندا رئيسه في خطاباته وحواراته التي كان يعطيها لمختلف وسائل الإعلام، حيث كان يتحدث بلغة الواثق والمتأكد من أن الانضمام إلى هذا التنظيم مسألة وقت ليس إلا، ويكاد يُفهم من كلامه أن جميع الضمانات والترتيبات قائمة وموجودة لتحقيق هذا الهدف..
لا نلوم الشعب الجزائري الذي يبدو مغلوبا على أمره وليس لديه ما يقدمه ولا ما يؤخره في مثل هذه الملفات بالتحديد أو حتى تلك المرتبطة بمصيره ومستقبله، والقرارات السياسية الكبرى ليست بيده نتيجة غياب الديمقراطية وسيطرة الاستبداد وهيمنة حكم العسكر الذي لا يؤمن بشيء اسمه المشاركة السياسية أو التعبير عن الرأي أو الحريات الفردية وما إلى ذلك، وإنما أرمي بكل ضروب العتاب والتقريع وكل أصناف الانتقاد اللاذع على عاتق هذه الشرذمة المتحكمة في رقاب أبناء هذا الشعب، وفي زمام أمور هذا البلد الغني بموارده الطبيعية والبشرية، والتي تسيء إليه على جميع المستويات، وتجد دائما متعة كبيرة في تقزيمه وتشويه صورته أمام العالم كلما كانت الفرصة سانحة لذلك، ولعل المشهد الأخير من مسلسل التشويه والإهانات التي يتعرض له هذا البلد بفعل رعونة وغباء القائمين على تسيير شؤونه، هو عدم قبول عضويته في منظمة “البريكس”، وهذا الرفض إن اعتبره جل المحللين تحصيل حاصل نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المزرية التي يعيشها هذا البلد، وأنه بعيد كل البعد عن المواصفات والأمور التي تجعل أي دولة – كيفما كانت – تضع يدها في يده، فإنه من جهة أخرى هو إعلان عن فشل دبلوماسي فظيع سيسجله التاريخ بمداد من الحسرة والأسى، وفشل ما بعده فشل وضربة قاصمة من الصعوبة بمكان أن تندمل ندوبها وجروحها بسهولة، وإذا ثبت أن الجزائر قد تلقت وعودا من تحت الطاولة أو من فوقها من طرف الأعضاء الفاعلين في هذا التنظيم على أن مكانها محجوز فيها دون منافسة أحد، وأخلفت هذه الدول هذا الوعد، هنا تكمن الكارثة والطامة الكبرى، ويظهر أن الجزائر انخدعت وأخطأت حساباتها ولم ترتب أوراقها جيدا، مما يفسر عدم احترافية دبلوماسيتها، وأنها قدمت شيكا على بياض لها، لكنها لم تحصد إلا الريح.
في الحقيقة، كان العديد من المحللين يعتبرون مسألة انضمام الجزائر إلى “البريكس” مجرد أكذوبة أو مسرحية لإلهاء الشعب ردحا من الزمن على قضاياه الحساسة والمهمة، تكريسا لثقافة لطالما تبنتها وأعطت أكلها للأسف، ومقتنعون تمام الاقتناع بأن الجزائر لن تنضم إلى هذا التنظيم في هذه السنة على الأقل، فالدولة التي لا تتوفر ولو على طائرة واحدة “كنادير” لإطفاء الحرائق التي أتت على الأخضر واليابس في جل ربوع البلاد، والدولة التي تجتاح عاصمتها فيضانات ولم تتدخل إلا بعد مرور أربعة أيام لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والدولة التي شغلها الشاغل هو دولة جارة تعمل كل ما في وسعها لإضعافها ومحاولة عزلها إقليميا ودوليا لكن دون جدوى، وتدخل معها في مقاطعة سياسية غير مبررة بالمطلق، وتغلق مجالها الجوي أمامها، والدولة التي تصرف ملايير الدولارات على كيان انفصالي وهمي للإضرار بالوحدة الترابية للمغرب، والدولة التي تقلُّ زعيم جبهة انفصالية لحضور منتديات دولية ويلقي خطابات بئيسة في مشاهد يندى لها الجبين، والدولة التي لازالت تتحدث لغة سياسية وعسكرية بالية وتعتبر المغرب العدو الكلاسيكي، والدولة التي تعلّق كل فشلها وإخفاقاتها في الساحة المحلية أو الدولية على بلد جار لا يلتفت إليها إلا من زاوية التاريخ المشترك والجغرافية المشتركة، والحاضر المشترك والمستقبل المشترك، واليد الممدودة لها دوما، وما إلى ذلك من استراتيجيات التنمية والتطوير الاقتصادي التي من المفروض أن تكون قائمة بين بلدين جارين، والدولة التي تغلق حدودها مع دولة جارة لمدة ثلاثين سنة بدون مبررات موضوعية ومنطقية، فهذه الدولة بهذه المواصفات وغيرها التي لا يتسع المجال لاستعراضها، ماذا تنتظر منها؟ وأين ومع من يمكن تصنيفها؟ كيف يمكن لهذه الدولة بهذا الضعف والوهن، وبهذا المنسوب الكبير من العداء والعدوانية لدول بعينها، وبهذا المستوى الذميم والمهترئ من السياسة والدبلوماسية.. أن تطلب أصلا الانضمام إلى هذا التنظيم، أو ذاك؟ فالسلطة في الجزائر الحالية تمثل الوجه البشع والقبيح للإنسانية على وجه الكرة الأرضية.. كيف تفتقت عبقرية الحكام في هذا البلد وتقدموا بطلب الانضمام إلى هذا التجمع الاقتصادي، الذي يحدد معايير صارمة ليس على المستوى الاقتصادي فحسب، وإنما على مستوى هيبة الدولة والمواقف المهمة على الصعيد الدولي كما جاء على لسان وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، في إحدى استجواباته التي أعقبت انفضاض قمة “البريكس” في جنوب إفريقيا؟ وهذا في نظري جواب لبق من داهية سياسي، وإن عرَّى، رغم اقتضابه على واقع الجزائر المر، وإن لم يذكرها بالاسم، وكشف حقائق عكس ما تروجه الطغمة السياسية والعسكرية في هذا البلد، من قبيل أن الجزائر قوة ضاربة وصوتها مسموع على الساحة الإقليمية والدولية، وقس على ذلك من الأشرطة المشروخة التي تحدث في الآذان وقْرا، فلقد كان حريا به أن يسمي الأشياء بمسمياتها ويقولها صراحة ومدوية بأن مجموعة “البريكس” لا تقبل في عضويتها دولا فاشلة تجري ضد تيار التاريخ، دولا لا زالت تحت حكم العسكر والجنرالات، وينهي القصة.
On peut pas être un grand avec du bla bla et le vide total surtout quand on est voyou et on à une maladie incurable de la grandeur etcle complotisme
On peut pas être un grand avec du bla bla et le vide total surtout quand on est voyou et on à des maladies incurables de la grandeur et le complotisme